"حرام .. شوف الدود أد إيه .. شوفوا رجلها حرام عليكم"، كانت هذه صرخات تعبر عن صدمة أسرة مصرية بسيطة في فيديو تداوله نشطاء موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" خلال الأيام الماضية، كشفت خلالها هذه الأسرة عن واقعة إهمال بمستشفى "القصر العيني القديم" في رعايتها لوالدتهم المريضة مما أدى إلى تعفن الجرح وظهور "دود" به. قامت "الفجر" بالوصول لأسرة المريضة، لمعرفة تداعيات ظهور "الدود" في ساقها، وحضور إجراءات عملية "البتر" داخل مستشفى القصر العيني، للكشف عن إهمال الأطباء وسوء تعاملهم مع المرضى داخلها مما أدى إلى وصول الحالة إلى ذلك. مرضى ملقون في الطرقات .. وكله بيمشي ب"الفلوس" في البداية وعند الدخول من بوابة قسم طواريء العظام، بالقصر العيني، وبالاتفاق مع نجل المريضة "علاء"، تم اختلاق قصة للأمن بأننا أقاربه حتى نتمكن من الدخول، وقال له عامل الأمن: "انت كل شوية تجيبلي ناس وبأدخلك"، ليغمز له بعينه حتى يعطيه نقود ليسمح لنا بالدخول. ودخلنا من البوابة بعد أن أعطاه مبلغ مالي، وعلق "علاء" على هذا الموقف قائلاً: "مفيش حاجة بتمشي هنا من غير فلوس .. كله بيمشي بالجنيه"، مستكملاً أنه في حالة رفضه دفع النقود يتم منعه من الدخول، ومشيراً إلى أن بعض المواقف من الممكن أن تتصاعد إلى حد التشاجر باليد مع الزائرين. وبالمرور في قسم الطواريء وجدنا حالات مازالت تحت تأثير البينج وأخرى مازالت تنزف موجوده على سرائر في الطرقات وخارج غرف العمليات، تنتظر الإفاقة دون وجود أي رعاية لهم من الأطباء والممرضين. حادث مروري وبداية للكارثة وبالوصول إلى غرفة العمليات التي كانت ترقد داخلها "سعدية السيد" صاحبة الفيديو، وجدنا أسرتها البسيطة من نساء ورجال يجلسون على الأرض لعدم توفر مقاعد للاستقبال، وجلسنا معهم حتى لا يشك أحد أننا صحفيون ونمارس عملنا ويتم منعنا من ممارسته، فأخبرونا أن والدتهم داخل غرفة العمليات منذ السابعة صباحاً ويجلسون في انتظارها حتى السادسة مساءً . وروى الأبناء لنا تداعيات الحالة ووصولها إلى مرحلة البتر، وقال ابنها علاء، إن والدته كانت قد تعرضت لحادث مروري أثناء عودتها من عملها على عربة "كارو"، وفر المتسبب هارباً، مضيفاً أنهم ذهبوا بها إلى المستشفى المستعصية بالمعادي التي بدورها قامت بتحويلها إلى "القصر العيني". وأضاف بأنهم وصلوا في يوم وقفة عيد الأضحى الماضي إلى القصر العيني، وأقر الأطباء إجراء عملية جراحية لها مطالبينهم بمبلغ 1400 جنية لشراء شرائح ومسامير، وقاموا بإجراء العملية وتركيب الشرائح والمسامير أسفل ركبتها، مشيراً إلى أن المكان الصحيح للإصابة هو ركبتها نفسها، وأن الأطباء أجروا لها جراحة خاطئة مما أدى إلى حدوث "غرغرينة" بساقها. واستكمل "علاء" بأن الغرغرينة قد أدت إلى حدوث تعفن بالساق وموتها، وعن خروج "الدود" من الجرح، أوضح أنه قام بفك الشاش مكان الجرح بعد أن اشتم رائحة كريهة منه، جعلت جميع من في العنبر يستنفرون منها والجلوس بجانبها، وأكتشف بعدها خروج الدود وهو يتساقط من الجرح. تفاصيل الإهمال ونتائجها وتابع عن رد فعلهم حينما رأوا ذلك: "أخواتي انهاروا وصرخنا في العنبر معندهمش رحمة وضمير وقلب.. احنا حصل معانا كده علشان غلابة ومش معانا فلوس"، موضحاً أنهم صدموا من الموقف، وأن والدتهم تأثرت به حتى مرضت بالسكر والضغط على الرغم من أنها لم تصاب بهم في السابق. واستكمل: "الدكاترة لو غيروا على الجرح يوم في الأسبوع يبقى حلو.. لو حد بيتابع الجرح مكنش ها يسيبها كده"، موضحاً طريقة التغيير على الجرح: "بيغسلوا رجلها بمحلول أبيض ويغيروا الشاش دا كل اللي بيعملوه وكنت بشتري كل حاجة على حسابي مراهم وحقن.. وكل ما بطلب من دكتور يغير على الجرح يتنك عليا ويقولي عايزها خدها غيرلها في البيت". ولفت إلى أنهم ذهبوا بوالدته إلى أطباء خارج القصر العيني للإطمئنان على الجرح والتغيير عليه بعد أن فقدوا الأمل في انتهاء هذا الإهمال، وقام أحدهم بإستخراج "عظام صغيرة" من مكان العملية، وبعضهم رفض التعامل مع الحالة حينما رأى الدود يخرج منها، مشيراً إلى أن جميعهم شددوا على ضرورة أن تجرى لها عملية "بتر" من مكان ركبتها، بعد وصول الحالة لهذه المرحلة بسبب العملية. يا تدفع .. يا تموت وأوضح أن الأطباء بالمستشفى يستغلون المرضى بشده، قائلاً: "طلبوا مننا نعمل أشعة بمبلغ 360 جنيه خارج المستشفى وهي متوفرة فيها .. وكل ما الدكتور يقرر عملية يطلبوا مننا نتبرع بالدم ونروح لمعاد العملية يأجلوها ويطلبوا دم تاني .. لما يقرروا معاد تاني طلبوا مننا نشتري دم لأن الفصيلة مش موجودة"، مشيراً إلى أن هذا الأمر يتكرر مع جميع المرضى ويكون فرضاً عليهم التبرع بالدم وشرائه. واستكمل باستنكار: "أي حاجة جوه المستشفى بالفلوس .. البوابة بفلوس.. لو معاك حد بيموت بيقولوله هات فلوس يا هيسيبوك تموت برا .. آخر إهمال". ولفت إلى أنه كان قد قام بتصوير الفيديو المتداول أمام الأطباء، وواجههم به وكان ردهم عليه ب: "التصوير مش هيعمل حاجة ولا انت ولا عشرة زيك أو اللي وراك ها يعملوا حاجة .. إعمل اللي تعمله عايز تاخد والدتك خدها وإمشي"، مضيفاً بحزن شديد على ما وصل إليه حال الطب وجشع الأطباء بمصر: "بالنسبة ليهم الموت عادي الغلابة تموت ويداس عليهم ". إخفاء قسري داخل المستشفى .. والسبب لم يكن أحد يتخيل أن الإهمال قد يصل إلى إخفاء مريض عن أعين المسئولين داخل المستشفى، حيث نوه "علاء" إلى أن الأطباء والمُمرضين كانوا يقومون بإخفاء والدته من العنبر، أثناء مرور دكتور "علي الظواهري"، رئيس عنبر 9 بقسم العظام، حتى لا يرى حالتها وما وصلت إليه بسبب الإهمال، مشيراً إلى أن بعض النزلاء معها كشفوا له ذلك بعد اختفائها المتكرر أثناء مرور رئيس القسم. ولفت إلى أن الأطباء يعلمون ما وصلت إليه حالة والدته، وأنهم حينما يقوموا بالتغيير على الجرح يزيلون الطبقة الظاهرية للشاش فقط وليس تغييره كاملاً، وحينما طلبوا منهم أن يغيروا على الجرح قام هو وشقيقه بإرتداء ال"جوانتيات" لوضع محلول عليها، وواجهوا الطبيب بوجود دود كان رده: "الحاجات دي عادي ها تتغسل وتبقى مية فل وبعد الغيار مش هتلاقيها"، مستكملاً: "وبعد نصف ساعة بنفك الغيار نلاقي الدود منتشر بالجرح تاني". "بتر" ساق وخراب ديار!! وعن عملية البتر، أوضح أن الأطباء طلبوا من والدته الصيام، ونقلوها من العنبر في التاسعة صباحاً ليتم وضعها على سرير في طرقة غرفة العمليات حتى السادسة مساءً، وهو موعد دخولها للعمليات. ولم يكن الأمر يتوقف على الوصول إلى بتر الساق فقط، فبعد أن خسرت العائلة البسيطة أو كما وصفوها ب "على باب الله"، أملاكها بسبب مصاريف التواجد في المستشفى ومطالبها، لكن استمر استنفاذهم حيث طلب الطبيب الذي أجرى العملية "منشار" لإجراء عملية البتر، متابعاً: "قالولنا روحوا اشتروا المنشار اللي هننشر بيه.. يعني اللي بيشتغلوا بيه في العمليات احنا اشتريناه". وبعد الخروج من غرفة العمليات، تم إعادة "سعدية" إلى عنبر 9 مرة أخرى، العنبر الذي يوصف ب"سوق شعبي"، حيث نقلت وسط زحام المرضى والزائرين بالإضافة إلى "البائعين" الذين ينتشرون في في عنابر المرضى ك"أتوبيس نقل عام"، حيث رصدنا أحد بائعي "الفوط والمناديل" داخل العنبر وهو يبيع للنزلاء والزائرين. وبعد أن نقلت الممرضات "سعدية" إلى العنبر، حدثت مشادة بينهم وبين أسرتها، الذين طالبوهم بالاهتمام بها بعد العملية، وعدم إهمالها، وقالت لهم ممرضة: "الدكاترة دبسونا في موضوع الإهمال واحنا مش مسئولين"، مؤكدة أن الإهمال سببه الأطباء وليس الممرضات. رسالة ل"السيسي" .. ومناشدة للحقوقيين ووجه نجل الضحية، رسالة إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي، ناشده خلالها بالوقوف مع الغلابة وأن يتم محاكمة المتسبب في بتر ساق والدته، منوهاً أن هناك ضحايا آخرين يتم تكرر الإهمال معهم يومياً، قائلاً: "خلي بالك من الغلابة شوية لأن الغلابة متهانين .. وإنزل بنفسك وشوف اللي بيحصل هناك"، معبراً عن تمنيه بأن يتم محاكمة الطبيب المتسبب في بتر ساق والدته، وأن يسانده المحامين بالوقوف معه لرفع قضية ضد المستشفى ومديرها والطبيب المسئول، قائلاً: "عايزين حد يقف جنبنا يكون بيحس بالغلابة لأن بيتداس علينا"، مختتماً ب:"نتمنى الدكتور اللي عمل كده يتحاكم .. وعلشان خاطر ربنا يبطلوا إهمال في الناس". محاولات فاشلة للحصول على رد من المسئولين وحتى يصل صوت أبناء "سعدية السيد" إلى المسئولين، بالإضافة إلى الحصول على رد من مسئولي وزارة الصحة على ما سبق، قامت "الفجر" بمحاولة الاتصال بالدكتور "حسام الخطيب"، وكيل وزارة الصحة بمحافظة القاهرة، لكنه لم يرد، بسبب وجود خاصية على هاتفه ل"كنسلة" الأرقام الغريبة، وحاولنا أيضاً الاتصال بالدكتور "حامد مجاهد" المتحدث باسم وزارة الصحة ولكنه لم يرد على الاتصال رغم تكرار الاتصال عدة مرات.