فاروق جويدة : كلنا خاسرون حسن نافعة: مشروع أسرة مبارك لتوريث السلطة وضع المؤسسة العسكرية المصرية في مأزق مكرم محمد احمد : عاصمة الرشيد أن تنفض عن نفسها غبار الحرب والدمار محمد بركات : على كل النخب السياسية، والفكرية، والثقافية، الوقوف صفا واحدا
تناول كتاب الصحف المصرية في مقالاتهم اليوم "الأربعاء" عددا من القضايا المهمة. ففي مقاله بجريدة (الأهرام) وتحت عنوان "هوامش حرة .. كلنا خاسرون" ، قال الكاتب والشاعر فاروق جويدة "كان الخطأ الجسيم أن يدخل جيش مصر في مواجهة لتفريق مظاهرة أو مواجهة مجموعة من الشباب الغاضب تسللت إلى صفوفهم فلول الحزب الوطني المنحل .. إن حفظ الأمن في الشارع ليس مسئولية الجيوش لأنها أرفع من ذلك بكثير .. لا أتصور أن ندفع بالجيش في مستنقع السياسة ومستنقع الأمن في وقت واحد .. كلنا يعرف أن مستنقعات السياسة تضم عادة الأسوأ في نوعيات البشر حكاما وأصحاب قرار .. ومستنقعات الأمن تتعامل مع البلطجية والخارجين على القانون واللصوص ، وليس من مسئوليات الجيوش أن تهبط إلى هذه المستويات في التعامل. وقال الكاتب "إذا كان هذا يحدث في دول تدرك معنى القيم فما بالك بشعوب خربها الاستبداد وتركها للجهل والأمية والفساد الأخلاقي والسلوكي .. مدارس السياسة عندنا كانت دائما تدور في فلك حاكم مستبد أيا كان نوع استبداده .. ومدارس الأمن عندنا كانت دائما تسلك أحط أساليب التعامل مع البشر في البطش والطغيان ولهذا حزنت كثيرا وأنا أشاهد جنديا مصريا يدوس بحذائه جسد فتاة مصرية ، وأيا كانت الأسباب فلا محل لها في أي موقف أو سياق ولابد من محاكمة حاسمة وعادلة لا تشبه محاكمة الرئيس السابق ورموز عهده". وأضاف "كان الجيش المصري وينبغي أن يبقى محل إعزاز وتقدير لدى الشعب المصري بكل طوائفه ، من الخطأ أن يتورط في مواجهات مع الشعب أيا كانت الأسباب ، كان من الممكن أن يجد أصحاب القرار حلا بسيطا وممكنا لفض الاعتصام أمام مجلس الوزراء غير استعمال القوة بأن يطلبوا من المعتصمين تسليم أنفسهم لقوات الجيش دون أن يتدخل الآلاف الذين ألقوا الحجارة عليهم من أسطح مجلس الشعب أو يقوموا بأنفسهم بالتعامل بقسوة مع الفتيات المعتصمات". واختتم الكاتب مقاله قائلا "لا داعي لأن نزايد على بعضنا فكلنا خاسرون في الأحداث الأخيرة .. خسر الجيش الكثير من محبة المصريين .. وخسرت النخبة الشارع المصري بالكامل .. وخسر الثوار رصيدا كتبوه بدماء الشهداء حين تركوا البلطجية يتسللون إلى صفوفهم ويحرقون المجمع العلمي أمام أعينهم ويقدمون للعالم أسوأ صورة لشعب لم يحافظ على تاريخه". وفي عموده "نقطة نور" بصحيفة (الأهرام) ، قال الكاتب مكرم محمد أحمد "رحل آخر جندي أمريكي أمس من بغداد بينما تحاول عاصمة الرشيد أن تنفض عن نفسها غبار الحرب والدمار الذي أحاق بالعراق لأكثر من 25 عاما. وأشار الكاتب إلى أن تلك السنوات بدأت بالحرب الإيرانية العراقية التي دمرت مقدرات البلدين إلى محاولة صدام فاشلة أثناء غزو الكويت ثم جاء الغزو الأمريكي الذي أكل الحرث والنسل وفجر كل شرور الفتنة الطائفية على امتداد تسعة أعوام راح ضحيتها ما يقرب من مليون مدني عراقي بسبب إسراف الأمريكيين في استخدام القوة وتعاملهم مع العراقيين وكأنهم لا يستحقون الحياة!.ونقل الكاتب عن مدير أمن بغداد قوله "إن حوادث التفجيرات التي كان عددها يتجاوز 1800 حالة كل أسبوع هبطت إلى حدود 25 حادثا والجثث التي كان يكتشفها الناس صباحا ملقاة وسط تلال القمامة يتجاوز عددها المائتين من جراء الغارات الطائفية المتبادلة ليلا بين الأحياء الشيعية والأحياء السنية هبطت إلى الصفر" .. مشيرا إلى أن تنظيم القاعدة ضعف كثيرا لأنه فقد جيلين من قادته. وقال الكاتب "لكن هواجس الخوف والقلق لا تزال تعشعش داخل كل بيوت المدينة تسأل من الذي يمكن أن يملأ الفراغ الذي تركه الأمريكيون؟!". ولفت الكاتب إلى تأكيد رئيس الوزراء نوري المالكي أن العراقيين وحدهم هم الذين سوف يسدون الفراغ وأن العراق سوف يزداد مع الأيام أمنا واستقرارا وزعماء الشيعة وبينهم عمار الحكيم يؤكدون أن التجربة المرة علمت كل الأطراف أن الديمقراطية في بلد منقسم على نفسه بين السنة والشيعة والأكراد لابد أن تكون شراكة حقيقية بين طوائفه الثلاث وليس مجرد أغلبية عددية.
وفي مقاله "وجهة نظر" بصحيفة "المصري اليوم" رأى الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أنه يتعين علينا أن ندرك أن مشروع أسرة مبارك لتوريث السلطة وضع المؤسسة العسكرية المصرية في موقف لا تحسد عليه، وجعل رفضها للمشروع أمرا حتميا ولا يتيح أمامها خيارا آخر وذلك لسببين .. الأول : أنه يعني نقل السلطة منها إلى مؤسسات الدولة المدنية ، وبالتالي يحرمها إلى الأبد من مزايا عينية ضخمة ، وهو أمر صعب في حد ذاته وله تداعياته المعقدة ، والثاني : أنه يعني نقل السلطة من الأب إلى الابن، وبالتالي تقويض دعائم النظام الجمهوري نفسه ولأن المؤسسة العسكرية المصرية تعتبر نفسها صاحب الإسهام التاريخي الأكبر في تأسيس النظام الجمهوري في مصر والقضاء على النظام الملكي ، فقد كان من الصعب عليها أن تقبل بمشروع لتوريث السلطة في ظل نظام جمهوري لا يمكن النظر إليه إلا باعتباره مشروعا مشينا ، خصوصا أنه سبق لمبارك نفسه أن صرح قائلا : "إن مصر ليست سوريا"!. وقال الكاتب "لقد كان بوسع مبارك ، بوصفه ابنا للمؤسسة العسكرية المصرية، أن يدخل التاريخ من أوسع أبوابه، لو كان يرغب حقا في نقل السلطة إلى مؤسسات مدنية منتخبة . فقد كان يكفيه في هذه الحالة تطوير نظام تعددي أرسى الرئيس السادات لبناته الأولى خلال سنوات حكمه المبكرة ، قبل أن يرتد عليه ويوقفه نموه الطبيعي ، ووضعه على الطريق الذي يمكنه من التحول إلى نظام ديمقراطي حقيقي". وأضاف "الغريب أن تصريحات مبارك في البداية كانت مبشرة ، حيث بدا في ذلك الوقت زاهدا، ليس فقط في السلطة ولكن في الثروة أيضا (الكفن ملوش جيوب) ، غير أن السنوات اللاحقة كشفت ، بما لا يدع مجالا للشك ، أن طمعه في السلطة ، وفي الثروة أيضا ، كان بلا حدود .. فهو لم يكتف بالجلوس على قلب مصر 30 عاما كاملة، نهب خلالها جزءا كبيرا من ثرواتها، وإنما أراد أيضا نقل السلطة إلى ابنه، وكأنها جزء من متاعه ومقتنياته الشخصية، وربما كان من الطبيعي قبول "أولاد مبارك" في الجيش بسلطة قائدهم، حتى لو استمر فيها مدى الحياة، لكن كان من الصعب عليهم أن يقبلوا بتوريث سلطة الجيش إلى مدني ، حتى ولو كان ابنا لقائدهم الأعلى، وربما لو كان الابن عسكريا لاختلف الأمر!". واختتم الكاتب مقاله قائلا "توحي طريقة المجلس الأعلى في إدارة المرحلة الانتقالية ، منذ بدايتها حتى الآن، بعدم الجدية في نقل السلطة إلى مؤسسات مدنية منتخبة ، لكن الوقت لم يفت بعد ليثبت العكس ، ولا تزال أمامه فرصة حقيقية للتأكيد على أن رفضه مشروع التوريث يعني في الوقت نفسه قبوله مشروع التغيير". \
وفي مقاله "بدون تردد" بصحيفة "الأخبار" قال الكاتب محمد بركات رئيس مجلس إدارة مؤسسة "أخباراليوم" "في هذه اللحظات الفارقة في مسيرة الوطن، ووسط مشاعر الغضب التي تشتعل في نفوسنا جميعا ، مما رأيناه وشاهدناه، ونراه ونشاهده حتى الآن، من إصرار البعض على إشعال نار العنف، ونيران الانفلات، والفوضى في كل مكان من أرض مصر، تعويقا لمسيرتها، وهدرا لكرامتها، وضياعا لاستقرارها، يصبح من الضروري والمنطقي على كل النخب السياسية، والفكرية، والثقافية، الوقوف صفا واحدا في مواجهة ما يحدث وما يجري، في محاولة جادة وعاقلة لوقف الكارثة، وإطفاء النار، وإنقاذ الوطن. وقال الكاتب "هذا هو الواجب الوطني ، تلك هى المسئولية القومية التي يجب أن يقوم بها هؤلاء باعتبارهم قادة التنوير ، ودعاة الإصلاح ، ورواد التقدم الاجتماعي في كل زمان ومكان ، وهذا هو دورهم ، باعتبارهم ذخيرة الأمة ، التي يستعان بها، في الشدائد، ويسترشد بها في الملمات، ويتوهج نورها في الظلمات". وأضاف "لكن، ومع احترامي وتقديري للكل، لم يحدث هذا عندنا حتى الأن، ولم نشاهد أو نلمس حضورا لهذه النخب بالإيجاب في الأزمة المشتعلة، والنيران الملتهبة حاليا في ميدان التحرير، والشوارع المتفرعة منه، والمؤدية لمقار السلطة التنفيذية، حيث مجلس الوزراء، وكذلك السلطة التشريعية، حيث مجلسي الشعب والشوري، وكافة المباني الهامة والقائمة في قلب القاهرة، بل على العكس من ذلك، وجدنا فرقة وانقساما، واختلافا في الرأي والرؤية، ومحاولات للتنصل من المسئولية، وإلقاء التبعة على هذا الطرف أو ذاك". وتابع "في هذا الإطار، رأينا ولمسنا أيضا محاولات الكل للامساك بالعصي من المنتصف، والابتعاد عن الإعلان بصراحة ووضوح، عن المتسبب في الكارثة الواقعة الآن، رغم معرفتهم اليقينية بأن الساكت عن الحق شيطان أخرس، وأن واجبهم ومسئوليتهم، في هذا الظرف الدقيق الذي يمر به الوطن هو قول الحق". واختتم الكاتب مقاله قائلا" في هذا الإطار أيضا، رأينا خلطا متعمدا بين الأوراق، وشاهدنا وسمعنا من يخلط بين شباب الثوار، وبين عصابات وفلول البلطجية، ومن يخلط بين حق التظاهر والاعتصام السلمي دفاعا عن مبدأ، أو للمطالبة بحق مشروع، وبين من يحرق ويدمر، ويعتدي على الممتلكات العامة والخاصة، ويعوق العمل، ويعطل الإنتاج، ويسعى للفتنة والغوغائية، والفوضى".