محافظ الإسكندرية يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي (صور)    آخر تحديث لسعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري.. وصل لكام؟    «التضامن»: ضم فئات جديدة لمعاش تكافل وكرامة قبل نهاية سبتمبر المقبل    تفاصيل أعلى عائد على شهادات الادخار 2024 في مصر    البيت الأبيض: لا نريد احتلالا إسرائيليا لقطاع غزة    عاجل.. لحظة اغتيال القيادي بحماس شرحبيل السيد في قصف إسرائيلي    إحالة 12 متهما من جماعة الإخوان في تونس إلى القضاء بتهمة التآمر على أمن الدولة    رئيس مجلس الدولة: الانتخابات الحالية بداية جديدة للنادي    كرة يد.. الأهلي 26-25 الزمالك.. القمة الأولى في نهائي الدوري (فيديو)    طقس ال72 ساعة المقبلة.. «الأرصاد» تحذر من 3 ظواهر جوية    التصريح بدفن جثة تلميذ غرق بمياه النيل في سوهاج    شيرين تهنئ عادل إمام بعيد ميلاده: «أستاذ الكوميديا اللي علم الناس الضحك»    أشرف غريب يكتب: أحد العظماء الخمسة وإن اختلف عنهم عادل إمام.. نجم الشباك الأخير    الاستعدادات الأخيرة ل ريم سامي قبل حفل زفافها الليلة (صور)    النيابة تأمر بانتداب المعمل الجنائي لبيان سبب حريق قرية «الحسامدة» في سوهاج    جداول قطارات المصيف من القاهرة للإسكندرية ومرسى مطروح - 12 صورة بمواعيد الرحلات وأرقام القطارت    وزير الاتصالات يبحث مع سفير التشيك تعزيز التعاون بمجالات التحول الرقمي    أوكرانيا تسعى جاهدة لوقف التوغل الروسي فى عمق جبهة خاركيف الجديدة    استمرار تراجع العملة النيجيرية رغم تدخل البنك المركزي    بعد غلق دام عامين.. الحياة تعود من جديد لمتحف كفافيس في الإسكندرية (صور)    طيران الاحتلال يغتال القيادي بحماس في لبنان شرحبيل السيد «أبو عمرو» بقصف مركبة    فيديو.. المفتي: حب الوطن متأصل عن النبي وأمر ثابت في النفس بالفطرة    مدير إدارة المستشفيات بالشرقية يتفقد سير العمل بمستشفى فاقوس    حسام موافي يوضح أعراض الإصابة بانسداد الشريان التاجي    توخيل يؤكد تمسكه بالرحيل عن بايرن ميونخ    "بموافقة السعودية والإمارات".. فيفا قد يتخذ قرارا بتعليق عضوية إسرائيل    بريطانيا تتهم روسيا بتزويد كوريا الشمالية بالنفط مقابل السلاح    4 وحدات للمحطة متوقع تنفيذها في 12 عاما.. انتهاء تركيب المستوى الأول لوعاء الاحتواء الداخلي لمفاعل الوحدة الأولى لمحطة الضبعة النووية    عمر الشناوي حفيد النجم الكبير كمال الشناوي في «واحد من الناس».. الأحد المقبل    عمرو يوسف يحتفل بتحقيق «شقو» 70 مليون جنيه    سوليفان يزور السعودية وإسرائيل بعد تعثر مفاوضات الهدنة في غزة    علماء الأزهر والأوقاف: أعلى الإسلام من شأن النفع العام    تاتيانا بوكان: سعيدة بالتجديد.. وسنقاتل في الموسم المقبل للتتويج بكل البطولات    "بسبب سلوكيات تتعارض مع قيم يوفنتوس".. إقالة أليجري من منصبه    دعاء آخر ساعة من يوم الجمعة للرزق.. «اللهم ارزقنا حلالا طيبا»    الوضع الكارثى بكليات الحقوق    محافظ أسيوط ومساعد وزير الصحة يتفقدان موقع إنشاء مستشفى القوصية المركزي    رئيس جهاز دمياط الجديدة يستقبل لجنة تقييم مسابقة أفضل مدينة بالهيئة للعام الحالي    «تقدر في 10 أيام».. موعد مراجعات الثانوية العامة في مطروح    موعد عيد الأضحى المبارك 2024.. بدأ العد التنازلي ل وقفة عرفات    وزارة العمل تعلن عن 2772 فُرصة عمل جديدة فى 45 شركة خاصة فى 9 مُحافظات    مساندة الخطيب تمنح الثقة    أحمد السقا: يوم ما أموت هموت قدام الكاميرا    فريق قسطرة القلب ب«الإسماعيلية الطبي» يحصد المركز الأول في مؤتمر بألمانيا    «المرض» يكتب النهاية في حياة المراسل أحمد نوير.. حزن رياضي وإعلامي    المقاومة الإسلامية في العراق تقصف هدفا إسرائيليا في إيلات بالطيران المسيّر    بالصور- التحفظ على 337 أسطوانة بوتاجاز لاستخدامها في غير أغراضها    قافلة دعوية مشتركة بين الأوقاف والإفتاء والأزهر الشريف بمساجد شمال سيناء    في اليوم العالمي ل«القاتل الصامت».. من هم الأشخاص الأكثر عُرضة للإصابة به ونصائح للتعامل معه؟    أوقاف دمياط تنظم 41 ندوة علمية فقهية لشرح مناسك الحج    إحباط تهريب راكب وزوجته مليون و129 ألف ريال سعودي بمطار برج العرب    الاتحاد العالمي للمواطن المصري: نحن على مسافة واحدة من الكيانات المصرية بالخارج    سعر جرام الذهب في مصر صباح الجمعة 17 مايو 2024    «الإفتاء» تنصح بقراءة 4 سور في يوم الجمعة.. رددها 7 مرات لتحفظك    أحمد سليمان: "أشعر أن مصر كلها زملكاوية.. وهذا موقف التذاكر"    بعد حادثة سيدة "التجمع".. تعرف على عقوبات محاولة الخطف والاغتصاب والتهديد بالقتل    «الأرصاد»: ارتفاع درجات الحرارة اليوم.. والعظمى في القاهرة 35 مئوية    استشهاد شاب فلسطيني برصاص الاحتلال الإسرائيلي شمال الضفة الغربية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. مصطفى الفقى: مصر دولة عصيّة على السقوط وأداء «السيسى» بعد عامين من حكمه «مرضٍ»
نشر في الوطن يوم 28 - 05 - 2016

حادث الطائرة المنكوبة مؤلم.. ويؤسفنى شماتة البعض لأن هذه جريمة ضد الإنسانية.. وأميل إلى فرضية العمل الإرهابى.. وتأخر الطائرة فى باريس نصف ساعة وسقوطها داخل مصر يوحى بوجود قنبلة زمنية كان مقرراً انفجارها فى مطار القاهرة
الاقتصاد المصرى لن ينهار.. لكنه سيظل دائماً شاحباً ومعوقاً ما لم نتمكن من تغطية العجز فى الميزانية
هناك محاولات للتضييق على نظام «السيسى» وحرمان المصريين من التعبير الحقيقى عن إرادتهم.. «مصر بالطبع مستهدفة»

فى ظل أوضاع محلية ودولية مرتبكة، وحصار مفروض على مصر من بعض الدول الكبرى حتى وإن لم يكن هذا معلناً، ومحاولات لإعاقة تقدم مصر، يكتسب الحوار مع الكاتب والمفكر السياسى الدكتور مصطفى الفقى، أهمية خاصة، ليس فقط لقدرته على تحليل الأحداث، وإنما لغزارة معلوماته وتحليلاته التى قلَّما تتوافر لآخرين، وهو كمفكر يعرف أهمية المعلومة للوصول إلى تحليل دقيق تترتب عليه رؤى مستقبلية تقترب من الواقع إلى حد كبير.
المفكر السياسى الكبير ل«الوطن»: لم أجد نفسى فى دعوات الرئاسة للمفكرين والمثقفين فقررت تثقيف ذاتى حتى أكون أهلاً للدعوة
ومن خلال حوار «الوطن» مع «الفقى» حاولنا قراءة المشهد المصرى الحالى داخلياً وخارجياً، وقال المفكر السياسى إن مصر ليست دولة عرجاء وإنها عصية على السقوط، وكلمة «شبه الدولة» التى قالها الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى أحد اللقاءات، كانت صادمة، لافتاً إلى أن هناك محاولة لحصار تقدم مصر وتعويق مسيرتها فإنهم يريدون لمصر «ألا تسقط نهائياً وألا تتقدم».
وتحدث «الفقى» عن حادث الطائرة المنكوبة متعجباً من شماتة البعض لأن هذه جريمة ضد الإنسانية، وفى ظل الظروف الحالية التى نعيشها والحصار المضروب علينا فإنه يميل إلى فكرة إسقاط الطائرة بعمل إرهابى متعمد.
ويرى المفكر السياسى أن «السيسى» كان بارعاً وذكياً ومتألقاً عندما وجه أفكاره الأخيرة حول إمكانية حل الصراع العربى الإسرائيلى، فهو تجديد لمفهوم الخيال السياسى الذى يفتقده المصريون دائماً، وأشار إلى أن القضاء على الإرهاب لن ينتهى إلا بالحزم وتنفيذ الأحكام الرادعة.
كما تحدث مصطفى الفقى عن وضع الاقتصاد المصرى، وطرق معالجته، وعلاقة مصر بدول الخليج حالياً، وأن اختيار السفير أحمد أبوالغيط، أميناً عاماً للجامعة العربية، كان تطبيقاً للإرادة المصرية، مشيداً بدور وزير الخارجية عند اعتراض «قطر» على «أبوالغيط».
وإلى نص الحوار:

■ كيف تابعت حادث الطائرة المنكوبة؟
- حادث مؤلم وموجع وأعتقد أن كل أبناء الشعب المصرى بلا استثناء شعروا بالألم والحزن للشهداء والمفقودين، والأمر كان صدمة حقيقية، وأنا شخصياً منذ ذلك اليوم لا أنام نوماً مستريحاً، ويؤسفنى أن البعض أبدى شماتة، وأقول للمختلفين معنا فى الآراء السياسية، إن الدوافع الدينية لا تحرك إنساناً أبداً ليبدى رضاه أو سعادته عما حدث، لأن هذه جريمة ضد الإنسانية، وضد كل المعانى النبيلة فى حياة الناس.
هناك محاولة لحصار تقدم مصر وتعويق مسيرتها.. «هم يريدون لمصر ألا تسقط وألا تتقدم»
■ أى الفرضيات أقرب من وجهة نظرك؟
- لا نعرف حتى الآن ماذا حدث، وسوف تكشف الأيام بالتأكيد ولو بعد حين، هل كان نتيجة تفجير داخلى، هل كان نتيجة خطأ فنى، هل كان نتيجة خطأ بشرى، أم كان نتيجة أحوال جوية، وأنا شخصياً فى ظل الظروف الحالية التى تعيشها مصر والحصار المضروب علينا، أرى أن القرائن تشير إلى أنها عملية إرهابية متعمدة، وأنا أميل إلى ذلك.
■ لمصلحة من يتم إسقاط الطائرة المصرية، وما الاستفادة من ذلك، خاصة أن مصر تنحصر مسئوليتها فى ملكية الطائرة فقط؟
- عندما كانت العلاقات المصرية الروسية فى ربيعها، حدث تفجير الطائرة الروسية، وعندما بدأت العلاقات بربيع آخر بين مصر وإيطاليا، حدث موضوع الباحث الإيطالى جوليو ريجينى، والآن عندما بدأت العلاقات مع فرنسا تتنامى كما لم يحدث فى التاريخ من قبل سواء علاقات عسكرية واقتصادية وسياسية ودعم شديد من جانب فرنسا لكل سياساتنا، حدثت هذه الحادثة، ففى هذا السياق لا بد أن أتصور أن هناك أصابع شريرة تقف وراء هذا العمل الجبان.
■ هناك تسجيلات وأخبار تم إذاعتها فى وسائل أجنبية، كيف تراها؟
- هناك بعض الأهداف فى مثل هذه الوقائع، أولاً شركات تصنيع الطائرة تريد الخروج منها وأنه لا يوجد عيب فنى فى الطائرة، ثانياً إذا افترضنا أن هناك دخاناً وأن هناك تسجيلاً صوتياً، كل هذا يمكن أن يمضى مع فكرة العمل الإرهابى، فإن العمل الإرهابى من الممكن أن يكون بالتأثير على أى جزء من أجزاء الطائرة، أو العبث بها، فهل جرى اقتحام الكابينة من مجموعة إرهابية لتفرض عليه السقوط، لا أعلم، ولكننى أشك أن يكون هذا حدث، لأن سقوط الطائرة حدث بعد مرور 4 ساعات طيران، وكانت بدأت فى الاقتراب من المجال الجوى المصرى، وهنا يوجد سؤال آخر، فإن الطائرة سقطت بعد دخول المجال الجوى المصرى، وكانت قد تأخرت نصف ساعة فى مطار باريس، فإن هذا يمكن أن يوحى بأنه كان هناك قنبلة بتوقيت زمنى، وكان المفترض أن تنفجر فى مطار القاهرة، فربما كان هذا وارد، وكلها تكهنات، وعلى كل حال الطائرة لم تكن مقبلة من باريس فقط، فكانت قبل ذلك فى تونس، وإحدى الدول الأفريقية، وبالتالى هى رحلة طويلة يمكن أن يكون حدث فيها عبث.
مطلوب أن تظل مصر دائماً فى حاجة للقروض الأجنبية والمعونات العربية والدولة لن تبنى إلا بتجربة مصرية خالصة.. وهذا ما يسعى إليه «السيسى»
■ لماذا تحدث الجميع عن تأمينات مطار شرم الشيخ أثناء أزمة الطائرة الروسية، أما فى هذا الحادث لم يتم التحدث بنفس الطريقة عن مطار شارل ديجول؟
- هم دائماً مصدقون، ونحن دائماً فى ذهن العالم الكاذبون المهملون، وهذا نمط شخصى التصق بنا، وهو نفس الأمر الذى يخص الشاب الإيطالى، فقد لا يكون للأمن المصرى أى صلة بالموضوع، وأنا أميل إلى هذا، ولكن لأن الأمن المصرى متهم دائماً ببعض التجاوزات، فإن مثل هذه الأمور تُلصق به، وعلى كل حال لم يثبت حتى الآن أنه عمل إرهابى، وإذا ثبت أنه عمل إرهابى، سوف تكون هناك إدانة لسلطات مطار شارل ديجول بكل المعانى.
■ هل تؤيد نظرية المؤامرة؟ وإن وجدت مَن المتورط فيها ضد مصر؟
- لا توجد مؤامرة، ولكن هناك محاولة لحصار تقدم مصر وتعويق مسيرتها، وأعتقد أن هناك قوى كثيرة تحالفت علينا لأن من مصلحتها ألا تتقدم مصر، فإنهم يريدون لمصر ألا تسقط نهائياً وألا تتقدم، وقد يكون لجماعة الإخوان والمتعاطفين معهم، دور فى تحريك بعض الحكومات فى هذا الاتجاه.
■ هل ما زال هذا قائماً حتى الآن؟
- أعتقد أن الإخوان لهم دور فى تحريك بعض الحكومات، وأرى أن هذا ما زال قائماً، فمثلاً أزمة الدولار، هى أزمة اقتصادية مفتعلة، فقد دخل طرفاً على تحويلات المصريين فى الخارج، وبدلاً من أن تمر من خلال البنوك، جعلها تمر من خلال مكاتب الصرافة والأشخاص، فحرم مصر من 20 مليار دولار كانت تدخل مصر سنوياً، فقفز سعر الدولار بالطريقة التى نراها، لتقفز الأسعار تلقائياً، حتى يضج الناس ضد نظام السيسى، وهى محاولة للتضييق على نظام السيسى، وحرمان المصريين من التعبير الحقيقى عن إرادتهم، فمصر بالطبع مستهدفة.
■ التحالف الخاص بالدول الخارجية ضد مصر، هل حباً فى الإخوان، أم أنه مطلوب ألا ينجح السيسى؟
- لا.. ليس حباً فى الإخوان، فإنهم يستخدمون الإخوان كمبرر لتنفيذ ما يريدون، فمن صالح دولة مثل إسرائيل، أن تظل مصر مكبلة بمشكلاتها، وغارقة فيما هى فيه، ومن صالح كثير من القوى الإقليمية فى المنطقة نفس الاتجاه، والولايات المتحدة الأمريكية لم تبتلع حتى الآن ما فعلته مصر فى 30 يونيو، ويرون أن ما حدث هو خروج عن العباءة الأمريكية التى كانت قد مهدت لهيمنة إسلامية تركية على المنطقة، فى ظل علاقات قوية مع الولايات المتحدة الأمريكية، لأن أوباما جاء للحكم ولديه نظرة، بأنه لا يفل الحديد إلا الحديد، بمعنى لا يوقف الإرهاب الإسلامى إلا الاعتدال الإسلامى، وتصور أن جماعة الإخوان هى النموذج لذلك، فمضى فى هذا الطريق، فكانت أحدث 30 يونيو 2013 ضربة قاسمة لم يكن يتوقعها أوباما أو نظامه، وبالتالى الآن أوباما كما قيل لى يكاد يريد ألا يسمع اسم مصر، مهما قيل، والإدارة الأمريكية تتعامل مع مصر فى حدود الحاجة إلى مصر، وأعتقد أن الرئيس السيسى كان بارعاً وذكياً ومتألقاً، عندما وجه أفكاره الأخيرة حول إمكانية حل الصراع العربى الإسرائيلى، وإحداث الاستقرار فى المنطقة، بعد المصالحة العربية الفلسطينية.
قيل لى: «أوباما» لا يريد سماع اسم مصر لأن «30 يونيو» ضربة قاصمة لم يكن يتوقعها هو أو نظامه.. و«السيسى» كان بارعاً وذكياً عندما وجه أفكاره الأخيرة نحو إمكانية حل الصراع العربى الإسرائيلى.. وهو تجديد لمفهوم الخيال السياسى الذى يفتقده المصريون
■ لماذا ترى أن الرئيس كان بارعاً فى طرح هذه المسألة؟
- لأنه يريد أن يقول بوضح إن مصر هنا ودورها الإقليمى لا ينقطع وهى التى تحتاجونها عند اللزوم وهى القادرة على المهام المطلوبة لصالح المنطقة وأنها مصر القائدة فى الحرب والرائدة فى السلام، وفى رأيى أن هذا كان واحداً من أذكى قرارات عبدالفتاح السيسى على امتداد العامين، وفى رأيى أنه تجديد لمفهوم الخيال السياسى، الذى يفتقده المصريون دائماً، والقدرة على التصور واستشراف المستقبل وطرح بدائل، والخروج عن المألوف، فقد كان السيسى موفقاً للغاية، وأنا أحد الذين تحمسوا لما قال، لأنه لا تتخيل صدى تعامل مصر مع قضية السلام وتأثيره دولياً، فإنه يشد الأسماع والأبصار، مثلما حدث فى عصر الرئيس السادات، والكل يدرك أنه لا تستطيع دولة أخرى أن تقوم بهذا الذى تقوم به مصر.
■ وهل مصر قادرة على حل هذه القضية الآن وفى ظل الظروف الحالية؟
- بالتأكيد.. وقد قيل بعدها إن وفدين من فتح وحماس سيحضران إلى القاهرة، وإذا تمت المصالحة الفلسطينية، وأصبح لدينا وفد فلسطينى موحد واتجهنا للتباحث، فقد يكون الأمر وارداً.
■ هل الأجواء الدولية مهيأة الآن لقبول مثل هذا الاتفاق؟
- الأجواء مهيأة دائماً لأى اتفاق يمكن أن يضمن أمن إسرائيل.
■ والسؤال هنا.. هل تقبل إسرائيل؟ ولماذا؟
- تقبل.. لأن إسرائيل يسيل لعابها صباح مساء إلى أموال الخليج، وهى ترى أن السلام الآن لن يكون بين مصر وفلسطين والأردن وإسرائيل، وإنما سيكون مع العالم العربى كله، والسعودية تكاد تكون دولة حدود الآن بعد موضوع تيران وصنافير، إذا تم، وبالتالى لديهم تصور كبير لإمكانية التعامل مع دول الخليج، وهناك دول لن تمانع فى ذلك، نعرفها جميعاً.
■ هل مصر قادرة على أن تغض الطرف مع حماس عن دورها فى العمليات الإرهابية؟
- أعتقد أن ذلك ممكن جداً، فإن الحمساويين يتراجعون الآن فى أى مواقف ضد مصر، ويرون أنها الداعم، وأنا تلقيت مكالمة من محمود الزهار، المتحدث باسم حماس، وكان وزير خارجية فلسطين، وقال لى إن الهجمة علينا ليس لها مبرر، وأن حماس حريصة على مصر وسلامتها، وإذا كانت لنا انتماءات مع الإخوان، فإنها انتماءات فكرية قائمة منذ عشرات السنين.
لا أعتقد أن البرلمان سيرفض اتفاقية ترسيم الحدود.. وكنت اتمنى عدم إثارة موضوع الجزيرتين أثناء زيارة سلمان
■ لكن هناك عمليات كبيرة حدثت وثبت ضلوع حماس فيها، مثل اغتيال النائب العام؟
- بالطبع ثبت صلتهم، ولا أستطيع أن أقول إن الحمساويين ملائكة، وهم كانوا يتمنون لو استمر نظام الرئيس الأسبق محمد مرسى، وأن يستمر حكم الإخوان لمصر، فإنهم فصيل عسكرى وسياسى من جماعة الإخوان، وأنا لا أنسى عندما كنت عضو مجلس شعب فى 2007 وحدث الاضطراب بين فتح وحماس، كيف كان أعضاء مجلس الشعب من الإخوان ال«88 نائباً» يقاتلون ببسالة وباستماتة شديدة من أجل الدفاع عن حماس التى كانت تلقى بالناس فى هذا الوقت من الأدوار العليا.
■ كيف ترى موقف جماعة الإخوان حالياً؟
- أعتقد أنه موقف غير ذكى على الإطلاق، وأنهم ينتحرون على المدى الطويل، نعم إنهم يوجهون ضربات موجعة للنظام فى مصر، بحصار اقتصادى وتلاعب فى العملات، وعمليات إرهابية، قد لا يقومون هم بها، ولكنهم يباركونها، وأذكّر الجميع بما قاله محمد البلتاجى فى رابعة، لو أوقف كل شىء سوف تتوقف العمليات فى سيناء فوراً، وهو ما يبين العلاقة المباشرة بينه وبين هؤلاء، فالإخوان هى الحركة الأم فى تاريخ الإسلام السياسى كله، وبالتالى أى جماعات حتى المتطرفة تدين لها فى الأعماق بنوع من الولاء، وتشعر أنه لا بد من الثأر من النظام القائم فى مصر ومن الرئيس السيسى، وليس يعنيهم إرادة الشعب المصرى ولا رغبته، وما يعنيهم فقط أنهم كانوا يحكمون، وكانوا يتوقعون أن يحكموا 500 سنة كما قالوا فى لقاء مع الرئيس السيسى عندما كان وزيراً للدفاع.
إيقاع مبارك كان بطيئاً.. لكننى لا أحب كلمة «المخلوع» لأنه توصيف غير سياسى .. و«الإخوان» ينتحرون على المدى الطويل.. والقضاء على الإرهاب يحتاج إلى عزم وتنفيذ الأحكام الرادعة
■ متى تتوقف العمليات الإرهابية؟
- أعتقد أن الأمر سيأخذ بعض الوقت، وعلينا أن نعود أنفسنا على ذلك، لأن الضحايا كثيرون، ومواكب الجنازات تتوالى، والقلب يعتصر على الذين يموتون، ومعظمهم من فقراء مصر، من الطبقة المتوسطة فما دونها، من الجنود ورجال الشرطة الصغار، وهو ما يوجع أكبادنا جميعاً، ويشعرنا أن الذى يفعل ذلك لا ينتمى لمصر ولا يجب أن ينتمى لمصر على الإطلاق، وأعتقد أنه لا بد من الحزم، فلن ينتهى الأمر إلا بالحزم وتنفيذ الأحكام الرادعة.
■ لكن المواجهة لن تكون أمنية فقط؟
- نعم.. فإنها مواجهة أمنية وسياسية وفكرية، وخطاب سياسى خارجى قوى، وكل هذا نحتاج له.
■ كيف ترى تجديد الخطاب الدينى وأهميته فى مواجهة الجماعات الإرهابية والأفكار المتطرفة؟
- هذا الموضوع رغم أهميته، فإنه سوف يتحرك ببطء تماماً، لأن هذا الموضوع يثار منذ فترة طويلة، فالخطاب الدينى جزء من الخطاب السياسى والثقافى والخطاب العام فى حياتنا، ولن يقوم به الأزهر ولا الكنيسة أبداً، فالخطاب الدينى يحتاج إلى نظام تعليمى مختلف، وإلى منظومة ثقافية مختلفة، وإلى توجهات إعلامية تختلف عما نراها الآن، وتغيير مدخلات العقل المصرى، لتخرج الخزعبلات ويدخل العلم، الذى دعا إليه الدين، فالإسلام جعل التفكير فريضة إسلامية، فلماذا نذهب بعيداً، وعندى أمل فى الشباب، فمثلاً الدكتور أسامة الأزهرى، أنا أنظر إليه بكثير من الارتياح، فيما يكتب وما يقول، وأعتز بأنه يمكن أن يكون هو وزملاؤه موجات جديدة لأجيال واعية تشدنا إلى الأمام تعيد إلينا أمجاد التجديد فى روح الإسلام مثلما فعل الإمام محمد عبده.
■ هل الأزهر قادر على تجديد الخطاب الدينى؟
- لابد أن أقول إننى أثمن كثيراً تحركات شيخ الأزهر الأخيرة، خصوصاً فى جولته الأفريقية، وزيارته التاريخية للفاتيكان، وبهذا المعنى نريد أن يفسح صدره وأن يفتح أبوابه، لكل القوى والتيارات السياسية فى البلاد، وأنا شخصياً شاركت فى مرحلة معينة، فى وثيقة الأزهر التى صاغها الدكتور صلاح فضل، وكانت وثيقة رائعة يجب أن نعتز بها وأن نتمسك بها تماماً.
■ لكن البعض يرى أن هناك تيارات داخل الأزهر ترفض التجديد؟
- ربما الأزهر بوضعه الحالى يحتاج إلى إعادة ترتيب البيت، وأظن أن شيخ الأزهر يسعى إلى شىء من ذلك، ولابد من فتح الأبواب والنوافذ حتى يتحول الأزهر إلى قلعة للحرية وللتفكير العصرى وتقديم الإسلام الوسطى الصحيح، وهذا الأمر يحتاج إلى جهد كبير وليس الأمر بهذه السهولة، وقد يستغرق عدة أجيال، فهى موضوعات بطبيعتها بطيئة فى الحركة، ولا يمكن أن تضغط على زر فيتم تجديد الخطاب الدينى
■ هل المطلوب دائماً أن نعانى ولا تقوى مصر أبداً؟
- لا أحد يريد لمصر أن تمتد ذراعها، وأن تقوى فى المنطقة، حتى بعض الدول العربية لا تتحمس لذلك، فإن مصر عندما امتدت فى عصر محمد على، كدولة توسعية، وفى عصر جمال عبدالناصر، كدولة قومية، أصابت البعض برذاذ وأذى فى المنطقة، فلا يراد لمصر التحليق، ولا يراد لها السقوط، ويراد لها أن تطفو على سطح الماء، فى حدود تجعلها دائماً محتاجة لغيرها، وتحتاج إلى القروض الأجنبية والمعونات العربية، ولذلك لن تبنى مصر إلا بتجربة مصرية خالصة، وأظن أن هذا ما يسعى إليه الرئيس عبدالفتاح السيسى، من خلال اقتحام مشروعات كبرى، ولابد أن يحدث هذا، فقد لا تظهر نتائجه فى المدى القريب، ولكن ليس أمامنا خيار آخر، فلا يوجد بديل.
■ كيف تقيم وضع الاقتصاد المصرى حالياً؟
- ليس بهذا السوء الذى يتحدث عنه الجميع، لأن هناك مشكلة حقيقية فكل الأرقام الخاصة لذلك فالاقتصاد المصرى تمثل جزءاً من حالة الاقتصاد فقط، فإن الاقتصاد المصرى هو ما نسميه اقتصاد بير السلم، لأنه اقتصاد غير منظور، يكاد يكون 50% أخرى منه لا تراها، فليس الجميع يدفع ضرائب أو جمارك، وليس كل الشقق والعقارات مسجلة، فالوضع الاقتصادى المصرى غالباً خارج الأرقام.
■ وما الحل فى أزمة ارتفاع الأسعار؟
- حلها تدخل الدولة، وأرى أن الرئيس يتدخل، ويضع فائضاً لدعم الأسعار، والأزمة أن هناك من أخذ ذريعة بسبب رفع الدولار، ورفع سعر مخزون سلعى لديه اشتراه بالقليل وباعه بالكثير، وجشع التجار ومن يعملون فى السوق يجب أن يكون محل تعقب ومحاسبة.
■ وكيف ترى السحب على المكشوف وطباعة العملة؟
- ليس هذا أمراً جديداً على مصر، وهو أمر تاريخى حصل عدة مرات، والولايات المتحدة نفسها تطبع عملة لتغطية العجز، فهذا الأمر وارد، فمصر ظروفها صعبة، وعجز الموازنة يتم بتقليل الفجوة ما بين الاستيراد والتصدير، فلابد من التصدير، شعار هتلر الشهير «التصدير أو الموت» ليس شعاراً غريباً على الإطلاق، فلابد أن تقوم مصر بعملية موازنة فى ميزانها التجارى، وميزان مدفوعاتها، بحيث تستطيع أن تقلل الفجوة قدر الإمكان، ولابد أيضاً من كبح جماح الاستهلاك، خاصة الاستهلاك الترفى، وأعتقد أن الدولة تتجه لشىء من هذا.
■ هل يمكن أن ينهار الاقتصاد المصرى؟
- لا أستطيع أن أقول إن الاقتصاد المصرى سوف ينهار، ولكنه سيظل دائماً شاحباً ومعوقاً ما لم نتمكن من تغطية العجز فى الميزانية، ولابد من الحصول على دعم خارجى للتعليم وللصحة، فإنها يجب أن تقوم على إما قروض لها مباشرة أو إعانات خاصة بها، فإن المشكلة أن كل ما يأتينا ننفقه على الطعام والشراب، فإننا لا نبنى شيئاً، وأنا أريد شراء صنارة وليس أخذ سمك، وهذا الأمر سيستغرق منا وقتاً.
■ ما الحلول أيضاً للأزمة الاقتصادية؟
- الجهاز الإدارى للدولة لا بد أن «ينتفض»، فأنا لا أعلم كيف يرفض مجلس النواب قانون الخدمة المدنية، فهل سنظل «نطبطب على بعض لحد ما نغرق»، فلابد من قرارات أليمة وصعبة حتى تسمح لنا أن نجتاز عنق الزجاجة، فليس معقولاً أن يكون الجهاز الإدارى 7 ملايين موظف، فلو حصلوا على معاش مبكر، فإن هذا أفضل كثيراً.
■ كيف ترى المشروعات القومية؟
- بالطبع يتم صب قدر كبير جداً من إمكانياتنا المادية فيها، ولكن لا نستطيع غير ذلك، ويجب أن أشير إلى أن التشاؤم يقابله على الأرض تفاؤل كبير، مثل انتهاء طوابير الخبز وطوابير المياه والبنزين، وعدم انقطاع الكهرباء، وعلى المستوى الخارجى مصر حصلت على 179 صوتاً فى الجمعية العامة لعضوية مجلس الأمن غير الدائمة، واختيار أمين عام لجامعة الدول العربية فى مثل هذه الظروف، بإصرار منها أمام الجميع، فإن مصر ليست دولة عرجاء.
■ وما رأيك فى كلمة «شبه الدولة» التى ذكرها الرئيس؟
- كانت كلمة «شبه الدولة» صادمة، فالرئيس يقصد بها أننا جرى لنا تجريف طويل، فهو أراد أن يصور تراكم المشكلات، فإنه تصريح أسىء فهمه، ولكنه تصريح يعبر عن الواقع، لأننا ليس لدينا مقومات اقتصادية تسمح لنا أن نقف على قدمينا، ولكن فى النهاية يجب أن ندرك أن مصر دولة عصية على السقوط، فإننا دولة ثقيلة وتستطيع أن تعيش فى ظروف أصعب بكثير من التى نعيشها حالياً، وعلينا أن نتحمل حتى نرى، فلا نملك خياراً آخر، فقد ابتلانا الله بفهم مغلوط للإسلام السياسى، أعاق مسيرتنا فى التسعة عقود الأخيرة، دون جدال، فلو لم يكن هناك تيارات دينية ويسارية وكلاهما يمضى فى اتجاه عكسى للتيار العام لحركة مصر، ولو ظلت مصر مع تيار الوفد الوطنى البحت، لكانت الآن فى وضع أفضل بكثير مما هى عليه، فما عطل الديمقراطية والتنمية هو هذه العوائق.
■ هل نحتاج لإنشاء العقارات بهذا الحجم؟
- ربما تكون الثروة العقارية مصدر حياة للشعوب، ولكن فى النهاية هى ثروة قومية للبلاد، ولا أعتقد أن كلها مشروعات عقارية، والإسكان هو لحاجات الناس وإرضائها، فلا يجوز أن أحرم الأجيال الحالية كل شىء وأمنح الأجيال المقبلة كل شىء، فلابد أن يعطى لهذا الجيل شىء من ذلك.
■ كيف ترى أداء الرئيس بعد مرور عامين على حكمه؟
- فى مجمله مُرضٍ، ولكن طبيعة العقبات المحيطة به كبيرة جداً، وهناك محاولة لتعويق مسيرته تبدو ضارية، وبالتالى هو يواجه هذه المتاعب، على كل المستويات الدولية والمحلية والداخلية، ولأول مرة مصر تتعرض للضغوط الداخلية والخارجية فى وقت واحد.
■ ما أبرز سلبيات الفترة السابقة؟
- ربما نشعر أحياناً أننا نحتاج إلى توسيع دائرة المستشارين فى القرار السياسى، والرئيس يستعين بمن يرى الاستعانة بهم، ولكن أريد أن أقول إن فى مصر عقليات كثيرة، وكفاءات متعددة، وخبرات بلا حدود، ولكنها معطلة، ليس الآن فقط، ولكن منذ عشرات السنين، فقضية الاختيار للمواقع والمناصب فى مصر تحتاج إلى مراجعة.
■ هل نعانى من ندرة فى الشخصيات التى تصلح لشغل مواقع مسئولة؟
- لا.. هذا غير صحيح، والمشكلة أن المربع الذى يتم البحث فيه، هم من يحددونه، وبالتالى لا تؤخذ قرارات بعيدة.
■ وأى مربع هم يبحثون فيه عن الشخصيات التى تصلح للمسئولية؟
- المربع المتاح لهم ممن يعرفونهم، وكل نظام يفعل هذا، فإننى أستطيع أن أسمى أكثر من ثلاثة يصلح كل منهم رئيساً للوزراء.
■ مثل من؟
- إننى أحترم المهندس شريف إسماعيل، رئيس الوزراء الحالى، وأعتقد أيضاً أن محمود محيى الدين، يمكن أن يكون رئيساً للوزراء، وأيضاً الدكتور أحمد درويش، وربما بعض القيادات السياسية والمدنية والعسكرية، قادرة على خدمة البلد بشكل جيد.
■ لكنك تحدثت عن رموز لعصر مبارك؟
- كلنا من عصر مبارك، وهو حديث لا يليق حالياً، وهذه مصر فى النهاية، فهل بعد ثورة 25 يناير «قلبت الشراب، فمات ناس وأتيت بغيرهم جدد»، ثم إن الإسلام نفسه قال خيركم فى الجاهلية خيركم فى الإسلام، وأى شخص ليس مداناً قانوناً وليس مجرماً سياسياً، يجب أن يتم الاستفادة منه، فإن المفكر فى عهد مبارك ليس نجاراً بعد الثورة، والشاعر فى عصر مبارك لا يعمل الآن «حانوتى»، فجميعهم كما هم، ويجب أن يستفيد البلد منهم ومن خبراتهم.
■ ما رأيك فى برنامج الحكومة؟
- أعتقد أنه برنامج مرحلى، ورئيس الوزراء يحاول هو وزملاؤه القيام بما يستطيعون القيام به فى ظل هذه الظروف.
■ كيف ترى التواصل بين مؤسسة الرئاسة والرأى العام؟
- أحياناً أرى أنه يحتاج إلى شىء من الدعم، فعلى سبيل المثال المجموعات التى تدعى للقاء الرئيس هى مجموعات مكررة، وقد بحثت عن نفسى، لم أجد نفسى فى دعوة المفكرين، ولا المثقفين ولا الإعلاميين، فقررت أن أبدأ مرحلة تثقيف ذاتى وتعميق فكرى حتى أكون أهلاً للدعوة، وهذا ليس خطأ الرئيس ولكنه خطأ من يريدون أن يحددوا من يراهم الرئيس، وهنا تكمن الخطورة، فالرئيس ملك لنا جميعاً، وليس ملكاً لمجموعة وحدها، فالرئيس رجل تقى نقى يحاول قدر الإمكان، ولكن لا يجب أبداً أن يكون هناك دوائر تغلق عليه ما لا يجب أن يغلق.
■ هل ترى ضرورة لتغيير الدستور؟
- لا.. لأن هذا سيفتح باباً لا يغلق، والبلد يحتمل، ويجب أن نمضى بهذا الدستور خمس سنوات على الأقل، إلى أن نراه كيف هو فى التطبيق، فإننا الآن نتحدث عن نصوص ورقية لم نتعامل معها عملياً.
■ البعض يطالب بتعديل مدة الرئيس لتصبح 6 سنوات بدلاً من 4؟
- ست سنوات مدة طويلة، وأعتقد أنها لو كانت خمس سنوات مثل البرلمان يكون أفضل.
■ لماذا قلت يجب التحدث باحترام عن الرئيس السابق محمد مرسى، ولا أحب كلمة المعزول؟
- كنت فى محاضرة فى الجامعة، فقلت إننى عندما أتحدث عن مبارك أقول الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، وكذلك الرئيس الأسبق محمد مرسى، ولا أحب كلمة المخلوع أو المعزول، لأن هذا حديث غير سياسى وغير علمى، وهذه ليست صفات، وإلا كنت أقول الرئيس المغتال محمد أنور السادات مثلاً، فيجب احترام شخص رئيس الجمهورية بغض النظر عن رأيك الشخصى فيه، فإننى أختلف مع مرسى تماماً، وأختلف مثلاً مع فهمى هويدى 180 درجة، ولكننى أحترمه 180 درجة، ككاتب ومفكر.
■ ما تقييمك للعلاقات بين مصر وتركيا؟
- الكرة فى الملعب التركى، والأتراك فى ظل أردوغان يفكرون تفكير سلطنة، ولديهم امتدادات عثمانية فى الذهن، ولديهم شعور أن مصر يجب أن تكون تابعة لهم كما كانت، وكانوا يريدون أخذ الشرعية من الإخوان لإعادة الهيمنة العثمانية على المنطقة، وكنت أقرأ فى الأدبيات الغربية فى العلوم السياسية، فى السنوات الماضية كلاماً غريباً جداً، والتباكى على الدولة العثمانية، فقلت منذ متى يتباكى الغربيون على السلطان العثمانى، فإن الغرب كان مبسوطاً بوجود الدولة العثمانية لأنها كانت «مغطية المنطقة بعبلها بكله»، بحيث الغرب إذا أراد التحدث إلى العالم الإسلامى يجد أمامه الخليفة فى الأستانة، ولا يأتون هم ويتورطون مثلما تورطوا فى أفغانستان والعراق، وهذا ما كان يريده أوباما.
■ كيف ترى تعامل وزير الخارجية مع الرئيس التركى فى القمة الإسلامية وتجاهل مصافحته؟
- أرى أن هذا وضع طبيعى، فإنهم لم يتركوا مناسبة إلا ولعنوا مصر فيها، ووزير الخارجية سار وفق القواعد المجردة، أنه ذهب لتسليم القمة لوزير الخارجية التركى، رئاسة القمة، والأتراك لم يبادروا بدعوة كريمة ولا معاملة طيبة، بل إنهم قالوا إنه جدير بالذكر أن هذه أول زيارة لمسئول مصرى بعد الانقلاب العسكرى الذى حدث، حتى إنها تعبيرات غير ودية، فهل هذا انقلاب تم بعشرين مليون مواطن فى الشارع، فأنا سوف أسميه انقلاباً، فهو «انقلاب شعبى» فالشعب انقلب على السلطة التى اختارها، وسحب منها التفويض وقرر الإطاحة بها، ومبرر ما فعله السيسى هو خروج الجماهير بهذه الطريقة، وقد جلست مرة مع الرئيس السيسى وهو وزير دفاع، وقال لى إن فكرة الانقلابات العسكرية مستحيلة ولا ترد على ذهننا، ولكن إذا طلب منى الشعب صاحب الأمر علىّ أن أتحرك فى أى اتجاه، سوف أتحرك، وهذا ما فعله السيسى بالضبط، فلم يكن يستطيع أن يقيم قرارات 3 يوليو دون الغطاء السياسى الكامل بالنزول الشعبى.
■ كيف ترى الوضع الخليجى الآن؟
- الوضع فى الخليج الآن يتحول، ليصبح الخطر الإيرانى هو الخطر الأول، الذى قد يسبق الخطر الإسرائيلى، وهذا تحول كبير وخطير فى العقلية العربية، سوف تكون له نتائجه فى المستقبل، فبعد ما حدث مع الحوثيين فى اليمن، هناك إحساس أن أصابع إيران فى كل مكان، وهذا حقيقى، فهى الدولة المحتلة لثلاث جزر من الإمارات، وهى الدولة التى تعبث باستقرار مملكة البحرين، وتحاول العبث فى شرق المملكة العربية السعودية، وتحاول دس أنفها فيما يجرى فى الكويت، فضلاً عن وجودها المتضخم فى العراق بدعم العنصر الشيعى، ووجودها الكبير جداً فى دعم نظام بشار الأسد فى سوريا، ووجودها الأخطر فى لبنان، بخلق الثلث المعطل من خلال حزب الله.
■ هل يمكن القول إن الخليج أخطأ عندما خاض حرب اليمن؟
- لا أستطيع أن أقول ذلك ولكن ربما كان واحداً من القرارات الخطيرة فى تاريخ الخليج العربى ككل، والمشكلة بين السعودية واليمن، هى مشكلة دائماً قابلة للحل، دون تدخل عسكرى، ربما فى المستقبل تحدث تسويات لا حاجة لنا فيها لتدخل عسكرى.
■ كيف ترى زيارة العاهل السعودى الملك سلمان بن عبدالعزيز لمصر؟
- كانت زيارة طيبة، ولكن جاء موضوع الجزيرتين لكى يثير غباراً على الرحلة، وكنت أتمنى ألا يثار هذا الموضوع أثناء الزيارة، إما قبلها بسنة أو بعدها بعدة شهور.
■ لأول مرة حاكم عربى يدلى ببيان أمام مجلس النواب المصرى ما رأيك؟
- هو تقليد تتبعه دول كثيرة، ونطلب من كل الحكام الذين يأتون إلى مصر أن يخاطبوا نواب الشعب.
■ هل ترى أن هناك اختلافاً فى طريقة تعامل الملك سلمان عن الملك عبدالله مع مصر؟
- الملك عبدالله كان الأب، والملك سلمان هو الأخ، والفارق بين الأب والأخ، فالملك عبدالله كان دعمه لمصر دعماً غير مشروط ومفتوحاً تماماً، والملك سلمان أيضاً نفس الشىء، ولكن لديه محاذير كثيرة داخلياً وخارجياً، وطرأت عليه مشكلات لم تكن موجودة فى عصر الملك عبدالله، فأصبح القرار السعودى بالضرورة موزعاً بين ما يعانيه وما يواجهه وبين إمكانية دعم مصر من عدمه.
■ قلت إن جزيرتى تيران وصنافير أرض سالت عليها الدماء المصرية، لكن الخرائط الحديثة تقول إنهما سعوديتان وهناك خرائط قديمة تقول إنهما مصريتان، ما حقيقة انتماء الجزيرتين؟
- الخرائط القديمة كلها تضم الحجاز بالكامل داخل مصر، وكل غرب الشام فى مصر، وجزيرة كريت وشرق أفريقيا أيضاً، والمشكلة أننا لم نعالج الموضوع علاجاً سياسياً مبكراً، فكان يجب أن أفهم الناس أن هذه جزر سعودية وديعة لدينا بخطاب متبادل بين الملك عبدالعزيز والملك فاروق، وأننا تبادلنا الرسائل معهم بين عصمت عبدالمجيد والراحل سعود الفيصل، وبالتالى هذه الجزر لم تتوقف المطالبة بها من الجانب السعودى.
■ هل كان لا بد أن يتم تهيئة الرأى العام قبل اتفاقية تعيين الحدود مع السعودية؟
- أعتقد هذا، فالحديث ليس عن عودة الجزيرتين للسعودية، وإنما عن طبيعة نشأة العلاقة بين دول المنطقة والجزيرتين.
■ هل السيسى وقع على الاتفاقية لشعوره بالحرج بسبب الدعم الخليجى لمصر؟
- لا يوجد شىء اسمه الحرج فى الحياة السياسية، ولكن الرئيس السيسى سأل المختصين ومنهم «المخابرات العامة والمؤرخين والقانونيين وغيرهم» والكل قال بغير استثناء إنها سعودية، وأنا شخصياً سألت الدكتور مفيد شهاب، وقلت له هل المخاطبات المتبادلة بين وزيرى الخارجية تنهض لكى تكون لها قوة الاتفاقية، فقال لى نعم.
■ لماذا لم تذهب الاتفاقية حتى الآن إلى البرلمان؟
- كما ترى فمجرد طرح الموضوع تسبب فى مظاهرات واعتراضات، فهناك قوى كثيرة جداً معادية لنظام السيسى، تستثمر الموضوع كأداة لرفض سياسات السيسى وإحداث ضغوط عليه.
■ هل يمكن أن يرفض البرلمان الاتفاقية؟
- لا أعتقد ذلك، لأن البرلمان سوف يستند إلى الدعوى القانونية وسيحيل الأمر إلى لجنة مختصة، وسوف ترد اللجنة المختصة من الناحية القانونية، أن هذه الجزر سعودية، وبهذا قضى الأمر.
■ لقد رأينا رفضاً لقانون الخدمة المدنية بسبب التأثير الشعبى على النواب، فهل يمكن أن يتكرر الأمر فى اتفاقية ترسيم الحدود؟
- لا.. فالاتفاقية شىء والقانون الذى تصدره شىء آخر، فالاتفاقية التزام دولى، إما أن تقبلها كلها أو ترفضها كلها، فلا تستطيع التعديل فيها، فإذا قبلتها كان بها وإذا رفضتها، فإن هذا أمر خطير للغاية.
■ ما رأيك فى مطالب السودان بحلايب وشلاتين؟
- هى مطالب ساذجة ولا مبرر لها على الإطلاق، وحلايب وشلاتين مصرية بالقطع، وقد سألت مسئولاً سودانياً كبيراً فى لحظة صفاء، وقلت له حلايب وشلاتين مصرية أم سودانية، قال مصرية بالقطع، فإنه مجرد قرار من وزير الداخلية المصرى عام 1960 بعمل حدود إدارية متعرجة على خط 22 من أجل مواجهة المرارية ومكافحة الجراد والعلاقات بين القبائل، فكيف أرتب على هذا المساس بخط عرض 22 الذى يمثل الحدود المصرية منذ أيام الفراعنة، من الذى يقول ذلك؟!
■ كيف ترى اختيار أحمد أبوالغيط أميناً عاماً للجامعة العربية؟
- أرى أنه تطبيق للإرادة المصرية، فمصر رشحته ولم يترشح أحد غيره، وكانت هناك محاولة خليجية للتعطيل لمدة شهر لتسويف الموضوع، وقطر بالذات قادت المعارضة ضده.
■ لماذا الاعتراضات من قطر؟
- لأن أبوالغيط كان له مواقف حادة من وجهة نظر قطر تجاهها، عندما كان وزيراً للخارجية.
■ لماذا تعترض قطر دائماً، هل الأمين العام لا بد أن ترضى عنه قطر؟
- لا.. فهناك قاعدة تاريخية تم وضعها وهى قاعدة الإجماع، ولذلك هم اعترضوا علىّ، ولو دخلوا التصويت كان معى 18 صوتاً، ولو دخل أبوالغيط التصويت كان حصل على 19 أو 20 صوتاً من أصل 22، ومصر قالت وقتها لا لن ننتظر وسندخل التصويت، ووزير الخارجية سامح شكرى فكان قوياً ولم يكن مثل نبيل العربى، وزير الخارجية وقت ترشيحى، فقد كان وقتها نبيل العربى ربما كان يتطلع إلى المنصب، أما سامح شكرى فكان متجرداً وقوياً، وأسداً جسوراً، وقال إنها الآن أو لا، وسوف أدخل التصويت، والتصويت كان سيضع قطر فى موقف حرج، وكان سيعزلها عربياً.
■ وكيف ترى مستقبل جامعة الدول العربية حالياً؟
- أرى أن وجودها مفيد، على عكس حديث الكثيرين، على الأقل مفيد لمصر، لأنها تؤكد ميراثاً تاريخياً حصلت فيه مصر على ميزات قد لا تحصل عليها الآن، وأنها مقر للجامعة والأمين العام غالباً يكون منها، وعلى الأقل يأتى لنا وزراء الخارجية مرتين كل عام، وإذا زالت القمة الدورية للجامعة، لن ترى عربياً يتحدث مع الآخر إلا فى المحافل الدولية.
■ هل «أبوالغيط» قادر على تطوير الجامعة العربية؟
- أعتقد أنه كذلك لأنه شخص نشيط ويستيقظ مبكراً، وينجز أعماله سريعاً، ولديه خبرة كبيرة.
■ اتفاقية القوى العربية المشتركة أين هى؟
- قررت المملكة العربية السعودية فى اللحظة الأخيرة تأجيل الاجتماع فتعطل الأمر، وهناك عبارة شهيرة قالها رئيس الأركان المصرى فى أحد الاجتماعات فى الجامعة العربية، الفريق محمود حجازى، عندما قال بكل وضوح إن مصر هى آخر دولة تحتاج القوى العربية المشتركة ومع ذلك هى أكثر الدول العربية حرصاً عليها.
■ كيف ترى مشكلة سد النهضة؟
- مشكلة سد النهضة يمكن حلها فى إطار رؤية شاملة متكاملة فى علاقات مصر مع دول حوض النيل، بحيث تكون قائمة على «هات وخد»، فالحياة ليست عطاء من جانب واحد، وإثيوبيا فى ظروف اقتصادية صعبة، والدول الأفريقية فى دول حوض النيل تعانى اقتصادياً، وتحتاج إلى دعم، ومصر لو فكرت فى مشروعات تنموية تحتوى الجميع، سيكون موضوع المياه جزءاً من كل، فلا يوجد شىء اسمه مشكلة سد النهضة بالنسبة لمصر، وإنما هناك مشكلة اسمها حصة مصر من مياه النيل، فإذا كفل لى بورق مكتوب يجدد الحق التاريخى لمصر فى حصتها من مياه النيل يكون الأمر انتهى.
■ هل إسرائيل لها يد فى أزمة السد؟
- طبعاً.. منذ البداية فهى التى همست فى أذنهم جميعاً، أن القرن العشرين كان قرن البترول، الذى أثرى به العرب، وجاء القرن الحادى والعشرون، لكى يكون قرن المياه ولكى يثرى الأفارقة، فالمياه تهبط عليكم من السماء منحة أيضاً، فلماذا لا تبيعون ولا تسعرون المياه، ونحن مستعدون للشراء.
■ ألا يعتبر هذا نقداً لاتفاقية السلام؟
- نعم.. ويجب أن تقول مصر لإسرائيل إن بينى وبينك اتفاقية سلام، وألا يقوم أحد الطرفين بعمل يضر الطرف الآخر، فكيف تسمحين يا إسرائيل فى الوقت الذى أطهر فيه أنا سيناء لمصلحتى ولمصلحة الفلسطينيين ومصلحة إسرائيل أيضاً، وأدفع الأرواح لتطهير المنطقة الحدودية، بينما أنتم تذهبون إلى منطقة حوض النيل لمحاولة خنق مصر، ودعم الجانب الفنى فى مشروع الكهرباء هناك، فإنهم يقدمون الدعم الفنى والدعم المادى لهم، أليس هذا عملاً عدائياً، يتناقض مع اتفاقية السلام؟ هو كذلك.
■ كيف ترى الانتخابات الأمريكية؟
- سوف تكون محصورة بين هيلارى كلينتون وترامب.
■ أيهما تفضل؟
- قد يكون «ترامب» أفضل لنا، ولكنه ليس أفضل للعالم ككل، و«هيلارى» قد لا تكون الأفضل لنا، ولكنها قد تكون الأفضل للولايات المتحدة الأمريكية.
■ فرص من أقرب للفوز؟
- هيلارى كلينتون.
■ تحدثت عن أن الجمهوريين قد يكونون أفضل لنا، لماذا؟
- لأنهم يتبنوا قناعات ضد الإرهاب بقوة ومستعدون للمشاركة فى حرب فعالة عليه، ولو أن الولايات المتحدة الأمريكية أرادت القضاء على داعش لفعلت، ولكنها لا تفعل ذلك، وأوباما قال من قبل إن داعش لا تمثل خطراً مباشراً على الولايات المتحدة الأمريكية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.