استقرار أسعار صرف الدولار مقابل الجنيه المصري في بداية تعاملات اليوم    لتر الزيت ب 83 جنيها.. قائمة أسعار السلع الأساسية اليوم 29-4-2024    «الضرائب» تؤكد عدم صدور تعليمات بشأن تطبيق الضريبة على الأرباح الرأسمالية    مدبولي: أي هجوم على رفح سيدفع الفلسطينين للضغط على مصر لعبور الحدود    رضا عبدالعال يكشف مفاجأة بشأن صفقة الزمالك الجديدة    فضل الدعاء وأدعية مستحبة بعد صلاة الفجر    خبير: مركز الحوسبة السحابية يحفظ بيانات الدولة وشعبها    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة في مستهل تعاملات اليوم الإثنين    كلية إعلام بني سويف تنظم ورشة عمل عن الصحافة الاستقصائية    أبو الغيط يدعو أسواق المال العربية لتوطين الذكاء الاصطناعي    الأعاصير تتسبب في مقتل أربعة أشخاص بولاية أوكلاهوما الأمريكية    مدبولي: أكثر من 85% من المساعدات الإنسانية لغزة كانت من مصر    مطار أثينا الدولي يتوقع استقبال 30 مليون مسافر في عام 2024    رئيس كوريا الجنوبية يعتزم لقاء زعيم المعارضة بعد خسارة الانتخابات    "عشماوي": الإطار الوطني للمؤهلات يسهم في الاعتراف بخريجي المؤسسات التعليمية    أول رد فعل لاتحاد العاصمة بعد تأهل نهضة بركان لنهائي الكونفدرالية    بفرمان من تشافي.. برشلونة يستقر على أولى صفقاته الصيفية    قبل مشادته مع كلوب.. 5 وقائع مثيرة بطلها محمد صلاح في ليفربول    سبب توقيع الأهلي غرامة مالية على أفشة    «الأرصاد»: منخفض جوي وكتل هوائية أوروبية وراء انخفاض الحرارة اليوم    انطلاق اختبارات المواد غير المضافة للمجموع لصفوف النقل بالقاهرة    مصرع عامل وإصابة آخرين في انهيار جدار بسوهاج    مش عايزة ترجعلي.. التحقيق مع مندوب مبيعات شرع في قتل طليقته في الشيخ زايد    درس الطب وعمل في الفن.. من هو المخرج الراحل عصام الشماع؟    سور الأزبكية في معرض أبو ظبي الدولي للكتاب    جيش الاحتلال: هاجمنا أهدافا لحزب الله في جبل بلاط ومروحين جنوبي لبنان    أكلة فسيخ وسؤال عن العوضي.. أبرز لقطات برومو حلقة ياسمين عبدالعزيز في "صاحبة السعادة"    من هي هدى الناظر زوجة مصطفى شعبان؟.. جندي مجهول في حياة عمرو دياب لمدة 11 سنة    لأول مرة.. تدشين سينما المكفوفين في مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    وزير الإسكان يتابع مشروعات الخدمات ورفع الكفاءة والتطوير بعدة مدن جديدة    أمين لجنة الشئون الدينية بمجلس النواب: هذا أقوى سلاح لتغيير القدر المكتوب    ختام فعاليات مبادرة «عيون أطفالنا مستقبلنا» في مدارس الغربية    "استمتع بالطعم الرائع: طريقة تحضير أيس كريم الفانيليا في المنزل"    مفاوضات الاستعداد للجوائح العالمية تدخل المرحلة الأخيرة    سيد معوض عن احتفالات «شلبي وعبد المنعم»: وصلنا لمرحلة أخلاقية صعبة    البحوث الفلكية: غرة شهر ذي القعدة فلكيًا الخميس 9 مايو    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 29 أبريل 2024    اليوم.. مجلس الشيوخ يستأنف عقد جلسته العامة    أموك: 1.3 مليار جنيه صافي الربح خلال 9 أشهر    تساقط قذائف الاحتلال بكثافة على مخيم البريج وسط قطاع غزة    اتحاد الكرة : عدم أحقية فيتوريا فى الحصول على قيمة عقده كاملا ومن حقه الشرط الجزائى فقط والأمور ستحل ودياً    صحة قنا: خروج 9 مصابين بعد تلقيهم العلاج في واقعة تسرب غاز الكلور    سامي مغاوري: جيلنا اتظلم ومكنش عندنا الميديا الحالية    يعيش في قلق وضغط.. هل تُصدر المحكمة الجنائية مذكرة باعتقال نتنياهو؟    المندوه: كان يمكننا إضافة أكثر من 3 أهداف أمام دريمز.. ولماذا يتم انتقاد شيكابالا بإستمرار؟    مصرع شخص وإصابة 16 آخرين في حادث تصادم بالمنيا    عمره 3 أعوام.. أمن قنا ينجح في تحرير طفل خطفه جاره لطلب فدية    سامي مغاوري يكشف سبب استمراره في الفن 50 عامًا    بعد عامين من انطلاقه.. برلماني: الحوار الوطني خلق حالة من التلاحم    "السكر والكلى".. من هم المرضى الأكثر عرضة للإصابة بالجلطات؟    السفيه يواصل الهذيان :بلاش كليات تجارة وآداب وحقوق.. ومغردون : ترهات السيسي كلام مصاطب لا تصدر عن رئيس    من أرشيفنا | ذهبت لزيارة أمها دون إذنه.. فعاقبها بالطلاق    فهم حساسية العين وخطوات الوقاية الفعّالة    ربان الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في مصر يحتفل بعيد الشعانين ورتبة الناهيرة    البابا ثيودروس الثاني يحتفل بأحد الشعانين في الإسكندرية    بالصور.. الوادي الجديد تستقبل 120 طالبًا وطالبة من كلية آداب جامعة حلوان    مصرع شاب في انقلاب سيارة نقل بالوادي الجديد    الإفتاء توضح حكم تخصيص جزء من الزكاة لمساعدة الغارمين وخدمة المجتمع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دماء على شاطئ القناة.. والسلاح يملأ مدينة الشهداء .."الصباح" تزور المدينة الباسلة التى تحولت لمدينة غاضبة

*بورسعيد.. مدينة «الغضب» تودع أبناءها فى غياب «الإخوان»
*أهالى الشهداء: مرسى ضحى ببورسعيد علشان عيون أولتراس الأهلى
*«الصباح» تكشف تنظيم «حافظ سلامة» قائد عمليات ميليشيات الإخوان
*ننفرد بنشر أسماء ممولى مشجعى المصرى من رجال الجمارك وخريطة انتشار البلطجية
*«الصباح» تزور المدينة الباسلة التى تحولت لمدينة غاضبة
*البورسعايدة يتهمون الرئيس بتقديم بورسعيد قربانا للأولتراس
تشعر بورسعيد بالغضب، والأهم أنها تشعر بالظلم.. أهالى بورسعيد يرون أنهم ظلموا فى كل العصور.. وأن الرئيس مرسى قدم بورسعيد قربانًا على مائدة أولتراس أهلاوى.. محرر «الصباح» محمد سليمان قام بمغامرة وتسلل للمدينة الباسلة، التى صارت غاضبة، حيث العداء لأهالى القاهرة يسيطر على الشارع البورسعيدى.. وقام بجولة مثيرة فى المدينة التى تحولت إلى بركان غضب.
الأهالى انتابتهم حالة عدائية تجاه الغرباء وعدم إجادة اللكنة البورسعيدية يفضح أى غريب
اللجان الشعبية تولت السلطة فى المدينة تقريبًا وحولتها إلى مدينة تشبه مصراتة الليبية
البورسعايدة: مرسى ضحى ببورسعيد لأنه لا يستطيع مواجهة غضب أولتراس أهلاوى
مواطن يسأل قياديّا إخوانيّا: عندك سلاح نطلّع بيه إخواتنا من السجن ولّا السلاح علشان تهربوا بيه مرسى والعريان بس من وادى النطرون؟
محامى المحكوم عليهم بالإعدام: عناصر من حماس أطلقت النار على جنازة الضحايا وحكم المحكمة كان إشارة البدء
خمسة من المتهمين ال21 هاربون وطالبان و4 أخلت النيابة سبيلهم لعدم اقتناعها بصحة اتهامهم
البلطجية سيطروا على أحياء الخمس آلاف والزهور والحرية والتعاونيات ومارسوا العنف دون رادع
الأهالى يتهمون الإخوان بقتل الضحايا وقيادات الإخوان يردون بمنشورات تتحدث عن إنجازات الإخوان
شائعات عن استعانة الإخوان ببلطجية ذوى أصول سلفية لحماية مقر «الحرية والعدالة»
مستخلص جمركى ومستورد يمولان أولتراس مصراوى للسيطرة على الانتخابات
ولت محافظات القناة الثلاث (بورسعيد، والإسماعيلية، والسويس) إلى منطقة منعزلة عن البلاد، فور إصدار المستشار صبحى عبدالمجيد، رئيس محكمة جنايات بورسعيد، حكمه فى قضية «مجزرة بورسعيد».
عقب إصدار الحكم نزل آلاف الغاضبين لشوارع المحافظات الثلاث، متهمين النظام بتسييس القضية، إرضاء لجماهير النادى الأهالى، فيما حاول أهالى المتهمين الصادر بحق 21 منهم حكمًا بالإحالة للمفتى، اقتحام سجن بورسعيد، لتهريب ذويهم، فيما انتشرت مجموعات تخريبية أطلقت على نفسها مجموعات «البلاك بلوك» فى محافظتى «السويس والإسماعيلية» ونجحوا فى إحراق العديد من المحلات، قبل أن تتمكن قوات الجيش من السيطرة على الأوضاع، التى تفاقمت فى محافظة بورسعيد بعد أن أسفرت الأحداث عن مصرع قرابة 30 شخصًا جراء أعمال العنف.
«الصباح» رصدت أحدث «الأحد الدامى» فى محافظات القناة، ورصدت ردود أقعال الأهالى ومحاولاتهم لصد هجمات البلطجية والخارجين على القانون، وأعمال التخريب، وصرخات النساء الثكالى اللاتى فقدن أبناءهن فى حروب شوارع اندلعت فى المحافظات الثلاثة التى قالوا إنها سقطت من حسابات حكومة الإخوان.
*محرر «الصباح» يشترى سلاح ميرى مسروق ب 250 جنيها
«الصباح» ترصد مشاهد الرعب وأسرار هروب المساجين من قسم السويس وتهريب السلاح لمناطق الأعراب
الجيش يحبط محاولة سرقة 11 طن بانجو «أحراز قضايا».. وشاهد عيان:«البلاك بلوك» ظهروا وتشاجروا على السلاح بعد سرقته
والدة الشهيد محمد غريب: ابنى قال لى رايح احتفل بالثورة..فعاد به صديقه جثة هامدة
كأنها خاوية على عروشها، تبدو مدينة السويس الباسلة الشاهدة على سقوط أول شهيد فى الثورة؛ ليروى بدمائه أرضها التى خرجت منها شرارة ثورة أسقطت نظام مبارك بأكمله..مدينة الغريب، كما يطلق عليها أهلها تظل شاهدة على سقوط شبابها الذين نزلوا أمام محافظة السويس لإحياء الذكرى الثانية لثورة 25 يناير.. لتكتب على جبين نظام الإخوان سطور العار .
من يرى المشهد من خارج المدينة، لا يستطيع أن يصف ما بداخلها من حزن شديد، ومؤلم، بسبب سقوط 11 شهيدا، ضحايا للفوضى والعنف.. ويبقى الترقب الذى يعيشه الأهالى خوفا بعد خروج المساجين وانتشار السلاح بين مجهولين فى المدينة، وخروج قوات الشرطة من المشهد وأصابع الاتهام تلاحقها..
«الصباح» كانت هناك.. مع أهالى الشهداء تتلقى العزاء معهم وترصد ما يحدث فى الشارع السويسى بعد أن أصبحت ثكنات عسكرية لحماية المنشآت العامة والمواطنين، تبحث هناك عن الحقيقة وراء ما حدث وهروب المساجين.
«محمود أحمد» شاهد عيان من أهالى السويس على كل الأحداث منذ بدايتها، يقول إن من قام باقتحام وسرقة أقسام الشرطة بعضهم من العرب الموجودين فى مناطق «عرب الدبور، والفرز، والعقد، وكفر كامل، والبراجيل، والعقدة، ومنطقة الإمام فى الصباح»، وهى تلك المناطق الموجودة على طريق السويس، وينتشر فيها عدد من تجار المخدرات والسلاح، ويقطنها الكثير من البلطجية من الأعراب، ويؤكد أنه رأى بعينه ما يقرب من12 سيارة نص نقل مساء الجمعة الماضية تقف بجوار مسجد حمزة، تحمل بداخلها العشرات من الغرباء بأسلحتهم، وكانوا يقفون على الطريق للسطو على السيارات وسرقة المواطنين.
ويضيف، شاهدت بعينى جنود الأمن المركزى وهم يحطمون السيارات الموجودة على الطريق السريع.
يشير محمود إلى أن أعماق الأزمة التى دفعت بكثير من الشباب، إلى الغضب قائلا: السويس تسمى بلد الغريب لأن شركات البترول والكهرباء بالمحافظة لا توافق أن يعمل أى من شباب المدينة لديهم، ولكنهم يعينون الأغراب.
محمود استطاع أن يأتى لنا بأحد الأسلحة المهربة من قسم السويس «طبنجة 9 مل»، بعدما أكد لنا أنه وسيط، لبيعها مؤكدا أن قيمتها لا تكلفنى أكثر من 250 جنيها فقط، ولأنها تهمة، سيبيعها لى لكونى «غريب» ولست من المدينة، لكنه اشترط أن آخذها وأرحل على الفور من المدينة بأكملها، إلا أن الصفقة فشلت بسبب عدم الاتفاق على السعر .
كانت حركة السير فى شوارع السويس قد اختفت تماما، بعدما خرج الأمر عن السيطرة وفرضت قوات الجيش الثالث قبضتها على المدينة وتحولت الشوارع إلى ثكنات عسكرية ومعدات خاصة ومدرعات تنقل الجنود من مكان لآخر وتقوم بدوريات متتالية فى مناطق السويس وأحيائها المختلفة.
الحريرى شاهد عيان
من أمام مبنى مكافحة المخدرات القديم والمعروف بأنه «وحدة المراقبة الزراعية» يقف سيد الحريرى50 سنة الذى يعمل حارسا على المخزن الذى يحوى أطنانا من مخدر البانجو الذى يتم ضبطه من قبل كل أقسام شرطة السويس؛ ليتم حفظه والتخلص منه، ويقول: ليلة السبت تفاجأت ببلطجية يحاولون اقتحام مبنى «المراقبة الزراعية»، وتحطيم الشبابيك، والدخول لسرقة 2 طن بانجو أحراز، ضمن الكمية الموجودة لدينا، وهى 11 طنا، الأمر الذى جعل أهالى المنطقة يبلغون الجيش بعد أن أخطروا الشرطة مئات المرات دون جدوى، وتم القبض على 4 من المتهمين من قبل الجيش والأهالى، وتحميل كميات البانجو فى ثلاث سيارات للشرطة العسكرية، ونقلها للقيادة المركزية للجيش فى السويس، مؤكدا أن الشرطة لم توافق على وضع أى حراسات عسكرية على هذا المقر من قبل الأحداث.
الحدث الأبرز مأساوية فى السويس كان اقتحام بعض المتظاهرين بأعداد غفيرة لقسم شرطة السويس مساء السبت الماضى، وتهريب 28 سجينا، وسرقة محتويات القسم من أسلحة وذخيرة، وإشعال النيران فى مبنى «المطافى» بكل محتوياته، وحرق قسم الشرطة، وإرهاب المواطنين فى شارع الجيش، واقتحام أقسام شرطة فيصل وعتاقة والأربعين وغيرها من نقاط ومراكز الشرطة.
«أحمد متولى» 55 سنة، شاهد عيان على ما حدث بقسم السويس، يقول: إنه فى الساعة الثانية مساء السبت، سأل أحد أمناء الشرطة بالقسم عما يحدث فقال له إنهم جاءتهم إخبارية عن أحداث ستؤدى إلى اقتحام القسم وتهريب المساجين، إلا أنهم ينتظرون ليروا، وفى الرابعة عصرا شاهد متولى ضباط القسم وأفراد الشرطة مع بداية المظاهرات يتركون القسم ويفرون عقب الهجوم عليهم، وشاهد ما يقرب 300 شاب ملثمين يشبهون جماعة «بلاك بلوك»، ومعهم مولوتوف وطوب وأسلحة ثقيلة آلية وخرطوش وهرّبوا المساجين الموجودين جميعهم، وكان من ضمنهم سيدتان ترتديان عبايات سوداء، وفروا هاربين مع بعض الشباب، وهو ما أكده اللواء عادل رفعت مدير أمن السويس، موضحا أن عددهم كان 28 سجينا، محبوسين فى تهم بسيطة ويقضون مددا صغيرة، وبعضهم سيخرج بعد أسابيع وشهور، وأن نوعيات الأسلحة التى تمت سرقتها تتراوح بين أسلحة آلية وبنادق وطبنجات ميرى .
سرقة الأسلحة
«أحمد الثمنى» الذى كان يقف فى بالكونة شقته المطلة على الشارع المجاور لقسم السويس، شاهد الأشخاص الذين هجموا على المنطقة وهرّبوا المساجين، وقال إن بعضهم ملثمون، والباقى لم يكونوا من شباب السويس، ويؤكد أنه رآهم يتشاجرون على الأسلحة التى سرقوها، وأن من كان يقترب منهم ليصورهم أو يدخل وسطهم كانوا يهددونه، ولذلك ابتعد الأهالى عنهم فى ظل عدم وجود الشرطة أو الجيش.
الصباح فى عزاء الشهيد علي سليمان
فى عزاء الشهيد على سليمان السيد، 19 سنة، وهو من أبناء منطقة الأربعين بالسويس، التقينا والده، حيث روى كواليس استشهاد نجله قائلا، ابنى على كان طالبا بالسنة الثانية فى كلية تجارة السويس، ولم يهتم أبدا بأى نشاط سياسى وهو رياضى وبطل فى كمال الأجسام مثل والده، وخرج مع زملائه ليشاهدوا المظاهرات، لكنه كذب على قائلا: إنه فى منطقة فيصل البعيدة عن المظاهرات والنيران، وحدثته تليفونيا قبل الحادث بنصف ساعة، وقال إنه سيعود للمنزل، لكننى سمعت دوى النيران الشديدة فخرجت منن نادى السويس لأرى مشهد جندى أمن مركزى يحمل رشاشا ويفتح النيران بشكل عشوائى على الجميع بطريقة هستيرية، وفوجئت بصديق يهاتفنى قائلا: إن على نقل للمستشفى بعد إصابته، فهروت للمستشفى اتفقد المصابين والموتى فلم أجده إلا أن أحد الموظفين دلنى على جثته قائلا: «البقاء لله».
شقيق الشهيد «كريم» ويعمل مقاول دهانات يقول وهو يبكى أخى أصغر منى كان فى السنة الثانية بمدرسة التجارة أخى محمد يوم استشهاده نزل وقام بحلاقة شعره وارتدى ملابسه، وقلت له رايح فاين فرد على إنه سوف يحضر احتفال الثورة، فقلت له ما لنا وما لكلام ده قال أنا عاوز افرح مع زملائى ويبكى قائلا: أنا كنت حاسس إنى مش هاشوف أخويا تانى وعاوز حق ابنى من الشرطة الذين قاموا بإطلاق رصاص حى على اطفال وصبية فى عمر الزهور .
خال الشهيد مصطفى سيد عثمان ويعمل نقاشا قال، ابن أختى محمد عندما عرف أن فى مظاهرات سلمية فى الاحتفال بالثورة قال سوف انزل، وصديقه قال لى إن محمد قال له: «الموضوع فيه قلق يالله نمشى، فرد صاحبة طيب هقول لأصحابى إنى ماشى، وبمجرد أن التفت له وجده على الأرض غارقا فى دمائه»،
عم الشهيد محمود يقول ابن أخى ذهب ليحتفل بالثورة فلقى ضرب نار الداخلية تضرب عليهم نا ليه عملوا إيه وتابع: إن ابنى أخى أول شهيد سقط وسقط برصاصة فى صدرة وقام بإحضار فارغ رصاصة، وقال هى دى اللى كانت فى صدر ابن أخى واتهم وزير الداخلية ورئيس الجمهورية وحكومة قنديل بالتسيب وعدم تحقيق الأمن وعدم إعطاء تعليمات بالتعامل بهدوء مع المتظاهرين.
جدة الشهيد التى اعياها فقد حفيدها، أصبحت لا تقوى على الكلام لكنها قالت عبارة أبلغ من كل كلام، عندما صرخت: «حسبى الله ونعم الوكيل» وحفيدى ذنبه فى رقبة رئيس الجمهورية.
*«الصباح» تكشف تنظيم «حافظ سلامة» قائد عمليات ميليشيات الإخوان فى بورسعيد
*ننفرد بنشر أسماء ممولى الأولتراس من رجال الجمارك وخريطة انتشار البلطجية
رائحة الموت تملأ الطرقات.. صمت يخيم على الشوارع التى اتشحت بالسواد، الأمر الذى أحال نهارها إلى ظلام، بعد أن حجبت الأشباح ضوء الشمس عنها فباتت «المدينة مظلمة»، فيما سيطرت حالة من الخوف والرهبة على الأهالى، من أى غريب، وأصبح من الخطورة سير أى شخص غريب فى المدينة، بسبب اللكنة المميزة لأهالى مدينة بورسعيد.
أهالى المدينة التى فقدت 30 من أبنائها فى أحداث بورسعيد، بعد أحكام بإعدام 21 شخصا، ينظرون إلى الغريب نظرة غاضبة، تحمل كراهية لعاصمة البلاد القاهرة التى يوجد بها مقر النادى الأهلى، وأولتراس أهلاوى، سبب ما وصل إليه حال المدينة.
إذا تمكنت من دخول المدينة فلا تحاول التحدث بلكنة «القاهريين» لأنك ستكون هدفًا للأهالى الغاضبين.. وعناصر اللجان الشعبية التى أحالت بورسعيد إلى «مصراتة» الليبية، التى استولى عليها «الشبيحة» فباتوا يقتلون الشباب والرجال والنساء، الوضع فى المدينة كان أسوأ من مصراتة.
مع بلوغ الشمس ذروتها وقبل أن تتجمد دماء الجثث خرج الآلاف من أهالى بورسعيد لتشييع جثامين الضحايا الذين لقوا حتفهم فى أعقاب معارك «اقتحام سجن بورسعيد»، والتى حاول أهالى المحكوم عليهم بالإعدام اقتحامه بمدافع «الجرينوف».
تحركت الجنازة نحو مقابر بورسعيد وسط هتافات «بالروح بالدم نفديك يا شهيد»، وسط دعوات السيدات وهتافات «ربنا يحرق قلبك على عيالك يا اللى قتلتهم».
«الصباح» عايشت أحداث اليوم الصعب فى «مدينة الأموات»، والتى بدأت مع شروق شمس أمس الأول، حيث اتجهنا لموقف المرج لاستقلال السيارة المتجهة لبورسعيد، حيث كان الأمر أشبه بمهمة مستحيلة أشبه بالسفر إلى الموت خاصة بعد أن علمنا أن أهالى بورسعيد شكلوا لجانا شعبية، تستوقف المترددين على المدينة لسؤالهم عن هوياتهم، وإذا تم اكتشاف أنه «مصرى» كما يطلقون عليه، يتم «سحله» والتنكيل به، كانت تلك الشائعات التى تتردد قبل الذهاب إلى هناك، ثم ما لبثت أن تحولت تلك الشائعات إلى حقيقة أكدها «عم إبراهيم» السائق وهو رجل يبلغ من العمر من 59 عاما، يعمل على الطريق منذ عشرة أعوام.. يحفظه جيدا كما يعرف ملامحه وهو رجل بورسعيدى يعيش بشارع «المحافظة» بالقرب من حى «المناخ» ببورسعيد.
يقول «إبراهيم»: «اتهامات أهالى القاهرة للبورسعيدية جعلت للمواطن البورسعيدى ثأر عند أهل القاهرة، بسبب أحداث استاد بورسعيد والمجزرة التى شهدها الاستاد، خاصة أن الاتهامات التى أطلقها القاهريون كانت ظالمة وعدوانا على بورسعيد وشعبها، ونحن مصريون كغيرنا ليس لنا يد فيما يحدث، إلا أن الحكم الذى صدر ضد أبناء بورسعيد لم يتطرق إلى مرتكبى الحادث الحقيقيين، ومن يقفون وراء هذه العمليات، وهم الشخصيات التى يعلمها جميع أبناء بورسعيد، وتعلمها الحكومة أيضا، إلا أن المصالح منعت تقديمهم للعدالة، وهذه هى الأسباب وراء ثورة الغضب التى يعيشها أبناء بورسعيد».
*وقائع الحادثة
ما إن انتهت محكمة جنايات بورسعيد من إعلان أحكامها بإعدام 21 متهما فى أحداث مجزرة بورسعيد حتى تحولت المحافظة لسرادق عزاء كبير اختلط فيه البكاء والعويل بأصوات الرصاص وقنابل الدخان، فما إن انتهى القاضى من تلاوة منطوق الحكم حتى تحول الحزن العميق إلى غضب عارم ضد الرئيس مرسى وجماعة «الإخوان المسلمون»، تمت ترجمته فى صورة الاعتداء على قوات الأمن المكلفة بتأمين السجن العمومى، وكانت حصيلته عشرات من القتلى والمصابين.
ردة الفعل الأولى على الحكم كانت عدوا مباشرا نحو الحواجز الفاصلة بين المتظاهرين ومحيط السجن وإطلاق الرصاص من البنادق الآلية وتحطيم كل ما يقابلهم، كما تم إحراق السيارة الخاصة بقناة «الحياة»، وواجهة كلية التربية القريبة من السجن، وقسم شرق الذى يقع على مقربة شارع واحد من مقر الأحداث، إضافة لتحطيم عدد من السيارات وواجهات المحلات.
رسالة أهالى بورسعيد للرئيس محمد مرسى حملت عتابًا حيث كان نصها «يا ريس ضحّيت بمحافظة كاملة عشان 26 محافظة يعيشوا»، تلك كانت رسالة أغلب من قابلتهم «الصباح» فى شوارع بورسعيد، مؤكدين أن الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية هو من أصدر الحكم القضائى لاستيعاب غضب أولتراس الأهلى، الذين فشل فى مواجهتهم فى مختلف محافظات مصر.
*على عتبات المشرحة
داخل مشرحة مستشفى بورسعيد العام، كان الوضع أكثر مأساوية ومظاهر الحزن تخيم على المكان، صرخت إحدى السيدات «يا بلد البالة مافكيش رجالة، فضلوا أولتراس الأهلى عليكم» بعد أن فقدت زوجها، مؤكدة أن الرئيس محمد مرسى لا يأبه بمحافظة بورسعيد، ويعتبرها مجرد محافظة صغيرة لا بأس أن يضحى بها طالما أن ذلك سيلهى باقى المحافظات عنه.
أمام باب المشرحة وقف شاب يبكى بعد أن فقد شقيقه محمد الضظوى لاعب المريخ البورسعيدى قائلا: «الضظوى طيب، ده كان هيروح المصرى»، فيما أضاف شخص يرافقه: «الجماعة سلمتنا كبش فداء عشان يراضوا الأولتراس، سلموا إخواتنا بالظلم».
سيطرت حالة من الغضب على شوارع المدينة «الباسلة» التى قاومت الاحتلال، وطال الغضب كل ما هو إخوانى، فأمام أحد المحلات المملوكة لأحد أعضاء الجماعة فى المحافظة، وقف شخص قائلا: «فين السلاح بتاعكو عشان نطلع إخواتنا؟ ولا السلاح مبيطلعش بس غير عشان تطلعوا مرسى من السجن»، بينما صرخ آخر فى الأهالى أمام مستشفى بورسعيد العام قائلاً: «مش ده مرسى اللى اختارتوه؟ مش دول الإخوان؟ اشربوا بقا؟».
وعلى المقاهى يجلس رجال بلغوا من العمر أرذله ولم تمكنهم ظروفهم الصحية من المشاركة فيما يحدث فشاركوا بالنقاش والجدال أمام نشرة الأخبار، فمنهم من يؤكد أن الرئيس مرسى يحاول إلهاء الشعب عن المطالبات المستمرة بإسقاطه، بينما رأى آخرون أن الهدف من ذلك استمرار المواجهات، وحالة عدم الاستقرار، حتى يظل الشعب فى حاجة للرئيس.
جميع من التقتهم «الصباح» أجمعوا على أن نصف المتهمين على الأقل أبرياء مما حدث، ولا علاقة لهم بالحادث من قريب أو بعيد، وأن شعب بورسعيد كان كبش فداء لأخطاء النظام المتتالية عبر العصور والأنظمة، وأن النظام المصرى كان ومازال يتعامل مع الشعب البورسعيدى باعتباره عدوا حتى إن البعض قال: «هيقطعوا عننا المياه والنور والغاز لازم نقفل مداخلنا ومخارجنا علينا».
«الرئيس مرسى – جماعة الإخوان– ألتراس أهلاوى– اضطهاد شعب بورسعيد».. هى قائمة متهمين أعدها المحتجون ولم يجدوا أمامهم غير سجن بورسعيد وقوات الشرطة كى يقيموا فيهم «عدالتهم» الخاصة، وازدادت لديهم أسباب الغضب والانعزال مع سقوط أكثر من 25 قتيلا فى الأحداث، قبل أن تتمكن قوات الجيش من نزع فتيل الانفجار الشعبى ضد النظام.
*ميليشيات مسلحة
قال هانى الجبالى، محامى المتهمين: «ليس من الطبيعى أن يطلق قناصة من بورسعيد النار على ذويهم وهم فى طريقهم لدفن جثث الشهداء، إلا أن الأمر يشير إلى خروج ميليشيات مسلحة تابعة لجماعة الإخوان وحركة حماس، لارتكاب مجزرة فى المدينة الباسلة، وكان حكم المحكمة هو ساعة الانطلاق لها، بعد أن قامت المحكمة بتجزئة الأحكام».
وأضاف أن «المتهمين فى الأحداث بعيدون كل البعد عن الحادث، وجميعهم طلاب لا تتجاوز أعمارهم العشرين عامًا وعددهم 21، منهم 5 هاربون، ليصبح هناك 16 متهما منهم 4 تم إخلاء سبيلهم لعدم اقتناع النيابة بالأدلة، بخلاف 2 أحدهم طالب حقوق والآخر مهندس كمبيوتر، وهناك بعض المتهمين أثبتت التحقيقات أن التهم الموجهة لهم غير حقيقة وملفقة».
وطالب الجبالى بمحاكمة المتهمين الحقيقيين المتورطين فى الأحداث، مؤكداً أنهم نواب سابقون فى الحزب الوطنى مثل «الحسينى أبوقمر عضو لجنة السياسات بالحزب الوطنى ومحمود المنياوى أمين الحزب الوطنى ببورسعيد وجمال عمر صديق جمال وعلاء مبارك».
شبكة البلطجية
مع غروب شمس أمس الأول، اشتعلت الأوضاع وارتفعت أصوات دوى الرصاص، فى شارع محمد على وأصبح مغلقا من جانبيه، كان يتم إطلاق النيران بمعدل كل خمس دقائق من عناصر مجهولة ترتدى أقنعة سوداء أكدت المصادر أنها ليست تابعة لمجموعات «البلاك بلوك» فمازالت هذه المجموعات خارج بورسعيد ولم تنفذ خطتها هناك، كل هذا بينما كان الوضع أكثر صعوبة فى مناطق «الخمس آلاف، والزهور، والحرية، والأمين، والتعاونيات، حيث تواجدت أعداد من البلطجية قاموا بممارسة أعمال عنف دون أى رادع.
انتشر مجهولون ومقنعون فى شوارع المدينة واختفت السيدات من الشوارع، فيما انتشرت اللجان الشعبية فى مداخل ومخارج المدينة، وجميع الشوارع، وتولى تأمين الشوارع والمنازل شباب ورجال يحملون أسلحة بيضاء ونارية بصورة عشوائية، فيما حاول مسلحون اقتحام قسم العرب، كما قامت حشود مسلحة بإشعال النيران فى «جبانات اليهود».
لم تقتصر الوقفات على الأولتراس أو المقنعين فقط بل تضامن معهم أهالى المتهمين والمعترضين على الأحكام التى صدرت بحق أبنائهم حيث رأوا أن الأحكام جاءت بشكل مسيس ولم تتحدث عن المتورطين الحقيقيين من رجال الحزب الوطنى والذين جاءت أسماؤهم فى مذبحة بورسعيد وأنهم يقفون وراءها.
احتشد الآلاف من أهالى المدينة فى تشييع جنازة شهداء المدينة، فى مشهد مهيب حتى إن ثلاثة جثث سقطت من نعوشها عقب خروجها من مسجد مريم بجانب مستشفى آل سليمان، وسط اتهامات لجماعة الإخوان بالوقوف خلف الأحداث، وهدد الأهالى الغاضبون بقتل أى إخوانى يتواجد فى محيط الجنازة، ما دفع إخوان بورسعيد لعقد اجتماعات طارئة بمقر حزب الحرية والعدالة لمناقشة كيفية مواجهة ما وصفوه بالشائعات، ووصلوا إلى عدة مقترحات منها التواصل مع قيادات القوات المسلحة للحصول على دعم أمنى، وتوزيع منشورات تتحدث عن إنجازات الإخوان فى بورسعيد، وتجهيز سيارات بميكرفونات كدعاية مضادة لما يتم نشره.
*حافظ سلامة والإخوان
وعلمت «الصباح» أن جماعة «الإخوان المسلمون» فى بورسعيد لم تلجأ إلى حمل الأسلحة إلا فى أعقاب الهجوم على مقر حزب الحرية والعدالة، ما دفع قيادات الحزب للاستعانة بعناصر من السلفيين يرأسهم «بلطجى» يدعى حافظ سلامة، والذى يمتلك تنظيمًا مسلحًا من البلطجية ومرشدى أمن الدولة ومهربى الأسلحة عبر الموانئ، من خلال مجموعات تعمل فى الميناء فى مناصب إدارية، وتم تدعيم عمل هذه المجموعات من قبل أمن الدولة وهم أفراد كانوا منضمين فى أعمال الدعوة، فتم عقد صفقة بينهم وبين الأمن على أن يسمح لهم بالعمل داخل الميناء مقابل عدم الانخراط فى العمل الدعوى، الأمر الموثق بمحاضر أمن الدولة المنحل.
فى أعقاب «صفقة أمن الدولة» توسعت جماعة «حافظ سلامة» وأصبحت قادرة على تفريغ حاويات تصل حمولتها إلى 40 طنا دون تفتيش أو رقابة، وهؤلاء أيضا من كانوا وراء عمليات اقتحام الميناء وتعطيل عمله لمدة أيام، واستمرارا لتلك الصفقات المشبوهة التى يهرب عن طريقها آلاف الكميات من الأسلحة عبر البطاقة الاستيرادية يستيطع أى مواطن بورسعيدى الحصول عليها ثم يقوم ببيعها ويتقاضى أمامها 200 ألف جنيه سنويا.. كل تلك الأعمال تتم دون أى رقابة.
*رجال الأعمال ودعم الأولتراس
تنقسم بورسعيد جغرافيا إلى 7 أحياء هى حى شرق العرب، الضواحى، المناخ، الزهور، الجنوب، بورفؤاد والتى تعتبر خارج سياقات العنف والبلطجة، أما حى شرق فيعد الأكثر ثراء ويمتد من ميناء وسط القناة حتى شارع محمد على وهو أيضا حى راقٍ، أما حى العرب فهو الحى الشعبى القديم والذى لا يوجد فيه بلطجية أو أعمال عنف بشكل كبير وكذلك حى المناخ، وحى الضواحى هو حى حديث نسبيا تركيبته السكانية مخلخلة وخفيفة عشوائية، أما حى الجنوب فهو خارج بورسعيد (20 كيلو) بالقرب من حى الزهور المرافق لبحيرة المنزلة وهما أكثر المناطق التى تنتشر بها أعداد البلطجية وبها جزر صغيرة يصعب السير عليها وتتركز أعمال العنف بالمدينة فى مناطق حى ناصر والحرية والسلام.
وتنتشر فى المدينة روابط الأولتراس المكونة من مجموعات شبابية تنتشر فى الأحياء الفقيرة وتحصل على استفادة مادية من وراء «الشو» والاحتفالات وينفق عدد من كبار رجال الجمارك عليها للحصول على دعمهم خلال الانتخابات البرلمانية.
واتهم عدد من أهالى بورسيعد رجال أعمال بدعم وتمويل المجموعات الشبابية فى الأحياء الفقيرة والتى تحصل على استفادة مادية، مؤكدين أن من يقف خلفهم هم شريف شدوى مستخلص جمركى، أحد الأثرياء الذين قاموا بتكوين ثرواتهم من أعمال التهريب، وأحمد فرغل، أحد كبار المستوردين، الذى يبلغ من العمر 32 عاما حيث ينفق ما لا يقل عن 10 ملايين جنيه فى كل انتخابات للسيطرة على عناصر الأولتراس.
وبحسب الأهالى فإن لجنة الحكماء التى تم تكوينها لحل أزمة مذبحة بورسعيد كانت مكونة من على درة، القيادى بجماعة «الإخوان المسلمون» فى بورسعيد، والمحامى أشرف العزبى وإبراهيم المصرى وهو «بلطجى» صدر ضده حكم فى قضية الاعتداء على أحد الصحفيين.
*الأهالى يروون تفاصيل مشاهد العنف والدماء ..وأصابع الاتهام تشير إلى «البلاك بلوك»
* «حرب شوارع» فى «منطقة الممر» ..ووالد الطفل الشهيد: مرسى سبب البلاء
فى الإسماعيلية بدأت جولتنا لرصد آثار مشاهد العنف والدمار، من مستشفى الأميرى الذى توفى فيه الشهيد ناصر اليمانى، متأثرا بإصابته بطلق خرطوش عقب أحداث العنف التى شهدتها الإسماعيلية، فى الذكرى الثانية ل 25 يناير، رصدت «الصباح» معاناة أسر أهالى الشهداء والمصابين.
فى المستشفى، تحدث معنا أحمد فراج، أحد أفراد أمن المستشفى الأميرى بالإسماعيلية، قائلا إنه عند خروجه من منزله يدعو الله أن يعود إلى أطفاله، فهو كأنما يحمل كفنه على يده بسبب عدم تواجد الأمن فى الإسماعيلية، فى ظل الظروف الحالية، ويضيف أحمد: أهالى الشهيد ناصر فقدوا السيطرة على أعصابهم حينما وجدوا جثمان الشهيد ناصر فى المستشفى، وهو ملقى على سرير متسخ وحوله القمامة من جميع الجوانب، ما أثار غضبهم فتعدوا على الممرضات، وحطموا الزجاج الموجود داخل المستشفى بالتعاون مع ثوار حركة 6 أبريل، حين لم يجدوا أطباء جراحة داخل المستشفى، ولم يكن أمامهم إلا أفراد الأمن والممرضين.. أحمد يصف أطباء المستشفى بأنهم ليسوا بشرا، لأن عياداتهم أهم بكثير من الاهتمام بأرواح البشر.
مستشفى جامعة قناة السويس بالإسماعيلية، مكان أشبه بالأشباح لا يوجد به غير المتوفين والمصابين من بورسعيد، ففى ذلك المستشفى لا توجد أبواب ولن تجد عليها من يسألك إلى أين تذهب، لا يوجد بها غير شباك صغير، به موظف يقتصر دوره على تحصيل ثمن التذاكر فقط من الغلابة، الذين لا يشعر أحد بهم غير أنفسهم فالطوابير الغلابة أصبحت لا تقتصر على شراء رغيف الخبز فقط ولكنها أصبحت على تذاكر الموت، فأصبح دور المستشفى يقتصر فقط على استقبال مصابى الحوادث والمظاهرات، والغرف أصبحت مليئة بمصابى المظاهرات لكن المستشفى فى الوقت نفسه يتعرض لأعمال الشغب والبلطجة.
حين تسير داخل المستشفى تشتم الروائح الكريهة التى تنبعث من غرف المرضى وتشاهد أهالى المصابين جالسين على الأرض داخل الغرفة بجانب أبنائهم، فى هذا المستشفى أكثر من مصاب على سرير واحد، وعددهم أكثر من 150 مصابا يزدادون يوميا، ولا يوجد به غير 5 أطباء فقط.
فى المستشفى اسوقفتنا زوجة المصاب ياسر السيد حسن على، وهو مصاب فى أحداث بورسعيد، بطلق نارى فى الصدر، ظلت الزوجة الخائفة تبكى وهى تشكو لنا حالها قائلة: «حسبى الله ونعم الوكيل فى مرسى، هو اللى خلى البلد كده»،
دائما كان ياسر المصاب قبل أن يكون واحدا من الضحايا، يتمنى أن يحكم على المتهمين فى أحداث مذبحة استاد بورسعيد بالمؤبد، ولكن ليس بالإعدام، بسبب خوفه من الأولتراس سواء من مشجعى النادى المصرى أو النادى الأهلى»، وتكمل زوجته: «زوجى راح ضحية الأهلى وشباب لا يتعدوا ال 18 من العمر، بتصرفاتهم الطائشة، التى حولت بورسعيد إلى ما يشبه المنطقة المنكوبة التى أصبحت تشهد يوميا عشرات القتلى ومئات المصابين».
مشرف الطوارئ فى المستشفى، على صلاح، يؤكد أن مستشفى الجامعة استقبل، أكثر من 11 مصابا، أغلبهم أصيب بطلق نارى فى الصدر والبطن والفخذ، بالخرطوش، ومنهم من ينازع الموت منذ دخوله المستشفى حتى الآن، مثل حالات المصابين ياسر، وسيد، ومدحت بربك، وسيد حسن، ويؤكد أن المستشفى وصله أيضا حالات لمصابين من الإسماعيلية نتيجة تطور الأحداث فى المظاهرات التى بدأت من يوم 25 يناير حتى الآن، وما شهدته من أعمال الشغب والبلطجة، حتى أنها استقبلت أكثر من 25 مصابا، معظمهم أصيب بطلق نارى وخرطوش، ومن بينهم أيضا الشهيد الطفل إبراهيم عاطف محمود محمد.
*حكايات الشهداء
الطفل إبراهيم عاطف محمود محمد الذى يبلغ من العمر 8 سنوات والمقيم بمنطقة البلابسة بالإسماعيلية كان قد خرج مع أبيه ليلة أمس، وظلت أمه وقتها تقبله كثيرا دون أن تعرف ما سبب ذلك، وقتها شعرت بالخوف الشديد على ابنها وكأنها تراه لآخر مرة فى حياتها.
ذهب إبراهيم مع أبيه والفرحة تغمر قلبه، لأنه سيلهو مع أصحابه فى الشارع، وعندما وصل أبوه إلى المقهى قال له: «اذهب يا إبراهيم العب مع أصحابك بس ماتبعدش عن عينى».. ذهب إبراهيم وظل يرقص فى الشارع من كثرة فرحته، حتى سقط فجأة على الأرض والدماء تنزف منه بغزارة، فهرع الأهالى ليحملوه وذهبوا به إلى أبيه فسقط أبوه الذى راح يبكى كالأطفال، ويحتضن ابنه فى حضنه، وهو يصرخ من شدة الألم لا يعرف ماذا حدث، وما الذى أصاب ابنه؟، فذهب به إلى مستشفى الجامعة، لكن لم يحالفه الحظ فى أن ينجو بطفله، وبعد فحصه فى مشرحة الإسماعيلية تبين أنه أصيب بطلق نارى خرطوش فى منتصف الرأس، بينما ظل أبوه يدعو على مرسى بسبب البلاء الذى جاء به على البلد بأكمله.
يقول والد الشهيد إبراهيم: ابنى لم يعرف فى حياته شيئا، دائما كان يشاهد التليفزيون ويقول لأبيه: «يعنى إيه مات شهيد» ليجيب فى النهاية هو بنفسه عن سؤاله بعدما مات شهيدا.
محمد منصور، موظف بالكهرباء، مقيم بحى البلابسة يقول: «منذ فرض الإخوان سيطرتهم على البلاد، أصبح هناك كل يوم شهيد، ففى بداية حكمهم راحوا يوزعون السلع الاستهلاكية على الأهالى وزرع الأشجار، ولكن بعد توليهم أصبح هناك فرق بين مسلم ليبرالى ومسلم إخوانى ومسلم سلفى، فنشروا الفتن بين الشعب ما أثار غضب الأهالى عليهم، وأدى لحرق جميع مقرات حزبهم الحرية والعدالة فى الإسماعيلية»، ويضيف: «أما حال البلاد الآن رغم وجود الجيش فى كل مكان بأرجاء الإسماعيلية فإننا أصبحنا نشعر بأنه لابد أن نحمل سلاحا حتى ندافع عن أنفسنا وعن أسرنا، كما أنه لم تعد لدينا مبالغ نصرف منها، فأصبحت الديون تطاردنا من كل اتجاه.
*حرب شوارع بالإسماعيلية
الشعور بعدم الأمان أصبح يسيطر على أهالى الإسماعيلية، خصوصا بعدما شهدت المدينة حرب شوارع عند «ميدان الشهداء»، فى ظل فرار عناصر الأمن من قسم شرطة ثان بالإسماعيلية.
«إدوار لمعى» صاحب مكتبة، تهجم عليه أكثر من 400 فرد ممن كانوا متواجدين فى الميدان أثناء الأحداث، يؤكد أن من تعرضوا له شباب لا يتعدون ال18 من عمرهم، مخفيو الوجه، ويرتدون ملابس سوداء، مشيرا إلى أنهم ألقوا على المكتبة المولوتوف، وإطلاق ضربات النار الآلى على المواطنين فى الوقت الذى بقى فيه رجال الشرطة يشاهدون الموقف من بعيد.
حاتم حسنين، الذى يعول أسرة مكونة من 4 أفراد، ويدفع إيجار محل ب 700 جنيه، تعرضت زوجته للضرب والاعتداء من قبل أطفال لا تتعدى أعمارهم 9 سنوات، عندما رشقوها بالحجارة حتى يقتحموا المحل ويسرقوا كل أدوات الكهرباء، قبل أن يفروا هاربين.
ويضيف، محمد عبدالله عبدالعال المحامى، كل ما تمكن من فعله هو أن يتصل بمكتب المأمور وأعطاه رقم السيارة النقل التى حملوا عليها، كل الأجهزة ولاذوا بالفرار.
أما ناصر وأحمد، صاحبا كافتيريا السكة الحديد بمنطقة الممر اللذان تعرضا لهجوم من البلطجية على الكافتيريا، وتحطيم كل ما بها، وإلقاء المولوتوف وإطلاق النار، كما قاموا بفتح الأبواب والأقفال باستخدام مياه النار لسرقة ما بداخل المحلات.
أما محمد سمير، صاحب محل دواجن، فيؤكد أن من هاجموه هم من البلاك بلوك بسبب ملابسهم المميزة، وقد تمكنوا من سرقته، مؤكدا أن مجموعات من هؤلاء اعتدوا على الثوار أيضا بعدما سرقوا الفراخ المجمدة، وكروت الشحن من محلات أخرى، ثم قاموا بالهجوم على قسم شرطة ثان الإسماعيلية واتجهوا ناحية المحافظة ومنها إلى سنترال الإسماعيلية.
من ناحيته أكد مأمور قسم شرطة ثان الإسماعيلية اللواء مصطفى صلاح، أنه تم القبض على أكثر من 50 فردا مشتبها فيهم لممارسة أعمال الشغب والسلب والنهب، وتبين أن هناك عددا منهم من المسجلين خطرا، وآخرين أعمارهم لا تتجاوز العشرين عاما.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.