أعتقد أن مشهد الشاب «المؤمن» بملامحه الغاضبة القاسية موجهاً كلامه للكفرة بعد عثوره على دليل اتهام لا يقبل التشكيك فيه وهو علبة «جبنة نستو» «جبنة نستو يا معفنين؟!» له دلالته. وشت قسمات الشاب بتوعده بالانتقام للشريعة والإسلام والوفاء للوطن، وكل القيم النبيلة والأخلاقيات السامية من آكلى الجبنة النستو! ومن ثم فقد أضيفت فى زمن الإخوان وحلفائهم من اليمين الدينى تهمة أكل النستو التى لن يسأل جمهور السمع والطاعة عن كنهها. وقد رأيت فى انفعال الشاب بلحيته الطويلة وجلبابه نذير خطر عظيم يهدد هذا البلد، حيث لم يعد المواطن يعرف من أين ستأتيه الضربة.. فبعد أن استحل كثيرون من أصحاب اللحى تكفير كل من يخالفهم الرأى أو الرؤية فيما يتصل بمستقبل البلاد وعلى أساس أنهم يشتركون مع الخالق الذى وحده يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور، أو ربما أن خلايا الأبحاث العلمية عندهم قد اهتدت إلى اختراع لا سابق له فى تاريخ البشرية وهو جهاز كشف الكفر، خطا اليمين الدينى خطوة يختبر فيها مدى تأثيره فى جماهيره المطيعة بتوجيهها كيفما شاء، حتى وصل إلى إدراج الجبنة النستو فى قائمة الممنوعات والمحرمات، والدليل القاطع على خروج آكلها عن الملة والدين والمجتمع الذى لا يأكل ما يأكلون.. لكن يبدو أن النستو قد ألهمت أقطاب تيارات الإسلام السياسى بنظريات أخرى منها على سبيل المثال لا الحصر تقديم الشهداء بالملايين ضد المخالفين فى الرأى وتفتيت الشعب والوطن إلى مؤمنين وكفرة، وأيضاً كما قال أحدهم «تقسيم مصر إلى محافظات مؤمنة وأخرى مشتركة»!! وهنا فإن مصر يراها هذا الشيخ أو المجاهد أو الداعية -فقد توهتنا الألقاب الجديدة والوجوه الطارئة مثل علبة النستو- مقسمة.. وكل جزء منها تكثفه أغلفه الألومنيوم. وأعترف بأننى لم أعد قادرة على تذكر كل قادة الجهاد الإسلامى ولا تنظيماتهم لكثرتهم، وأحدهم من تنظيم الجهاد ويعيش فى أوروبا العلمانية الكافرة ولم يهدِ أحد أبنائها إلى الإسلام طوال تمتعه بالإقامة فى لندن ولكنه دعا جماعة الإخوان والتيار السلفى للخروج فى ثورة إسلامية بعد فشل ثورة يناير التى اختلطت فيها الرايات الإسلامية بالعلمانية والليبرالية الكافرة، وأن يبدأوا فى مزاحمة العلمانيين الكفرة بالقوة ومجابهة الكفر بالإرهاب. إن الرجل يعتبر أن الإرهاب أسلوب جهاد! ولا تسألوا بعد ذلك عن أسباب استغلال أعدائنا لهذه التصريحات النستوية لإلحاق الأذى بنا وبصورة الإسلام، وتأملوا مثلاً قول «الجهادى» هذا إن المواجهة هى السبيل الوحيد لدحر قوة الفلول والكفر الصليبية، التى يعيش الأخ فى كنفها، المتربصة بمصر! أى إن الرجل يريد تفتيت مثلثات النستو إلى شظايا نستو! ونسى أو تناسى هو وغيره.. أننا لن نكون نستو تمسكون بنا بتهمة استهلاكها، لأننا نحن نأكل النستو ونهضمها أيضاً، وكما يقال نهضم الحديد. وستظل مصر عصية على مخططاتكم! أقصد.. مخططات من يؤوونكم!