جاء فى بعض وسائل الإعلام فى الأسبوعين الماضيين أن الطالبة أميرة إبراهيم العراقى، قد أصبحت بين عشية وضحاها حديث الإعلام فى مصر وخارجها، بعد حصولها على المركز الأول فى الثانوية العامة، لكونها ابنة الدكتور إبراهيم العراقى، أحد أبرز أساتذة جراحة المناظير فى مصر والشرق الأوسط، والمعتقل منذ ما يقرب من 30 شهرًا بتهمة الانتماء لجماعة «الإخوان المسلمين». وتعرضت الطالبة أميرة عراقى لهجوم واسع عقب تصريحاتها للإعلامى محمد ناصر على قناة «مكملين»، المحسوب على «الإخوان» التى هاجمت فيها النظام، عندما سألها: «عادة يجتمع رئيس الدولة مع الأوائل ويكرمهم، هل ستذهبين إن دعيت؟ فكانت إجابة الطالبة بالرفض، قائلة: «لن أقابل شخصًا قاتلًا وفاجرًا وخائنًا للبلد»، بحسب تعبيرها، ما جعلها تتعرض لهجوم حاد من قبل الموالين للسلطة. وتقدم المحامى سمير صبرى، ببلاغ عاجل لنيابة أمن الدولة العليا، يطالب فيه بحبس الطالبة، بعد أن «بثت سمومها، وارتكبت العديد من الجرائم الجنائية التى تستوجب محاكمتها جنائيًا؛ بتهمة التطاول على رئيس الجمهورية، والتحريض على الدولة، والانتماء لتنظيم إرهابى». وقال الإعلامى أحمد موسى، إن «الدولة المصرية والحكومة مشكورة؛ لأنها سمحت لابنة الإرهابى بالتعليم والتفوق، رغم أن والدها مُجرم ومحكوم عليه بالمؤبد ولم تأخذ «عاطل فى باطل». ووجه عبر برنامجه «على مسئوليتى»، المذاع على فضائية «صدى البلد»، التحية، إلى الدكتور الهلالى الشربينى، وزير التربية والتعليم، لتجاهله تهنئة الطالبة أميرة العراقى، مشيرًا إلى أن الأستاذ بشير حسن، المتحدث الرسمى للوزارة، هو مَن قام بالاتصال ببعض الأوائل فى الثانوية العامة. كثرت التعليقات على موقف هذه الفتاة النابغة فى التعليم التى أساءت التعبير، وأقول هنا ماذا تكسب قناة مكملين من استفزاز مثل هذه الفتاة النابهة علميًا، وماذا يجنى محمد ناصر أو الإخوان من هذا الصراع المرير؟ فرق هائل بين مواقف بعض الإعلاميين المثير كذلك للفتن، وبين بعض رجال التعليم والتربية إذا جاء فى الإعلام عن الدكتور السيد بسيونى وكيل الوزارة بالفيوم : إن الوزارة لا تفرق بين طالب وآخر، سواء أكان إخوانًا أو غير ذلك، قائلًا: «الطلاب جميعًا سواسية أمام الوزارة. وأن الوزارة ليست جهة بحث ولا تعرف عن الطالب شيئًا سوى كونه مصريًا متفوقًا، وعلى هذا الأساس يتم التعامل معه، وأوضح أن الطلاب لا ذنب لهم، ولا يجوز التعامل معهم بتلك الخلفيات، مؤكدًا أن الوزارة ستكرم الطلاب الأوائل جميعًا دون تفرقة ولا تمييز». هذه المسألة هى من صميم موضوع بناء الإنسان فى مصر، والمؤسسات التى تهتم بهذا الأمر، ومنها الأسرة ودورها فى بناء الأولاد، ودور الأب والأم خصوصا، فى تربيتهم وإعدادهم للمجتمع إعدادًا صحيحًا، ومنها المدرسة التى تهتم بمهمة التعليم والتربية والتهذيب والتفوق فى الجميع، ومنها المجتمع ومؤسساته العديدة ومنها الإعلام والثقافة. هل قامت هذه المؤسسات بدورها؟ وهل تفعل الفتاة ذلك من منطلق إسلامى أم من منطلق انتقامى ومن الاستفزاز الذى تعرضت له. ولو أن هذه الفتاة النابهة كانت قد تعلمت الأخلاق الحميدة، وهى تنتمى إلى بيت دعوى، لما كان هذا موقفها وكلامها، بل كانت ستقول ردًا على السؤال المستفز من قناة «مهببيين»، أهدى نجاحى وتفوقى لمصر الوطن الذى نحبه ونقدره، وأقول للسيد الرئيس: إن أبى مظلوم، ولم أعرف عن اشتراكه أبدًا فى العنف ولا فى التطرف، وقد ربانا على الصبر والسعى للتفوق وخدمة الوطن، ولم يكن يؤيد القيادات القطبية فى مواقفها الشاذة، وأتمنى أن يعفو الرئيس عن كل المسجونين أو المعتقلين ظلما والذين لم يتم التحقيق معهم حتى اليوم. لو قالت ذلك لربما تغير الموقف وكانت فى خدمة أبيها وغيره، بدلًا من أن تنضم إلى المعارضة « قليلة الأدب» أو «العنيفة»، ولو أنها تعلمت من بيتها أو من المدرسة أو الإعلام المنصف أن الإمام حسن البنا أوضح أن صفات الأخ المسلم أو الأخت المسلمة عشرة هى: أن يكون سليم العقيدة، صحيح العبادة، متين الخلق، قوى البدن، مثقف الفكر، منظمًا فى شئونه، محافظًا على الوقت، مجاهدًا لنفسه، نافعًا لغيره، قادرًا على الكسب». ولو علمت أن «متانة الخلق» عنصر من هذه العناصر، ولو فهمت دعوة القرآن للمسلم «وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا»، لما قالت ما قالت، ولو علم ذلك أيضًا رجال الإعلام والفكر والثقافة والقانون وغيرهم ممن هاجموا تلك الفتاة بضراوة، لما كانت تلك مواقفهم، وكانوا فى صف الإصلاح وليس الصراع. وللحديث صلة وبالله التوفيق.