· دراسة أمريكية: 2 مليون ملحد في مصر · ملحد: سنعلن إلحادنا يومًا ما لتتأكدوا أنكم مخدوعون في أنفسكم · استشاري نفسي: مصر تنتظر موجة إلحاد عاتية بسبب تغيرات الثورة · طبيبة نفسية: غياب القدوة الصالحة وضغوط العولمة وراء انتشار الظاهرة · القمص عبدالمسيح: القنوات الدينية المتشددة تدفع الشباب إلى النفور من الدين · أستاذ شريعة: الغزو الفكري الغربي والأجواء السياسية أدت إلى الإلحاد على الرغم من أن النظام الحاكم في مصر محسوب على التيار الديني، إلا أن الفترة الماضية شهدت تزايدًا في أعداد الملحدين المصريين، خاصة بين الشباب، والذين يعلنون عن أنفسهم صراحة، وأنشأوا منتديات وصفحات خاصة بهم للتعبير عن آرائهم. ومن بين تلك الصفحات، “,”ملحدين مصر على الفيس بوك“,”، و“,”نهاية الإيمان ومستقبل العقل“,”، و“,”تخاريف البخاري“,”، و“,”الملحدين العرب“,”، و“,”أصحاب العقول النيرة“,”، و“,”أنا ملحد“,”، و“,”جمهورية الملحدين المصريين على الفيس بوك“,”. وأظهرت دراسة أجرتها جامعة ''إيسترن ميتشيجان'' الأمريكية، أن عدد الملحدين في مصر وصل إلى 3% بما يقدر بنحو 2 مليون ملحد، كما كشف استطلاع للرأي أجراه معهد جالوب شهير، أن نسبة التدين في مصر انخفضت إلى 77% في عام 2013، بعدما كانت 100% عام 2009. وأثار انتشار الإلحاد في مصر حالة من الفزع والقلق، لدى رجال الدين الإسلامي والمسيحي، ما ترتب عليه عقد اجتماعات سرية بين ممثلين من الأزهر والكنيسة، لإعداد خطة لمواجهة هذا الفكر الإلحادي، كما تقدم عدد من نواب التيار المدني وحزب النور بمجلس الشورى، بطلب مناقشة إلى الدكتور أحمد فهمي، رئيس المجلس، حول ارتفاع نسبة الإلحاد بمصر، وتأثير ذلك على الأخلاق العامة. ويقول “,”كريم. م. أ“,” (18 عامًا)، أحد المجاهرين بالإلحاد، إنه “,”كان يقضي يومًا في قراءة كتب الفلسفة، إلى أن أصابه الشك فيما يعتقد، وبدأ في إعادة التفكير في معتقداته، فكان حاله مثل أي ملحد، وهو في فترة الشك، فكان لا ينام الليل من شدة التفكير، وكان منغمسًا في قراءة الكتب والمقالات الفلسفية والعلمية والدينية، طوال الليل والنهار، حتى استيقظ من وهمه الذي كان يسبح فيه“,”. ويضيف أنه “,”بدأ يظهر عليه التغير الأيديولوجي في تعاملاته، حتى شك والداه في أنه ملموس أو يلبسه جان، فذهبوا به إلى المشايخ، الذين كانوا يكتفون بقراءة القرآن، وبعضهم من كان يضربه كي يخرج منه الجان“,” وتابع أنه “,”كاد أن يفقد صوابه وفاض به الكيل، وتساءل ماذا يفعل؟، هل يخبرهم بعدم اقتناعه بالدين وتركه له؟، ويخسر كل شيء، ففكر ووصل إلى حل وهو أن يعود للشخص القديم المتعارف عليه، الذي يصلي ويصوم ولا يجادل ولا يفكر في أي أمر يخص الدين، وأصبح الآن يعيش بشخصيتين كما حال الكثير من الملحدين“,”. وتساءل كريم “,”إلى متى سنظل كاتمين إلحادنا في صدورنا؟، سحقًا للمجتمع الإرهابي المتخلف، قريبًا سيأتي اليوم الذي سنعلن فيه إلحادنا، حينها سيخرج أقرب الناس إليكم معلنين إلحادهم، حينها فقط ستعلمون أنكم مخدوعون في أنفسكم“,”. “,”البوابة نيوز“,” وقفت على الظاهرة، واستطلعت آراء السياسيين ورجال الدين والتربويين والنفسيين، والذين أجمعوا أن المؤسسات الدينية في مصر شديدة التماسك، وأن الشخصية المصرية لا يمكن أن تستسيغ مثل هذه الأفكار، معتبرين أن معظم الملحدين المصريين، على قلتهم، ليسوا من الإلحاد في شيء. بداية يقول الدكتور عبدالعزيز السيد، مدير مركز الإرشاد النفسي بكلية التربية جامعة عين شمس: إن الإلحاد بين الشباب لا يستهدف دينًا أو طبقة أو مجالاً مهنيًا محددًا، ويبدو انتشاره ذاته محل مبالغة ضخمة، مضيفًا: “,”لا يلحد في مصر إلا أعداد محدودة، لا تستدعي كل هذه التخوفات“,”. فيما أكد الاستشاري النفسي، الدكتور ماهر صموئيل، أن هناك موجة إلحاد عاتية ستجتاح مصر الفترة المقبلة، ناتجة عن تغيرات الثورة والحداثة في المجتمع المصري، لافتًا إلى أن عدد الملحدين في مصر وصل ل3% وهو ما يقدر بحوالي 2 مليون شخص. وأضاف صموئيل: ''نحن نعبر منعطفًا حادًا لم تمر به مصر من قبل، ولا بد من حماية الشباب، ونحن نحتاج في الكنيسة والمسجد، أن نطوّر من أساليب التدريس الروحي وتطوير أنفسنا للحاق بهؤلاء الشباب“,”. وتابع صموئيل: “,”قبل الثورة كانت نسبة من يشكون في القيم العقائدية 0%، بينما وصلت إلى 37% عقب الثورة“,”، مرجعًا ذلك إلى كسر حاجز الخوف لدى الشباب، الذين بدأوا يرفضون الطائفية والانتماءات الضيقة. من جانبها، قالت الدكتورة سالي توما، طبيبة نفسية: إن غياب القدوة الصالحة في الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام، وراء انتشار ظاهرة الإلحاد، مضيفة: “,”أن الإلحاد مرشح بقوة لأن يصبح ظاهرة بين الشباب، خاصة مع عدم وجود الممانعة المناسبة لحجم ضغوط العولمة، وإغراءات الحياة المادية، وتفشي الرأسمالية وزخمها الإعلامي القاهر“,”. وأكد القمص عبدالمسيح بسيط أبوالخير، أستاذ اللاهوت الدفاعي في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، أن انتشار ظاهرة الإلحاد في الفترة الأخيرة يرجع إلى ما تبثه القنوات الدينية المتشددة، من أفكار متطرفة تدفع الشباب إلى النفور من الدين، نتيجة تداخله في السياسة. وأوضح أن الطريق الوحيد للقضاء على هذه الظاهرة، هو اجتهاد رجال الدين من المسلمين والمسيحيين، لتصحيح بعض الأمور الدينية للشباب، وتوضيح أن هؤلاء الشيوخ لا يمثلون إلا أنفسهم، مشيرًا إلى أن الإساءة للدين تؤدي إلى الإساءة للذات الإلهية، ومع ظهور أول إساءة تبدأ أولى خطوات الشباب في التفكير بالإلحاد. في المقابل، قال الدكتور محمد الشحات الجندي، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة حلوان، وأمين عام المجلس الأعلى للشئون الإسلامية سابقًا: إن الإلحاد لم يرتق لكي يكون ظاهرة، وإنما هو أمر غريب على المجتمع المصري، ويخالف الطبيعة العربية المتدينة، مشيرًا إلى أن السبب الرئيسي في نشر الإلحاد، هو الغزو الفكري الذي يأتي من الغرب. واعتبر الجندي أن الأجواء السياسية المتوترة، وشعور الشباب بالضياع الناتج عن الفقر والبطالة، والتي زادت بعد الثورة، أدت إلى الإلحاد. فيما يرى الدكتور محمد المهدي، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، أن ظاهرة الإلحاد تعد خطرًا يدق الأبواب، ويغفله رجال الدين، بسبب شطر الخطاب الديني داخل دور العبادة بين الخطاب السياسي، والتقليدي الذي يفتقد لغة التطور والتجديد، بما يتناسب مع روح العصر.