*أصل تسميتهم تركى وتعنى المتشرد والمتجول بقصد السرقة.. وأعمارهم لا تتجاوز 15 عامًا *باحثة علم اجتماع: أغلب «السرسجية» من سكان «العشوائيات» ويتأثرون بنماذج البلطجية فى الأفلام *المغرور يرتدى «تى شيرت ب20 جنيهًا» وبنطلون أسود مفحم أو «كاروهات» * المتدين يلبس الجلباب ويظهر من تحته البنطلون.. ويركب «موتوسيكل صينى» *الكاجول لا يذهب إلى الحلاق ويربى شعره ولا يغسله.. و«الدحيح» يلبس «الشبشب» ويذهب للجامعة يبدو ظهور بعض من الصبية من ذوى المظاهر اللافتة والغريبة على مستوى الملابس أو «تسريحات الشعر» فى المواسم والأعياد مثيرًا للانتباه، وبات هؤلاء معروفين باسم «السرسجية»، وينسب إليهم المسئولية عن جرائم التحرش والانفلات التى تشهدها شوارع مصر فى التجمعات العامة. ويقترن ظهور السرسجية بأداء الرقصات الصاخبة باستخدام الأسلحة البيضاء أحيانًا على وقع موسيقى أغانى المهرجانات، ويعتبر ظهورهم كجماعات تتحرك فى الأماكن العامة تهديدًا للفتيات فى الأعياد، خاصة أن الغالبية من «السرسجية» الذين لا يتجاوز متوسط أعمارهم 12 عامًا، لا يتوقفون عند حدود التحرش اللفظى، بل يعتدون جسديًا على الفتيات برشقهن بالحجارة.. «الصباح» تفتح ملف ظاهرة انتشار «السرسجية» وكيفية التصدى لها، وأيجاد الحلول المناسبة. يرجع لفظ «السرسجية» إلى العهد العثمانى، وكانت فى الأساس قبل أن يتم تحويرها بلهجة المصريين اسمها «سرسرى»، وهى تستخدم عوضًا عن كلمة «بلطجى» فى الأردن، ويستخدم اللفظ التركى «سرسرى» عوضًا عنها، وتعنى بالتركية «المتشرد والمتجول بقصد السرقة والتسول»، أما فى اللغة العربية فكلمة «السرس» تعنى الشعبية، وبحسب ماهو دارج تعنى «السرس» الولد الشعبى أو «البيئة» بحسب توصيف أبناء الطبقات الأعلى. لا يبدو تصنيف «السرسجية» كجماعة أو سلوك واحد، أمرًا سهلا كما يبدو ظاهريًا، إذ أنهم مقسمون لأنواع، ولكل منها مصطلحات دارجة خاصة بهم، وبحسب ما يقول، أحمد دبايس 15 عامًا، فإن كل بلد يوجد به الكثير من السرسجية، وهى ظاهرة غير مقتصرة على مصر، مردفًا: «الأمر ليس عيبًا بل طبيعى، خاصة وأنهم يمثلون قاع المجتمع». وفى رأى الشاب الذى عرف نفسه باسم الألمانى 14 عامًا، فإن السرسجية أنواع بينهم المغرور الذى يصفف «تسريحات شعره» على الموضة ويجعله «مفلفل»، ويرتدى «تى شيرت من أبو 20 جنيهًا»، وبنطلون أسود مفحم أو «كاروهات»، وكان فى الماضى من النوع «القطيفة». وأشار الألمانى، إلى أن هناك من يسميه ب«السرسجى المتدين»، وهو من يرتدى جلبابًا أبيض ويظهر «بنطلونه» الذى يرتديه أسفل الجلباب، ويقود «موتوسيكل صينى»، كنوع من لوازم «الروشنة». ويلتقط «ميزو سبارس 12 عامًا» طرف الخيط، ليقول: إن هناك من تسميات مختلفة يطلقها على «السرسجى» منها، (النزيه والكاجوال والدحيح واللى بيشاور عقله)، ويشرح أن «السرسجى الكاجول» لا يذهب للحلاق ويربى شعره ولا يغسله أبدًا، أما «النزيه» فهو الحريص على استخدام موبايل حديث وركوب أحدث سيارات، بينما «الدحيح» فهو الطالب الذى يذهب إلى الكلية أو المدرسة لابسًا «الشبشب»، وينام دون أن يشعر بمن حوله، وأخيرًا فإن «اللى بيشاور عقله» فهو المتضارب فى كل شىء ومرات يتحدث بالإنجليزية وأخرى بالعربية، وأحيانًا يكون محترمًا ومؤدبًا ويتعامل بالدين والأخلاق، ومرات بعكس السابق تمامًا. باحثة علم الاجتماع، فاطمة حسن، تقول إن هؤلاء الصبية أو من يطلق عليهم اسم «السرسجية» يتميزون بارتداء السلاسل الضخمة والخواتم الكثيرة والملابس المهلهلة وقصات الشعر الغريبة، ويظهرون بمظهر مخيف أو شاذ أحيانًا. ولفتت فاطمة، أن أغلب هؤلاء من قاطنى العشوائيات والمناطق الشعبية، وهم أيضًا الذين يخرجون بكثافة فى الأعياد، ويتسببون فى كراهية معظم الفتيات للخروج فى الأعياد بسبب مضايقاتهم، وما يثيروه من ذعر وضجة فى أى مكان يذهبون إليه، وأضافت: «هؤلاء كونوا ثقافتهم نتيجة للحياة العشوائية التى يعيشونها، والأفلام التى تجعل البطل فيها شخصية البلطجى والسرسجى، فيتبعونه لأن البيئة التى تربوا فيها أدت إلى أن يكون هؤلاء نتاجًا فى المجتمع. وأشارت فاطمة، إلى أن ظهور تأثير هذه الأفلام التى تمجد شخصية البلطجى أو صاحب السلوك الغريب، على الأطفال تحديدًا يرجع إلى إمكانية تشكيل سلوكياتهم بسهولة فى هذا السن المبكر والتأثير على اتجاهاتهم وميولهم، بحيث أصبح هناك من يجد قدوته فى «الألمانى أو عبده موته» وغيره من أبطال الأفلام الذين يسيرون على ذلك النهج، وتضيف، إذا اختفى هؤلاء السرسجية، فإن أكثر من سيتضرر قطاع العاملين فى قيادة «التوك توك»، فهم أكثر فئة تكثر بينهم السرسجية. تنصح فاطمة بضرورة التصدى بالرعاية والتربية وغرس الدين والقيم فى نشأة «السرسجية»، وكذلك تعديل الخطاب الإعلامى والدرامى الموجه، لأنه سبب كبير فى ظهور تلك الظواهر فى الشوارع. «سرسجية السياسة» مختلفون عن الأنواع السابقة، فهؤلاء أكثر تنظيمًا وقادرون على فرض السيطرة على منطقة بأكملها، وهو ما يؤكده أ.ح 20 عامًا، قائلًا: إنهم ينشطون فى أيام الانتخابات أو الاستفتاءات، ويعملون فى الدعاية وترويج الأغانى الشعبية لصالح المرشحين فى الانتخابات، وعبر إذاعة الأغانى فى وسائل المواصلات مثل «التوك توك» و«الميكروباصات» ويتقاضون أجورًا مقابل الترويج لأحد المرشحين بين سكان مناطقهم الشعبية والعشوائية. مكافحة السرسجية وانتشرت حملات وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل كبير لمكافحة ظاهرة السرسجية، ومنها صفحات «شرطة مكافحة السرسجية»، و«ضد السرسجية»، و«الحملة القومية ضد السرسجية.. مكملين»، وغيرها من الصفحات. وتعد أشهر الحملات التى تم تدشينها ضد ظاهرة «السرسجية»، الحملة التى قادتها صفحة «تمت الترجمة» على موقع «فيس بوك»، والتى تناقلت صور «كوميكس» لبعض الأطفال ووصفتهم ب«السرسجية» ومكتوب عليها «علشانك يا فلانة»، وبها اسم فتاة، مثل «عشانك يا سارة هشترى طيارة، وعشانك يا عبير رحت للكوافير» وهكذا، وهى من أكثر الحملات انتشارًا بين الأوساط الشبابية والساخرة من مظهر السرسجية، والتى لاقت رواجًا كبيرًا وموجات من الضحك، ويرجع أصل تلك الجملة، إلى مكالمة هاتفيه تلقاها برنامج أنا والنجوم وهواك للمذيع أسامة منير، وكانت المتصلة تدعى سارة، والتى حكت عن زوجها تاجر المخدرات والظروف التى اضطرتها للعمل ببيع المناديل والبغاء، وحكت تفاصيل عن تلك الوقائع مما أدى إلى انتشار تلك الموجة، واصبحت مادة للسخرية، حتى أن المطرب الشعبى، شيكو، استغل تلك الموجه وقدم أغنية شعبية بدأها بكلمات، «علشانك يا سارة اديت لنفسى سجارة»، وتناول فيها اكثر من 35 اسمًا لفتاة مختلفًا بنفس الطريقة. فى عيون المجتمع ويدافع البعض عن «السرسجية» باعتبار أن لهم الحق فى ارتداء الملابس التى يرونها أو اختيار طريقة تسريحة الشعر التى تناسبهم، فيما يرى آخرون أن الأمر يمثل خطورة على المجتمع ككل، باعتباره دليلًا ومؤشرًا على عنف محمل وسلوك مستهجن قد يظهر بين الحين والآخر، وتقول مى أحمد 25 عامًا: إنها تخشى النزول إلى الشارع لما تراه من هؤلاء السرسجية المتحرشين، وتابعت: «عندما أجد مجموعة من الأطفال يمشون فى مجموعات كبيرة يجن جنونى، وأكون متأكدة أنهم سيهاجمون الفتيات للتحرش بهن، وغالبًا ما يحملون أسلحة بيضاء للإعتداء على من يحاول الإمساك بهم. وتخالفها الرأى السابق، إيمان السيد، إذ توضح أن المظهر ليس له علاقة بالجوهر، فهناك من يقومون بعمل بعض «التقاليع» الغريبة كتربية الشعر أو الوشوم أو الخواتم لكنهم يخرجون للتنزه فقط وليس التحرش، وأضافت: «المظهر ليس دليلًا على بذاءة الشخص أو اعتباره مجرمًا». ويؤكد سامى محمد، رب أسرة، أنه يمنع بناته من النزول فى الأعياد خشية ما يحدث من هؤلاء «السرسجية» الذين يظهرون بكثرة فى الأعياد، ويرى أن مظهره يبدو بعيدًا عن السلوكيات الطبيعية التى توافق عليها المجتمع، وأنهم بهذه الأفعال يخيفون الناس حولهم، وهذا ليس من الدين حتى فى شىء. وتعلق هالة مصطفى، العضو المؤسس لحركة «شفت تحرش»، أنه يجب التفريق بين من يقومون بأعمال عدائية كالتحرش بالفتيات أو تخويف الناس ويظهرون بمظهر «السرسجية»، وبين من ينزلون للاستمتاع والترفيه عن أنفسهم حتى وإن تشابهوا مع العدائيين فى المظهر. وتابعت هالة: «بحكم العمل بمبادرة «شفت تحرش» نلاحظ أن معظم «السرسجية» يسيرون فى مجموعات تتعدى 10 أشخاص ويتحرشون بالفتيات ويتلفظون بألفاظ خادشة»، وتضيف «إنهم يظهرون بكثافة بعد صلاة العيد مباشرة، ويكونون أشبه ب «أسراب الجراد» إذ يأتون على الأخضر واليابس. باحثة علم النفس، سلمى الفايق، تؤكد أن من يسمون ب«السرسجية» يسلكون تلك التصرفات المستهجنة من المجتمع نتيجة شعور أغلبهم بأن حقوقهم مهدرة، وأنهم مظلومون ولا يعيشون سنهم مثل باقى الأطفال، ونظرًا لما يشعرون به من فوارق بين مستواهم المادى والاجتماعى وما يشاهدونه فى المسلسلات والأفلام التى نرى فيها القصور الضخمة والمدارس الأجنبية، يحاولون التشبه بطبقات أخرى على طريقتهم. ودعت الفايق، إلى إعادة تأهيل هذه الفئات «السرسجية» بواسطة متخصصين وتوعيتهم، وتعديل الرسائل التى تبثها الأفلام والمسلسلات، وإبراز مساوئ أساليب «البلطجة»، التى أصبحت أسلوب حياة لصغار السن.