إحساس شديد بالارتياح وانت بتتفسح فى شوارع القاهرة أثناء عيد الأضحى. سواء وأنت سايق أو راكب تاكسى أو مواصلة. تبص حواليك تلاقى ملايين من البشر سافرت وسابت الشوارع فاضية. مفيش كلاكسات. مفيش خناقات. مفيش زحمة. الوصول من طرف القاهرة إلى أى مكان فيها يستغرق ربع ساعة مش ساعة ونص. القيادة تتحول إلى متعة، والركوب فى المواصلات يتقلب فسحة وفرجة على البلد. تاخد نفس عميق وتقول لنفسك: القاهرة كما ينبغى أن تكون. القاهرة فى الأسابيع الأخيرة أصبحت لا تطاق. زحمة مبتخلصش. على مرمى البصر عربيات وميكروباصات وتريلات مرصوصة رص. لازقة فى بعض وكأنها جنين ملتصق بينفخ دخان أسود. وسط الزحمة بياعين فارشين فى الشارع وعلى الرصيف. موتوسيكلات من غير نمر تتلوى وسط الصفيح المرصوص. وسط الزحمة برضه عرق وغضب السواقين وخناقاتهم. عطلة بالملايين. وعربية إسعاف مش عارفة تعدى وبتنادى: «خد يمينك يا ملاكى» المشكلة إن الملاكى مفيش جنبه يمين. الزحمة فى القاهرة مشهورة عالمياً، لدرجة أن البنك الدولى نشر دراسة فى 2012 عن الزحمة فى القاهرة، قدر خبراء البنك الخسائر الاقتصادية للزحام فى العاصمة والتى تنتج عن تعطل النشاط الاقتصادى والتأثير الصحى الناتج من التلوث ب 8 مليارات دولار! أى ما يعادل 56 مليار جنيه مصرى. الرقم صحيح عزيزى المواطن ومش خطأ مطبعى: 56 مليار جنيه مصرى تضيع فى شوارع القاهرة كل سنة. فلوس مرمية على الأسفلت ومحدش بيلمها. فلوس من جيبك: عطلة ووقت ضايع. علاج للناس اللى بتشم عادم. وخراب للمحلات اللى الناس بطلت تزورها علشان مش هتلاقى ركنة. عايز تتخيل حجم الفلوس المهدرة نتيجة المرور الكارثى؟ الاختناق المرورى فى القاهرة يكلفنا خمسة أضعاف حجم المعونة الأمريكية لمصر. تكلفة إنشاء خط مترو الأنفاق الرابع هى سدس تكلفة أزمة مرور العاصمة. عايز تتصدم أكتر؟ الإنفاق على صحة المصريين لا يتعدى نصف اللى بنرميه على الأسفلت كل سنة. يعنى لو المرور اتصلح فى القاهرة ممكن نصرف ضعف ما نصرفه الآن لتحسين صحة المصريين. ونستغنى عن المعونة الأمريكية تماماً ونعمل خطوط للمترو. أنا عارف حضرتك بتفكر فى إيه. أكيد بتقول لنفسك: «ربنا يريحنا من السواقين الجهلة اللى سايبينهم علينا فى الشارع. بياخدوا غرز ويركنوا صف تانى ويمشوا عكسى! إلهى ما يرجعوا». صح! أغلب السواقين فى مصر معندهمش فكرة عن قواعد السواقة. بيعطلوا الطريق ويسوقوا بشكل مرعب. بس حابب أصدمك وأقول لك إن «الجهلة» دول ضحية فقط مش أكتر. مش هم أساس المشكلة. المشكلة مشتركة بين رؤساء الحكومة اللى نسيوا فن التخطيط وبناء الطرق، وبين شرطة المرور اللى محتاسة ما بين ضعف الإمكانيات والتقاعس عما هو ممكن، وما بين السواقين الجهلاء بقواعد المرور أحياناً والمخالفين للقانون عمداً معظم الوقت. فى المقالات القادمة سأنقل لحضراتكم تجارب من دول العالم لحل أزمة المرور توضح مسئولية كل جهة من الجهات الثلاث فى حل أزمة المرور فى مصر. لحد ما ده يحصل: تمتعوا بالقاهرة وهى فاضية وكل سنة وأنتم طيبون.