وزير العدل: رحيل فتحي سرور خسارة فادحة لمصر (فيديو وصور)    مدبولي: الجامعات التكنولوجية تربط الدراسة بالتدريب والتأهيل وفق متطلبات سوق العمل    رئيس مجلس الشيوخ: «مستقبل وطن» يسير على خطى القيادة السياسية في دعم وتمكين الشباب    أوبر: اتخذنا عدة إجراءات لحماية الركاب منها استحداث زر الاستغاثة العاجلة    بايدن: طلب الجنائية الدولية باعتقال قادة إسرائيليين «شائن»    ليفربول يعلن رسميًا تعيين آرني سلوت لخلافة يورجن كلوب    العريان: بطولة إفريقيا للساق الواحدة بوابة لاستضافة مصر لأحداث بارالمبية كبرى    تفاصيل جديدة عن حادث الفنان عباس أبو الحسن    مصرع شاب وإصابة 2 في حادث تصادم أعلى محور دار السلام بسوهاج    مهرجان كان، كيت بلانشيت تدعم فلسطين على السجادة الحمراء (صور)    خارجية أمريكا: المحكمة الجنائية الدولية ليس لديها سلطة قضائية على إسرائيل    القانون ينتصر للأطقم الطبية.. و25% عمالة مصرية «حد أدنى»    علامات ضربة الشمس.. تعرف عليها لتجنبها في هذا الأيام الحارة    السرب المصري الظافر    «تقدر في 10 أيام».. «حياة كريمة» تقدم نصائح لطلاب الثانوية العامة    انقسام كبير داخل برشلونة بسبب تشافي    حجز شقق الإسكان المتميز.. ننشر أسماء الفائزين في قرعة وحدات العبور الجديدة    ميسي على رأس قائمة الأرجنتين المؤقتة لبطولة كوبا أمريكا 2024    محافظ دمياط تستقبل نائب مدير برنامج الأغذية العالمى بمصر لبحث التعاون    تراجع المؤشر الرئيسي للبورصة بختام تعاملات جلسة الإثنين    تحرير 174 محضرًا للمحال المخالفة لقرار ترشيد استهلاك الكهرباء    «سوميتومو» تستهدف صادرات سنوية بقيمة 500 مليون يورو من مصر    وزير الرى يلتقى أمين عام المنظمة العالمية للأرصاد الجوية    «التخطيط» تعقد ورشة حول الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان للعاملين بالوزارة    الأوبرا تحتفل بالذكرى ال42 لتحرير سيناء    "اليوم السابع" تحصد 7 جوائز فى مسابقة الصحافة المصرية بنقابة الصحفيين    "القاهرة الإخبارية" تعرض لقطات لتجمع إيرانيين حدادا على وفاة إبراهيم رئيسي    أزمة بين إسبانيا والأرجنتين بعد تصريحات لميلي ضد سانشيز    أول تعليق من التنظيم والإدارة بشأن عدم توفير الدرجات الوظيفية والاعتماد ل3 آلاف إمام    يعالج فقر الدم وارتفاع الكوليسترول.. طعام يقي من السرطان وأمراض القلب    بدأ العد التنازلي.. موعد غرة شهر ذي الحجة وعيد الأضحى 2024    إلهام شاهين تحيي ذكرى سمير غانم: «أجمل فنان اشتغلت معه»    حكم شراء صك الأضحية بالتقسيط.. الإفتاء توضح    الصحة تضع ضوابط جديدة لصرف المستحقات المالية للأطباء    انطلاق فعاليات ندوة "طالب جامعي – ذو قوام مثالي" بجامعة طنطا    المالديف تدعو دول العالم للانضمام إلى قضية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل    تراجع ناتج قطاع التشييد في إيطاليا خلال مارس الماضي    الإعدام لأب والحبس مع الشغل لنجله بتهمة قتل طفلين في الشرقية    د. معتز القيعي يقدم نصائح حول الأنظمة الغذائية المنتشره بين الشباب    تأكيداً لانفرادنا.. «الشئون الإسلامية» تقرر إعداد موسوعة مصرية للسنة    الإعدام شنقًا لشاب أنهى حياة زوجته وشقيقها وابن عمها بأسيوط    تأجيل محاكمة طبيب بتهمة تحويل عيادته إلى وكر لعمليات الإجهاض بالجيزة (صور)    ليفربول ومانشستر يونايتد أبرزهم.. صراع إنجليزي للتعاقد مع مرموش    إيتمار بن غفير يهدد نتنياهو: إما أن تختار طريقي أو طريق جانتس وجالانت    محافظ كفرالشيخ يعلن بدء العمل في إنشاء الحملة الميكانيكية الجديدة بدسوق    برنامج "لوريال - اليونسكو" يفتح باب التقدم للمرأة المصرية في مجال العلوم لعام 2024    توجيه هام من الخارجية بعد الاعتداء على الطلاب المصريين في قيرغيزستان    براتب خيالي.. جاتوزو يوافق على تدريب التعاون السعودي    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    الإفتاء توضح حكم سرقة الأفكار والإبداع    رئيس جامعة بنها يشهد ختام فعاليات مسابقة "الحلول الابتكارية"    10 ملايين في 24 ساعة.. ضربة أمنية لتجار العملة الصعبة    وكيل وزارة بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    مرعي: الزمالك لا يحصل على حقه إعلاميا.. والمثلوثي من أفضل المحترفين    عواد: لا يوجد اتفاق حتى الآن على تمديد تعاقدي.. وألعب منذ يناير تحت ضغط كبير    ماذا نعرف عن وزير خارجية إيران بعد مصرعه على طائرة رئيسي؟    الأسد: عملنا مع الرئيس الإيراني الراحل لتبقى العلاقات السورية والإيرانية مزدهرة    خلاف في المؤتمر الصحفي بعد تتويج الزمالك بالكونفدرالية بسبب أحمد مجدي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكم الفطار للمسافر
نشر في الفجر يوم 12 - 06 - 2016

فرض الله تعالى على المسلمين صيام شهر رمضان في آيات بينات من كتابه العزيز فقال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ* أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ* شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } (البقرة 183-185) ، ولاحظ قول الله عز وجل (يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) فدين الإسلام دين يسر وسماحة، ويتجلى ذلك اليسر في رفع الحرج عن من لا يستطيع الصوم أو يشق عليه كالمريض والمسافر ، فرخص لهم الفطر في رمضان مع إرشادهم إلى ما يقوم مقام صيامهم الذي سقط عنهم ، كلٌ بحسب حاله ، وفي هذا عدم تكليف أحد بما لا يطيق ، قال الله تعالى : (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا...) (البقرة 286) .
ونبدأ بإذن الله تعالى في الحديث عن النوازل المتعلقة بمن لا يجب عليه الصوم ، وسنتحدث فيها عن بعض المسائل المستجدة المتعلقة بالمسافر ، والحامل والمرضع ، والحائض ، أما المسائل المتعلقة بالمريض فيأتي الحديث عنها _ إن شاء الله تعالى _ عند الحديث عن النوازل في المفطرات .
وأول مسألة نتحدث عنها هنا هي : (حكم الفطر للمسافر بواسطة وسائل النقل الحديثة،والتي لا يوجد معها مشقة، وعناء ) ، فأقول وبالله التوفيق :
من المعلوم أن المسافر يباح له الفطر كما قال تعالى : ( وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) ، وقد اختلف الفقهاء رحمهم الله في مقدار مسافة السفر التي تبيح الترخص برخص السفر : فالحنفية فلا يقدرونها بالمسافة بل يجعلون السفر مسيرة ثلاثة أيام ولياليها بسير وسط، بينما ذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن السفر الذي يبيح الترخص هو مسيرة مرحلتين بسير الأثقال، وذلك يومان، أو يوم وليله. وتساوي ستة عشر فرسخاً: أي أربعة برد، والبريد يقدر بأربعة فراسخ، والفرسخ يقدر: بثلاثة أميال، والميل يساوي بالوحدات المعاصرة: ( 1848) مترا، وعليه تصبح المرحلة تساوي: ( 44)كلم و (352) متر، فيكون مقدار مسافة السفر عند الجمهور ( 88)كلم و ( 704) متر تقريباً. وهذا على وجه التقريب؛ لذلك يكثر في الفتاوى أن أكثر من ثمانين كيلو متراً تعد سفراً، وهذه المسافة لا تحسب من منزل الشخص بل إذا جاوز البنيان، أي أنه لو سافر بين مدينتين لابد أن يكون ما بينهما مما هو خارج عمرانهما المتصل أكثر من (80 كم) .
وقد اتفق الفقهاء على اعتبار السفر موضع من مواضع الترخص والتخفيف في أحكام كثيرة؛ وذلك أن السفر مظنة لحصول المشقة والنصب غالباً، فهو قطعة من العذاب قال عليه الصلاة والسلام: " السفر قطعة من العذاب، يمنع أحدكم طعامه وشرابه ونومه، فإذا قضى نهمته فليعجل إلى أهله ". متفق عليه.
ولكن السؤال المطروح في هذه المسألة : لو خلا السفر من المشقة، كأن يسافر الشخص بسيارة، أو طائرة مرفهة ذات مقاعد وثيرة، وتكييف بارد، وعنده من يخدمه، ولا مشقة تلحقه، فهل يجوز لمثل هذا الترخص برخص السفر أو لا؟
والجواب : إن العلماء قد نصوا على أن السفر يعتبر سبباً مبيحاً للترخص، ولو لم توجد معه المشقة؛ وذلك أن السفر عندهم هو علة الترخص، وليس المشقة. صحيح أن المشقة هي الحكمة التي من أجلها أبيح الترخص للمسافر، ولكن لما كانت هذه الحكمة غير منضبطة ، فما يعد مشقة في وقت ولشخص ما قد لا يكون مشقة عند غيره أو في وقت آخر؛ فجعل السفر الذي هو مظنة المشقة علة تبيح الترخص، وأقيم مقام المشقة لانضباطه.
يقول الإمام القرافي رحمه الله : " إن الوصف الذي هو معتبر في الحكم إن أمكن انضباطه لا يعدل عنه إلى غيره كتعليل التحريم في الخمر بالسكر. وإن كان غير منضبط أقيمت مظنته مقامه، وعدم الانضباط إما لاختلاف مقاديره في ذاته كالمشقة لما كانت سبباً للقصر وهي غير منضبطة المقادير، فليس مشاق الناس سواء في ذلك، وقد يدرك ظاهراً، وقد يدرك خفياً ومثل هذا يعسر ضبطه في محله حتى تضاف إليه الأحكام؛ فأقيمت مظنته مقامه، وهي أربعة برد فإنها تظن عندها المشقة".( الفروق 2/ 166).
ثم إنه حتى مع تطور وسائل النقل الحديثة فإنه لا يمكن الجزم بانتفاء المشقة في السفر، فإن المسافر غالباً ما يكون مهموم البال، مشدود الذهن متحسباً لأي طارئ أو عارض قد يلم به في سفره : من تعطل سيارته، أو تأخر رحلته، وغيرها من الأمور المعلومة المشاهدة، ولذا لا يمكن القطع بخلو السفر من المشقة؛ إذ أن المشقة قد تعرض في أي لحظة، ومن دون تحسب مسبق لها.
وعليه : فيجوز الفطر للمسافر، ولو كان مسافراً على طائرة أو سيارة مكيفة، أو في وقت الشتاء، ويجوز للمسافر بالطائرة أن يفطر و يقصر في سفر ساعة واحدة أو أقل من ساعة، إذا كان يسمى سفراً، وقطع مسافة القصر .
كما يجوز لمن كان سفرهم مستمراً ولهم أهل ومكان يرجعون إليهم كسائقي سيارات الأجرة، والشاحنات، وقائدي الطائرات، والقطارات ومضيفيها، وغيرهم أن يترخصوا برخص السفر من قصر وفطر وغيرهما في حال سفرهم؛ لأنهم مسافرون حقيقة، ويقضون إذا رجعوا إلى أهلهم، أو في أيام الشتاء القصيرة الباردة؛ لأن ذلك أيسرعليهم.
لكن يبقى سؤال مهم: هل الأفضل للمسافر أن يفطر أو أن يصوم ؟ هذا محل خلاف بين أهل العلم، والصحيح التفصيل في هذا: فإن كان المسافر تلحقه مشقة ولو يسيرة فإن الأفضل في حقه أن يفطر لقوله صلى الله عليه وسلم: " إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه" وفي رواية : " كما يكره أن تؤتى معصيته ". (رواه احمد).
فإن كانت المشقة شديدة فقد قال عليه الصلاة والسلام لمن صام مع المشقة الشديدة في السفر: " ليس من البر الصيام في السفر". ( متفق عليه )، أما إذا لم يكن هناك مشقة فلا شك أن الأفضل هو الصوم؛ وذلك لأنه أسرع في إبراء الذمة، وأيسر على المكلف أيضاً؛ لأن الصوم مع الناس في رمضان أسهل من القضاء كما هو مشاهد معلوم، وهو فعل النبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ كان يصوم في السفر؛ وذلك لأنه لم يكن يشق عليه الصوم في السفر كما يشق على غيره.
وهنا مسائل تتعلق بالصائم المسافر نذكرها على عجل :
المسألة الأولى : إذا كان الصائم مسافراً على طائرة، فإنه يمسك عند رؤيته لطلوع الفجر، ويفطر عند رؤيته لغروب الشمس، ولا يعمل بتوقيت البلد الذي هو فوقه، لعموم الأدلة الشرعية التي توجب الإمساك عند رؤية الفجر وتبيح الفطر عند غروب الشمس ، لكن إذا كان في غيم لا يتمكن بسببه من رؤية طلوع الفجر أو غروب الشمس عمل بغالب ظنه؛ لأن هذا هو أعلى ما يمكنه أن يعمل به.
المسألة الثانية : من كان في بلد فغربت عليه الشمس فأفطر، ثم أقلعت الطائرة، فرأى الشمس، استمر في فطره؛ لأنه أفطر بموجب دليل شرعي، وهو قوله صلى الله عليه وسلم : " إذا أقبل الليل من هاهنا، وأدبر النهار من هاهنا، وغربت الشمس، فقد أفطر الصائم ". متفق عليه ، فلا يلزمه الإمساك إلا بدليل شرعي آخر، ولم يوجد ، ومثله: لو سافر بعدما غربت الشمس جهة الغرب، فوصل إلى بلد، فوجد الناس في نفس اليوم نهاراً، م يلزمه الإمساك.
أما إن أقلعت الطائرة قبل غروب الشمس، فطال النهار، فيلزمه الإمساك إلى أن تغرب الشمس، ولو طال النهار عدة ساعات، إلا أن يشاء أن يفطر ويقضي فله ذلك؛ لأنه مسافر .
المسألة الثالثة : إن سافر رجل من بلد إلى بلد آخر، وبالأخص في هذا العصر الذي تيسرت فيه وسائل المواصلات، فأصبح الإنسان يسافر على الطائرة أو غيرها من شرق الأرض إلى غربها في زمن يسير، فوجد الناس في هذا البلد متأخرين في إثبات دخول شهر رمضان أو خروجه عن أهل بلده لزمه الصيام معهم حتى يثبت لديهم دخول شهر شوال، لقوله صلى الله عليه وسلم : " الصوم يوم تصومون, والفطر يوم تفطرون" ، ولقول صلى الله عليه وسلم : " الفطر يوم يفطر الناس ". (رواهما الترمذي).
وإن كانوا متقدمين على أهل بلده في الصيام والفطر، أفطر معهم؛ للحديث المتقدم، لكن إن نقص صيامه عن تسعة وعشرين يوماً لزمه أن يقضي يوماً بعد ذلك ؛ لأن الشهر الهجري لا يقل عن (29) يوماً.
والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.