موعد مباراة نابولي ضد أودينيزي اليوم الإثنين 6-5-2024 والقنوات الناقلة    ترامب يتهم بايدن بقيادة "إدارة من الجستابو"    خبير تحكيمي: حزين على مستوى محمود البنا    محمد صلاح: هزيمة الزمالك أمام سموحة لن تؤثر على مباراة نهضة بركان    حالة الطقس اليوم.. تحذيرات من نزول البحر فى شم النسيم وسقوط أمطار    بسعر مش حتصدقه وإمكانيات هتبهرك.. تسريبات حول أحدث هواتف من Oppo    نجل هبة مجدي ومحمد محسن يتعرض لأزمة صحية مفاجئة    سعر الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الإثنين 6 مايو 2024    تعاون مثمر في مجال المياه الإثنين بين مصر والسودان    أحوال جوية غير مستقرة في شمال سيناء وسقوط أمطار خفيفة    "لافروف": لا أحد بالغرب جاد في التفاوض لإنهاء الحرب الأوكرانية    حمادة هلال يكشف كواليس أغنية «لقيناك حابس» في المداح: صاحبتها مش موجودة    طالب ثانوي.. ننشر صورة المتوفى في حادث سباق السيارات بالإسماعيلية    أول شهادةٍ تاريخية للنور المقدس تعود للقديس غريغوريوس المنير    «القاهرة الإخبارية»: 20 شهيدا وإصابات إثر قصف إسرائيلي ل11 منزلا برفح الفلسطينية    إلهام الكردوسي تكشف ل«بين السطور» عن أول قصة حب في حياة الدكتور مجدي يعقوب    بسكويت اليانسون.. القرمشة والطعم الشهي    150 جنيهًا متوسط أسعار بيض شم النسيم اليوم الاثنين.. وهذه قيمة الدواجن    محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان    مدحت شلبي يكشف تطورات جديدة في أزمة افشة مع كولر في الأهلي    ما المحذوفات التي أقرتها التعليم لطلاب الثانوية في مادتي التاريخ والجغرافيا؟    برنامج مكثف لقوافل الدعوة المشتركة بين الأزهر والأوقاف والإفتاء في محافظات الجمهورية    أقباط الأقصر يحتفلون بعيد القيامة المجيد على كورنيش النيل (فيديو)    قادة الدول الإسلامية يدعون العالم لوقف الإبادة ضد الفلسطينيين    من بلد واحدة.. أسماء مصابي حادث سيارة عمال اليومية بالصف    "كانت محملة عمال يومية".. انقلاب سيارة ربع نقل بالصف والحصيلة 13 مصاباً    مئات ملايين الدولارات.. واشنطن تزيد ميزانية حماية المعابد اليهودية    تخفيضات على التذاكر وشهادات المعاش بالدولار.. "الهجرة" تعلن مفاجأة سارة للمصريين بالخارج    بعد ارتفاعها.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 6 مايو 2024 في المصانع والأسواق    الجمهور يغني أغنية "عمري معاك" مع أنغام خلال حفلها بدبي (صور)    وسيم السيسي: الأدلة العلمية لا تدعم رواية انشقاق البحر الأحمر للنبي موسى    هل يجوز تعدد النية فى الصلاة؟.. أمين الفتوى يُجيب -(فيديو)    تزامنا مع شم النسيم.. افتتاح ميدان "سينما ريكس" بالمنشية عقب تطويره    خالد مرتجي: مريم متولي لن تعود للأهلي نهائياً    نقابة أطباء القاهرة: تسجيل 1582 مستشفى خاص ومركز طبي وعيادة بالقاهرة خلال عام    رئيس البنك الأهلي: متمسكون باستمرار طارق مصطفى.. وإيقاف المستحقات لنهاية الموسم    يمن الحماقي ل قصواء الخلالي: مشروع رأس الحكمة قبلة حياة للاقتصاد المصري    الأوقاف: تعليمات بعدم وضع اي صندوق تبرع بالمساجد دون علم الوزارة    أشرف أبو الهول ل«الشاهد»: مصر تكلفت 500 مليون دولار في إعمار غزة عام 2021    عاجل - انفجار ضخم يهز مخيم نور شمس شمال الضفة الغربية.. ماذا يحدث في فلسطين الآن؟    بيج ياسمين: عندى ارتخاء فى صمامات القلب ونفسي أموت وأنا بتمرن    مصطفى عمار: «السرب» عمل فني ضخم يتناول عملية للقوات الجوية    حظك اليوم برج الحوت الاثنين 6-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    بعد عملية نوعية للقسام .. نزيف نتنياهو في "نستاريم" هل يعيد حساباته باجتياح رفح؟    الإفتاء: احترام خصوصيات الناس واجب شرعي وأخلاقي    فرج عامر: سموحة استحق الفوز ضد الزمالك والبنا عيشني حالة توتر طوال المباراة    كشف ملابسات العثور على جثة مجهولة الهوية بمصرف فى القناطر الخيرية    تؤدي إلى الفشل الكلوي وارتفاع ضغط الدم.. الصحة تحذر من تناول الأسماك المملحة    عضو «المصرية للحساسية»: «الملانة» ترفع المناعة وتقلل من السرطانات    تعزيز صحة الأطفال من خلال تناول الفواكه.. فوائد غذائية لنموهم وتطورهم    المدينة الشبابية ببورسعيد تستضيف معسكر منتخب مصر الشابات لكرة اليد مواليد 2004    الإسكان: جذبنا 10 ملايين مواطن للمدن الجديدة لهذه الأسباب.. فيديو    لفتة طيبة.. طلاب هندسة أسوان يطورون مسجد الكلية بدلا من حفل التخرج    وزيرة الهجرة: 1.9 مليار دولار عوائد مبادرة سيارات المصريين بالخارج    إغلاق مناجم ذهب في النيجر بعد نفوق عشرات الحيوانات جراء مخلفات آبار تعدين    أمينة الفتوى: لا مانع شرعيا فى الاعتراف بالحب بين الولد والبنت    "العطاء بلا مقابل".. أمينة الفتوى تحدد صفات الحب الصادق بين الزوجين    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قهوة «المشير» شاهد على تاريخ شارع «محمد على»
«التجارية» و«حلاوتهم» و«شريف» و«الدمس» أغلقت أبوابها بسبب هجرة الفنانين
نشر في الوطن يوم 12 - 05 - 2013

فى زاوية غير متسعة من شارع محمد على بقلب القاهرة التجارية يقع «نادى المشير». هكذا تعلن اللافتة الصغيرة التى تتصدر واجهة المقهى العتيق قرب منطقة باب الخلق، هو المقهى الذى لا يزال يقصده قدامى الموسيقيين والآلاتية الذين عرف بهم الشارع قديماً، وعرفوا هم بالشارع، وقت أن كان يزدحم بعشرات العوالم والراقصات والعازفين المتخصصين فى إحياء الأفراح والليالى الملاح. ورغم أن الشارع نفسه تغير بعد أن هجره عدد كبير جداً من سكانه، إلا أن المقهى لا يزال على حاله، ربما لكى يشهد على فترة شديدة الثراء من تاريخ الشارع الذى أنشأه ذات يوم الخديو إسماعيل تمجيداً لاسم جده الراحل محمد على مؤسس الدولة العلوية، فيمده من ميدان العتبة، حتى ميدان الخليفة حيث تطل قلعة صلاح الدين.
يظهر مدخل المقهى وسط محلات الموبيليا التى تملأ الشارع، يحتفظ لنفسه ببابين من الخشب لا يبدو أنهما ينغلقان فى النهار أو السحر، الأول يطل على شارع محمد على مباشرة، والثانى مفتوح على ناصية شارع جانبى، يحمل الأخير لافتة زرقاء مكتوباً عليها باللون الأصفر «نادى المشير»، يراها السائرون بوضوح بفضل المصابيح الكهربائية الطويلة المتراصة على الحائط. داخل المقهى تزدحم الجدران بلوحات لآيات قرآنية، مختلطة بصور قديمة لأسرة صاحب المقهى. فى زاوية ضيقة بالداخل توجد «نصبة الشاى»، أمامها مباشرة يقف رجل خمسينى يتولى إعداد المشاريب للزبائن، فيما يتولى توصيل تلك الطلبات شاب عشرينى، يتحرك بخفة ونشاط بين الجميع.
حوائط المقهى الخارجية مطلية بلون بنى مائل للحمرة، يزيدها قدماً وبهاء، إلى جوار الباب المطل على شارع محمد على يجلس عبدالرحمن عبدالعزيز أحد أفراد فرقة «حسب الله» بصحبة صديق خمسينى مثله، يقتلان وقتهما بلعب «الطاولة»، تعوّد كل منهما على الجلوس فى هذا المكان منذ بضع وثلاثين عاماً كما يروى عبدالرحمن صاحب الشعر الفضى. يعود عبدالرحمن بظهره للوراء ليسنده إلى ظهر المقعد قبل أن يقول «أنا بقعد على القهوة دى من وأنا فى إعدادى، وكانت أول يومية قبضتها من الريس 175 قرش».
على ما يبدو فإن حديث الذكريات يزيد من حماسة عضو فرقة حسب الله، تلمع عيونه وهو يواصل «وقتها كان شارع محمد على ملتقى لكل الموسيقيين والفنانين، وكان بيفيض بمحلات الآلات الموسيقية»، لكن اللمعة تختفى من عينه عندما يتنهد ويقول بنبرة تفقد حماسها «معظم قهاوى الفنانين فى الشارع قفلت، زى قهوة التجارة، وكازينو شريف، وحلاوتهم، والدِمس، وما بقاش فاضل لنا إلا قهوة المشير». يلتقط عبدالرحمن أنفاسه ولم يقبل أن يقول «أنا لازم آجى هنا كل يوم، واليوم اللى ما باجيش فيه هنا باحس إن فيه حاجة نقصانى، م الآخر كده باحس إنى زى السمك اللى عايش جوه الميه. ينفع السمك يعيش بره الميه؟».
يحكى عبدالرحمن عن الشارع قديماً، كما يحكى عن نفسه، تاريخه جزء من تاريخ الشارع، يقول إنه تعلم العزف على آلة الترومبيت منذ صغره، ووجد فرصته فى سكن الشارع والانضمام لفرقة حسب الله، وكما اعتادت الفرقة أن تجلس على المقهى الشهير فى الشارع فى انتظار زبون يطلب منهم إحياء فرح أو ليلة، اعتاد عبدالرحمن أن يجلس معهم، ليس له معارف آخرون أو أصدقاء من خارج المهنة، يستدعى من الذاكرة محمود شكوكو فنان المونولوج الشهير الذى يقول إنه كان يجلس على القهوة قديماً، كما يتذكر شفيق جلال، وكارم محمود، وعبدالعزيز محمود.
ينظر عبدالرحمن فى الفراغ ويصمت قليلاً قبل أن يكمل بصوت هادئ «زمان كنا بنقعد هنا عشان أكل عيشنا، لكن دلوقتى بنقعد عشان نفتكر أيام الزمن الجميل اللى مش هترجع تانى»، يروى عبدالرحمن أن العازفين فى فرقة حسب الله لم يكونوا يهتمون بأزيائهم «كنا بنلبس أى حاجة»، وذلك بسبب ظروف عملهم التى يقول إنها كانت تقتضى الذهاب إلى أحواش المقابر لإحياء أفراح سكانها، أو الذهاب إلى أكبر فنادق مصر. «بنطلع من البيت مش عارفين هنروح فين، وطبعاً لازم نيجى على القهوة الأول من بعد العصر نستنى الفرج».
يرفع عبدالرحمن رأسه إلى أعلى ويحدق النظر فى سماء شارع محمد على المظلمة ثم يقول «عام 1995 هو بداية انهيار الفن فى شارع محمد على، وقتها كان الأورج ظهر، وحل محل عدد كبير من الآلات التانية زى الكمانجا والقانون والعود، ودى كانت بداية خراب التخت الشرقى». يكمل عبدالرحمن «سماع الطرب والمزيكا فى القهاوى زمان، كان له طعم تانى، كنا بنعلم بعض ونسمع لبعض والناس فى الشارع كانت بتستمتع وتحيينا»، ينخفض صوت الرجل وينظر إلى أسفل ويقول فى حزن «بقينا بنحس بالإحراج لو عزفنا على القهوة حتى لو على سبيل تجربة الآلة لو عطلت، بنتكسف ونتخيل الناس هيقولوا علينا مجانين».
إلى جوار عبدالرحمن يجلس رفيق دربه أيمن الشامى عازف «الأورج» المعتزل، عمره يزيد على الخمسين عاماً يقول إنه يقضى قرب الساعة خلال رحلته اليومية من عين الصيرة إلى قهوة المشير رغم اعتزاله العزف بالفرق الموسيقية منذ 15 سنة «سبت المهنة لما حسيت أن فلوسها حرام» يروى أيمن الذى يقول إنه لم يبتعد تماماً عن المجال الذى أعلن التوبة عنه، حيث لجأ إلى صيانة الآلات الموسيقية متخذاً منها مهنة يعيش منها، رغم قلة دخلها على حد تعبيره. يضيف «المهنة زمان كان لها احترامها، لكنها الآن تفيض بالدخلاء».
يشير أيمن إلى الشارع ويقول منفعلاً «بواكى شارع محمد على كانت أحلى حاجة بحبها فى الشارع، لكن دلوقتى المحلات بهدلتها». يتذكر أيمن واقعة طريفة حدثت معه ويقول «قبل ما أعتزل طلب منى واحد من المطربين الشعبيين اسمه عبده الإسكندرانى إنى أروح معاه فرح، وعشان كنت وقتها مشغول رشحت له واحد زميلى، لكن ما رضيش ياخده لما لاقاها لابس شبشب فى رجله، واتحايل علىّ عشان أروح معاه، وأول ما وصلنا الفرح سمعنا صوت أورج، فلقيت عبده بيقول عازف الأورج دا جامد قوى، فقلت له أنت عارف ده مين، قال لأ، قلت له ده أبوشبشب اللى ما كنتش راضى بيه»، ينهى أيمن حكايته قبل أن يضحك ويعاود الحديث «كانت الناس شكلها بسيط، لكن كانوا فنانين على حق».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.