الإجهاض فى مستشفيات الحكومة ب4 آلاف جنيه «ليلى» سرقوا كليتها أثناء العملية.. والطبيب يهددها: «هفضحك لو رجعتى تانى» حقوقية: 41 % من سيدات الريف أجرين عملية على الأقل و 90 ٪ منهن بدون مساعدة طبية فى الخفاء، خوفًا من «الفضيحة» فى مجتمع يرفض «الإجهاض»، والحمل خارج الزواج، وحظر القانون لجراحات الإجهاض، هناك عشرات العيادات والمستشفيات التى تقوم بهذه العمليات سرًا، وسعى الكثيرات من الراغبات فى الإجهاض للتخلص من الحمل للهروب من مواجهة التهم الجنائية والمجتمعية والأسرية. عمليات الإجهاض فى عيادات «بير السلم» لا نستطيع تحديد رقم تقديرى لها، وصلنا لعقار متهالك بإحدى مناطق محافظة الجيزة، صعدنا السلم فى الطابق الثانى، شقة كتب على بابها عيادة الدكتور «مجدى. ع» لعمليات التجميل، طرقنا الباب ففتح لنا شخص يرتدى معطفًا أبيض، سألنا: من تريدون؟، قلنا له: «تحدثنا مع الطبيب وحدد لنا موعدًا اليوم، فدعانا للدخول، وكتب لنا كشفًا ب150 جنيهًا، فسألناه: أليس كثيرًا؟ قال: انتوا محتاجين الدكتور مش كده ولا إيه؟ جلسنا بجوار ما يقرب من 10 سيدات وفتيات، فى غرفة يلفها الصمت، كلٌ شارد فى قصته ومصيبته، أتى دورنا، فدخلنا لمقابلة الطبيب، مدعين أن إحدى صديقاتنا تحتاج عملية إجهاض سريعًا. وجاءت التفاصيل من الطبيب كالتالى: من منكن الحامل؟، فتاة عندها 16 سنة لكنها لم تستطع الحضور لتأخر الوقت، فقال: 4000 جنيه يوم الخميس القادم بمستشفى « ألماظة» بمدينة نصر. سيقابلكم طبيب التخدير الدكتور «جورج»، وسيكون عليكم توقيع تعهد بأنه فى حالة وفاة المريضة لا علاقة للمستشفى بالأمر، وأضاف: سيكون عليكم أيضا أخذ الجنين بعد الإجهاض، ولا علاقة لنا بدفنه. ذهبنا إلى المستشفى، قامت صديقة لنا بتمثيل دور الفتاة التى حملت بلا زواج، وما إن وصلنا إلى البوابة حتى قابلتنا ممرضة تدعى «أمل. ف»، أخذت صديقاتنا إلى غرفة وطلبت منها ارتداء ملابس العمليات، وأكدت أن مديرة المستشفى ستأتى لنوقع على ورقة التعهد بإخلاء مسئولية المستشفى، انتظرنا المديرة ثم أتى الطبيب «جورج»، ولحقه الدكتور «مجدى»، وأتت إحدى الممرضات لتخبرنا بأن ندفع المصاريف من أجل الاستعداد للعملية، فقمنا بدفع جزء من المبلغ، وطلبنا منهم الانتظار قليلًا حتى يأتى أحد أصدقائنا بالباقى. وبالاتفاق المسبق مع صديقتنا، ادعت أنها تشعر بالخوف، فجلس الطبيب «مجدى» محاولًا إقناعها بأن المجتمع لن يرحمها، وأن أسرتها لن تغفر لها، والعملية لن تأخذ أكثر من ساعة. خرج الجميع من الغرفة، وعادت إحدى الممرضات لتتحدث مع صديقتنا محاولة إقناعها بطرق مختلفة قالت: «لو مش مرتاحة لدكتور مجدى فى دكاترة تانية كتير هنا واديهم خفيفة وهيخيطلك الجرح تجميلى، وكمان لو حابة بيعملوا عمليات «ترقيع» مش غالية، خلى كده ربنا يسترها عليكى يا بنتى». صمتنا قليلًا، وأكملت الممرضة وهى تمسك بيد صديقتنا: «هنا بيجى كل يوم بنات زيك وبيمشوا مبسوطين أنهم اتخلصوا من الهم ده، ولو مش حابه دكتور فى دكتورة». سرعان ما سألنا الممرضة: هل سيعلم أحد عن العملية شيئًا؟ قالت: لا، فالمستشفى يخفى الأمر، ومفيش حد بيتابع المستشفيات أصلًا». سألناها عن تكاليف الأطباء الآخرين، أشارت إلى المصاريف لن تقل عن 2000 جنيه، فبعضهم يجريها فى عيادته، فلا يحتاج إلى مصاريف إضافية للمستشفى، وبعضهم يجريها فى مشافى لاحتياجهم إلى أطباء تخدير، فترتفع الأسعار قليلًا لتصل إلى 3000 جنيه. انتهى الحديث مع الممرضة بأننا لا نريد أن يجرى الدكتور مجدى العملية وأننا سنتفق فى وقت لاحق مع إحدى الأطباء النساء، وأعطتنا رقم هاتفها وتركت الغرفة وهى تغمز لنا بأنها ستتصرف معهم فى الخارج، طالبة منا «الحلاوة» فأعطيناها 100 جنيه. «ليلى» فتاة تبلغ من العمر 18 عامًا، قررت أن تجرى عملية إجهاض فى إحدى عيادات «بير السلم» بحى إمبابة، حيث علمت بعد إجرائها العملية أنها فقدت عضوًا من أعضائها، وعندما ذهبت للطبيب قال لها: «انتى هتتبلى علينا» وقام بطردها وتهديدها إذ عادت إليه، تحكى «ليلى» ل«الصباح» كيف خضعت للإجهاض نتيجة تعدى أحد العمال عليها فى إحدى حدائق المدينة، ونظرًا لأنها تعيش فى ملجأ للأيتام، لم تجد أى شخص ليساعدها حتى قالت لها إحدى النساء المتسولات عن طبيب فى منطقة إمبابة يجرى تلك العمليات بمبلغ بخس جدًا، فعملت طويلًا وقامت بجمع المبلغ وذهبت للطبيب، الذى أجرى العملية فى اليوم التالى. وتابعت ليلى قائلة: «بدأت أشعر بالتعب الشديد والإجهاد والإغماء، وفقدت الكثير من وزنى فتوجهت إلى عيادات مسجد الحصرى التى تجرى كشوفات طبية ب3 جنيهات، لأكتشف بعد إجراء التحاليل أننى بلا كلية، وعند سؤال الطبيبة لها عن سبب فقدانها، سردت لها الحقيقة، فقامت الطبيبة بأخذها والتوجه لقسم 6 أكتوبر، الذى طالبهم بالتوجه للقسم التابع لمنطقة إمبابة، لكن «ليلى» رفضت خوفًا من السجن والفضيحة، فتركتها الطبيبة مشيرة لها بالذهاب إلى إحدى الجمعيات التى تختص بقضايا المرأة. تقول «ليلى»: «لم أجد عدلًا فى حياتى أبدًا، فقدت ولدت يتيمة، ورأيت أبشع أنواع الظلم فى الملجأ، ثم تعرضت للاغتصاب والإجهاض، وسرقة أعضاء من جسدى، ولن أستطيع السعى لاسترداد حقى». «هبة» فتاة أخرى، 29 عامًا، تروى ل«الصباح» تجربتها مع عيادات الإجهاض التى توصلت لها من خلال الإنترنت، تؤكد «هبة» أنها أرادت أن تجرى عملية إجهاض نظرًا لحملها من زواجها العرفى، وبعد عدة محاولات لأخذ عقاقير إجهاض من الصيدليات تسببت فى نزيف حاد، ولم تجد وسيلة سوى البحث عن طبيب لإجهاضها، وعند الذهاب لعدة أطباء لم تجد سوى الرفض لم يكن أمامها سوى الذهاب إلى عيادة فى منطقة صفط اللبن. وأكدت «هبة» أن الطبيب لم يسأل عن اسمها، أو أى معلومات عن زوجها، مؤكدة أنه قام على الفور بتحديد تكاليف العملية، وعند سؤاله عن مكان العملية أخبرها أن لديهم عدة عيادات حسب محل إقامة كل حالة، بعدها توجهت الفتاة لإحدى هذه العيادات فى منطقه شبرا بالقاهرة، واصفة إياها أنها عبارة عن شقة صغيرة بعقار سكنى، بها ممرض وطبيب لم يطلبا منها أى معلومات، لكنهما طلبا عدم إخبار أحد عن مكان العيادة. وتابعت: «استغرقت العملية ساعة واحدة، بعدها أعطانى الطبيب مجموعة أدوية. تقول داليا عبد الحميد، مسئولة برنامج حقوق المرأة فى المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، أن تقرير وضع الصحة والحقوق الجنسية والإنجابية فى مصر يؤكد أن تجريم الإجهاض ليس كافيًا لمنع سعى بعض النساء والفتيات للبحث عن السرية، مؤكدة أنه رغم أن هناك نقصًا فى المعلومات الدقيقة عن الإجهاض فى مصر، فإن دراسة أجريت على 1300 سيدة مصرية من قبل مركز القاهرة الديموغرافى أظهرت أن ثلثهن حاولن إنهاء حملهن، وقد شملت العينة متزوجات وعازبات. وتضيف: «هناك دراسة أخرى صغيرة أجريت فى صعيد مصر وجدت أن 41 فى المائة من السيدات فى المناطق الريفية قمن بعمليات إجهاض مرة واحدة على الأقل بسبب سوء أحوالهن المادية أو المعيشية، وأن 25 فى المائة منهن قمن بذلك أكثر من مرة عبر أدوية عشبية أو ضرب بطونهن بقوة، وأشار التقرير إلى أن 92 فى المائة من اللاتى خضن تجربة الإجهاض فعلن ذلك دون مساعدة طبية محترفة، بل إنهن استخدمن مساعدة الداية التقليدية والعقاقير المختلفة. وتابعت أن تقريرًا أجرته هيئة المعونة الامريكية يشير إلى أن معدل من تتلقين العلاج فى المستشفيات جراء مضاعفات الإجهاض مرتفعة جدًا فى مصر، حوالى 15 حالة لكل 1000 سيدة تتراوح أعمارهن بين 15 إلى 45 سنة.