حريق يلتهم 4 أفدنة قمح في قرية بأسيوط    متحدث الصحة عن تسبب لقاح أسترازينيكا بتجلط الدم: الفائدة تفوق بكثير جدًا الأعراض    بمشاركة 28 شركة.. أول ملتقى توظيفي لخريجي جامعات جنوب الصعيد - صور    برلماني: مطالبة وزير خارجية سريلانكا بدعم مصر لاستقدام الأئمة لبلاده نجاح كبير    التحول الرقمي ب «النقابات المهنية».. خطوات جادة نحو مستقبل أفضل    ضياء رشوان: وكالة بلومبرج أقرّت بوجود خطأ بشأن تقرير عن مصر    سعر الذهب اليوم بالمملكة العربية السعودية وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الأربعاء 1 مايو 2024    600 جنيه تراجعًا في سعر طن حديد عز والاستثماري.. سعر المعدن الثقيل والأسمنت اليوم    تراجع أسعار الدواجن 25% والبيض 20%.. اتحاد المنتجين يكشف التفاصيل (فيديو)    خريطة المشروعات والاستثمارات بين مصر وبيلاروسيا (فيديو)    بعد افتتاح الرئيس.. كيف سيحقق مركز البيانات والحوسبة طفرة في مجال التكنولوجيا؟    أسعار النفط تتراجع عند التسوية بعد بيانات التضخم والتصنيع المخيبة للآمال    رئيس خطة النواب: نصف حصيلة الإيرادات السنوية من برنامج الطروحات سيتم توجيهها لخفض الدين    اتصال هام.. الخارجية الأمريكية تكشف هدف زيارة بليكن للمنطقة    عمرو خليل: فلسطين في كل مكان وإسرائيل في قفص الاتهام بالعدل الدولية    لاتفيا تخطط لتزويد أوكرانيا بمدافع مضادة للطائرات والمسيّرات    خبير استراتيجي: نتنياهو مستعد لخسارة أمريكا بشرط ألا تقام دولة فلسطينية    نميرة نجم: أي أمر سيخرج من المحكمة الجنائية الدولية سيشوه صورة إسرائيل    جونسون: الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين داخل الجامعات الأمريكية نتاج للفراغ    قوات الاحتلال تعتقل شابًا فلسطينيًا من مخيم الفارعة جنوب طوباس    استطلاع للرأي: 58% من الإسرائيليين يرغبون في استقالة نتنياهو فورًا.. وتقديم موعد الانتخابات    ريال مدريد وبايرن ميونخ.. صراع مثير ينتهي بالتعادل في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    معاقبة أتليتيكو مدريد بعد هتافات عنصرية ضد وليامز    موعد مباراة الأهلي والإسماعيلي اليوم في الدوري والقنوات الناقلة    عمرو أنور: الأهلي محظوظ بوجود الشناوي وشوبير.. ومبارياته المقبلة «صعبة»    موعد مباريات اليوم الأربعاء 1 مايو 2024| إنفوجراف    ملف رياضة مصراوي.. قائمة الأهلي.. نقل مباراة الزمالك.. تفاصيل إصابة الشناوي    كولر ينشر 7 صور له في ملعب الأهلي ويعلق: "التتش الاسطوري"    نقطة واحدة على الصعود.. إيبسويتش تاون يتغلب على كوفنتري سيتي في «تشامبيونشيب»    «ليس فقط شم النسيم».. 13 يوم إجازة رسمية مدفوعة الأجر للموظفين في شهر مايو (تفاصيل)    بيان مهم بشأن الطقس اليوم والأرصاد تُحذر : انخفاض درجات الحرارة ليلا    وصول عدد الباعة على تطبيق التيك توك إلى 15 مليون    إزالة 45 حالة إشغال طريق ب«شبين الكوم» في حملة ليلية مكبرة    كانوا جاهزين للحصاد.. حريق يلتهم 4 أفدنة من القمح أسيوط    دينا الشربيني تكشف عن ارتباطها بشخص خارج الوسط الفني    استعد لإجازة شم النسيم 2024: اكتشف أطباقنا المميزة واستمتع بأجواء الاحتفال    لماذا لا يوجد ذكر لأي نبي في مقابر ومعابد الفراعنة؟ زاهي حواس يكشف السر (فيديو)    «قطعت النفس خالص».. نجوى فؤاد تكشف تفاصيل أزمتها الصحية الأخيرة (فيديو)    الجزائر والعراق يحصدان جوائز المسابقة العربية بالإسكندرية للفيلم القصير    حدث بالفن| انفصال ندى الكامل عن زوجها ورانيا فريد شوقي تحيي ذكرى وفاة والدتها وعزاء عصام الشماع    مترو بومين يعرب عن سعادته بالتواجد في مصر: "لا أصدق أن هذا يحدث الآن"    حظك اليوم برج القوس الأربعاء 1-5-2024 مهنيا وعاطفيا.. تخلص من الملل    هل حرّم النبي لعب الطاولة؟ أزهري يفسر حديث «النرد» الشهير (فيديو)    هل المشي على قشر الثوم يجلب الفقر؟ أمين الفتوى: «هذا الأمر يجب الابتعاد عنه» (فيديو)    ما حكم الكسب من بيع وسائل التدخين؟.. أستاذ أزهرى يجيب    هل يوجد نص قرآني يحرم التدخين؟.. أستاذ بجامعة الأزهر يجيب    «الأعلى للطرق الصوفية»: نحتفظ بحقنا في الرد على كل من أساء إلى السيد البدوي بالقانون    إصابات بالعمى والشلل.. استشاري مناعة يطالب بوقف لقاح أسترازينيكا المضاد ل«كورونا» (فيديو)    طرق للتخلص من الوزن الزائد بدون ممارسة الرياضة.. ابعد عن التوتر    البنك المركزي: تحسن العجز في الأصول الأجنبية بمعدل 17.8 مليار دولار    نصائح للاستمتاع بتناول الفسيخ والملوحة في شم النسيم    "تحيا مصر" يكشف تفاصيل إطلاق القافلة الإغاثية الخامسة لدعم قطاع غزة    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط.. صور    أفضل أماكن للخروج فى شم النسيم 2024 في الجيزة    اجتماعات مكثفة لوفد شركات السياحة بالسعودية استعدادًا لموسم الحج (تفاصيل)    مصدر أمني ينفي ما تداوله الإخوان حول انتهاكات بسجن القناطر    رئيس تجارية الإسماعيلية يستعرض خدمات التأمين الصحي الشامل لاستفادة التجار    الأمين العام المساعد ب"المهندسين": مزاولة المهنة بنقابات "الإسكندرية" و"البحيرة" و"مطروح" لها دور فعّال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هو وهي
اوتفضل قهوة
نشر في الأهرام اليومي يوم 19 - 06 - 2010

مطبوعة في ذاكرتي كأجمل وأكمل مشهد للوفاق الزوجي‏,‏ وحميمية الترابط الأسري‏,‏ ودفء الشراكة في العش والعفش والمسكن والمأكل والمشرب‏,‏ والحلوة والمرة‏,‏ وراسين في الحلال‏,‏ والكلمة ورد غطاها‏,‏ والهانم وسعادة البيه‏,‏ وأم العيال والأستاذ‏. وما جمع إلا ما وفق‏,‏ والستر والغطا‏,‏ وعشرة العمر‏,‏ والرأي رأيك والمشورة مشورتك‏,‏ وهو وهي‏..‏ جلسة أمي وأبي في البلكونة التي كنا نطلق عليها أيضا الفراندة والترسينة ساعة العصاري والغصون بتميل‏,‏ وصينية القهوة بينهما حلقة وصال‏,‏ تتوسطها سبرتاية نحاس مجلوة بفص ليمون‏,‏ يلعق لهبها الأزرق الحالم قاعدة الكنكة القابعة فوقها لغاية ما تغلي ميتها وتبقلل ويطلع تحتها فوقها‏..‏ لحظتها تمد أمي يدها لعلبة البن المحوج بالمستكة والزعفران والحبهان تركنها علي صدرها وتدس داخلها ملعقتها الدقيقة لتخرجها مترعة بالبن البيتي الذي أمضت صباحها متربعة فوق كنبة الصالة الاسطنبولي تطحن حباته في مطحنة بيتي تضعها تحت الإبط الشمال وتدور وتفك تشوف لغاية ما البن يوصل لأعلي درجات الانسحاق‏,‏ فالوالد لا يحب المجروش‏,‏ ومزاجه بن غامق وعلي الريحة‏..‏ تغمز أمي الملعقة في فم الغليان وتقلب بتؤدة مع بعضيشي سكر سنترفيش سرعان ما يطويه العراك الدائر في الكنكة النحاس‏..‏ و‏..‏بحركة محسوبة نتائجها ضاربة في عمر تاريخ المزاج تقوم صاحبة الخبرة بكبس الطربوش النحاس المتأهب لإخماد دائرة اللهب في لحظة البين بين عندما يتوقف الوش في مشهد التردد علي شفا الحافة قبل ما يقرر فوران الانسكاب‏..‏ وتصب أمي لأبي فنجانه بيد ثابتة ليهبط الوش كامل الاستدارة‏,‏ ويرفع المراقب للمشهد الخلاب أخيرا الفنجان لفمه عاقدا ما بين الحاجبين بفعل الأبخرة الذكية‏,‏ مدورا شفاهه كخاتم خطوبة‏,‏ فاردا قفصه الصدري بفعل عب الشهيق‏,‏ يحتسي المتعة رشفة بعد رشفة ساخنة تبرد ما بين اللسان والجوف‏,‏ تتخللها مقاطع من حديث طلي وكلام موزون فيه الكلمة حكمة ومنه سورة عبس وقصة أبوزيد وأبصر ومدرك إيه‏,‏ وكلام ييجي علي الوجيعة وكلام بن عم حديت ولت وعجن وهلاهالله ع الجد والجد هلا هالله عليه وجاية لك في الكلام والعصفورة قالت لي وحقولها ورزقي علي الله‏,‏ وعايز الحق واللا بن عمه‏,‏ والحق حق محدش يزعل منه‏,‏ وهو احنا يا راجل حنكدب علي ربنا‏,‏ دي كلمة أبرك من عشرة وأنا كلمتي زي ورقة البوستة‏,‏ ويرجع مرجوعنا لصاحبك حلفته بذمتك وبعضمة لسانك ماقلتش كده‏,‏ بلع لسانه وماقلشي تلت التلاتة كام‏,‏ وساعتها وفرت كلامي بعدما أخذ كلام في العضم سواه علي الجنبين‏..‏ نهايته‏..‏ وما علينا‏..‏ وقصره‏...‏ وبعدما ينهي أبي رشفاته آتيا علي ثمالة المحتوي يمد يده بالفارغ لأمي في كسل الرجال كأنه لا يعي مكان الصينية أمامه‏,‏ فتتناول منه الفنجان السيادي لتهزه مرارا ثم تقلبه علي وجهه ملتصقا بالطبق‏,‏ وتطيل من مدة الانكفاء ليظل رجلها علي نار في الانتظار‏..‏ ثم تبدأ في استجلاء تشكيلات التنوة التي تكشف لها عن طالعه اليوم وغدا وبالأمس‏..‏ و‏..‏والنبي ومن نبي النبي نبي في قعر الفنجان قدامي طالع لك صرة فلوس وهات لي راسك ناحيتي وشوف‏,‏ وسكة سفر تعدي فيها بحور وبحور‏,‏ وواحدة فاتحة عليك طاقة نور تشبه في كسمها ورسمها المغفور لها الست والدتك‏..‏ وعندك راية فوق سرايا‏..‏ وجامع ونصرة واجتماع كبير وترقية‏..‏ عرفتها إزاي؟‏!..‏ تعالي بص علي الجنب هنا شايف الراجل اللي ماسك ظرف وجاي ناحيتك‏..‏ بعد نقطتين‏..‏ يومين‏..‏ شهرين‏..‏ وبنات زي الورد في شباك ورد لابسين تيجان تقولشي كوشة عقبال بناتك في حياتك‏..‏ وحمام طاير فارد جناحاته بسم الله ما شاء الله‏..‏ لكن فيه شوية زعل وياما قلت لك داري علي شمعتك تقيد‏..‏ ثم مين الست دي المحنية فوقك زي ما تكون بتوشوشك‏..‏ أنا عيني بترف‏..‏ أعمل لك فنجان تاني تحبس به الأولاني؟‏!!‏
الست الشاطرة أخذت زوجها من القهوة العمومي لقهوتها الخصوصي والدردشة البيتي بعيدا عن الصحاب الذين ليس وراءهم غير تعب القلب والنصائح المارقة التي تزين له ساعة طرقعة زهر الطاولة وجوب الأخذ بما يحله الشرع والدين بتعاطي زوجة ثانية مادام الهانم خلفتها لمؤاخذة بنات‏,‏ والذكر اسم النبي حارسه وضامنه يمد العرق لسابع جد ويحمي الأصل والنسب والفرع‏,‏ بجانب أنه يبقي سند لإخواته البنات يعمل له الأزواج ألف حساب وحساب والعيال يقولوا خالي جه خالي راح‏..‏ ونظل نحن خلفة البنات نحمد المولي عز وجل إن القهوة البيتي دخلت مزاج والدي مدركا أن البن فيها نقيا بشوكه لم يزيفه مسحوق دخيل ليشرب خلاصة الفائدة‏..‏ أي والله الفائدة كما لم يكن ظني بها حتي أني من مدة دلقت البن وطفيت النار وغسلت الصينية وركنت الفنجان علي الرف ولحست التنوة وانبريت أسدي النصيحة الصريحة بالإقلاع عنها‏,‏ ويا مين يقول لي قهوة أسقيه بإيدي جنزبيل وقرفة وحلبة وينسون ونعناع وتيليو وعرقسوس‏,‏ والسبب إن قلبي عليهم‏..‏ خايفة علي صحتهم‏,‏ وحجتي أنها ترفع الضغط‏,‏ وتدخل في سلك الإدمان‏,‏ وتربك الهضم‏,‏ وتجيب الأرق‏,‏ وتضيق الشرايين‏,‏ وتورث الخوف‏,‏ وترعش اليدين‏,‏ وتموت الأجنة عند الحوامل بنسبة‏80%‏ إذا ما زادت الفناجين اليومية علي أربع‏,‏ والنسبة تزيد إلي‏300%‏ إذا ما بلغت الفناجين ثمانية‏,‏ وتتعب الشريان التاجي‏,‏ وتجيب إمساك‏,‏ وتسد النفس‏,‏ ونسبة الكافيين فيها أربعة أضعاف نسبته في الشاي‏..‏ وممنوع منعا باتا علي الرياضيين شرب‏4‏ فناجين قهوة خلال‏30‏ دقيقة قبل المباراة حتي لا يقع اللاعب في دائرة تناول المنشطات كما تظهر في التحاليل الطبية‏..‏ و‏..‏خاصمتها بعدما كنت أشربها علي الريق ملء كوباية‏,‏ وسادة‏,‏ وللجرح أكتمه بالبن‏,‏ وللإسهال لحسة بن بالليمون‏,‏ وفي العمل كان روتيني الصباحي فنجان القهوة‏,‏ وفي الزيارة فنجان القهوة‏,‏ وفي العزاء فنجان القهوة‏,‏ واسلم وآخذ في حضني واعزم عاش من شافك‏,‏ واتفضل عندنا نشرب فنجان قهوة أعملهولك بإيدي ما أنا عارفة مزاجك بن خفيف وشعرة سكر وكباية ساقعة مشبرة‏..‏
وفضلت أعيب في القهوة رغم عطرها الفواح في نخاشيشي إلي أن وقع في يدي مؤلف من التراث عنوانه إثارة النخوة بحل القهوة للعلامة أبوبكر بن يزيد البغدادي الذي ردد ما يقوله الصوفيون أن من منافعها الكثيرة الإذهاب بالباسور البواسير والناصور والزكام والأورام وتجفيف البلغم والبرء من الشلل الرعاش وقول العلامة بن ناصر الشافعي المكي‏:‏ وليست القهوة بمسكرة ولا مضرة بعقل‏,‏ وقياسها بالحشيشة قياس مع الفارق‏,‏ وهو خطأ لأن الحشيشة والبنج والأفيون تورث الفتور والخدر في الأطراف وتورث كسلا وتنويما وانعقاد اللسان‏,‏ والقهوة علي عكس ذلك تحدث لشاربها نشاطا وانبساطا وقلة نوم ودفعا للوسن وانطلاق لسان ويقظة للإعانة علي العبادة‏,‏ وهي تخالف السكر لأنه يورث طيشا وخفة وجرأة‏,‏ وقد عرف السكران بأنه كما قال الإمام الشافعي من فارق ما كان عليه من الجلم والسكون إلي الجهل والسفه حتي اختل كلامه المنظوم وباح بسره المكتوم‏,‏ وهي تنشف البلة في المعدة من الرطوبات الزائدة والفضلات‏,‏ وتدر البول‏,‏ وتحسن اللون‏,‏ وتبعث علي النشاط‏,‏ وتطيب النفس‏,‏ وتعدل المزاج وتذهب الغم والهم‏,‏ وتزيد في الدم‏,‏ وتحرك الشهوة‏,‏ وتبعث علي الذكر والقراءة والصلاة‏,‏ وتورث حلاوة المحبة لله ولأوليائه وكان قاضي القضاة علامة زمانه ابن يعقوب المكي المالكي رئيس الأقطار الحجازية يشرب الماء البارد قبل القهوة فلا يكون السهر منها حينئذ شديدا‏...‏ وفي مؤلف تراثي آخر بعنوان عمدة الصفوة في حل القهوة للشيخ العلامة المؤرخ عبدالقادر بن محمد الجزيري المتوفي عام‏977‏ ه الذي أعاد اكتشاف القهوة إلي الصوفية في القرن التاسع الهجري علي يد الصوفي الكبير أبوبكر العيدروس المتوفي عام‏914‏ ه الذي رأي البن في اليمن فاقتات به فأعجبه وأرشد أتباعه إليه فانتشر في اليمن‏,‏ ثم في الحجاز‏,‏ ثم في الشام ثم في مصر‏,‏ ثم في العالم كله‏..‏ وقد كان للصوفية مجالس واسعة تعقد لاحتساء القهوة والاجتماع علي ذكر الله‏,‏ وقد سندوا إلي القهوة كرامات كثيرة منها التي تروي عن العيدروس ورواها الشيخ الحلبي وقتها بقوله‏:‏ كنت أحضر مجلس شيخي العيدروس فتدار القهوة وما كنت أشربها‏,‏ ثم مضت مدة بتلك الحال‏,‏ حتي شعرت في المجلس يوما إلا والسكرجة وعاء مثل الكنكة مملوءة قهوة تمشي إلي وحدها إلي أن وقفت في الهواء بين يدي‏,‏ ثم تعالت وارتفعت وحازت في ارتفاعها فمي ومالت ناحيتي فشربت في الهواء من غير حركة خارجة من جسمي أو يدي‏,‏ فقال لي سيدي الشيخ‏:‏ يا أحمد قهوتنا لما شربت له‏!!..‏ وقد جاء في مناقب القهوة ما قاله الفقيه بن شرف اليمني‏:‏
تعين أهل قيام الليل إن كسلوا عن القيام وتنضي عنهم الكسلا
من يحتسي شربة منها يبيت علي أقدامه خاشعا لله مبتهلا
وسئل الشيخ علي بن عراق عن القهوة أهي حرام أم حلال فأجاب‏:‏
قد كنت تارك شربها في مرة توفي علي عشرين عاما واثنتين
فأصابني مرض فقال طبيبه خذها مكانا ما للشفا في مرتين
فلذلك السبب استدمت لشربها ورأيت فيها النفع صدقا دون شين
وبلغ الموقف المضاد للقهوة حد إصدار مرسوم سلطاني بمنعها في عهد قنصوة الغوري عندما كان خادما للحرمين الشريفين‏,‏ واتفق أنه في ليلة يسفر صباحها عن يوم الجمعة‏23‏ من ربيع الأول عام‏917‏ ه أن صلي العشاء بالمسجد الحرام كعادته‏,‏ ثم طاف بالكعبة الشريفة ما بدا له‏,‏ وابتدأ بتقبيل الحجر الأسود وختم به‏,‏ والتزم بالملتزم‏,‏ ودعا‏,‏ ثم شرب من ماء زمزم ودعا‏,‏ ثم توجه من المطاف إلي بيته فرأي في طريقه خلقا مجتمعين بالمسجد الحرام في ناحية يجمعهم أمير من أمراء مكة لقبه قرقماس الناصري‏,‏ فلما أقبل عليهم قاموا قبل وصوله إليهم بإطفاء الفوانيس التي كانت موقدة‏,‏ فأرسل إليهم وكشف أمرهم‏,‏ فوجد بينهم ما يتعاطونه علي هيئة الشوربة‏,‏ ومعهم كأس يديرونه بينهم‏,‏ وكان قرقماس المذكور هو الساقي بالقدح المذكور‏..‏ فلما علم قنصوة ذلك أنكره وسأل عن الشراب فقيل له القهوة وتطبخ من قشر حب يأتي من اليمن يقال له البن‏,‏ وأن هذا الشراب الدخيل قد فشي أمره بمكة وصار يباع في أماكن علي هيئة الخمارات‏,‏ ويجتمع عليه الناس من رجال ونساء بالدف والربابة وآلات الملاهي‏,‏ وموجود في الأماكن التي يراهن فيها لاعبو الشطرنج‏,‏ وغير ذلك مما هو ممنوع في الشريعة المطهرة‏..‏ فلما سمع الغوري ذلك أنكره وردد قول الرسول صلي الله عليه وسلم‏:‏ من رأي منكم منكرا فليغيره بيده‏,‏ فإن لم يستطع فبلسانه‏,‏ فإن لم يستطع فبقلبه‏,‏ وذلك أضعف الإيمان وقام بتفريق الجمع‏,‏ وفي الصباح جمع قضاة الإسلام والتصوف وقدوة السادة الشافعية والمالكية والحنفية‏,‏ واحضرت القهوة فأفتوا بأن البن حكمه حكم النباتات‏,‏ والأصل فيه الإباحة لقول تعالي‏:‏ خلق لكم ما في الأرض جميعا فإن كان يحصل من مطبوخ قشره ضرر في البدن أو في العقل أو تحصل منه لذة وطرب فإنه حرام‏,‏ حتي ولو استعمله المرء بمفرده داخل بيته‏,‏ والمرجع في ذلك إلي الأطباء‏..‏ فأمر قنصوة بإحضار سادة أطباء مكة أبي الفضل الكارزوني وأخاه علاء الدين‏,‏ فأجابا عن البن بأنه يابس مفسد للبدن المعتدل‏!‏ وإزاء تلك الشهادة الطبية من المرجعية العلمية عن البن كتب قاضي القضاة بتحريمها‏,‏ وأتي عالم الشافعية شمس الدين ليقول بأن القول عن القهوة بأنها تورث العقل خبالا والبدن ضررا فدعوي بلا بينة يكذبها الحس‏,‏ فإن مدة تجاورنا بمكة نحو خمس عشرة سنة نسمع أهل مكة وبر العجم والعرب يديمون شربها ولم يبلغنا أن أحدا منهم حصل له خبال في عقله أو ضرر في بدنه‏,‏ أما القول بأنها حرام مطلقا فمن باب تحريم الحلال بلا موجب لتحريمه‏,‏ ومجرد مكابرة وعناد ولزوم غلط‏,‏ والإذعان إلي الحق أحق من النفاق‏.‏
وحول تحريم القهوة في مصر عندما تولي قاضي القضاة صالح جلبي بن جلال الذي أمر بإبطالها وتسمير بيوتها ومنع باعتها والتشنيع عليها‏..‏ فقد اتفق أن أصابه صداع أليم عجز الطب عن مداواته فوصف له الشيخ الزواوي القهوة‏,‏ إلا أنه صمم علي الامتناع عنها إلي أن ذكر له المقربون فوائدها‏,‏ فأمر بإحضار شيء منها وشربها‏,‏ فكانت سببا في إزالة الصداع مما جعله يأمر بإعادة فتح بيوت القهوة وتقبل الزوار‏..‏ ويذكر الشيخ العلامة الشهاب بن الغفار أنه عندما توجه إلي مصر في عام‏583‏ ه شكي إليه شيخ مشايخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي مرض الباسور البواسير وما يعانيه من آلامه‏:‏ فوضعت له القهوة وطبختها وسقيته إياها‏,‏ فوجد عليها راحته‏,‏ فكنت أعملها له مدة إقامتي بمصر‏,‏ فلما عزمت علي السفر علمت جاريته في بيته كيفية طبخها بأمره‏,‏ وأخبرني العلامة زين الدين الخانكي الشافعي نزيل مكة بمشاهدته شرب شيخ الإسلام زكريا لها كلما ثار عليه عارض مرض الباسور المذكور‏,‏ وناهيك بمثل شيخ الإسلام حجة‏.‏
ويبقي الشرق منبعا خصبا لدراسات وبحوث المستشرقين‏,‏ كل يقضي عمرا في تجميع وحشد وتأصيل المعلومات حول جزئية قد لا يتوقف الشرقي عندها طويلا‏,‏ ومن ذلك ما قامت به العالمة الفرنسية هيلين جريجوار الحاصلة علي درجة الدكتوراه في الدراسات الإسلامية التي قضت وقتا طويلا في دراسة متخصصة حول القهوة في الشرق التي وجدتها تختلف بشكل ملموس فيما بين مناطق العالم العربي في آسيا ومصر والسودان‏,‏ عنها في منطقة المغرب العربي التي لا تضع القهوة في المقدمة‏,‏ وإنما تعشق الشاي الأحمر منه والأخضر‏..‏ وأن مراحل صنع القهوة العربية خمس‏..‏ تبدأ بالتشريب في البراد‏,‏ ثم حمس القهوة‏,‏ ودق البن‏,‏ وغلي القهوة‏,‏ والتبهير أي إضافة المكسب للطعم مثل الحبهان الهيل‏,‏ وطريقة التقديم أن يمسك المستضيف الدلة باليد اليسري والفنجان من وسطه باليمني‏,‏ وقد يمسك فنجانين أو ثلاثة‏,‏ ويصب القهوة واقفا كخيط رفيع بمسافة كلما زادت كشفت عن مهارة‏..‏ وفنجان الضيف الأول علامة أهلا وسهلا وشربه حتمي‏,‏ والاكتفاء من القهوة هز الفنجان وإن لم يهزه الضيف يصب له من جديد‏,‏ وفي دورة القهوة الثانية يشرب المضيف فنجانا قبل ضيوفه ويسمي الفنجان الثاني فنجان الكيف‏,‏ والثالث فنجان السيف‏..‏ وذواقة القهوة يطلقون اسم القهوة المسربة دليل علي عدم جودتها‏,‏ والشاية هي القهوة التي لم تستوف الغليان‏,‏ والصايدة التي وقع فيها حشرة‏..‏ وجلسات القهوة فيها التعليلة وهي جلسة سمر‏,‏ وقهوة الفجر قهوة أصحاب الفكر‏,‏ وقهوة الصباح لأصحاب الكيف‏,‏ وقهوة العصر ود وطرب‏,‏ ويفضل عدم شرب القهوة عامة عقب الطعام مباشرة كي لا تتداخل مادة التنين الموجودة في البن سلبيا مع بعض مكونات الوجبة الضرورية للجسم مثل الحديد والكالسيوم فتقضي علي فائدتها‏.‏
والشرق شرب القهوة منذ القرن السادس عشر وبدخول العادة الجديدة تغير نسيج الحياة الاجتماعية‏,‏ فكانت القهوة تشرب في رواق اليمن بالجامع الأزهر في ليلتي الذكر الاثنين والخميس ويضعونها في إناء كبير من الفخار الأحمر‏,‏ وتبدأ طقوسها عندما يتولي النقيب تقديمها لأتباعه الأيمن فالأيمن‏..‏ ومن الأزهر انتقلت القهوة إلي بيوت الزهاد ثم الأهالي‏,‏ وانتشر بيعها في محال محيطة بالجامع سرعان ما تحولت إلي مقاهي‏..‏ وبعد شيوعها في القاهرة انتقلت إلي الأراضي الحجازية مع قوافل الحج‏,‏ ومن هناك نقل فكرتها التجار إلي بلاد الشام ثم إلي تركيا‏,‏ وفي ظل الدولة العثمانية ذهبت مع الأرمن واليونانيين إلي أوروبا‏.‏
و‏..‏ عرفت المقاهي طريقها إلي مصر بدخول الفرنسيين‏,‏ حيث نقل نابليون كثيرا من العادات الأوروبية التي أخذ بها المصريون‏,‏ واشتهرت مقاهي كان لها دورها في التاريخ الأدبي والسياسي منها مقهي متاتيا بالعتبة الخضراء الذي جلس عليه جمال الدين الأفغاني مع تلاميذه الذين تركوا أثرا كبيرا علي الحياة السياسية والثقافية في مصر ومنهم أحمد عرابي وعبدالله النديم ومحمود سامي البارودي وإبراهيم المويلحي ويعقوب صنوع‏,‏ وكان هناك شباب أصغر سنا ينصتون ويهابون الدخول في المناقشات منهم الإمام محمد عبده والزعيم سعد زغلول وقاسم أمين‏..‏ ولأننا ناس ليس لدينا إحساس لا بالتاريخ ولا بالجغرافيا فقد هدمنا المقهي وأزلنا المنزل الذي كان جزءا منه مع أنه كان دارا لمحمد بك الألفي الذي حكم مصر فترة قبل محمد علي‏..‏ ولعبت المقاهي دورا فنيا كبيرا ففيها ظهرت مواهب مصر الفنية كلها فغني علي رائحة القهوة كل من منيرة المهدية وفتحية أحمد وأم كلثوم وعبده الحامولي وسلامة حجازي وسيد درويش وعبدالوهاب‏,‏ أي أن المقاهي كانت حالة فنية كاملة ومصدرا لصقل المواهب وإجازة النابغين من الفنانين‏,‏ ومثال لأبرز الفنانين الذين غنوا علي مسرح كافيه ريش كانت كوكب الشرق أم كلثوم عام‏1923,‏ وكان ثمن تذكرة حفلها‏15‏ قرشا‏..‏ وانتشرت ظاهرة المقاهي الأدبية في مصر مع أواخر القرن التاسع عشر وبداية العشرين‏,‏ والسبب يرجع إلي المثقفين الذين تعلموا في باريس التي تتميز بمقاهيها الكثيرة ومن بينها المقاهي الأدبية‏,‏ ومن هؤلاء الذين تعلموا في باريس كان أحمد شوقي الذي أصبح دائم التردد علي مقهي صولت بعد عودته وامتد تأثير العادة الثقافية الباريسية إلي منصور فهمي‏,‏ ومحمود عزمي‏,‏ ولويس عوض ورمسيس يونان ومحمد مندور وأحمد الصاوي محمد‏,‏ وتوفيق الحكيم الذي كان في باريس يجلس علي الدوام في ركن قصي بمقهي السلام بميدان الأوبرا الباريسية وأراد أن يسجل يوما بعض الأفكار التي هبطت عليه لتوه فلم يشأ أن يغادر مكانه المفضل وآثر أن يكتبها علي رخامة الترابيزة أمامه‏,‏ واستأذن الجرسون ليعود في الصباح لنقلها علي الأوراق‏..‏ ومن الندوات الأدبية الشهيرة ندوة نجيب محفوظ كل يوم جمعة في قهوة كازينو الأوبرا في أوائل الخمسينيات التي كسرت عزلة محفوظ الاجتماعية والفكرية وجعلته يستشعر الأفكار الجديدة منذ بزوغها وقبل أن تصبح أفكارا سائدة‏,‏ وقد ساعده ذلك بلاشك علي تحقيق تطوراته المذهلة التي رأيناها في فنه الروائي خاصة بعد بداية ونهاية‏..‏ وفي تفسير لظاهرة المقاهي الأدبية أن السبب الرئيسي لها كان انتهاء عصر الصالونات الأدبية الكبيرة التي كان يقيمها الأثرياء في بيوتهم‏,‏ مثل ندوة الآنسة مي التي كانت تعقد في الثلاثينيات كل يوم ثلاثاء في بيتها‏,‏ وقبلها صالون أميرة الأسرة العلوية نازلي فاضل التي كان يتردد علي صالونها الإمام محمد عبده‏,‏ وقاسم أمين وسعد زغلول والعقاد‏,‏ وغيرهم من أعلام عصرهم‏,‏ ولم تعد مثل هذه الصالونات الراقية متاحة ولا ممكنة‏,‏ لأن أدباء الخمسينيات معظمهم من الطبقة الوسطي أو الفقيرة التي لا تملك فرصة إقامة صالونات في بيوت كبيرة واسعة‏.‏
وقبل ما يودعنا وقبل ما يمرض ويصمت وقبل ما كانت تسرقه منا سكة سفر طالت سببها خشية العودة إلي أرض الوطن حتي لا يضيق عليه المقام والخناق علي أرض الوطن الواسعة‏..‏ الكاتب الساخر الراحل محمود السعدني خريج المقاهي الأدبية والسياسية في مصر الذي قال إن القهاوي لعبت دورا مهما في تاريخ مصر وتاريخ الأدب فيها مثل قهوة القزاز بالسيدة زينب التي كان من روادها بيرم التونسي والناقد عبدالفتاح البارودي‏,‏ وقهوة عبدالله في ميدان الجيزة وروادها الكبار المعروفون رشدي صالح والمعداوي والقط وبابا شارو‏,‏ وشبان مثل نزار قباني‏,‏ وشبان أصغر مثل يوسف إدريس وصلاح عبدالصبور‏,‏ وقهوة أنديانا بالدقي ومن روادها الرئيس العراقي الراحل صدام حسين أيام ما كان طالبا في الجامعة المصرية‏..‏ وكانت القهاوي مثل الأندية يسهل التردد عليها وعضويتها‏,‏ لا مطلوب لها كارنيه ولا صورتك ولا حاجة‏,‏ إنما تقعد وتصفق ويجيء لك الجرسون وواحد سكر زيادة وفنجان علي الريحة وواحد مظبوط ولا أحد يقدر يكلمك‏,‏ وإذا اجتمع الأدباء صارت ندوة تثار فيها مناقشات حول قضايا يستفيد منها الشباب خاصة‏,‏ مثل قضية الشعر القديم والحديث‏,‏ وهل الفن للفن أم للحياة‏,‏ وقضية اللغة العامية أم الفصحي فقط‏..‏ وكان أول ظهور لصلاح جاهين علي القهوة ليحتضنه زكريا الحجاوي‏,‏ وكثير من الأدباء الذين اشتهروا ونضجوا فنيا وأدبيا وكانوا من نتاج ندوات المقاهي‏,‏ لا أحد يعرفك ولا أحد يمنعك‏,‏ عايز تسأل سؤالا اسأل‏,‏ وإذا وجدوا أنك صاحب سؤال ذكي التفتوا إليك واهتموا بك‏..‏ أين تجد ذلك الآن؟‏!..‏ ثم إن الناس كانوا لا يحدثون ضجيجا احتراما للأدباء الموجودين‏,‏ لا صوت عالي ولا زعيق أحسن الأدباء قاعدين‏,‏ وهم لا يعرفون أدباء يعني إيه‏,‏ يفتكرونا حكومة‏,‏ ناس عظام‏,‏ عليوي قوي بيتكلموا في حاجات غاية في الأهمية‏,‏ هل هذا موجود الآن؟‏!..‏ الزمن اختلف والمواصلات صعبة‏,‏ وكان يأتي لقهوة عبدالله في الجيزة ناس من شبرا والعباسية والسيدة‏,‏ وكان طاهر أبوفاشا يأتي من العباسية والساعة‏12.5‏ بعد منتصف الليل ليجد المواصلات سهلة ورخيصة وبقرش صاغ واحد يركب درجة أولي ويحط رجل علي رجل‏,‏ لا يوجد الآن شيء من هذا‏,‏ ولو عندك عربية تركنها فين‏,‏ ولا أقل من‏40‏ أو خمسين جنيه ليجلس عشرون أو ثلاثون علي أحقر قهوة الآن‏,‏ وكنا زمان آخر الليل لا يزيد حساب القهوة والمشاريب علي جنيه واحد لثلاثين زبون‏!!..‏
في كتاب وصف مصر الذي وضعه علماء الحملة الفرنسية كانت القاهرة تضم وقتها‏1200‏ مقهي بخلاف مقاهي مصر القديمة التي تصل إلي‏50,‏ بينما ترتفع مقاهي بولاق الفقيرة إلي‏100‏ مقهي بلا قناديل ولا مرايا ولا أثاثات اللهم إلا أرائك خشبية بامتداد الجدران وبعض الحصر المصنوعة من سعف النخيل‏..‏ الآن في سنة‏2010‏ وتبعا لإحصائية الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء بلغ عدد مقاهي الجمهورية‏50‏ ألف مقهي تحظي القاهرة وحدها بما يزيد علي‏10‏ آلاف مقهي تليها محافظة الجيزة ب‏5‏آلاف جميعها من الدلتا للشلال تحولت من منابر للوطنية وحوارات الرأي واكتشاف المواهب الفنية إلي خلايا للنميمة وشيشة قص وتفاح وحجرين معسل زغلول والسلوم وعادة ومحبوس وجلبهار واثنين مضبوط وواحد كعب عالي وطائفة البطالة والسباكين والمعمار‏..‏ وإذا ما كان مصطلح قهوة مضبوط ينادي به صبي الجرسون علي الناصبة في المقهي القاهري فاللفظ نفسه في الإسكندرية هو مترو‏,‏ وعلي حين يطلق في القاهرة قهوة سكر زيادة يقال في الإسكندرية الأجرك‏,‏ أما السادة فتسمي اسكتو وكوب الماء في المقهي الإسكندراني اسمه سوبرتيري‏,‏ والشيشة في مقاهي القاهرة يطلقون عليها في إسكندرية ارجلي‏,‏ والمية المثلجة سوبرتيري نارو‏!‏
و‏..‏ قهوة‏..‏ أنا أنا أهوي‏..‏ أسقيك بإيدي القهوة وأقعد معاك علي قهوة وأشرب أنا اكسبريسو أو نسكافيه أو كابتشينو وإن كنت أفضلها فرنش كافيه‏..‏ أسحب شفطة وتسحب شفطة ونصف العلاج لأعز الأحباب أربع فناجين قهوة بمثابة قرص فياجرا تبعا لأحدث مؤتمر في ريوي جانيرو إلي جانب أن تأثير الأربعة يجفف الدمع الهتون تبعا لكلام العالم الأمريكي برسكوت فام‏,‏ لأن مادة الكافيين الموجودة في البن لها تأثير مباشر وفعال علي القناة الدمعية فتجففها في الحال بدلا من اللجوء للقول السينمائي الشهير امسحي دموعك يا آمال‏!{‏
[email protected]
المزيد من مقالات سناء البيسى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.