رغم أن النظام الحاكم فى مصر محسوب على التيار الديني إلا أن الفترة الماضية شهدت تزايدا فى إعداد الملحدين المصريين خاصة بين الشباب سواء بالنسبة للدين الاسلامى او المسيحي حتى أن كثيرا منهم أصبح يعبر عن نفسه صراحة على شبكة الانترنت بعدما أصبح لهؤلاء الملحدين منتديات وصفحات خاصة بهم يعبرون من خلالها عن أرائهم.. وقد أثار هذا الأمر حالة من الفزع والقلق لدى كثير من رجال الدين الاسلامي والمسيحي مما ترتب عليه عقد اجتماعات سرية بين ممثلين من الأزهر والكنيسة من أجل إعداد خطة لمواجهة هذا الفكر الإلحادى. يقول القمص بيشوي حلمي أمين عام مجلس الكنائس المصرية.. انتشار ظاهرة الإلحاد تعود الي "تأليه المادة"، فالانسان ذو حواس وهو يتعامل مع المادة أكثر من أي شيء آخر. وأوضح أن الإيمان بالماديات أصبح فى الفترة الأخيرة أكبر من الإيمان بالروحانيات، لافتا الي أن المادة مع الوقت يزداد حجمها بينما تقل الروحانيات في المقابل، وهذا يؤدي الي اعتقاد الإنسان أن الله غير موجود، وانه لا أساس له. وأقترح أن يكون هناك حوار "اسلامي مسيحي" لمواجهة تلك الظاهرة ,مؤكدا أن الإلحاد قضية مشتركة وتحتاج إلي تعاون علماء الدين الإسلامي والمسيحي لكي يجتمعوا ويصدرون توصياتهم بشأن هذا الأمر على أن يتم تدريس هذه التوصيات ضمن المناهج التعليمية لمواجهة خطر الإلحاد. وأضاف.. الكنيسة بدأت بالفعل في توعية الشباب ضد الإلحاد وكانت أول فاعلية فى هذا الإطار تلك التى نظمها مجلس الكنائس المصري مؤخرا والتي تحدث فيها طبيب نفسي مع الشباب عن الأسباب التي تدفع إلي الإلحاد وكيف يمكن معالجة هذه الحالات لدي الشباب. من جانبه أكد القمص عبد المسيح بسيط أبو الخير أستاذ اللاهوت الدفاعي في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية أن انتشار ظاهرة الإلحاد في الفترة الأخيرة يرجع إلي ما تبثه القنوات الدينية المتشددة من أفكار متطرفة تدفع الشباب إلي النفور من الدين نتيجة لتداخل الدين في السياسة.. موضحا أن الطريق الوحيد للقضاء علي هذه الظاهرة هو اجتهاد رجال الدين من المسلمين والمسيحيين لتصحيح بعض الأمور الدينية للشباب وتوضيح أن هؤلاء الشيوخ لا يمثلون إلا أنفسهم. وطالب بسيط الشيوخ والقساوسة بنشر الحب بين الشباب، وتوعيتهم بوجود الله الخالق، من خلال تقديم الخطاب الديني الوسطي الذي يرغب الناس في الدين ولا يرهبهم منه كما يفعل أصحاب الأفكار المتطرفة. وقال.. الإساءة للدين تؤدي إلي الإساءة للذات الإلهية، ومع ظهور أول إساءة تبدأ أولي خطوات الشباب في التفكير في الإلحاد. ورحب بسيط بإقامة ندوات مشتركة بين الأزهر والكنيسة لمحاربة الإلحاد بالتوعية وبث الأفكار الإيمانية للرد عليه, معربا عن قلقة إزاء موقف بعض المتشددين لتلك الندوات والهجوم عليها. وقال الدكتور محمد الشحات الجندى، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة حلوان، وأمين عام المجلس الأعلى للشئون الإسلامية سابقًا، أن الإلحاد لم يرتق لكي يكون ظاهرة وإنما هو أمر غريب علي المجتمع المصري، والعالم العربي. وأوضح أن الإلحاد فكر يخالف الطبيعة العربية المتدينة , التي تزخر بكل أصول الأديان الإيمانية ومهد الرسالات, مؤكدا أن المفاهيم الإيمانية ثابتة في القلوب مهما كانت محاولات الملحدين للنيل منها. وقال الشحات أن السبب الرئيسي في نشر الإلحاد هو الغزو الفكري الذي ياتي من الغرب، ويتجه نحو الالحاد بقوة، موضحا أن مسيحي أوربا يبدون أقرب للإلحاد وذلك لابتعادهم عن دور العبادة، حيث أصبح اهتمامهم بالفكر المادي أكثر من الفكر الروحي الامر الذي ساهم في انتشار الفكر الالحادي الذي ينتقد الروحانيات. واضاف أن هناك كثير من الشباب يعتقد أن النجاح في الحياة هو التحرر من الدين، وأن قيمة الانسان تقاس بالمادة ,مشيرا الي أن الغرب قد حقق طفره في العلم واصبح الانسان يستطيع أن يفعل أي شيء يريده عن طريق العلم، ولذلك أصبح لدي كثير من الشباب اقتناع بأنه ليس في حاجه الي وجود الله وانه يستطيع أن يقدم ما يريد عن طريقة عقله وليس الاعتماد علي الله,وكلها معطيات خاطئة يروجها الفكر الالحادي. وأكد الشحات أن تراجع الخطاب الديني ساعد في زيادة نسبة الالحاد بين الشباب، موضحا أن القران تنبأ بذلك في عدد من الآيات التي تؤكد انتشار الالحاد ويعتبر من علامات القيامة الصغري. وأوضح أن إقامة ندوات بين الأزهر والكنيسة أمر جيد ولكن لابد وأن تفعل هذه الندوات ولا تقتصر علي الحديث فقط،وأن يتم تفعلها ونشرها علي المستوي المحلي والإقليمي ثم نقلها للعالم الغربي لأنه في حاجه الي هذه الندوات أكثر من العرب. وطالب الشحات المؤسسات الدينية الإسلامية والمسيحية بإتخاذ إجراءات سريعة لمواجهة الالحاد قبل تفاقمها وتحولها لكارثة يصعب السيطرة عليها. ويرى الدكتور عبد الغفار هلال أن ظاهرة الإلحاد تعد خطرا يدق الابواب , يواجهه كثير من الشباب ويغفله رجال الدين نتيجة لشطر الخطاب الديني داخل دور العبادة بين الخطاب السياسي والخطاب التقليدي الذي يفتقد الي لغة التطور والتجديد بما يتناسب وروح العصر . وقال هلال.. مواجهة الإلحاد تقع علي عاتق رجال الدين الإسلامى والمسيحى الذين يجب عليهم أن يترصدوا لمثل هذه الظواهر ويتابعوا الجديد فيها بشكل دائم ومستمر لمحاربتها بنفس سلاحها.. موضحا أن المواقع الالكترونية التي يتعرض لها الشباب انتشرت فيهم أفكار الإلحاد بشكل مخيف , خاصة أن هذه المواقع تبث خطابا يعمل علي تشويه الدين في عقول هؤلاء الشباب باستخدام دلائل علمية مستغلين غياب الإيمان الحقيقي وهجر رجال الدين لتلك الساحة العصرية. وانتقد هلال تركيز البعض فى مواجهة الإلحاد على تنظيم بعض دورات التوعية التي تضم رجال دين إسلامي ومسيحي.. قائلا.. تلك الدورات لها مدة معينة وتوجه لأعداد قليلة من المواطنين وقد لا تجد إقبالا بين الشباب الذين تحاصرهم أفكار الإلحاد عبر الانترنت والقنوات الفضائية العالمية ,واصفا تلك الدورات بأنها إجراءات شكلية لا تأتي بنتائج. وطالب هلال بطرح مبادرة تضم رجال الدين من الجانبين لمتابعة كل ما ينشر ويبث من خلال تلك المواقع والقنوات والرد عليها من خلال نفس قناة الاتصال وباستخدام الأدلة الإلهية لعدم ترك الساحة خالية لتلك الأفكار الخاطئة.