فى الوقت الذى تواجه فيه أجهزة الدولة الأمنية إرهاب جماعة «الإخوان» وأعوانها منذ عزل الرئيس الإخوانى محمد مرسى فى 3 يوليو الماضى، ووسط مخاوف ضربت البلاد من تنامى سطوة الجماعات المسلحة فى الشارع، لاحت فى الأفق ميليشيات جديدة بصبغة سلفية، مازالت فى طور التكوين، وهى ميليشيات التيار السلفى التى تضم مجموعات من الشباب بهدف «حماية قيادات الدعوة السلفية»، من اعتداءات المنشقين عن التيار السلفى أخيرًا بعد موقف الدعوة وحزبها «النور» من تأييد الدستور المعدل. وتتبدى المخاوف من تحول هذه المجموعات التى تؤكد أنها غير مسلحة، وغرضها توفير الحماية فقط، إلى ميليشيات مسلحة وخاصة مع تبنى عناصرها للمنهج المتشدد والأفكار المتطرفة من كتابات سيد قطب.
يتكون التيار السلفى من عدد من الكيانات والأفراد جميعهم يتبعون المنهج السلفى، هذا ما يحدثنا عنه حازم عبدالعزيز أحد قيادات المنشقة عن الجبهة السلفية بالجيزة، يقول: على رأس هذه الكيانات جمعية «أنصار السنة المحمدية» ولها مقرات عدة فى جميع المحافظات، تختص بنشر الدعوة واتباع القرآن والسنة والسلف الصالح، والمكون الثانى هو الدعوة السلفية ومقرها الأساسى محافظة الإسكندرية، وهى مستحدثة الخوض فى الحياة السياسية، لديها اهتمامات بالعمل السياسى، لكنها لم تشارك به قبل ثورة 25 يناير، والمكون الثالث هو الجبهة السلفية المكونة من المنشقين عن الدعوة السلفية، وهم من المعترضين على منهجها قبل 25 يناير، لأنهم يرون أن الدعوة السلفية تنتهج الدعوة إلى الانفتاح الموسع على العالم، وهم يميلون- الجبهة السلفية- إلى اتباع منهج سيد قطب، لذا هم الآن أكثر اقترابًا من الإخوان، وهم الداعم الأكبر لهم على أرض الواقع فى كل الأحداث التى وقعت بعد 30 يونيو وحتى الآن. والمكون الرابع هو حزب «النور» السلفى الذى أسسه الدكتور عماد عبدالغفور فى عام 2011، ويرأسه الآن الدكتور يونس مخيون، بينما المكون الخامس هو حزب «الوطن» المنبثق من رحم «النور» ويرأسه الدكتور عماد عبدالغفور.
تكوين الميليشيات يقول عادل فوزى عضو الدعوة السلفية بالجيزة: تتكون ميليشيات الجبهة السلفية من المتشددين والمتطرفين من جميع مكونات التيار السلفى، منهم بعض شباب جمعية أنصار السُنة المحمدية، وشباب الدعوة السلفية والمنشقين عن الجبهة السلفية وهم قيادات الميليشيات فى عدد من المحافظات، ينضم لهم شباب من أنصار حازم أبوإسماعيل من شمبارى والوراق وإمبابة فى الجيزة، وبعض من قيادات حركة «حازمون» على مستوى المحافظات، واعضاء حركة «طلائع الدعوة السلفية». وعن ميليشيات الدعوة السلفية، يكمل فوزى: بدأ تكون ميليشيات الدعوة السلفي، عقب تصريح الدكتور ياسر برهامى نائب رئيس الدعوة السلفية،» بأن قيادات الدعوة لن تقف مكتوفة الأيدى أمام اقتحام الداخلية لمنازل أعضاء الدعوة السلفية»، بعدها بدأت الفكرة فى التكوين الفعلى والتحرك الإيجابى نحو إنشاء جبهة تصدٍ للاعتداءات من أى جانب على أعضاء الدعوة السلفية، وانتشرت الفكرة بين شباب التيار، وقُبولت بالدعم على مستوى القيادات، وروج لها فى جميع المحافظات، وبالفعل أصبح لدى التيار السلفى جبهة تصدٍ للاعتداءات. واعتبر«فوزى» أن أسباب تعرض قيادات النور والدعوة السلفية للمهاجمة والاعتداء من قبل قيادات الجبهة السلفية والإخوان، هو موافقتهم على ما يعتبره قيادات الجبهة المتطرفين والإخوان الحد الأدنى للهوية ومرجعية الشريعة الإسلامية فى الدستور الجديد، واكتفائهم على إبداء التحفظ على بعض المواد، والموافقة على إلغاء المادة التى تحرم سب الأنبياء والرسل، وإرجاع تفسير المادة الثانية إلى أحكام المحكمة الدستورية العليا، وهذا ما صرح به الدكتور «برهامى» فى أكثر من مؤتمر مؤخرًا تعليقًا على هذه الاعتداءات. ويقول أسامة مختار عضو حزب النور بأمانة الجيزة، إن حماية وتأمين قيادات ومشايخ الدعوة السلفية وحزب النور أصبح أمرًا مفروغًا منه، وواجبًا على شباب «الدعوة» و«النور»، فهم يتولون تشكيل لجان لحماية القيادات والمشايخ وتأمين تواجدهم فى أى مكان خلال الفترة القادمة لمنع قيام أية عناصر تابعة لجماعة الإخوان من التعرض لهم فى المساجد أو المؤتمرات أو الندوات. يتابع: يقود شباب التيار السلفى فى مسئولية حماية قيادات «الدعوة والحزب»، مجموعة من القيادات الشابة، التى اجتمعت فى مقر الدعوة السلفية بالإسكندرية فى نهاية العام الماضى، وأصدرت قرارًا جاء عن تشاور بين العديد من القيادات الشبابية فى عدة محافظات منها الإسماعيلية والسويس والإسكندرية والمنصورة وكفرالشيخ ومناطق عديدة فى القاهرةوالجيزة التى يتمركز بها أكبر عدد من أعضاء التيار، والمنيا وأسيوط وقنا، بتشكيل لجان حماية فى الفترة القادمة بداية من تجهيزات الاستفتاء وما بعدها من أحداث. يذكر أن هذا الاجتماع، حضره حسين حسنين عضو الدعوة السلفية بالجيزة، وحسن محمود أحمد عضو «النور» بالجيزة، وهما قيادات فى لجان الحماية فى المحافظة، ومن الإسكندرية طارق عبدالله ومحمد عبادى وعلى فتح الله نصر، والشيخ أسامة مصطفى لجان الحماية بالإسكندرية. من جانبه قال مسئول التنظيم عن شرق القاهرة بحزب النور - طلب عدم ذكر اسمه - إن فكرة تشكيل لجان الحماية والتأمين، جاءت بعد تكرار الاعتداءات على القيادات السلفية داخل المؤتمرات، وأمام المساجد فى عدد من المحفظات، وأن الدور الذى تقوم به هذه اللجان والمنشأة من أجله هو الحماية والتأمين فقط. وأكد على وجود مجموعات حماية من شباب الدعوة السلفية وحزب النور فى العديد من المحافظات، ورفض إطلاق مصطلح «ميليشيات السلفية»، على تكوين هذه المجموعات، قائلًا:« أن هذه المجموعات مجموعات غير مسلحة، تقوم بدور الحماية، بالكثرة العددية فقط، وظهور أسلحة من أى نوع أثناء تواجد هذه المجموعات، أمر مرفوض وغير مرغوب فيه»، مؤكدًا على أن أى ظهور لمكون مسلح يهدد أمن واستقرار البلد فهو مرفوض. أصبح لدى الجماعة الإرهابية وذراعها السياسية «الحرية والعدالة» قناعة تامة بأنها طعنت بسيف الغدر من الشريك الرسمى لها فى مكتسبات ثورة يناير التيار السلفى وذراعه السياسية «النور»، حين شاركا فيما أسموه الانقلاب العسكرى وعزل «مرسى»،-حسبما قال الشيخ هانى إسماعيل عضو جمعية أنصار السُنة المحمدية فى المريوطية الهرم-، وتأكدت لديها الشكوك عند دعوة التيار السلفى إلى التصويت بنعم فى الاستفتاء على الدستور، فبدأت مساعى الإخوان لتفتيت التجمع السلفى، واستطاعات من استقطاب عدد كبير من قيادات وأعضاء الجبهة السلفية المنتمية إلى الجماعة فكريًا لاتباعها لأفكار سيد قطب المتطرفة، وعملت على نشر الشائعات والأكاذيب لتشويه الرموز السلفية وإلصاق بعض التهم لمشايخ الدعوة. ويكمل: اتحدت الجبهة السلفية مع الإخوان ضد قيادات الدعوة السلفية وحزب النور، بسبب تأييد خارطة الطريق والدعوة للتصويت على الدستور فى الاستفتاء «بنعم»، وحدث الكثير من الاعتداءات فى الفترة الأخيرة على بعض القيادات مما أدى إلى الاستعانة بشباب الدعوة السلفية، وعدد من شباب الجبهة السلفية ممن رفضوا الانضمام إلى خندق الإخوان، والرافضين لمنهج سيد قطب المتطرف والتكفيرى. ويضيف ممارسة الديمقراطية أصبحت شرًا لابد منه، وممارسوها من قيادات التيار السلفى يجب حمايتهم، نظرًا للخلاف القائم بين الإخوان والسلفيين..فضلًا عن الانشقاق الداخلى بين مكونات التيار السلفى من الكيانات مثل الخلاف بين الدعوة والجبهة، والخلاف بين الأفراد والدعوة، وأشهرها خلاف قيادات الدعوة السلفية مع الشيخ أبو إسحاق الحوينى على تصريحات ودعوة السلفيين إلى مقاطعة الاستفتاء، من خلال بيان أصدره عبر موقعه الرسمى. وأوضح أن الدعوة السلفية عندما خاضت فى الحياة السياسية تعرفت على الواقع وأصبحت لديها مجموعات دارسة للعلوم السياسية، والقانون بمشتملاته، لكن هناك فريقًا من السلفيين فضل تأييد الإخوان لتتصدر المشهد السياسى وكان شعارهم الإخوان رجال المرحلة، لذلك هناك فصيل من السلفيين مازال يؤيد موقف الإخوان على أساس أنهم ممثلو الإسلام السياسى، وهم الآن يدعمون الإخوان فى الاعتداء على مشايخ وقيادت الدعوة، مما جعل وجود جبهة من الشباب للتصدى لهم أمر حتمى.