أبكي على حال المسرح.. «الكوتش» تتحدث عن الوضع الراهن في قالب كوميدي أتمنى أن تتعلم الجماعة الحاكمة رسالة جمال الدين الأفغاني عن الإسلام المعتدل مبارك وفاروق حسني أغلقا مسرحي لانتقاده سياستهم.. وأدعو أولادي هنيدي والسقا للعودة إلى المسرح «ولو لشهر واحد» ما فعله طلعت زكريا مع مبارك أمر طبيعي ولو فعل غير ذلك لأصبح جاحداً أبوالفتوح وحمدين والبرادعي طمعوا في الكرسي ولو هناك اتفاق لما وقعت كل هذه الكوارث مازال لديه الإصرار على عرض مسرحيته الجديدة «الكوتش»، رغم كل ما يخيم على الشارع المصرى من أحداث دامية وظروف سياسية ساخنة، ذلك لأن المسرح بالنسبة له ليس مجرد عمل إنما هو حياة كاملة، ولذلك قرر المخرج القدير جلال الشرقاوى المجازفة فى عودة المسرح بفتحه لمسرح الفن الذى عودنا دائما منذ عام 76 على تقديم المسرحيات التى تنتقد كل ما يخص المجتمع ويرسل من خلال موقفه المعارض وكان أبرزها «بلددى يا بلدى» و«دستور يا سيادنا» و«أنت اللى قتلت الوحش» و«قصة الحى الشعبى»، وغيرها من المسرحيات التى تسببت فى إغلاق المسرح عام 2008 لكن بإصراره ومغامرته عاد رغم الأزمات المادية وابتعاد الجمهور عن المسرح وكذلك ابتعاد النجوم ليفتح لنا قلبه ويحدثنا عن قراره بفتح المسرح وعن اختياره للفنانين المشاركين معه وعن حال المسرح. فى البداية لماذا قررت المغامرة بعرض مسرحيتك فى هذا التوقيت؟ - الحقيقة منذ أكثر من عام وأنا أبكى على حال المسرح وحزين عليه لأن مصر التى كانت عامرة بمسارحها وستائرها المفتوحة التى أصبحت ظلاما، وإذا نظرنا فى هذه اللحظة التى نجلس فيها سويا إلى مصر والإسكندرية وأسوان لن تجد مسارح مفتوحة، وشديد الألم على حاله لأنى عاصرت المسرح فى قمة ازدهاره والجمهور يتهافت عليه لكن حاليا حال المسرح أظلم تماما، ومن هنا قررت فتح المسرح مهما كانت الظروف المادية، لعلى فى هذا الوقت أصبح حافزا للزملاء أن يبدءوا فتح مسارحهم وللمنتجين أن يبدءوا فى المسرحيات ورد جزء مما أعطاهم المسرح قديما، وأتمنى أن تنجح التجربة لأنها إذا نجحت فيصبح هناك أمل فى المسرح لنتأكد أنه خرج من غرفة الإنعاش لأنه حتى هذه اللحظة بين الحياة والموت وتصبح تجربتى أملا حتى يبعث المسرح من جديد. ولماذا اخترت مسرحية الكوتش؟ - اختيارى لمسرحية الكوتش لأنها تتحدث عن الوضع الراهن ومسرح «الفن» طول عمره مهتم بالمسرح السياسى فهو مسرح الفكر والمشاهدة لاهتمامه بتقديم القضايا التى تهم المجتمع ووضعها فى إطار من البهجة والكوميديا والاستعراض والموسيقى. وعن ماذا تتحدث مسرحية الكوتش؟ - تتحدث مسرحية الكوتش عن تداول السلطة والقضية التى تشغل الرأى العام حاليا والتى لا يمكن تحقيقها إلا من خلال كسر المحتكرات وألا يحتكر فصيل واحد على الحكم والدين لأن الدين لله وحتى نكسر هذه المسألة لابد أن تقوم عدالة عظيمة فى البلد وهى عدالة مصر وقضائها لذلك أهدى هذه المسرحية إلى قضاء مصر الشامخ العظيم وأفتتح المسرحية بهذه الجملة. ماذا تعنى بكلمة ألا يحتكر فصيل واحد الدين؟ - أقصد بها ما يحدث حاليا ونظرة الإخوان بأنهم فقط هم المسلمون والآخرون لا، وهذا ما أعتبره غير صحيح لأننا مسلمون وسطيون وليس متشددين أو عصبيين فكلنا نقول الشهادة وكذلك الإخوة المسيحيون يؤمنون برسولهم عيسى ونحن أيضا نؤمن به والقرآن مجده أعظم تمجيد من خلال آيات القرآن وآيات كثيرة عن النصارى وبالتالى الدين ليس حكرا لأحد وكلنا مؤمن حسب دينه. ما سبب تأخرك فى اختيار أبطال المسرحية؟ - السبب يعود لوضعى شروط من جانبى وهى أن يكون الفنان مؤمنا برسالة وهى لابد من وجود مسرح ومغامرة من عواقب تواجهنا منها مشكلة المرور التى لا تتيح للجمهور الخروج من منزله وكذلك ما تشهده البلد حاليا والانقسام الفظيع الذى يحدث بين أبناء الشعب المصرى الواحد والعديد من المليونات وكل هذا يوقف الحياة وقلت هذا للفنانين، فمن يرضى ويجرؤ على ذلك رحبت به وقلت لهم افتح المسرح حتى إذا تواجد شخص واحد، وواثق من عودة المسرح مرة أخرى لكن علينا أن نخطو الخطوة الأولى، وكان هناك زملاء لم يكونوا مصدقين بظهور مسرحية فى ذلك الوقت ومن معى قبلوا هذه المغامرة من طلعت وانتصار ورضا إدريس ولى لى قاسم وإيناس بن على وهنادى ومجموعة من الطلبة المميزين. ألا تتخوف من نقد المسرحية لفصيل معين؟ - مسرح الفن منذ أن بدأ عام 76 ومن خلال عملى فى فرق مسرحية أخرى كان المسرح يمثل المعارضة ويطرح قضايا تهم الشعب المصرى، وعلى سبيل المثال أتذكر سنة 68 قدمت «بلدى يا بلدى» وكانت ترفض حكمة الفرد، ومسرحية «انت اللى قتلت الوحش» كانت تقول لم يعد الشعب يرضى بحكم الفرد الواحد وقدمت فى عهد عبد الناصر وفى عهد السادات الذى قدمت فيه مسرحية «ملك الشحاتين» التى تتحدث عن الصراع الشديد بين القيادة العسكرية والسياسية وكذلك «قصة الحى الشعبى»، وفى عهد مبارك قدمت «دستور ياسيادنا» و«والإرهاب» و«عطية على الرصيف» حيث نادينا بوضوح من الذى ترك مصر و«الخديو» الذى أتمنى أن تعرض مرة أخرى والتى ترى فيها رسالة جمال الدين الأفغانى الذى تحدث عن الإسلام المعتدل والتى أدعو أن يراها الحزب الحاكم ويتعلم منها هذا الدرس. مسرح الفن تعرض كثيرا للظلم فى عهد مبارك؟ - نعم نظرا لأن مسرح الفن ليس جديدا عليه أن ينتقد دائما الحزب الحاكم ولذلك حاول نظام مبارك البائد أن يغلق المسرح ومعه فاروق حسنى الذين عملوا على هدم المسرح ونجحوا فى ذلك وتم إيقافه لمدة أربعة أعوام من 2008 ومن لا يخشى إلا الله لن يخاف من أحد فى هذا الوقت ومازلنا على مبادئنا وتاريخنا فشعارنا فى مسرح الفن العمل والعرض وليس مجرد كلام ونقول ما نؤمن به دون أن نخشى أحدا. * المسرحية بها مغامرة مادية كمنتج وبها أزمات كبيرة فما تعليقك؟ - أنا معتمد على الله فى الأمور المادية وليس لدى أى تمويل خارجى وعندما مات أبويا لم يترك لى ما أرثه عنه وما قمت به كان من عملى وإبداعى فى المسرح ولذلك لا بأس أن أضع ما معى من أجله وأعطيه مثلما أعطانى وكان سبب فى نجاحى . * لكنها مغامرة أيضا فى ظل ابتعاد النجوم بسبب الماديات ؟ - كما قلت لابد من الخطوة الأولى وبعدها ننتظر ونرى فأنا أستعجب من نظرة التشاؤم التى بداخلك وأنا لست متشائما، وربنا دائما يرى الخير للناس وهذه حياتنا وعمرنا ولا نستطيع أن نتخلى عنه ببساطة إلى أن يصل بنا الحال إلى الإفلاس وطالما نملك ثمن الفول وساكنين فى منزل ونملك عربية ولدينا سرير ننام عليه ولدينا صحة يبقى ماذا نريد أكثر من ذلك. * الكثير من النجوم تتحدث عن رغبتها فى العودة إلى المسرح وبعدها لا نجدهم ؟ - هذا صحيح لكن الملايين التى تحصل عليها من المسلسلات تجعله يبعد عن المسرح وليس هما فقط لكن فوجئت أيضا بعدد من الراقصين الذين كانوا قديما يقفون طابورا ونختار منهم لكن أصبحوا عمله صعبة فمن ال 300 جنيه إلى 3000 جنيه وسألت أحدهم إزاى تطلب هذا المبلغ قال لى أنا أحصل على هذه الفلوس من يومين فى أحد الكليبات والفيديو فلماذا أعمل لديك وكل منهم لا يبحث عن فن جيد ومحترم، والممثل أصبح يحصل على 4 ملايين وعمره ما يحصل عليه من خلال المسرح. *وماذا تقول لهم لعودة النجوم إلى المسرح؟ - أدعو زملائى وأولادى ممن بدأوا المسرح من نور الشريف ومحمود ياسين ومحمود عبدالعزيز والسقا وهنيدى وغيرهم أن يقدم كل منهم مسرحية فى شهر واحد وأعمل مع من تريده ومخرج تحبه ومن جانب آخر مثل فى مسلسلاتك لأن المسرح له فضل عليك ويجب عليك أن ترد لذلك أدعوهم أن يتأملوا فى حديثى. *اختيارك لتجسيد المسرحية على هيئة لعبة كورة القدم لها أسباب؟ - لا يوجد لها سبب بالتحديد لكن أنا رأيت هناك 30 فرقة كرة قدم فريق منهم يحتكر جميع البطولات والآخرون فى المظاليم ومظلومون، وهذه الفرقة الإعلام معاها ويساندها الجميع، وأشار فى مزحة «أنا ليس لى علاقة بالكورة ولا أهلى ولا زمالك»، وفى إحدى المرات سألتنى مذيعة عندما كان المسرح فى قمة ازدهاره ما الذى تتمناه للمسرح قلت لها أتمنى أن يصل جمهور المسرح مثل جمهور كورة القدم فى ماتش بين الأهلى والزمالك وأتمنى اليوم أن يعود جمهور المسرح فقط. * وماذا عن اختيارك لطلعت زكريا رغم النقد الموجه له بأنه تابع للنظام؟ هذه الحقيقة كذب وافتراء والمسألة ببساطة هى إحساس بشرى راقٍ وطلعت أصيب بفيروس مجهول الهوية لم يستطع أن يكتشفه الأطباء حتى فى المستشفى الأمريكانى عجز عن ذلك وبدأ المزايدات عليه من الأمراء العرب والتى أصبحت غير ظريفة وجاء بعدها مبارك وقف معه ونقله إلى قصر العينى واستطاع الأطباء أن يعالجه ومن حين لآخر أصبح مبارك يسأل عليه إلى أن تم شفاؤه ولا يوجد أى شخص جاحد يفعل غير ذلك ولا يربط بين جزاء أعماله وعهده الأسود لأن ربك لبمرصاد. * وما رأيك فيما قاله عن الثوار؟ - الحادثة التى ذكرها بشأن أحد الأشخاص الذى يشرب مخدرات كانت حقيقية وكان لا يجب أن يذكرها وسط عدد كبير من ملايين الشباب العظيم الذى قام بالثورة، والخطأ انه خلط بين الخاص والعام وحمل له الفضل والجميل، لكن طلعت ثائر بطبعه وأنا أشهد على مدى التاريخ ومعاشرتى للفنانين قابلت اثنين على مستوى عال من الخلق حسن عابدين وطلعت زكريا، وهو لم يرتكب جريمة حتى نعاقبه عليها واعتذر عنها وهو ليس ضد الثورة أو الثوار لكنه حفاظا للجميل ولو فعل غير ذلك لكان جاحدا. * فصلت بينه كفنان وبين انتمائه السياسى؟ - عندما عرضت عليه المسرحية قلت له سوف أرسل لك رواية تقرأها وتقول رأيك وبالفعل وافق عليها وإذا كان ضدها لم يوافق عليها وهذا أكبر دليل على أنه ثائر وقال لى بالنص: «أنا عايز أجيلك أمضى دلوقتى» وهو مؤمن برسالة التى فى الرواية. *وما رأيك فى الأحداث الحالية؟ - أتمنى أن يوجد فصيل يكون مكمل لباقى الأجزاء لإكمال الواحد الصحيح وسوف نرحب بهم لكن عندما نأخذ فصيل مثل الإخوان يحاول أن يستحوذ على كل شىء ويصبح النظام ديكتاتوريا، وهذا هو المرفوض تماما وسنظل نقاوم وعلينا أن نقاوم والمعركة القادمة هى مجلس الشعب وخطأ المدنيين والتيارات الدينية من حمدين والبرادعى وموسى وعبدالمنعم أبوالفتوح أنهم طمعوا فى الكرسى وإذا كان بينهم اتفاق من البداية لم يحدث كل هذه الكوارث التى نعيش فيها.