توقع صندوق النقد الدولي تراجع نمو الاقتصاد العالمي للمرة الثالثة خلال العام الجاري بسبب ضعف أسعار السلع الأساسية، حيث تم تخفيض معدل النمو للعامين 2015 و2016 بمقدار 20 نقطة أساس ليصل إلى 3.1% و3.6% على التوالي، بالمقارنة مع المعدل المتوقع في تقرير السابق. ويشيرانخفاض توقعات نمو الاقتصاد العالمي إلى ضعف أسعار السلع الأساسية وتأثيرها على الدول المصدرة في جميع أنحاء العالم، ووفقًا لتحليل صندوق النقد، يعزى السبب الأساسي في انخفاض أسعار السلع الأساسية طوال السنوات الثلاثة الماضية إلى عوامل دورية وهيكلية على حد سواء.
ومن المتوقع أن يؤثر هذا الانخفاض المستمر على النمو الاقتصادي في الدول المصدرة للسلع الأساسية بمقدار نقطة مئوية واحدة سنويًا في الفترة ما بين عام 2015 وعام 2017، أما بالنسبة للدول المصدرة للطاقة ومن ضمنها دول الخليج.
ويتوقع أن يكون تأثير انخفاض أسعار السلع الأساسية أكثر من الضعف بسبب الانخفاض الحاد في أسعار النفط خلال العام الماضي، كما ومن المتوقع أن تشهد هذه الدول تباطؤًا في معدل النمو يبلغ حوالي 2.2% خلال الفترة ذاتها.
كما يتوقع أن يبقى معدل النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا طفيفًا ومتماشيا مع التقديرات السابقة. ووفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي، يتوقع أن تواجه الدول المصدرة للنفط في المنطقة موقفا صعبا على الصعيد المالي وعلى صعيد إجراءات السياسة النقدية في حين يتوقع أن تشهد الدول المستوردة للنفط في المنطقة انتعاشًا سريعًا.
وأشار الصندوق إلى أنه من المتوقع أن يؤدي انخفاض أسعار النفط والتوترات الجغرافية السياسية في بعض البلاد في المنطقة إلى تراجع معدل النمو الاقتصادي خلال عام 2015 والذي انخفض إلى نسبة 2.3 في المائة بتراجع مقداره 40 نقطة أساس بالمقارنة مع التقديرات السابقة.
كما توقع صندوق النقد الدولي أن تهدأ حدة هذا التراجع بالتدريج في عامي 2016 و2017. هذا وفي الوقت الذي تتكبد فيه الدول المصدرة للنفط خسائر، تتزايد مزايًا انخفاض أسعار النفط تدريجيا بالنسبة للدول المستوردة للنفط مدعومة بالإصلاحات الاقتصادية والنمو في منطقة اليورو يقابلها جزئيا ظروف غير مواتية بسبب تراجع ثقة المستهلك.
وشهدت توقعات النمو في دول مجلس التعاون الخليجي تغيرات إيجابية وسلبية على حد سواء، وكانت أهم التغيرات الملحوظة في قطر التي انخفض معدل نموها المستهدف لعام 2015 بمقدار 240 نقطة أساس ليصل إلى 4.7 في المائة، و4.9 في المائة لعام 2016 بتراجع مقداره 150 نقطة.
ورفع صندوق النقد توقعاته لمعدل النمو الاقتصادي للسعودية بمقدار 60 نقطة أساس ليصل إلى 3.4 في المائة لعام 2015 في حين خفضها بنسبة طفيفة مقدارها 20 نقطة أساس لعام 2016 ليصل إلى نسبة 2.2 في المائة. نظرًا لانخفاض أسعار السلع الأساسية في جميع أنحاء العام، من المتوقع أن تتراجع أيضا أسعار المستهلك في غالبية الدول المستوردة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومنطقة دول مجلس التعاون الخليج.
ومن المتوقع أن تنخفض مستويات الأسعار في كل من قطر، وعمان، والبحرين في حين يتوقع أن ترتفع في السعودية والإمارات بحوالي 1.6 نقطة في عام 2015. أما على الصعيد المالي، يتوقع أن تسجل السعودية، وعمان، والبحرين عجزًا في ميزان الحساب الجاري في حين يتوقع أن تشهد الدول الثلاث المتبقية انخفاضا حادا في ميزان الحساب الجاري يصل إلى مستويات أحادية الرقم.
وتوقع صندوق النقد ان تسجل السعودية في عام 2015 نموا أفضل من التوقعات السابقة نظرًا لارتفاع معدل الإنتاج النفطي الذي استمر في دعم النمو الاقتصادي. ومع ذلك، يتوقع أن يشكل نمو الناتج المحلي الإجمالي تحديا في المستقبل في ظل انخفاض أسعار النفط وتراجع الإيرادات والحاجة إلى دعم برامج الإنفاق الرأسمالي القائمة حاليا.
وأكدت المملكة العربية السعودية أنها سوف تخفض إنفاقها الرأسمالي في موازنة عام 2016 وأنها تحتاج إلى إعادة تقييم خططها الإنفاقية بتحديد أولويات الإنفاق وتخصيص اعتمادات الموازنة إلى المشاريع الأكثر أهمية. ووفقا لمجلة ميد (MEED) خصصت المملكة العربية السعودية مبلغا مقداره 1.21 مليار دولار أمريكي للمشاريع التي تعتزم تنفيذها بالمقارنة مع إجمالي القيمة المخصصة للمشاريع المزمع تنفيذها في دول مجلس التعاون الخليجي والبالغة 2.82 مليار دولار أمريكي.
وبلغ نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي للمملكة العربية السعودية نسبة 1.6 في المائة في عام 2014 ومن المتوقع أن يصل إلى نسبة 6.7 في المائة في عام 2016.