مصر ترفض مقترح إسرائيلي بشأن معبر رفح    واشنطن عن دعوة القمة العربية نشر قوات دولية في الأراضي الفلسطينيّة المحتلة: قد تضر جهود هزيمة حماس    اسكواش - خماسي مصري في نصف نهائي بطولة العالم    أزمة بسبب حل لجنة مسابقات القسم الثاني.. واتحاد الكرة يرد    الوادى الجديد: استمرار رفع درجة الاستعداد جراء عواصف ترابية شديدة    بسبب البخاري والعلمانية، أول خلاف يظهر للعلن بين يوسف زيدان وإبراهيم عيسى وإسلام بحيري (فيديو)    تعرف على المستفيدون من العلاوات الخمسة الدفعة الجديدة 2024    استشهاد فلسطينية وإصابة آخرين جراء غارة للاحتلال على مدرسة في مخيم النصيرات    الأمير تركي بن طلال يرعى حفل تخريج 11 ألف طالب وطالبة من جامعة الملك خالد    تعرف على.. آخر تطورات الهدنة بين إسرائيل وحماس    حزب الله اللبناني يعلن استهداف فريقا فنيا للجيش الإسرائيلي في ثكنة راميم    خصم نصف المرتب لمدة 6 شهور لهذه الفئة من الموظفين    تراجع سعر الحديد الاستثماري وعز والأسمنت بسوق مواد البناء الجمعة 17 مايو 2024    جهاد جريشة: لا بد من محاسبة من تعاقد مع فيتور بيريرا    الرياضيون الأعلى دخلا في العالم 2024، رونالدو يتفوق على ميسي    محمد شريف: التعادل مع اتحاد جدة ليس سيئا    سعر السكر والزيت والسلع الأساسية بالأسواق في ختام الأسبوع الجمعة 17 مايو 2024    موعد عيد الاضحى 2024 الأردن.. وإليك عدد أيام إجازة العيد    كاميرا ممتازة وتصميم جذاب.. Oppo Find X7 Ultra    بنده السعودية.. أحدث عروض الهواتف المحمولة حتى 21 مايو 2024    تحذير شديد من الأرصاد الجوية بشأن الطقس اليوم الجمعة 17 مايو 2024    القبض على المتهم بقيادة دراجة نارية والقيام بحركات استعراضية بالدقهلية    عيار 21 الآن بالمصنعية.. سعر الذهب اليوم الجمعة 17-5-2024 «بيع وشراء» في مصر (التفاصيل)    حظك اليوم برج الحوت الجمعة 17-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    حظك اليوم برج الدلو الجمعة 17-5-2024 مهنيا وعاطفيا.. مفاجآت سعيدة    حظك اليوم برج الجدي الجمعة 17-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    ميلاد الزعيم.. سعيد صالح وعادل إمام ثنائي فني بدأ من المدرسة السعيدية    بعد عرضه في «كان» السينمائي.. ردود فعل متباينة لفيلم «Megalopolis»    «السياحة» تلزم شركات النقل بالسداد الإلكتروني في المنافذ    طريقة عمل بيكاتا بالشامبينيون: وصفة شهية لوجبة لذيذة    للحفاظ على مينا الأسنان.. تجنب تناول هذه الفواكه والعصائر    تنظم مستويات السكر وتدعم صحة العظام.. أبرز فوائد بذور البطيخ وطريقة تحميصها    نتيجة الصف الرابع الابتدائى الترم الثانى.. موعد وطريقة الحصول عليها    شاهد.. انطلاق فعاليات قمة رايز أب لريادة الأعمال بحضور وزيرة التخطيط    بعد مد فترة تلقي الطلبات، المستندات المطلوبة للتقديم في وظائف القطار الخفيف    "التعليم" تعقد ورشة عمل بعنوان "الذكاء الاصطناعي مدخلاً لإعادة هندسة منظومة التعليم"    الفيوم تستضيف الجلسة ال26 للجنة قطاع العلوم الأساسية على مستوى الجامعات    ضمن مسرح الطفل.. فرقة أحمد بهاء الدين ب أسيوط تقدم عرض «الفنان»    لا عملتها ولا بحبها ولن نقترب من الفكر الديني.. يوسف زيدان يكشف سر رفضه «مناظرة بحيري ورشدي»    لراحة القلب والبال.. أفضل دعاء في يوم الجمعة «اللّهم ارزقني الرضا وراحة البال»    إصابة 8 أشخاص في حادث تصادم سيارتين أعلى القوس الغربي بالجيزة    الدوري الإسباني.. برشلونة يتفوق على ألميريا في الشوط الأول    الإعلام الحكومي بغزة ينشر أسماء 100 أكاديمي فلسطيني قتلهم الاحتلال    توقيع الكشف الطبي على 1161 مواطنا في قافلة لصحة البحيرة    الاتحاد يتأهل إلى نهائي المربع الذهبي لكرة السلة    الناتو: القوات الروسية أثبتت قدرتها على التقدم بمرونة كبيرة    جامعة بني سويف من أفضل 400 جامعة عالميا.. والرابعة محليا    بالفيديو.. نصيحة هامة من الشيخ خالد الجندي إلى الأباء والأمهات    وزيرا التعليم والأوقاف يصلان مسجد السيدة نفيسة لتشييع جثمان وزير النقل السابق - صور    فانتازي يلا كورة.. الثلاثي الذهبي قبل الجولة الأخيرة في بريميرليج    أحلام الشباب في اقتناص ثروات الذكاء الاصطناعي تتحطم على صخرة الجامعات الحكومية    لجنة مركزية لمعاينة مسطح فضاء لإنهاء إجراءات بناء فرع جامعة الأزهر الجديد في برج العرب    15 يوما إجازة رسمية بأجر في شهر يونيو المقبل 2024.. (10 فئات محرومة منها)    وكيل الصحة بالقليوبية يتابع سير العمل بمستشفى القناطر الخيرية العام    هل يجوز الجمع بين الأضحية والعقيقة بنية واحدة؟.. الإفتاء توضح    بمشاركة مصر والسعودية.. 5 صور من التدريب البحري المشترك (الموج الأحمر- 7)    أعطيت أمي هدية ثمينة هل تحق لي بعد وفاتها؟.. أمين الفتوى يوضح    نتيجة الصف الرابع الابتدائي الترم الثاني 2024 عبر بوابة التعليم الأساسي (الموعد والرابط المباشر)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الراقصات والسياسة.. من برلمان «بديعة » إلى علم «صافينار»
نشر في الصباح يوم 06 - 03 - 2015

*تحية كاريوكا سجنت 100 يوم لمعارضتها النظام.. وساعدت السادات على الاختباء فى منزلها وأخفت صلاح حافظ عن عيون البوليس السياسى
*علاقة نجوى فؤاد بكيسنجر جعلته يساهم فى إقناع العالم بحق مصر فى سيناء.. ومن حبه لها ذكرها فى الجزء الثانى من مذكراته
*حكمت فهمى عملت جاسوسة للألمان بعد رقصها أمام هتلر وجوبلز.. وكانت من أشد الرافضين للاحتلال البريطانى لمصر
* سما المصرى واجهت الإخوان بالرقص على أغانى هابطة..قررت الترشح للبرلمان لاستكمال العمل السياسى
مواقف وطنية، آراء سياسية، سقوط فى فخ الجاسوسية، صداقات ساهمت فى تغيير مجريات الأحداث التاريخية، صالونات للرقص، كانت ملاذًا لكبار الساسة، وملجأ للهروب من متاعبهم، حكايات عديدة نرصدها، وأسرار دفينة نكشفها عن علاقة الراقصات بالسياسة، ومواقفهم على مدار تاريخ طويل، خاصة بعد إعلان الراقصة الاستعراضية صافيناز مشاركتها فى ثورتى 25 يناير و30 يونيو بالنقاب والتفاعل مع الأحداث المصرية، وتأثرها بكل ما تمر به البلاد من أزمات، تاريخ مصر عامر بفاعليات مشاركة الراقصات فى السياسة.
بديعة مصابنى دينامو السياسة
البداية من قصة الراقصة بديعة مصابنى التى تحولت من ضحية للاغتصاب فى صغرها إلى صانعة للنجوم كما أطلق عليها فى مجدها، فهى صاحبة أول أكاديمية فنية، تعلم فى صالتها العديد من النجوم أصحاب الأسماء اللامعة، من بينهم فريد الأطرش ومحمد فوزى وتحية كاريوكا وسامية جمال وغيرهم، وتعتبر مصابنى أول فنانة تقوم بإنشاء أول مسرح دائرى، مما يسهل على المتفرج بالقاعة مشاهدة كل ما يدور على خشبته، وكانت السيدة (هدى شعراوى) رائدة الحركة النسائية تحرص على حضور ومتابعة عروضها، والثناء عليها، ولم يحدث فى تاريخ مصر أن أطلق اسم راقصة على واحد من أهم وأكبر جسور القاهرة، وهو (كوبرى الجلاء) الآن الذى كان اسمه الحقيقى كوبرى (بديعة مصابنى)، وذلك تكليلًا لمشوارها الحافل المضىء فى عالم الفن بصفة عامة، لعبت الفنانة بديعة مصابنى خلال فترة عملها دورًا مؤثرًا فى الحياة السياسية بمصر، بل شكلت جزءًا من تاريخ مصر الفنى والسياسى والاجتماعى، مما جعلها تمتلك سطوة وسلطانًا سهَّل مهمتها فى السيطرة على صعاليك وفتوّات شارع «عماد الدين» ورجال السياسة والحكم ورجال الاحتلال الإنجليزى آنذاك، الذين كانوا زبائن دائمين فى صالاتها. كما تخرّج على يديها عشرات الراقصات اللاتى حققن انتشارًا بعد ذلك مثل تحية كاريوكا وسامية جمال وحكمت فهمى وصفية حلمى وببا عزالدين وغيرهن.
تمكّنت بديعة مصابنى من خلال تواجدها المؤثر فى عالم الصالات الفنية والملاهى الليلية أن تقيم علاقات قوية مع العديد من المسئولين ورجال السياسة فى مصر فى فترة الأربعينيات، سواء بطريق مباشر أو غير مباشر، لدرجة أن العديد من هؤلاء السياسيين كانوا يفرون بهمومهم الخاصة وهمومهم السياسية إلى كازينو بديعة، سواء فى شارع عماد الدين أو فى ميدان الأوبرا.
وكان بعض الساسة يفضلون تأليف وزاراتهم القومية أو الحزبية داخل مساكن هؤلاء الفنانات، والتى كان يطلق على آنذاك «عوامات أهل الفن»، كما كان لمصابنى جانب من جوانب التأثير السياسى غير المباشر على القرار، سواء داخل مجلس الوزراء أو داخل القصر الملكى ذاته.
كاريوكا والسجن
تحية كاريوكا كسيرة ذاتية لا يمكن أن تكون مجرد سرد لحياة فنانة كبيرة، لأنها صاحبة دور وطنى كبير بدأته مع انطلاق ثورة يوليو 1952، فعطاء «تحية كاريوكا» لم يتوقف عند حدود الإبداع الفنى، إنه وجود إنسانى فى أغلب المجالات السياسية والاجتماعية والوطنية، فعندما قامت الثورة كانت لها بعض الآراء فى الممارسة السياسية لرجال الثورة المصرية، ودخلت السجن السياسى لمدة 101 يوم بتهمة الانضمام إلى تنظيم يسارى اسمه «حدتو»، وهذه الكلمة اختصار ل «حركة ديمقراطية للتحرير الوطنى»، وداخل السجن لم تفقد المقاومة، بل زادتها جدران السجن إصرارًا، وقادت المظاهرات من داخل الزنزانة، فبعد أن حققت تحية شهرتها الكبيرة فى القاهرة، تزوجت من الضابط مصطفى كمال صدقى، ولم تمر أشهر قليلة بعد الزواج حتى وجدت ضباطًا من البوليس الحربى يكسرون باب شقتها بعنف، ووقفت تحية فى مكانها والضباط يبحثون فى كل مكان بالشقة عن أى منشورات ضد نظام الحكم، وعن أى أسلحة، وبالفعل تم العثور على بعض المنشورات، ولم تتردد تحية فى أن تذهب معهم إلى القسم، ورغم أنها أنكرت معرفتها وعلمها بما تم ضبطه فى شقتها، فإن ذلك لم يمنع السلطات وقتها من الزج بتحية داخل السجن للمرة الأولى فى حياتها.
وقضت تحية فى السجن 100 يوم قادت خلالها حركات التمرد داخله، ورفعت صوتها محتجة على ظروفه غير الإنسانية، كما كانت أيضًا تقف فى تظاهرات الطلبة مؤيدة لهم وترسل لهم السندويتشات، وتشارك فى الهلال الأحمر. وكان معروفًا عنها جرأتها الشديدة، فلم تتردد فى أن تحرج الملك فاروق عندما وجدته جالسًا فى كازينو الأبراج، وقالت له بطريقتها الساخرة إن مكانه ليس هنا بل يجب أن يكون فى قصر الملك، وتوقع الكثيرون أن يغضب الملك منها، لكنه انصرف على الفور وسط استغراب المحيطين به.
مواقف تحية كاريويكا مع ملوك ورؤساء مصر لم تختلف ولم تتلون، كما يفعل بعض السياسيين، لكنها كانت واضحة، وجريئة، حيث انتقدت أداء حكومة ثورة 23 يوليو، ووصفته بأنه لا يختلف عن أداء الملك فاروق، ورفعت شعار «ذهب فاروق وجاء فواريق» فى إشارة إلى الضباط الأحرار، وهو ما أدى إلى غضب السلطات منها، واعتقلها جمال عبدالناصر مع بعض أعضاء الحزب الشيوعى المصرى، وبعد الإفراج عنها شاركت فى كل المناسبات الوطنية، فلم تفقد أبدًا إيمانها بالثورة رغم كل هذه الانتقادات التى وجهتها إليها، وهكذا وقفت فى أول الصف فى كل ما عاشته مصر من مواقف وطنية، مثل أسبوع التسليح، حروب 56 و67 و73، وكانت كاريوكا أول من يتطوع فى الهلال الأحمر، وآخر من يغادر الموقع. وأثناء الحصار الإسرائيلى للفلسطينيين فى الثمانينيات فى بيروت كانت «تحية» أيضا أول من يذهب إلى هناك مع المناضلين الفلسطينيين.
رغم تقدمها فى السن ظلت تمارس الحياة السياسية حتى سنواتها الأخيرة، فتزعمت اعتصام الفنانين، وكانت هى الفنانة الوحيدة التى أضربت عن الطعام عام 1988، ولم يوقف إضرابها سوى تدخل الرئيس الأسبق «حسنى مبارك» الذى اتصل بها فى نقابة السينمائيين مقر اعتصام الفنانين وداعبها قائلاً: عايزة يقولوا يا ست «تحية» إنك عشت تأكلين فى عهد فاروق وعبدالناصر والسادات وتموتين جوعًا فى عهد مبارك.. وانفض الاعتصام وتقابل الفنانون وعلى رأسهم «تحية» بعدها مع الرئيس فى لقاء ودى، داعب فيه مبارك كثيرًا «تحية كاريوكا».
ويروى أن تحية فى الخمسينيات قامت بحماية اليسارى صلاح حافظ فى منزلها، إضافة إلى موقفها الشهير مع الرئيس الراحل محمد أنور السادات، عندما تخفى عندها وقت الاستعمار البريطانى لمصر، حيث أخفته فترة فى منزل شقيقتها، وكانت سلطات الاستعمار تبحث عنه دون جدوى، ولم يكونوا على علم أن كاريوكا هى من تخفيه.
كيسنجر ونجوى فؤاد
عندما نذكر الدور السياسى للراقصات لا نستطيع نسيان دور الراقصة نجوى فؤاد الذى لعبته فى حرب 1973، وعلاقتها القوية بوزير الخارجية الأمريكية وقتئذ هنرى كيسنجر، فمنذ أن شاهدها ترقص فى حفل خاص بمصر، أعجب بها، بل إنه كان لا يتردد فى أن يشاركها الرقص فى بعض الحفلات الخاصة، وكان لتلك العلاقة القوية بين نجوى فؤاد وكيسنجر مفعول السحر على المستوى السياسى، فقد شاركت بدور وطنى فى إقناعه بحق مصر فى استرداد أرضها وعودة سيناء.
ومن شدة تعلق هنرى كيسنجر بنجوى فؤاد ذكرها فى الجزء الثانى من مذكراته، ووصف لقاءاته معها بأنها من أجمل الذكريات التى يستدعيها دائمًا إلى مخيلته كلما حاصرته هموم السياسة ومشاكلها، وقال كيسنجر فى المذكرات: كنت أحرص دائماً فى كل مرة أزور فيها القاهرة على التأكد من وجود الراقصة المصرية نجوى فؤاد، وكانت تبهرنى، بل أعتبرها من أهم الأشياء الجميلة التى رأيتها فى الوطن العربى، إن لم تكن الشىء الوحيد. وتبعه فى هذا الهوس الرئيس الأمريكى جيمى كارتر الذى حكى له كيسنجر عنها، وجاء إلى مصر خصيصًا ليراها، وحددها بالاسم ورقصت أمامه فى فندق «مينا هاوس»، وأعجب بها كثيرًا وقتها ولم يخف إعجابه رغم أن زوجته كانت حاضرة وقتها.
حكمت فهمى ضد الاستعمار
أما حكمت فهمى فكانت صاحبة الموقف الأكثر رفضًا والأكثر شهرة، كذلك فى مواجهة الاستعمار البريطانى، حيث كانت ترى أن الحرب العالمية الثانية فرصة رائعة للخلاص من الإنجليز، وأن هزيمة إنجلترا سوف تضعف من قبضتها على مصر، وبالتالى الخلاص الذى طال انتظاره، لم تكن حكمت فهمى هى صاحبة تلك النظرية، بل كان كبار السياسيين يعلنون ذلك دون مواربة وعلى رأسهم الملك فاروق نفسه الذى لم يستطع كتمان ضيقه من كثرة تدخلهم فى شئونه الخاصة، وحين افتضح أمره لديهم ساروا بدباباتهم نحو قصر عابدين حتى يأتى برئيس وزراء يقبل التعاون معهم، وهو ما عرف بحادث 4 فبراير 1942.
تقول حكمت عن ذلك اليوم فى مذكراتها: «لقد كانت دبابات الإنجليز تحاصر القصر مصوبة مدافعها إليه استعدادًا لتدميره عند إعطاء الأمر، إننى بعد فترة وبعد خروج السفير البريطانى من القصر لم أعد أحتمل هذه المشاهد.. فطلبت من السائق أن نعود للملهى، وفى أعماقى كان شيئًا عظيمًا يتأكد، فعلى هذه الأرض الطيبة عشت، ومن خيرها وتحت سمائها اشتهرت، فلها دين فى عنقى، فكما أحب دائمًا أن أكون حرة فى تصرفاتى، أتمنى أن تتحرر مصر كذلك، وسأعمل على ذلك، وكان عهدًا أخذته على نفسى».
وعلى الرغم من أنه كان معروفًا عن حكمت فهمى علاقتها القوية بضباط القوات البريطانية من خلال ترددهم على الملهى الذى كانت ترقص فيه، ولكنها سافرت لأوروبا لظروف الحرب، فعلاقتها بضباط بريطانيا التى كانت تحتل مصر آنذاك، دفع الألمان للتفكير فى تجنيدها لصالحهم، وبالفعل نجح الألمان فى ذلك دون أن تعلم الراقصة المصرية بتجنيدها من خلال جاسوس ألمانى أوقعها فى شباك غرامه.
وفى إحدى الليالى كانت ترقص فى ملهى بالنمسا، وشاهدها رئيس المخابرات الألمانية فرشحها لترقص للزعيم النازى أدولف هتلر، ووزير دعايته جوبلز فى ألمانيا، وعندما شاهدها جوبلز أمر بتجنيدها لصالح الألمان الذين كانوا على علم بشعبيتها عند الضباط الإنجليز فى مصر، وجاء تجنيد حكمت عن طريق شاب قدم نفسه لها فى الملهى الذى ترقص فيه فى النمسا، على أنه طالب مصرى اسمه حسين جعفر، وتمكن بعد ليلة أخرى من التقرب منها، بل وأوقعها فى حبه، ثم اختفى فجأة من حياتها، حسين جعفر هو الضابط الألمانى أبلر، وهو من أب وأم ألمانيين، انفصل كل منهما عن الآخر، وكانت الأم تعمل بمدينة بورسعيد، والتقت بمحام مصرى تزوجها وتبنى الطفل، وأطلق عليه حسين جعفر، ولكنه عندما سافر إلى ألمانيا التقطته المخابرات الألمانية، وتم تجنيده لإتقانه اللغة العربية.
أولى المهام التى أوكلت لأبلر كانت نسج علاقة غرامية مع الراقصة حكمت فهمى تمهيدًا لتجنيدها، حتى يتمكن من خلالها فى الحصول على خطة بريطانيا من حيث «أين ستركز دفاعاتها، وعدد القوات البريطانية ونوعها، ومدى تعاون الجيش المصرى معهم إذا بدأت المعركة»، وعندما نشبت الحرب العالمية الثانية، عادت حكمت لمصر لترقص فى ملهى الكونتيننتال، دون أن تعلم أنها وقعت فى فخ «الجاسوسية» لصالح ألمانيا، ومنه انتقلت لملهى الكيت كات ليبدأ هناك أبلر فى الاتصال بها مرة أخرى، بعد أن نجح هو وزميله مونكاستر فى دخول مصر من خلال التنكر فى أزياء الزى العسكرى البريطانى.
وبعد عدة لقاءات بين حكمت وأبلر، فهم منها الجاسوس الألمانى مدى كرهها للإنجليز، ليكشف لها عن شخصيته، وعن مهمة التجسس التى كلفه بها قائده روميل بعد عدة انتصارات حققها على جيش الحلفاء، ومن هنا أبدت حكمت فهمى استعدادها للتعاون مع الألمان، فقامت سلطانة الغرام بتأجير عوامة قريبة من عوامتها لأبلر، ومنها كان يتواصل الجاسوس الألمانى مع روميل من خلال جهاز اللاسلكى، وفجأة، لاحظ جعفر عدم رد المخابرات الألمانية عليه، فطلب من حكمت البحث عن شخص تثق فيه لإصلاح جهاز التجسس، لإتمام مهمتهما فى مصر.
ولجأت حكمت لحسن عزت صديق الضابط المصرى أنور السادات حينها، والذى وافق على إصلاح الجهاز فور علمه بمهمة الجاسوسين الألمانيين، لكره السادات الشديد للإنجليز، وحمل السادات الجهاز فى حقيبته متجهًا إلى بيته فى كوبرى القبة، بينما استمر أبلر فى نشاطه بجمع المعلومات من داخل النوادى الليلية التى يسهر فيها الضباط والجنود الإنجليز بمساعدة حكمت، وأبرز الخدمات التى قدمتها حكمت فهمى للألمان، كانت عن طريق الميجور سميث الذى كان متيمًا بها، إذ نجحت فى الحصول على معلومات مهمة منه عندما أخبرها فى إحدى الليالى أنه مسافر إلى ميدان الحرب على الخطوط الأمامية.
فى هذه الليلة ألغت حكمت فهمى رقصتها لتقضى السهرة معه فى عوامتها، وهناك دست له المخدر فى كأس الويسكى لتحصل منه على أخطر تقرير، يتضمن كل المعلومات التى يبحث عنها أبلر، فهرولت إليه ومنحته التقرير الذى يحتوى على كل المعلومات عن القوات النيوزيلندية، ووحدات جنوب إفريقيا، وأستراليا، بالإضافة إلى وحدة أخرى قوامها 5 آلاف جندى كانت سترسل إلى الإسكندرية، و2500 لغم لتعزيز الخط الدفاعى، وتركيز الدفاع فى العلمين نفسها، وليس على بعد عدة أميال كما كان يعتقد روميل، أبلر حصل على التقرير وهرول إلى زميله مونكاستر الذى أخبره بأن المخابرات الألمانية طلبت منهم عدم إرسال معلومات إلا إذا كانت مهمة، وتحديدًا فى الثانية عشرة مساءً، إذ إن صديقيهما الجاسوسين اللذين يتلقيان إشارتهما تم القبض عليهما فى السجون البريطانية.
حقيقة ألبر كجاسوس ألمانى كشفتها راقصة فرنسية يهودية تُدعى إيفيت كانت تقضى ليلة عنده، وتحدث وقتها إلى صديقه الألمانى عن طريق جهاز الإرسال، وحصلت على عدة معلومات منه، وأبلغت قادتها، الذين أبلغوا المخابرات البريطانية التى كانت تبحث بدورها عن جاسوس ألمانى وردت إليها أخبار عن عمله فى مصر، ومن هنا تم إلقاء القبض على أبلر ومونكاستر وحكمت فهمى ولكنه عوقب بالاستغناء عن خدماته بقرار ملكى كضابط فى الجيش المصرى، وتم خلع الرتب العسكرية من كتفه، وساءت حالة حكمت فهمى النفسية، لكنها تمكنت من الخروج من السجن بعد أن دفعت رشوة قدرها 200 جنيه.
سما المصرى.. السياسة الهابطة
وعلى غرار محاولات ربط الرقص بالسياسة، وعلى الرغم من كل النقد الذى تتعرض له إلا أن سما المصرى تحاول هى الأخرى العمل بالسياسة، بل وقررت خوض غمار الترشح للبرلمان المقبل مستندة على ما قدمته من أداء استعراضى هابط عبر شاشة قناة فلول قبل إغلاقها.
سما قدمت خلطة من الأغانى الاستعراضية التى تحمل إيحاءات جنسية وألفاظًا خارجة واعتقدت أنها بذلك تساهم فى الإطاحة بالإخوان ولظروف مصر نجح الشعب فى الثورة على محمد مرسى وعزله وخرجت سما مستغلة الحدث لتؤكد أنها من شاركت فى الإطاحة بالإخوان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.