«الدبابات هتكتر.. والكترة غلابة.. والقلب لو مؤمن.. ولا ألف دبابة.. هايقولوا مات كريستى.. قولهم لأ عاش.. الجنة ولا فيها موت.. ولا تتدخل ببلاش».. كلمات دونها محمد حسين قرنى، فى يوم ذكرى جمعة الغضب من عام 2012، بصفحته على «الفيس بوك» حينما كان يتولى المجلس العسكرى حكم البلاد.. كتبها وكان يشعر بكل حرف وكلمة.. كتبها وهو يتمنى الموت لأنه يعلم أن ذاك الموت حياة. عُرف عن محمد أو «كريستى» كما يحب أن يناديه أصدقاؤه بثوريته، فهو ذاك الشاب الذى نزل مع شرارة الثورة الأولى فى الخامس والعشرين من يناير ليزيح نظام «مبارك» ويسقطه، وذاك الشاب الذى عارض حكم العسكر.. ونزل يحمل روحه على كفه.. حتى غادر العسكر، عارض الإخوان بشدة وأنشأ صفحة «إخوان كاذبون» على «الفيس بوك» وواصل مسيرته.. حتى توارى جسده واندثر. هو الشاب الذى ولد فى 22 أكتوبر من عام 1989، ولم يمهله القدر أن يكمل دراسته للتجارة بجامعة القاهرة، لم يمهل أسرته التى كانت قبل وفاته تتكون من ثلاثة أبناء وأب وأم. على صفحته بموقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» كان يعارض بشراسة، كان يتحدث بطلاقة.. كان يتمنى الشهادة.. لم تهدأ تدويناته فى كل حدث.. لم تهدأ دعواته لتصحيح مسار الثورة.. الآن هدأت ولم يبق سوى ما كتب من تدويناته. مفارقة غريبة.. «كريستى» أيد الرئيس محمد مرسى فى الانتخابات الرئاسية فى جولة الإعادة، وكتب على صفحته تدوينة يهنئ فيها الرئيس مرسى قائلاً: «ألف مبروك أمرسى ويارب تنجح وتبقى قد المسئولية ولتعلم أن لك معارضة شرسة، لن تسكت على أى خطأ وستعارضك بشراسة ولكن فى الحق». سرعان ما تتحول تهنئة «محمد» على فوز الرئيس إلى معارضة شرسة -كما وصفها فى تدوينته- ويعترض على قرارات الرئيس وطريقة إدارته لمصر، بجانب معارضته الشديدة لجماعة الإخوان المسلمين وظهر ذلك فى تدوينات كثيرة: يتحدث عن البلاك بلوك قبل جمعة الخلاص فى 2013، قائلا: الفكرة قاتلة ومرعبة للإخوان المسلمين لأنهم لم يكن يتخيلوا أن يكون هناك فى مصر كتلة منظمة تواجههم.. كتلة عندها الاستعداد لأى اشتباكات.. كتلة لحماية الميدان.. كتلة لحماية الثورة.. كتلة بتساعد الناس.. بتنقذ المتظاهرين وتنقل المصابين.. كتلة عبارة عن فكرة. عن معارضة المظاهرات فى عهد الرئيس مرسى قائلاً: «لكل الناس اللى بتقول على حرق المدرعات وقطع الطرق إرهاب وبلطجة.. . الأفعال دى ساعة مبارك كانت بالنسبة ليكوا ثورة.. .ولا عشان دا رئيسكم». فى يناير 2012 كان يعارض بشدة المجلس العسكرى ودوّن: «اسم المهمة: إنهاء الحكم العسكرى لمصر.. المكان: ميدان التحرير وكل ميادين مصر والزمان: 25 يناير والطريقة: سلمية والمنفذ: ثوار مصر وأسلحتنا: الإيمان بالثورة والإصرار على استكمالها».. .. «عسكر عسكر صح النوم بكرة عليك الثورة تقوم» فى شهر فبراير 2012 كتب: «إلى الراحل جلال عامر.. .كلمة فى أذنك قبل التشييع.. .نرجوك جميعاً.. ألا تخبر الشهداء بأننا عاجزون.. .بل أخبرهم بأننا قادمون».