*الشركات الأجنبية تستحوذ على 80 فى المائة من المصانع.. وتحصل على دعم طاقة ضخم *الغرف التجارية: تركيا تبيع «أسمنت» أرخص من المصرى ب50 دولارًا للطن *مصادر ب«الكهرباء»: نتفاوض مع «البترول» لتقليل الوقود المخصص ل«الأسمنت» و«الأسمدة» لم يكن الانقطاع المتكرر للتيار الكهربى خلال الأسبوع الماضى، أكثر من بروفة لصيف قاسٍ تنتظره مصر، بينما حذر الخبراء من أن الأزمة لن تنتهى، طالما ظلت مصانع الأسمنت تستهلك كميات كبيرة من المازوت والغاز الطبيعى، يمكنها أن تسهم فى زيادة إنتاج الكهرباء، خاصة أن الشركات تحصل على الوقود المدعم، وتبيع المنتجات للمواطن بأسعار أعلى من العالمية. وتوقع أحمد الزينى، رئيس شعبة مواد البناء بالغرف التجارية، أن يشهد الصيف المقبل، أزمة كبيرة فى الكهرباء، لأن مصانع الأسمنت تستهلك ما يقرب من 50٪ من حجم الطاقة الكهربية المنتجة فى مصر، منتقدًا شركات الأسمنت لأنها «رغم حصولها على طاقة مدعمة تبيع الأسمنت للمواطن بأغلى من الأسعار العالمية». وقال «لا توجد لدينا مشكلة طاقة، بالمعنى الذى تصدره الحكومة للرأى العام، حتى لا تواجه شركات الأسمنت»، مؤكدًا أن «مصر لا تعانى من أى نقص فى إنتاج الأسمنت منذ عدة سنوات، لكن الحكومة تتعامل من الموقف بدون أى بيانات أو الرجوع إلى أصحاب الشأن فى القطاعات الصناعية أو التجارية». ويبلغ المستهدف من إنتاج مصر من الأسمنت 60 مليون طن سنويًا تقريبًا، وبلغ إنتاج عام 2013 حوالى 50 مليون طن، تنتجها الشركات الأجنبية فى مصر، وفقًا للزينى، الذى أكد أن حصة الشركات المصرية وشركات القوات المسلحة من الإنتاج لا تتجاوز 10 فى المائة من الإجمالى. واستنكر الزينى استمرار الحكومة فى دعم شركات الأسمنت حتى الآن، مطالبًا إياها بزيادة أسعار الكهرباء والطاقة، على هذه الشركات، قبل رفع أسعار البنزين والكهرباء بالنسبة للمواطنين، وأوضح أن تلك الشركات، كانت فى أغلبها «قطاع عام» والحكومة تدعمها، لكن من غير المقبول أن يستمر الدعم بعد بيعها للأجانب. وبالنسبة لأسعار الأسمنت فى مصر، أكد رئيس شعبة مواد البناء بالغرف التجارية، أن أسعار السوق المصرية، أعلى من الأسعار العالمية، ولا تتناسب مع ما تقدمه الحكومة من دعم للشركات، مشيرًا إلى أن سعر الطن فى تركيا نحو 50 دولارًا، شاملًا النقل والتفريغ، فى حين تبيعه الشركات التى تدعمها الحكومة ما بين 90 إلى 100 دولار للطن. ولأن صناعة الأسمنت فى مصر يتحكم فيها أباطرة، لا تشغلهم صحة المواطنين، ولا يخضعون لرقابة حقيقية من الدولة، يحارب منتجو الأسمنت لاستخدام الفحم فى الصناعة، بديلًا للمازوت والغاز الطبيعى، متجاهلين أضراره الجسيمة على صحة المصريين وتأثيره الكبير على البيئة، لأنهم يستهدفون تحقيق صافى ربح يصل إلى 18 مليار جنيه سنويًا، بزيادة تتجاوز ال20 فى المائة عن إجمالى الأرباح الحالية، والتى قدرت ب15 مليار جنيه سنويًا، لأن الفحم أقل كلفة من المازوت والغاز، وفقًا لمصدر رفيع المستوى بوزارة الصناعة والتجارة والاستثمار. ويوجد فى مصر 21 مصنعًا للأسمنت، تتوزع ملكيتها على عدد من الشركات الكبرى، 80 فى المائة منها أجنبية، أبرزها «المجموعة الإيطالية»، و«سيمبور البرتغالية»، و«شركة صناعة مواد البناء»، و«أسمنت مصر العالمية»، و«لافارج العالمية»، و«السويدى»، و«أسمنت سيناء» و«أسمنت العريش»، وبحسب مصادر ل«الصباح»، فإن الشركة الإيطالية وعددًا من الصناع الأجانب فى مصر، بدأوا بالفعل فى تطوير المصانع لاستخدام الفحم، بدلًا من الغاز الطبيعى، ليساعدهم ذلك على خفض تكاليف الإنتاج، دون خفض أسعار بيع الأسمنت للسوق المحلية، مؤكدة أن أصحاب جميع المصانع قرروا استخدام الفحم، مستغلين قرار الحكومة الصادر قبل شهور. وأشارت إلى أن شركة «أسمنت العريش»، كانت تبيع الأسمنت بسعر 400 جنيه للطن شاملًا ضريبة المبيعات، فى عام 2012، ثم رفعت السعر فى العام التالى إلى 465 جنيهًا شاملة ضريبة المبيعات، وحققت أرباحًا خلال العامين قدرت بنحو 900 مليون جنيه، ثم اتفقت مع الشركة الصينية المنفذة للمصنع، على إنشاء خط جديد، لرفع الإنتاج من 3.5 مليون طن إلى 7 ملايين طن سنويًا. وأضافت «هذا المصنع حقق هذه الأرباح، رغم أن أسعاره أقل، فهى لا تتجاوز ال500 جنيه للطن، ويعانى من انقطاعات متكررة لخطوط الغاز فى سيناء، فما بالنا بالشركات الأجنبية، التى وصل سعر منتجها إلى 800 جنيه للطن، وسط غياب تام للحكومة». وقال الدكتور طارق شرف، خبير الطاقة وأستاذ الكهرباء بكلية الهندسة جامعة القاهرة ل«الصباح» إن صناعة الأسمنت فى مصر، بدأت منذ سنوات بعيدة، وبالتالى كانت الحكومة تدعمها بالطاقة لتصل بالإنتاج إلى الاكتفاء الذاتى والتصدير، لكن الأمر تغير بعد أزمة الكهرباء الأخيرة، وتهالك بعض محطات التوليد، وما يضطر الحكومة إلى التفكير فى وسائل بديلة لتوفير الكهرباء مع دخول فصل الصيف الجديد. وأضاف أن الحكومة لجأت إلى الموافقة على استخدام الفحم لتوفير الكهرباء، مشيرًا إلى أن شركات الأسمنت لا تستخدم الكهرباء فى الصناعة، بل تستخدم الغاز والمازوت، اللذين يستخدمان فى محطات توليد الكهرباء، وهذا ما يضع الدولة فى موقف محير هل ستوفر الغاز والمازوت لشركات الكهرباء أم لشركات الأسمنت. وأوضح شرف أنه على الحكومة أن تجبر شركات الأسمنت لإدخال تعديلات على مصانعها، للحد من استهلاك الطاقة وتوفيرها، خاصة أنه مع اقتراب شهر الصيف سندخل فى أزمة كبرى، وهى مشكلة انقطاع التيار الكهربى يوميًا، مؤكدًا أن شركات الأسمنت من أكثر الشركات فى السوق المصرية التى تجنى أرباحًا خيالية، وتبيع بالسعر العالمى. وأضاف أنه رغم أن الأسمنت صناعة يريد السوق المحلية لها أن تستمر، ويحتاج إليها كثيرًا، إلا أنه لابد من إعادة النظر فى كميات الوقود التى تستهلكها هذه المصانع، مشيرًا إلى أنه إذا عملت بعض مصانع الأسمنت بالفحم سنصبح أمام أزمة كبرى أيضًا، لأنها ستبيع المنتج بسعر أقل ما يضرب الشركات الأخرى، ويؤثر عليها سلبًا. وأكد شرف أن هناك صناعات أخرى تستهلك طاقة كبيرة، مثل صناعة الألمونيوم، وهى بدأت عندما كان لدينا فائض كبير من الكهرباء، من إنتاج السد العالى، لكن حاليًا هذه المصانع تعتبر كارثية لأنها تستهلك كهرباء بملايين، وتحصل عليها مدعمة ب5 قروش للكيلو وات. ومن جهته، قال محمود إسماعيل، عضو اللجنة النقابية لشركة أسمنت طرة ل«الصباح»، إن شركات الأسمنت فى مصر أصبحت شركات عالمية، وعلى أعلى مستوى وتنتج كميات كبيرة من الأسمنت، وتبيع بالسعر العالمى، وتستهلك وقودًا بكميات كبيرة جدًا، ومع ذلك تدخل فى أزمات مع العمال، فمثلا شركة أسمنت طرة، التى تملك الدولة فيها نسبة 34 فى المائة، والباقى تمتلكه شركات إيطالية عالمية، تتعنت فى صرف أرباح العمال. وأضاف إسماعيل، أن العضو المنتدب للشركة، قال لنا إنها خسرت هذا العام 14 مليون جنيه، ورفض صرف أرباحنا، على الرغم من أن هناك اتفاقية عمل جماعية بين العمال والشركة، شهدت عليها الدكتورة ناهد العشرى، وزيرة القوى العاملة والهجرة حاليًا، عندما كانت تشغل منصب وكيلة الوزارة لشئون المفاوضة الجماعية، مؤكدا أن «موقف العضو المنتدب اضطرنا إلى الاعتصام فى مكتبه، ولم نوقف العمل حفاظًا على المصلحة العامة، أى أن مجموعة اعتصمت، ومجموعة أخرى واصلت العمل». وأوضح أن العضو المنتدب يشرف على ثلاث شركات، هى «السويس، وحلوان، وطرة»، تحت اسم شركة «إيتليشمنتى»، وهذه الشركة ترتيبها الخامس على مستوى العالم فى صناعة الأسمنت، وحققت أرباحًا عالية خلال العام الماضى وصلت إلى 900 مليون جنيه، ومع ذلك يدعى المسئولون أنها تخسر. وقال إسماعيل إن الدولة لا تمتلك سوى مصنع «القومية للأسمنت»، ونسبة 34 فى المائة من شركة أسمنت طرة، التى يسعى المستثمر الإيطالى إلى تدميرها، ويتسبب فى أنها تحقق خسائر، موضحًا كنا ننتج 7 أنواع من الأسمنت، والآن لا ننتج إلا نوعًا واحدًا، والباقى توزع على الشركتين الأخريين «أسمنت السويس، وأسمنت حلوان»، للضغط على الدولة لتبيع له حصة ال34 فى المائة. وفى السياق نفسه، كشفت مصادر مطلعة بوزارة الكهرباء ل«الصباح» أن الوزارة تسعى حاليًا إلى الاتفاق مع وزارة البترول على تقليل كمية الوقود المخصصة لشركات الأسمنت والأسمدة، وتوجيهها إلى توليد الكهرباء، لمواجهة أزمة انقطاع التيار خلال الصيف المقبل، خاصة أنه تم إعداد خطة لدخول باقى محطات الكهرباء إلى الصيانة للعمل بكفاءة عالية، لتجنب الانقطاع.