عيونهن لا تعرف الانكسار، وقلوبهن تتعهد بالقصاص، لا يمتلكن سوى الصمود، ولم يأخذهن طوق الحياء، ليؤثر على رغبتهن في فضح الاعتداءات الجنسية والتحرشات الجماعية التي تختلسهن، وتخترق التظاهرات والاحتجاجات في ميادين الثورة المشتعلة، ليكشفن عن الأيدي العابثة لتدنيس الثورة. فبعد صدور تصريحات لبعض القوى المناهضة للتحرش توضح وجود حالات تحرش جماعي في ميدان التحرير أثناء الذكرى الثانية للثورة، قامت بعض الضحايا بنشر قصصهن المفجعة مع التحرش علي مواقع التواصل الاجتماعي. صرحت سلمى شامل، إحدي المتطوعات في مجموعة "ضد التحرش"، انضمت منذ أحداث الاغتصاب الجماعي الذي وقعت في نوفمبر 2011، في ذكرى محمد محمود، " كنت فاكرة نفسي فاهمة ومستوعبة تفاصيل الاغتصاب الجماعي الممنهج، الذي يحدث في التحرير، وإني على الأقل مهيئة ذهنيا، وإني لازم اتصرف بهدوء وحكمة، بس في الحقيقة الموضوع كان خارج قدرتي تماما". وتروي سلمي تفاصيل التحرش الجماعي الذي وقع لها في ميدان التحرير في ذكرى الثورة عبر صفحتها الخاصة علي موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، "في 25 يناير 2013، وصلت غرفة العمليات التي يتم فيها تحضير الإسعافات واستقبال المكالمات، وينقسم فريق العمل لمجموعات مختلفة، مجموعات الميدان، وهم المجموعات الذين يقومون بتوزيع (فلايرز) تطلب من المتواجدين في الميدان الاتصال إثر وجود أي حالة تحرش جماعي، ومجموعات إنقاذ تتدخل بين الجموع وتحاول إنقاذ الضحية، ومجموعات الأمان والتي توفر الأمان للفتيات وتقديم الإسعافات الأولية". وأكملت سلمى "وفي تمام السابعة رن جرس التليفون ليعرب عن استغاثة عند مجمع التحرير، هرولت مسرعة حاملة حقيبة الإنقاذ التي تحتوي على إسعافات وملابس، ومعي اثنين من المتطوعين، ولد وفتاة، وعند وصولنا لم نجد شيئا، ولكن في نفس الوقت، علمنا بوجود حالة أخري عند أحد المطاعم، وعند وصولنا إذا بتجمع كبير وصراخ وأعداد مهولة علي الرصيف، وقتها تيقنت أن الضحية وسط هذا الجموع، وحاولت الوصول إلي الضحية، وبالرغم من تحذيرات بعض المتواجدين، التي لم نستوعبها، بعدم الدخول حتى لا نلقى نفس المصير، إذا بعشرات الرجال تتدافع للوصول إلينا". وتضيف "كنت متخيلة أن رد فعلي وصراخي هيفرق في حاجة، وظلت أصرخ مع إني عارفة إن الصراخ لا يفيد بشيء، فالمتحرشون لم يفرق معهم صراخي، ولم يخافوا من الفضيحة لأنهم الكثرة، وفي مشهد مروع لا تستطيع الكلمات وصفه، حاولت رفيقتي، التي مرت بتلك المأساة من قبل، أن تهدأ من روعي وقالت لي (إحنا بيتم الاعتداء علينا، وأهم حاجة إننا نفضل مع بعض مهما حصل)، وكانت تحاول طمئنتي قائلة(هنطلع متخافيش إحنا مع بعض) وأخذت تكرر هذه الجملة، وانتهى هذا المشهد المفجع، عند إشعال النيران بواسطة "إسبراي" لتتفرق الجموع كالحشرات". "محاولة إرهابنا مش هتنفع، غضبنا و إصرارنا سيتضاعف، أنا آسفة لكل بنت عدت بأي حادثة شبيهة، وحياتكم ما هنسكت"، بتلك الكلمات أنهت الضحية قصتها عبر صفحتها الشخصية علي موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" .