صديقة جوليو ل«الصباح»: كان يجمع معلومات عن الفساد والانتهاكات ولا دليل لدينا حول تورط أجهزة بعينها قبل أيام من اختفائه أرسل الشاب الإيطالى، جوليو رجينى، رسالة عبر الفيس بوك للدكتورة، مها عبدالرحمن، الأستاذة فى جامعة كامبريدج البريطانية والمشرفة على متابعة رسالة الماجستير الخاصة به، قال فيها إنه «متوجه لحفلة، وأنه يشعر بعدم الارتياح وأنه مراقب من شخص يرتدى زيًا مدنيًا». الأمر لم يتوقف عند رسالة قبل الاختفاء بأيام، وأعقبها برسالة قبل وفاته بساعات، وكان نصها: «أنا ذاهب لرؤية الدكتور حسنين، خبير الاتحاد الفكرى والتجارى». تقول مها: «بعد الرسالة هاتفته لعشرات المرات التى استغرقت ساعتين لم أتمكن فيهما من الوصول له، وكانت تلك بداية الصورة التى اتضحت بعد 11 يومًا». تقول الأستاذة بكامبريدج ل«الصباح»: «إنه فى منتصف ديسمبر طلبت جامعة كامبريدج من جوليو ريجينى تكثيف بحوثه عن الاتحادات والنقابات، وحثته كباحث بالحصول على المزيد من الأخبار حول ما يحدث فى هذا القطاع فى مصر مؤكدين له أن النقابات العمالية هى الأقوى فى معارضة الرئيس عبدالفتاح السيسى، ولذلك توجه جوليو كباحث فى الجامعة الأمريكية للبحث عن الفساد والمشكلات التى تواجه تلك النقابات فى مصر، والتأكد من معلومات وردت إليهم عن تضييق النظام والأمن على النقابات العمالية -حسب وصفها- ومحاولة منعهم من التنديد بالعديد من الأمور، إلا أن تلك النقابات كانت دومًا الأكثر تنديدًا والبداية الحقيقية لثورة مصر فى 25 يناير». تصف مها جوليو بأنه «كان مرجعية قوية للانشطة التى كانت تحدث فى مصر، كما أنه كان دءوبًا جدًا فى أبحاثه وطموحًا لإيهاب السعى من أجل الوصول لنتيجة تضيف للملف الخاص بهذه القضايا، على الرغم من عمره الصغير إلا أنه كان نشيطًا وذكيًا». مها كشفت ل«الصباح»، أن رجينى كانت تربطه علاقة صداقة بالأستاذ جينارو جرفاسيو، وهو دكتور جامعى يدرس العلوم السياسية فى الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وجوليو وجينارو كانا على علاقة جيدة ويتشاركان فى الأبحاث، كما أن ريجينى كان على علاقة بالجميع من العمال إلى السياسيين إلى الثوريين والمعارضة والإخوان وغيرهم، وإلى جانب أبحاثه التى كان يكتبها للجامعة البريطانية كان جوليو يكتب مقالات رأى فى صحف أجنبية وإيطالية عن الوضع السياسى والاقتصادى فى مصر وعن حقوق الإنسان. ونوهت المشرفة على رسالة ريجينى للماجستير، أن الشاب الإيطالى اكتشف قبل ذكرى الثورة، وأثناء حضوره اجتماعًا فى أواخر ديسمبر من العام الماضى، فى إحدى النقابات التى كان يشارك فيه شباب ثوريين وعمال ونقابيون وأعضاء بجماعة الإخوان لاحظ وجود شخص مجهول من الحاضرين يتتبعه ويقوم بتصويره، فبدأ يشعر بالخطر على حياته ويتابع مع أساتذته وزملائه من الباحثين وأسرته تحركاته، ويرسل لهم جدول يومياته أو يهاتفهم قبل تحركه لأى مكان لكنه لم يؤكد لأحد أن الشخص الذى كان يتتبعه تابعًا لأى جهة أمنية فى مصر. مها استكملت «من المتوقع أن اختفاءه يوم 25 يناير الماضى، كان بسبب قيام أشخاص باختطافه بعدما كانوا يراقبونه منذ فترة ويعلمون كل شىء عنه وعن تحركاته» منوهة إلى أن كل الادعاءات التى قيلت حول شذوذه الجنسى أو علاقاته النسائية فى مصر ليست صحيحة فى الأغلب وتفتقد للشفافية ومتضاربة الأقوال – بحسب زعمها. وأشارت أستاذة ريجينى، إلى أنه كان شابًا اجتماعيًا ونشيطًا «نحن نقيم تلك الأبحاث فى الجامعات العالمية من أجل دراسات موسعة تفيدنا فى المستقبل حول الدول التى تحصل على دعم مالى، والدول التى تنتهك حقوق الإنسان وحرياتهم بالإضافة إلى الأوضاع السياسية والمجتمعية والنقابية، كل تلك الأشياء ملفات نبنى عليها كتبنا فى المستقبل من أجل ارتقاء المادة العلمية، والتى يكتب فيما بعد من ساهم فى اكتمال العمل البحثى. وعندما واجهنا مها بالشبهات التى تدور حول رجينى ودوره فى جمع معلومات عن الدولة المصرية لصالح جهات أجنبية غير معلومة، وأن بعض المؤشرات توحى بذلك ومنها ما ذكرته د.مها نفسها حول جمع رجينى لمعلومات تخص الانتهاكات فى مصر وتتعلق بملفات فساد، وهذا بخلاف ما قد تكشفه التحقيقات فيما بعد حول الدور الفعلى لرجينى فى مصر، فقالت إنها لا تعتقد أن الأمر كان تجسسًا على مصر لصالح حكومة ما، بل كان بحثا جامعيًا علميًا، كمن يقومون بالحديث والتواصل مع المتطرفين لإكمال بحث عن الجماعات الإرهابية أو كمن يسعى للبحث عن الحيوانات أو الحشرات أو الفضاء أو أى شىء يحتاج لبحث، فالشباب العربى يسافر للدراسة فى أمريكا وبريطانيا بعد إجرائهم للعديد من الأبحاث للحصول على الماجستير والدكتوراه وهذا ما كان يسعى له جوليو». وزعمت مها، أن أحد معارفه بالجامعة الأمريكية كان مهتمًا جدًا بمعرفة تفاصيل تخص الأبحاث التى كان جوليو يعمل عليها وأنهم يظنون أن زميله بالجامعة كان يتجسس عليه وينقل أخباره وتفاصيل أبحاثه لجهة ما غير معلومة قد تكون داخل مصر أو خارجها، مؤكدة بأن أسرته وأصدقاءه لم يحصلوا على تقارير ريجينى ولا أحد يعلم أين هى الأبحاث التى كان يجمعها. فى نهاية الحوار مع د. مها على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك سألناها مجددًا حول أى معلومات تفيد بأن جوليو كان يعمل لصالح منظمة سرية فى إيطاليا مثلًا. وأننا نستشعر الريبة من إمكانيات جوليو المتعددة قياسًا بعمره الصغير وتفاصيل دراسته فى الصينوأمريكا وبريطانيا وإيطاليا والمكسيك ثم مصر وإجادته لخمس لغات منها العربية فاجأتنا د.مها بإغلاق صفحتها تمامًا واختفت فجأة من على موقع التواصل الاجتماعى. صفحة رجينى على موقع التواصل الاجتماعى والتى وصلنا من خلالها لصديقته مها عبد الرحمن، مليئة بعدد كبير من الباحثين الذين تتشابه ظروفهم كثيرًا مع ظروف رجينى، فعثرنا على اثنين من أصدقائه المقربين أحدهما باحث فى نفس ملف جوليو لكنه يجرى أبحاثه فى سوريا والآخر يجرى نفس الأبحاث فى بيت لحم بالأراضى المحتلة، وحاولنا أن نتواصل معهم حول رجينى وقضيته لكنهم رفضوا تمامًا إجراء أى حوار أو الإدلاء بأى تفاصيل.