أسفل كوبرى 15 مايو، وسط مئات الحوامل المعدنية فضية اللون، والمحملة بملابس مستعملة ذات ألوان زاهية وتصميمات فريدة، تتنوع ما بين الموديلات الفرنسية والبلجيكية وغيرها، ترقد فوق رصيف يفصل بين اتجاهى السير بشارع 26 يوليو، يقضى حسام الدين أحمد ذو ال33 عاماً ساعات عمله كبائع ملابس داخل منطقة وكالة البلح أشهر مناطق بيع الملابس المستعملة فى مصر أو ما يعرف بتجارة البالة. يروى حسام تاريخ المنطقة بقوله إن تجارة الملابس المستعملة فى القاهرة بدأت من شارع الأحمدين فى منطقة بولاق أبوالعلا فى ثمانينات القرن الماضى، ثم امتدت إلى شارع بولاق الجديد فى تسعينات القرن الماضى، لتنتقل إلى منتصف شارع 26 يوليو مع بداية الألفية الثالثة، وأخيراً تغزو الشوارع الجانبية على كورنيش النيل، لتطغى تجارة الملابس المستعملة على أحد أقدم الأسواق المصرية التى يطلق عليها وكالة البلح. حسام الدين، الذى يعمل فى تجارة البالة منذ أكثر من 22 عاما بشوارع الوكالة الثلاثة الرئيسية، يقول إن نشاط الوكالة التجارى تغير بمرور الوقت، حيث اشتهرت الوكالة فى بدايتها بتجارة البلح ومخلفات الجيش من بطاطين وبنطلونات وبلوفرات وفضلات الأقمشة، ومستلزمات السفن من الحبال والأوناش وأقمشة أشرعة المراكب، ولكن انقلب الحال مع بداية الثمانينات من القرن الماضى، وبدأت تغزوها تجارة الملابس المستعملة المقبلة عن طريق تجار بورسعيد. منذ ذلك الحين ذاع صيت الوكالة فى تجارة الملابس المستعملة، كما يحكى حسام الشاب الثلاثينى الحاصل على بكالوريوس تجارة، وبدأ العديد من المحال تغيير نشاطه إلى بيع الملابس المستعملة فيما عدا محلات قليلة ما زالت محتفظة بنشاطها القديم. يقبع «حسام» خلف بضاعته المعلقة على حوامل معدنية، ممتدة إلى نهر الطريق، تتنوع عليها الملابس ما بين ملابس الأطفال والحريمى، يبرر اختياره هذه النوعية من الملابس بأنها الأكثر رواجاً مقارنة بالملابس الرجالى، يعلو كل حامل منها لافتة صغيرة مدون عليها سعر موحد لجميع الملابس المعروضة عليه، وتوضع هذه الأسعار لتجنب عملية الفصال من النساء على حد تعبير البائع المتجول، وتحدد هذه الأسعار وفق استراتيجية معينة، يوضحها حسام حسب تدرجها فى البالة؛ يقول البائع إن «الكريمة»، فى إشارة إلى وش البالة التى تعتبر أجود ما فيها، تكون الأعلى سعراً، حيث يتراوح سعرها ما بين 40 إلى 60، حسب المنتج وحالته ونوعه، بينما باقى محتويات البالة يتم فرزها إلى نوعين أو ثلاثة حسب جودة الملابس الموجودة فيها، ويحدد سعر كل نوع حسب حالته. يدفع «حسام»، الذى يقف على الرصيف فى وسط شارع 26 يوليو، إيجاراً يومياً لمن يسيطر على المكان، قائلاً: «أدفع يوميا 50 جنيهاً مقابل الوقوف فى هذا المكان لمن يدعون أنهم أصحاب المكان»، موضحاً أنهم كبار التجار وأصحاب المحلات وبعض الفتوات الذين يفرضون سيطرتهم على شوارع الوكالة منذ عشرات السنين، فكل صاحب محل يسيطر على الرصيف القابع أمام محله ونهر الطريق الممتد أمامه، وبعضهم يقوم بتأجيره للباعة الجائلين، والبعض الآخر يقوم بعرض بضاعته مستغلاً زبون الشارع الذى يختلف عن زبون المحل، كما يقول حسام، موضحاً أن المحلات لها زبونها الخاص الذى يبحث عن الماركات العالمية الأكثر شهرة وحالتها تكون ممتازة، والشارع له زبونه الذى يبحث عن السعر الأرخص. ويصف الشاب الثلاثينى عملية البيع هذه الأيام ب«الضعيفة» قائلا: «الحال شبه واقف تماما مقارنة بأيام زمان، حتى يوم الجمعة كان فيه زبون حلو، وكان ربنا بيراضينا كويس، ولكن بسبب المظاهرات كل يوم جمعة، الناس بقت تخاف تنزل من بيتها فى اليوم ده أصلاً». عن بضاعته يقول إنها تصل إليه عن طريق تجار من بورسعيد أو بعض التجار الكبار فى الوكالة الذين يمتلكون بطاقة استيرادية، ويتمكنون من إدخال البالات إلى مصر، يشترى حسام الملابس بالكيلو، يقول إنه يبلغ 90 جنيها بالنسبة للقميص، ويختار حسام البالة كما يقول وهى مغلقة، يشاهد جوانبها فقط وألوانها وأنسجتها، ولذلك فالعمل فى مهنته يتطلب الخبرة، ثم تتم عملية فرز البالة داخل المخازن حسب الجودة وتذهب إلى المكواة، لتصبح جاهزة للعرض على الحامل للزبائن. ويرى حسام أن أحداث بورسعيد انعكست عليهم بصورة كبيرة وتوقفت خلالها عملية نقل البضائع من بورسعيد إلى القاهرة، وانعكس ذلك على جميع تجار الوكالة منذ أحداث مجزرة بورسعيد وحتى صدور الحكم، خاصة أن تجارة الملابس المستعملة تقدر ب 10% من سوق الملابس فى مصر، 70% من محلات الوكالة نشاطها يعتمد على الملابس المستعملة. أخبار متعلقة: بولاق «السلطان» أبوالعلا «ماسبيرو».. من هنا انطلقت الثورة ..وتوابعها "من بره هالله هالله": المبانى الراقية.. حزام يخنق أهالى بولاق كوبرى أبوالعلا .. "تفكيك" بعد 80 سنة "خدمة" «سوق قطع غيار السيارات».. من هنا يبدأ حلم «عبد الغفور البرعى» عشوائيات وأنقاض ومبان متهالكة وحكومة لا تتحرك أبداً .. المنطقة كلها آيلة للسقوط سينما الحى الشعبى.. 3 أفلام فى بروجرام واحد.. و20 مشاهداً فى حفلة بعد الظهر سيدى أحمد أبوالعلا .. سلطان المتصوفين وحامى حمى بولاق «إسطبل الملك» .."متحف للمركبات الملكية" ب"فرمان الخديو" مثلث "ماسبيرو" :النيل أمامكم ..والأبراج خلفكم.. والسكان تحت أقدامكم