*خبراء الاقتصاد يُحمّلون المسئولية ل«عاصفة الحزم» والروتين الحكومى *جودة: «إعمار» تواجه أزمة فى استلام أرض العاصمة الجديدة *السويدى: بدأنا إنشاء المناطق الصناعية الصغيرة.. والمرشدى: يجب تذليل المعوقات رغم مرور نحو 37 يومًا على انعقاد المؤتمر الاقتصادى «مصر المستقبل»، فى مدينة شرم الشيخ، والذى انتهى برسم بسمة الأمل على وجوه المصريين، بالإعلان عن عدد من المشروعات الاقتصادية الضخمة، بحجم استثمارات بلغت 185 مليار جنيه، وتوقيع العديد من الاتفاقيات وبروتوكولات التعاون، إلا أن جميع تلك المشروعات مازالت «حبر على ورق» حتى الآن، ما بين الروتين، والانشغال بمواجهة الإرهاب، والدخول فى عملية عاصفة الحزم لدعم الشرعية فى اليمن. الخبير الاقتصادى صلاح جودة، أكد أن العديد من خبراء الاقتصاد، ورجال الأعمال، أصحاب الوعود الاستثمارية فى السوق المصرية، يرون أن عملية عاصفة الحزم، والتوتر السياسى والعسكرى فى المنطقة، وراء قلق المستثمرين من البدء فى تنفيذ المشروعات المتفق عليها، وتأخر البدء فى إجراءاتها على أرض الواقع، لذلك بقت العديد من مذكرات التفاهم والعقود الاستثمارية الموقعة مع كبرى الشركات والمؤسسات العالمية مجرد «حبر على ورق». وأوضح أن «الحكومة لم تتخذ أى إجراءات لتنفيذ المشروعات والعقود الموقعة، سوى بمتابعة ما وصلت إليه المفاوضات النهائية، تمهيدًا للبدء فى التنفيذ، لكن على أرض الواقع هناك العديد من العقبات، فعلى سبيل المثال، تواجه شركة إعمار الإماراتية مشكلة فى استلام الأرض المخصصة لمشروع بناء العاصمة الإدارية الجديدة، أبرزها عدم تحديد الأرض بشكل نهائى، بالإضافة إلى إجراءات الروتين المعقدة، وعدم انتهاء الحكومة من إجراءات تقييم سعرها، أو الاتفاق على المدة الحقيقية للتنفيذ، وأسعار بيع المشروعات والوحدات». مشيرًا إلى أنه «رغم بيان وزارة الإسكان الذى يؤكد أن التنفيذ الفعلى لمشروع العاصمة الإدارية الجديدة، سيبدأ خلال 3 أشهر، إلا أن المخطط التنفيذى، واستلام الأرض، وأعمال التقييم لم تتم حتى الآن، ما يرجح تأخر بدء تنفيذ المشروع، إذا لم يتم إنهاء تلك الإجراءات على وجه السرعة، والإعلان عنها بشكل مباشر للرأى العام». وقال إن «الأمر نفسه تعانى منه اتفاقات التنقيب على البترول والغاز الطبيعى الموقعة مع شركتى جاز بتروليوم وبريتش بتروليوم العالميتين، بمليارات الدولارات، فهى حتى الآن دون أى ملامح تنفيذية، بسبب الأوضاع الإقليمية»، مضيفًا «المؤكد أن مصر ستستفيد المبالغ التى تعهدت دول الخليج بإيداعها فى خزينة البنك المركزى، والبالغة قيمتها 12.5 مليار دولار، فهى ستؤدى إلى تنشيط حركة الاحتياطى النقدى، لكنها ليست استثمارات». ومن ناحية أخرى، أكد مسئول رفيع فى وزارة الاستثمار ل«الصباح»، أن وزارته ترفع تقريرًا أسبوعيًا إلى مجلس الوزراء، ومنه إلى رئاسة الجمهورية، للوقوف على حقيقة الوعود الاستثمارية التى تم الإعلان عنها خلال المؤتمر، مشددًا على أنه «حتى الآن ليست هناك بدايات حقيقية لأية مشروعات استثمارية، وكلها مازالت قيد إنهاء الإجراءات». وأوضح أن التوترات الإقليمية، الناتجة عن المشاركة المصرية فى عملية عاصفة الحزم باليمن، كان لها تأثير ملحوظ على المستثمرين العرب والأجانب، إلا أنه شدد على تفاؤله بالمشروعات التى تم الانتهاء من ترخيصها، خاصة مع اهتمام رئاسة الجمهورية بدفع حركة الاستثمارات المحلية والأجنبية، وتسهيل الإجراءات أمام جميع المستثمرين، لدفع عجلة النمو الاقتصادى، وتوفير فرص عمل للشباب، خلال المرحلة المقبلة. وأكدت مصادر فى وزارة السياحة، أن «المشروعات السياحية المطروحة على المستثمرين خلال المؤتمر، تعتبر مثالًا صارخًا على ضعف الإقبال على تنفيذ تلك المشروعات، حيث لم يتقدم لها أى مستثمر حتى الآن، ومازالت هيئة التنمية السياحية تواجه صعوبة كبيرة فى الترويج لها بين المستثمرين العرب أو الأجانب». وأشارت إلى أن الوزارة طرحت 5 مشروعات خلال المؤتمر الاقتصادى، هى مركز جنوب مجاويش السياحى، باستثمارات قيمتها مليار جنيه، ومركزا جمشة ومرسى وزر فى مدينة مرسى علم، بتكلفة 664 مليون جنيه، وشرم الفقير فى جنوب مرسى علم، ورأس حوالة بالساحل الشمالى، فيما رجحت مصادر بهيئة تنشيط السياحة، أن يكون عزوف المستثمرين عن المشروعات السياحية، ناتجًا عن تشبع منطقة البحر الأحمر بالفنادق والقرى السياحية، مع تجاوز عدد الغرف السياحية فى مصر ل200 ألف غرفة، منها 135 ألفًا فى محافظتى جنوبسيناءوالبحر الأحمر، مشيرة إلى «وجود قلق كبير لدى مسئولى السياحة، من إمكانية الفشل فى الترويج لمشروعات المؤتمر». ومن جهته، قال رئيس اتحاد الصناعات، المهندس محمد السويدى، إن «مشروعات المؤتمر الاقتصادى لن تتحقق فى يوم وليلة، ويجب أن يعلم الجميع ذلك، لكن أؤكد أن اتحاد الصناعات بدأ بالفعل فى تنفيذ عدد من المشروعات التى تم عرضها خلال المؤتمر، ومنها إقامة المناطق الصناعية الصغيرة، وتم بالفعل توقيع عقد إنشاء المنطقة الأولى فى الإسكندرية، بالإضافة إلى إرسال طلبات إلى عدد كبير من المحافظين، لتوفير مناطق خاصة بإقامة مشروعات لشباب الصناع والجيل الجديد»، مشددًا على حرص المستثمرين المحليين والأجانب على تنفيذ وعودهم الاستثمارية لدفع عجلة النمو الاقتصادى خلال الفترة المقبلة. وطالب رئيس جمعية مستثمرى مدينة العبور الصناعية، محمد المرشدى، الحكومة بسرعة القضاء على الروتين المتفشى فى جميع الوزارات والأجهزة، لتذليل المعوقات التى تواجه المستثمرين، مشيرًا إلى أن «البيروقراطية آفة كبيرة تعرقل مسيرة التقدم الاقتصادى، كما توجد حاجة إلى توضيح الرؤية، وتحديد الهوية الاقتصادية لمصر، حتى يتسنى للمستثمرين الجدد تكوين رأى، والإقدام على ضخ رءوس أموال تساعد فى عملية التنمية الاقتصادية للبلاد». وأضاف أن «الوضع الاقتصادى فى مصر يحتاج إلى مزيد من التشريعات التى تفعل الاتفاقيات والتعاقدات المنجزة خلال المؤتمر»، لافتًا إلى أن «الشباب المصرى فى حاجة إلى الشعور بانعكاس ومردود المؤتمر الاقتصادى على حياته اليومية ومستقبله».