لم يكن من الصعب أن تقع تحت أيدينا قائمة بأسماء بعض المستشفيات الكبرى بأرقى مناطق القاهرة، والتى تجرى عمليات إجهاض وبأسعار تتناسب مع مرتاديها ، فمبجرد السؤال عن أماكن العيادات التى تسمح بذلك جاءت الهمسات من بعض السيدات فى تلك الأماكن واللاتى أكدن تورط أكثر من مستشفى كبير فى القيام بتلك العمليات، اخترنا أحدها للتأكد من تلك المعلومات ولم يكن أمامنا سوى أن نذهب إلى هناك، فى محاولة لكشف تلك الحقائق. ما إن وصلنا إلى بوابة مستشفى دولى شهير بمصر الجديدة حتى اتفقنا على تقسيم المهام فيما بيننا، فقامت إحدانا بارتداء دبلة فى يدها اليسرى لتقوم بدور الأخت الكبرى التى جاءت لمساعدة شقيقتها للتخلص من حملها دون زواج، فيما قامت الأخرى بتمثيل دور الفتاة المنكسرة التى لا تستطيع أن ترفع عينها فى وجه أحد، تضم حقيبتها إلى بطنها خشية أن يلاحظ أحد بداية حملها. فى الطابق الأول، حيث تقع عيادة النساء والتوليد بالمستشفى، سألنا عن مواعيد حضور الأطباء، فأجابت إحدى الممرضات بأنها تبدأ من الساعة الخامسة عصرا، فنظرنا إلى بعضنا البعض فى أسى شديد، ثم تهامسنا لبضع دقائق، ويبدو أن هذا المشهد كان كفيلا بأن يثير فضول إحدى الممرضات التى اقتربت منا متسائلة: «إنتو عاوزين حاجة يا بنات؟»، فصمتنا قليلا وطلبنا منها التحدث معنا على انفراد بعيداً عن أعين المرضى المترددين على العيادات، ثم بدأت إحدانا تروى قصة «الفضيحة» التى تسببت فيها الأخرى، مستدعين بعض المشاهد المشابهة لهذا الموقف فى الأفلام العربية التى غالبا ما تظهر فيها الضحية منكسرة لا تتحدث عن مصيبتها، ولكنها تترك الأمر لشقيقتها التى تحكى عنها وكأنها أصيبت بوباء تريد التخلص منه قبل أن تظهر أعراضه. حاولت الممرضة فى البداية أن تكسر حاجز الخوف والقلق اللذين رأتهما بأعيننا، فقالت: احكى حصل إيه وأنا هساعدك لو عاوزة «تخيطى» تعنى عملية ترقيع غشاء البكارة- متقلقيش «الدكاترة هنا كويسين أوى»، فبدأت إحدانا فى سرد القصة قائلة: «تأخرت الدورة الشهرية لأختى فقامت بعمل اختبار الحمل الذى يباع فى الصيدليات، وكانت الصدمة أنها حامل»، وشرحت لها كيف أن صديقها تخلى عنها وتركها، بعد أن حاولت إقناعه بالزواج منها فرفض ولم يظهر منذ ذلك الوقت. فى البداية لم تظهر على الممرضة أى ملامح ذهول أو قلق، وبدت وكأنها معتادة على سماع تلك القصص، بل حاولت أن تهدئ من روعنا قائلة: «ماتقلقوش كل حاجة هتكون تمام.. عاوزين دكتور ولا دكتورة؟»، سرعان ما أجبنا: «نريد من يحل المشكلة دون أن يسألنا عن تفاصيل ما حدث»، فقاطعتنا قائلة: «همّا مالهم.. الدكاترة ليهم شغلهم وفلوسهم بس وربنا اللى بيحاسب مش إحنا»، فطلبنا منها أن تختار أحد الأطباء الموثوق فيهم فى تلك العمليات.. ففكرت للحظات ثم أخذت تحدق بعينيها فى وجوهنا «لو أنتم مكسوفين ممكن تستنوا ميعاد الدكتورة، ولو مش هتفرق معاكم قابلوا أى دكتور، كلهم هنا كويسين»، فأكدنا عليها سؤالنا: «هل أى حد منهم هيوافق سواء دكتور أو دكتورة»، فقالت: «أى حد هيوافق بس معرفش هيعمل العملية هنا ولاّ فى عيادته الخاصة... ع العموم استنوا لما تتفقوا مع الدكتور». إلى هنا وانتهى حديثنا مع الممرضة عن احتمالات موافقة الأطباء على إجراء العملية، وانتقلنا إلى المرحلة التالية، حيث طلبنا منها أن تحدد لنا قيمة مصاريف العملية، محاولتين أن نثبت جديتنا فى عقد الصفقة، فسألناها: «والعملية دى هتكلفنا كام؟» فأدارت وجهها عنا محاولة أن تبدو وكأنها انشغلت بترتيب بعض الأوراق، ثم نظرت إلينا قائلة «مش مهم كام، المهم إنكو تخلصوا من المصيبة دى قبل ما يفوت الأوان»، فحاولنا أن نعيد عليها السؤال مرة أخرى، مشيرتين إلى أننا نريد أن نكون مستعدتين فى المرة القادمة التى سنأتى فيها لإجراء العملية، فلم تجد مفرا من أن تجيبنا قائلة: «هى عامة مش هتقل عن ألف جنيه.. بس لو فيه مصاريف زيادة الدكتور هيبلغكوا بيها». ثم قالت: «على فكرة الدكاترة اللى هنا كبار أوى وأغلبيتهم واخدين الدكتوراه من أمريكا». بدا علينا أننا رضينا بالأمر الواقع فسألنا عن الموعد المناسب لإجراء العملية، وهل سيكون صباحا أم ليلا بعد انتهاء مواعيد الكشف فقالت: «هذا يتوقف على الدكتور الذى سيقوم بإجراء العملية، ولا تقلقا فلن تستغرق أكثر من نصف ساعة»، فوافقنا مؤكدة علينا ضرورة الحضور صباح الأربعاء القادم لإجراء العملية.