"عربة أمن مركزي لتأمين عملية ردم الأرض وسور أسمنتي كبير حولها ولافتة عريضة تفيد بأن الارض ملك لمحافظه القاهرة وإغلاق مكان دخول السيارات، وحارس أمني لمنع الدخول إلي الموقع للتصوير".. كان هذا أول ما شاهدته "الوادي" خلال جولتها اليوم الأربعاء في منطقة أرض الفسطاط الأثرية التي تبلغ مساحتها 7 أفدنة، حيث بدأت المحافظة اليوم أولي خطوات تحويلها إلي حديقة عامة، بدعوي حمايتها من أكوام القمامة التي يلقيها الأهالي بها، وذلك بردم الموقع وزراعة أجزاء كبيرة منه بأشجار الصبار للحد من زيادة المياة الجوفية بها . عدد من الأهالي أبدوا ترحيبهم بالقرار الوزاري الصادر بقرار من اللجنة الوزارية التى شكلها المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء لمعاينة الموقع، والمكونة من محافظ القاهرة ووزراء الآثار، والبيئة، والثقافة، بهدف الوصول لحل عاجل، لحماية المنطقة الأثرية من القمامة المحترقة، الملقاة في الموقع بشكل كبير، بعد وقف عمليات الحفر والتنقيب عن الأثار بها. كانت أكوام القمامة قد تراكمت في الموقع الأثري وأصبحت تلالًا، حتي أصبحت الروائح الكريهة هي الشاهد علي منطقة حفائرالفسطاط التي اكتست بجثث الحيوانات النافقة وهو ما دفع عدد من الأهالي للمطالبة بإنقاذهم منها بأي صورة من الصور. فيما رفض العديد من المهتمين بالشأن الأثري والحفاظ علي تراث مصر، القرار الوزاري الأخير وأصروا علي الوقوف جديًا ضد اي محاولات لردم تاريخ مصر، وإنقاذ أول عاصمة لمصر بعد الفتح العربي الإسلامي، تلك العاصمة التى كتب عنها الرحالة والمستشرقين وحملت وما تزال تحمل الف سنه من تاريخ مصر . وقد حصلت "الوادي" علي صورة ضوئية من محضر الإجتماع الذي دار بين مدير عام مناطق أثار مصر القديمة والفسطاط ومفتش الأثار بالمنطقة ذاتها ومدير الصيانة بالمجلس الأعلي للأثار، والذي يفيد بتحويل الموقع الاثري إلى جراج خاص بوزارة الاثار بتاريخ فبراير 2012، بالتنسيق مع حي مصر القديمة ووزارة البيئة . ومن جانبها أدانت جبهة الإبداع بشكل مباشر أجهزة الدولة، الممثلة في كل من وزارتي الآثار والثقافة في ما يحدث في منطقة الفسطاط الأثرية والتي توقفت الحفريات فيها في أعقاب ثورة 25 يناير 2011، لتحولها المحافظة في تصرف غريب إلى مقلب للقمامة، ولتقوم وزارة الآثار فيما بعد بالتصريح لتحويلها الى حديقة عامة. ووصف البيان الصادر عن جبهة الإبداع ذلك بأنه تعدي على أحد أهم مناطق أثار مصر الإسلامية وضاربين عرض الحائط بالدستور المصري وبالمادة 20، من قانون الآثار والذي يمنع التصرف في أي أرض تحتوي أثر تاريخي أو حفريات ويحظر عدم زراعة الاراضي الواقعة تحت حماية الآثار ويحظر على الغير إقامة منشآت أو مدافن أو شق قنوات أو إعداد طرق أو الزراعة فيها أو في المناطق العامة للآثار أو الأراضي الداخلة ضمن خطوط التجميل المعتمد ولا يجوز غرس أشجار بها أو قطعها أو رفع أنقاض منها أو اخذ أتربة أو أسمدة أو رمال أو إجراء غير ذلك من الأعمال التي يترتب عليها تغيير في معالم هذه المواقع والأراضي إلا بترخيص من الهيئة وتحت إشرافها . كما ناشدت الجبهة أجهزة الدولة المعنية، بإيقاف عملية تحويل تلك المنطقة الأثرية لحديقة فوراً قبل أن تؤدي الى كارثة للآثار الموجودة في تلك الأرض التي لم يتفتق ذهن محافظة القاهرة الا عن تحويلها لمقلب للقمامة وبعدها تسمح وزارة الآثار، بشكل غير مفهوم بتحويلها لحديقة متجاهلين ما تحمله في باطنها من أثار إسلامية. وأكدت سالي سليمان، الناشطة المهتمة بالشأن الأثري وأحد أعضاء فريق حملة "انقذوا القاهرة" أن إقامة حديقة في تلك المنطقة بما تحتاجه من ري و تصريف مياه قطعاً، سيقضي للأبد على الآثار الموجودة في المنطقة، لردم تاريخ مصر بأمر الحكومة بحسب تعبيرها . وتتسائل سليمان حول من له مصلحة في إغتيال هوية مصر وتجريدها من آثارها التي يتمنى العالم أجمع امتلاك ولو نصفها، مشيرة إلي أن عملية الإغتيال هذه بدأت من المعالم الأثرية للإسكندرية، كفيلا الكاتب لورانس داريل وهاهي الآن تنال من عاصمة مصر ما بعد الفتح الإسلامي، الفسطاط، علي حد قولها.