سيطرت حالة من الجدل والانقسام على مجلس النواب، فى أعقاب زيارة العاهل السعودى الملك سلمان بن عبدالعزيز، خادم الحرمين الشريفين التاريخية للبرلمان، بسبب اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، وقدم عدد من النواب طلبات إحاطة وبيانات عاجلة طالبوا فيها الحكومة بعرض الوثائق التاريخية الخاصة بملكية جزيرتى «تيران وصنافير». وقال النائب اللواء تامر الشهاوى، إن هناك 17 اتفاقية مصرية سعودية سيجرى عرضها بالكامل على المجلس، لقبولها أو رفضها، منها اتفاقية ترسيم الحدود، لافتاً إلى أن المباحثات المصرية السعودية بخصوص «تيران وصنافير» ليست وليدة الزيارة، وكانت هناك مفاوضات مستمرة منذ ست سنوات، فالمملكة سلّمت تلك الأراضى لمصر عام 1950، بهدف الحماية، لأنها لم تكن تملك قوات بحرية فى حينها، كما أن ترسيم الحدود البحرية لمصر يشمل 12 ميلاً بحرياً، والجزيرتان فى المياه الإقليمية السعودية، ومن يتحدث عن أن هناك بيعاً للأراضى المصرية، فهذا أمر لا يملكه الرئيس عبدالفتاح السيسى أو مجلس النواب. «الشهاوى»: تقعان فى المياه السعودية.. و«جاد»: كان على الحكومة تشكيل لجنة على غرار «مفاوضات طابا».. و«هنرى»: ترسيم الحدود يخضع لاستفتاء الشعب وقدم النائب عبدالحميد كمال، طلب إحاطة إلى الدكتور على عبدالعال، رئيس المجلس، شدد فيه على ضرورة حضور رئيس الوزراء ووزيرى الخارجية والدفاع إلى المجلس لشرح وتفسير ما يجرى بشأن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية، لأن الصمت على هذا الأمر ليس فى مصلحة أحد، خصوصاً أن هناك من يستغله للتصعيد. وقدم النائب هيثم أبوالعز الحريرى، طلب إحاطة للحكومة طالبها بعرض الوثائق التاريخية الموجودة لدى وزارتى الخارجية والدفاع، بخصوص الجزيرتين، ومنطقة حلايب وشلاتين المصريتين، والجزر بين مصر وقبرص». وقال الدكتور عماد جاد، ل«الوطن»، إن المشكلة لم تكن فى ترسيم الحدود أو إعادة الجزيرتين من أجل بناء الجسر بين مصر والسعودية، وإنما فى إدارة الحكومة للأزمة، وكان عليها أن تُشكل لجنة متخصصة للتفاوض مع الجانب السعودى، كما حدث فى «مفاوضات طابا»، أما إقامة الجسر فوق مضيق تيران فهو أمر رفضته إسرائيل من قبل فى عهد مبارك، ولم ينفذ لهذا السبب. وأكدت النائبة نادية هنرى، ثقتها التامة فى أمانة ووطنية الرئيس عبدالفتاح السيسى، وأن البرلمان يدرك متطلبات المرحلة، بما يضمن حفظ وسلامة البلاد وحدوده، إلا أن الأمور المتعلقة بالسيادة وترسيم الحدود وما شابه، يجب استفتاء الشعب عليها أولاً، وعلى الحكومة ألا تتخذ قرارات دون موافقته طبقاً للمادة (151). وأضافت: «عدم مكاشفة الحكومة للشعب بمجريات الأمور لمعرفة رأيه وممثليه من النواب، يغير موقف الكثيرين تجاهها، فمن أيدها أمس يرفض منحها الثقة اليوم، وبشكل عام مصر دولة عريقة لها تجربة برلمانية جديدة، تحاول من خلالها أن تخطو نحو ديمقراطية حقيقية، وما كان يجب أن يفاجأ أحد بكل هذه التفاصيل وعلى رأسها عودة جزيرتى تيران وصنافير إلى السعودية وما صاحبها من لغط وغموض». وقال النائب طارق الخولى، عضو ائتلاف «دعم مصر»، إن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية ستُعرَض على البرلمان، مضيفاً: «لا يمكن لأحد أن يقبل التنازل عن شبر من الأرض، لكن الأمر خاضع للدراسة والتنقيح وأحذر من بعض المساعى للتغطية على الزيارة، وخلق حالة من التوتر حولها، والعمل على تشويهها». وتابع: «هناك فرق بين مرحلتى التوقيع والتصديق، فالتوقيع يكون للسلطة التنفيذية، لكن تبقى المعاهدة غير نافذة حتى يجرى التصديق عليها، ويختلف تنظيمه من دولة لأخرى حسب دستورها، فالمادة (151) من الدستور، تنص على أن (يمثل رئيس الجمهورية الدولة فى علاقاتها الخارجية، ويبرم المعاهدات، ويصدّق عليها بعد موافقة مجلس النواب، وتكون لها قوة القانون بعد نشرها وفقاً لأحكام الدستور. ويجب دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة، ولا يتم التصديق عليها إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة. وفى جميع الأحوال لا يجوز إبرام أية معاهدة تخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها التنازل عن أى جزء من إقليم الدولة)». وقال النائب خالد عبدالعزيز شعبان، إن «المجلس سيناقش الاتفاقيات، بعد الانتهاء من مناقشة بيان الحكومة، ليقول النواب رأيهم فيها، وإذا رأى الأعضاء أن فيها ما لا يتفق مع ترسيم حدودنا، سيجرى طرحه للاستفتاء الشعبى وفقاً للدستور، وبناء عليه سيجرى تحديد صحة هذه الاتفاقية أو إلغائها». وأضاف «شعبان» ل«الوطن: «الخطاب الرائع للملك سلمان إلى النواب المصريين داخل البرلمان لن يؤثر على موقف المجلس، وسندرس الأمر ونضع المصلحة العامة نصب أعيننا لاستبيان الحق والحقيقة».