الكل فى شوارع القاهرة مظلوم، والكل ظالم. بداية من السواقين المخالفين، إلى رجال المرور، إلى الحكومة. النتيجة؟ أكثر من خمسين مليار جنيه تهدر سنويا على الأسفلت فى العاصمة بسبب الخسائر الاقتصادية للزحام. ولكن هناك حلا يكمن فى ثلاث كلمات: الحسم. الإمكانيات. الابتكار. الحسم فى تطبيق القانون هو الأساس الذى من خلاله يمكن علاج كثير من مشكلات الشارع المصرى. رجل المرور المدرب الذى يمتلك كافة الإمكانيات المهارية من قدرة على فك الزحام والتعامل مع الحوادث وغيرها من المواقف، والمدعم بالإمكانيات المادية من سيارات مجهزة، ودعم بشرى وتكنولوجى كافٍ، هذا الضابط هو خط الدفاع الأول والأهم لحل مشكلة المرور فى العاصمة. هيبة الظباط فى نفوس الناس محفوظة، ولو على تمرد بعض سواقين النقل الثقيل والميكروباص، فالضباط قادرون على السيطرة على الموقف فى حال توافر الإمكانيات. يبقى واجبنا كمجتمع الإصرار على دعم رجال المرور لفرض القانون فى الشارع. وأذكر حضراتكم بتجربة كانت غير ناضجة حدثت من كذا سنة وهى تجربة إلقاء القبض على من يسير عكس الاتجاه، والرعب اللى الناس كانت فيه لما بتشوف ظابط المرور. وتوقفت التجربة لأن الشوارع ليس بها لافتات توضح مسار الشوارع! لكن عودة الخوف من مخالفة القانون ضرورة بعد تجهيز الشوارع. أما الحكومة فهى بصراحة شديدة مقصرة فى توضيح ليه شبكة الطرق متهالكة بهذا الشكل. عمرك شفت طريق يرصف كل سنة ويبوظ كل سنة زى وصلة المريوطية على الدائرى؟ هل من المفهوم ليه الشوارع غير مجهزة بإشارات مرور واللافتات الإرشادية؟ الحكومة تفرط فى مليارات الجنيهات تلقى على الأسفلت فى القاهرة كل سنة. وتتوسل من الشعب ترشيد الإنفاق. طيب أتوسل إليكى يا حكومة: صلحى الطرق، وحطى إشارات مرور علشان نوفر الفلوس دى. وعلى فكرة: لو محافظا القاهرة والجيزة اقترحا على السكان فرض رسوم إضافية على الترخيص لتركيب إشارات المرور قد يوافق نسبة كبيرة من القاهريين. الحكومة إذا لم تكن تمتلك كل الإمكانيات يجب أن تلجأ للابتكار، لازم نشجع الناس تركب مع بعض. يروحوا الشغل سوا. ده معناه عربيات أقل وزحام أقل. نشجعهم يركبوا المواصلات. وبالتالى لازم نغير سلوكهم البشرى الحالى. والعلم بيقول: «علشان تغير سلوك أى شخص يا إما تديله حوافز يا إما تحل له مشكلة». فيه أكتر من 50 ألف موظف بيتحركوا من شرق القاهرة إلى غربها والعكس كل يوم. آلاف السيارات. فى بعض الدول بيشجعوا الموظفين اللى بيركبوا سوا بتخصيص حارة سريعة للسيارات اللى فيها أكثر من راكب. خد زميلك معاك. الزحمة تخف وتوصل أسرع. بسيطة؟ فى الهند وتركيا تم زيادة عدد الأتوبيسات مع تخصيص حارة خاصة للنقل العام فقط. الأتوبيسات بتطير فى الشوارع. وبالتالى الناس بتسيب العربيات وتركب الأتوبيس وتوصل أسرع. دى نماذج بسيطة بس تجارب الدول مليانة أفكار قابلة للتنفيذ. لكن المهم أن يصبح المرور أولوية عند صانع القرار علشان الأفكار دى تدخل حيز التنفيذ. يكون فيه حسم وتوفير إمكانيات وابتكار. أتمنى أن ينظم أهل كايرو مظاهرة ولكن هذه المرة ضد الزحام (نقدم طلبا طبقا للقانون المرتقب) ونضغط بشدة على الحكومة لحل هذه المشكلة اللى بتسرق عمرنا يوم بعد يوم.