تتفق الأسانيد المختلفة على أنبديعة مصباني أول ممثلة وراقصة عربية قد رحلت من لبنان الى مصر في مطلع القرن العشرين لتضع الكازينو الخاص بها وجميع العاملين به تحت تصرف القوات البريطانية طوال مدة الحرب العالمية الثانية• ومن الطريف أيضا، أن كازينو بديعة قدم ثلاث راقصات أصبح لهن ارتباطات سياسية بشكل أو بآخر أولهن حكمت فهمي التي قامت قبل نشوب الحرب العالمية برحلة لإيطاليا وألمانيا والمجر•• ورقصت أمام هتلر وموسوليني•• وتعرفت على شاب ألماني أمّه مصريه، اسمه حسين جعفر وكان جاسوسا لألمانيا، فتعرف بدوره على أنور السادات والفريق عزيز المصري، وعرفت عوامة حكمت فهمي اجتماعات هؤلاء الذين كانوا يرغبون في الاتصال بالألمان من أجل طرد الانجليز من مصر•• إلا أنهم وقعوا في يد المخابرات البريطانية، فصدر حكم ضد الراقصة حكمت فهمي بالسجن لمدة 30 شهرا•• وطرد السادات من الخدمة العسكرية • ملكة لليلة واحدة أما الراقصة الثانية فهي سامية جمال، واسمها الحقيقي زينب خليل•• وضعها النخاس الإيطالي أنطوان بوللي في طريق الملك فاروق•• فبدأت ترقص له•• وقد ذكر مصطفى أمين في كتابه ليالي فاروق بعنوان ملكة لليلة واحدة أن سامية جمال أمضت ليلة في غرفة الملك واستيقظت فلم تجده•• فقد اختفى دون أن يودعها•• بعد أن أمضى الساعات وهو راكع تحت قدميها يبثها غرامه•• فبحثت عنه في كل مكان قد تجده فيه ولكنه كان يتجاهلها•• وبسبب حبها لفاروق أنهت علاقتها بفريد الأطرش•• وهي الأخرى اتهمت بزيارة اسرائيل، فمثلت فيلمها عن فلسطين لدرء هذه التهمة • من الملاهي الى المعتقلات الراقصة الثالثة التي تخرجت من كازينو بديعة هي تحية كاريوكا•• فلم تكن مجرد راقصة ولكنها شخصية معتزة بنفسها متفرّدة بتصرفاتها•• ولها باع طويل في المعترك السياسي•• فوالدها قضى بعض الوقت في المعتقلات، وعمّها قتل على يد الانجليز•• وفي الأربعينيات والخمسينيات كانت شديدة القرب من الحزب الشيوعي، وإن كانت قد نفت انضمامها لأي حزب • دخلت كاريوكا السجن في مطلع الثورة بتهمة التآمر على قلب نظام الحكم عام 1954 ، حينما كانت متزوجة من الضابط مصطفى صدقي• فقد كان موضوعا تحت المراقبة•• وعندما هاجم البوليس الحربي منزل الزوجية، عثروا على منشورات معادية للثورة•• فألقي القبض على الزوجين، وخرجت كاريوكا من السجن بعد ثلاثة أشهر • وكان لكاريوكا نشاط مع الفدائيين المصريين عام 1951 وعرفت السادات•• وظل مختبئا بمعرفة الفدائيين لفترة طويلة•• وكانت هي واحدة ضمن من ساعده على الهرب•• وفي أحد لقاءاتهما معا عام 1978 قال لها السادات وهو رئيس جمهورية: إني كنت أعمل مع شقيقك، وهنا وقفت وقالت: لا يا ريّس•• أنت كنت هربان•• فضحك السادات !! ضد الحكومة في عام 1968 أصدر وزير الداخلية المصري شعراوي جمعة قرارا بمنع عرض مسرحية (كدابين الزفة)•• فقررت تحية كاريوكا الاعتصام والاضراب عن الطعام•• حتى رفع قرار المنع بعد حذف ما يقرب من نصف النص المسرحي • وفي عام 1972 وفي أعقاب قرار الرئيس المصري السادات طرد الخبراء السوفييت•• قدمت (كاريوكا) مسرحية (يحيا الوفد) بالتعاون مع زوجها (فايز حلاوة)•• وكانت المسرحية تحوي انتقادا صريحا لعبد الناصر وسياساته فتم اتهام كاريوكا بأنها قدمت هذه المسرحية كبوق دعاية للسادات•• وعرف عن كاريوكا تماسكها وشجاعتها في مواجهة فترة السجن•• فقامت في سجن النساء بنشاط لمحو الأمية•• وقال عنها المفكر الفلسطيني ادوارد سعيد: إن تحية كاريوكا مثل أم كلثوم •• تحتل موقع الرمز المرموق في الثقافة الوطنية•• ويبدو أن نشأتها الصعبة وصعودها من قاع المجتمع وما لقيته من قسوة، إضافة الى رغبتها الملحة في أن تكون شيئا ذا قيمة للفئات الشعبية، والحس الوطني، والسعي الى التعرف برموز المجتمع السياسية والثقافية•• وقد حدث أن رقصت أمام الملكة نازلي فقالت: لقد رقصت أمام ملكة مصر ولن أرقص مرة أخرى• واعتذرت عن العروض المقدمة لها متعللة بوعكة ألمت بها باحث فى العلوم السياسية والاسترايجية مستشار للمجلس العربى الافريقى •