ما زالت قضية تبعية جزيرتى تيران وصنافير هى الأكثر جدلًا فى مصر والشاغل الأول للرأى العام، وزاد من ذلك الجدل حكم محكمة القضاء الإدارى بمصرية جزيرتى تيران وصنافير، ثم طعن الحكومة على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا، وهو الأمر الذى يقود القضية إلى مسارات وتساؤلات جديدة. هل تلجأ السعودية للتحكيم الدولى؟ وما الموقف فى هذه الحالة؟ أسئلة كثيرة حصلت «الصباح» على إجاباتها من خلال المسئولين السعوديين والخبراء المتخصصين. «أمر تبعية جزيرتى تيران وصنافير محسوم للسعودية»، هكذا أكدت مصادر مقربة من ديوان ولى ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان، والذى قام بالتوقيع على اتفاقية إعادة ترسيم الحدود المصرية السعودية والتى بمقتضاها تتنازل مصر عن الجزيرتين للمملكة. المصادر أكدت أن ما صدر عن محكمة القضاء الإدارى المصرية من حكمها ببطلان توقيع رئيس الوزراء شريف إسماعيل على الاتفاقية ممثلًا للجانب المصرى لم ينتج عنه أى قلق أو شك فى دوائر الحكم السعودية بشأن التزام الجانب المصرى ممثلًا فى أعلى مستويات السلطة بشأن رد الجزيرتين للسعودية، حسب قوله. مؤكدًا أن ما تلازم مع الاتفاقية من اتفاقيات أخرى وقعها الجانبان السعودى والمصرى لن يتأثر إطلاقًا، كما أن علاقات الأخوة لن تتأثر باللغط الدائر فى الشارع المصرى. واستطرد المصدر متابعًا أن المملكة لا تتدخل فى الشأن الداخلى المصرى؛ ومن ثم فهى غير معنية بأحكام القضاء المصرى، ولا تعلق عليه فهو معنى بالمصريين وحدهم، ولكن السعودية ممثلة فى أعلى مستويات السلطة فيها على ثقة تامة من أن حق السعودية فى تيران وصنافير محسوم، وحتى فى حال إذا ما رفض مجلس النواب المصرى التصديق على توقيع مصر على الاتفاقية، وهو الأمر المستبعد حسب تعبيره، فإن اللجوء للتحكيم الدولى سيقطع بما لا يدع مجالًا للشك بسعودية الجزيرتين. ما سبق يأتى مطابقًا لما صرح به دكتور عبدالله بن إبراهيم العسكر، أستاذ التاريخ وعضو لجنة الشئون الخارجية بمجلس الشورى السعودى، والذى رفض بشكل قاطع التعليق على حكم القضاء الإدارى المصرى، أو التطرق للنزاع القضائى الدائر أمام المحكمة الإدارية العليا. مؤكدًا ثقته فى أن العلاقات الأخوية بين البلدين أقوى وأوثق من أن يؤثر عليها شىء. البرلمانى السعودى البارز عبدالله العسكر، والذى من المتوقع فى حال اللجوء للتحكيم الدولى أن يكون ذا دور بارز فى هذا الشأن، أكد أن عدم ممارسة المملكة لمظاهر السيادة على الجزيرتين قبل 1950 وبعده لا يعنى عدم تبعية الجزيرتين للمملكة. العسكر كان قاطعًا أيضًا فى قوله أن المملكة ستلجأ للتحكيم الدولى فى حال إذا لم تقر الاتفاقية مصريًا متوقعًا حسم القضية فى هذه الحالة من أول جلسة، ولكنه يتمنى ألا يصل الأمر إلى ذلك. دكتور جيرهارد هافنر عضو محكمة التحكيم الدائمة PCA بلاهاى أكد أن الأمر فى شأن النزاع حول هوية تيران وصنافير لا يختلف عن غيره من النزاعات الدولية، والتى يكون حسم النزاع فيها للمعاهدات والمواثيق الدولية، والتى توضح الحدود يلى ذلك تاريخ ممارسة السيادة على الأرض، وفى حال مالم يحسم الأمر يتم اللجوء إلى الوثائق التاريخية التى يقدمها طرفا النزاع. هافنر رفض التعليق فيما يخص هوية تيران وصنافير بالخصوص موضحًا أنه ليس مضطلعًا بالشأن، ولكنه استطرد مؤكدًا أن الأمر محسوم للمملكة العربية السعودية فى ظل وثيقة منحتها إياها مصر، وهى الاتفاقية المبرمة أخيرًا بين الدولتين، خاصة أن الاتفاقية وقعت فى رعاية رئيس منتخب، ومن حكومة تحظى بالأغلبية فى البرلمان المصرى المنوط به إقرار الاتفاقية طبقًا للقواعد داخل مصر. كما أن الذهاب للمحكمة الدولية سيكون عبثيًا فى ظل أن السلطات المصرية المعنية بتشكيل الوفد هى بالأساس تقر بسعودية الجزيرتين.