تفاصيل الإنتفاضات الثلاثة للسود فى عهد أوباما، والرابعة فى بالتيمور
لا يذكر البعض من وقائع العنصرية والتمييز ضد السود فى الولاياتالمتحدةالأمريكية ،إلا ما يحدث الأن فى مدينة بالتيمور،وقبلها قتل شاب أسود يدعى مايكل براون منذ شهور قليلة على يد ضابط شرطة أمريكى.
لكن الحقيقة التاريخية ،والتى تنعكس على الممارسات والسياسات الحالية ،تؤكد أن تلك الدولة قامت على أساس من العنصرية والإبادة الوحشية للأجناس البشرية.
الهنود الحمر
هم سكان أمريكا الأصليين ، الذين تعرضوا لأبشع صور القتل الجماعى على أيدى الغزاة البيض من الأنجلوساكسونيين،القادمين من دول غرب أوروبا، حيث كان اكتشاف الأمريكتين بالتزامن مع الثورة الصناعية.
وحينما وصلت عصابات البيض الهاربين من بلادهم إلى أمريكا،وجدوا مساحات شاسعة من أخصب أراضى العالم البكر بحاجة إلى عشرات الملايين من الأيدي العاملة التي تعذَّر عليهم تدبيرها من أوروبا، ولذلك فكَّر الغُزاة في السيطرة على الهنود الحمر، لكنهم فشلوا في إستعبادهم, فلم يتورعوا عن القضاء عليهم، مستخدمين طرق شديدة البشاعة من بينها تسميم أبار المياة التى يشربون منها، وحقنهم بالفيروسات والأوبئة الفتاكة مثل الطاعون والتيفود.
"الأفارقة الزنوج"
بعد إبادة أكثر من مليون هندى أحمر، قرر البيض إستغلال الأفارقة السود، فى زراعة الأراضى؛ لأنهم أيدى عاملة رخيصة وقوية، ومن ثم بدأت كل دول أوروبا الغربية تنفذ عمليات " اصطياد " أكبر عدد ممكن من الزنوج.
وجاءت آلاف السفن الأوروبية المحملة بالجنود المسلحين بالبنادق والمدافع لترسو على الساحل الغربي للقارة السوداء حاملة الموت والخراب لأغلب سكانها، والخطف والاستعباد والإذلال مدى الحياة لمن بقى منهم على قيد الحياة.
وخلال خمسين عاماً فقط تم خطف وترحيل ما بين 15 إلى 40 مليوناً من الأفارقة حيث تم بيعهم كعبيد في أسواق أمريكا وأوروبا، فى حين لقى الملايين منهم مصرعهم إما برصاص الغزاة البيض، وأما جوعاً و عطشاً أو انتحارًا من على ظهر السفن التي كانوا يحشرون فيها كالماشية.
ويذكر المؤرخون أن الإنجليز تحديدا كانوا يشعلون النار فى الأحراش والأشجار المحيطة بأكواخ الأفارقة، فيضطروا إلى الخروج من مساكنهم هرباً من النيران، فتتلقفهم رصاصات القناصة لقتل الرجال, بينما يتم أسر الأطفال والنساء، ثم ترحيلهم إلى مراكز لتجميع العبيد على طول الساحل الغربي الأفريقي تمهيداً لنقلهم بالسفن عبر المحيط الأطلنطي في رحلة بلا عودة.
"سلخ فروة رأس الناس بالقانون"
تصف أمريكا نفسها دائما كدولة قانون ، ومن ثم تبرأ ضباطها من قتلة المواطنين السود ،طالما تعاملوا فى حدود القانون، علما بأن القانون الأمريكى كان فى الماضى ينص على منح المواطن الأبيض مكافأة لو سلم للسلطات فروة رأس هندى أحمر.
وأستمرت قوانين التمييز ضد الأفارقة السود لعقود طويلة، حتى أنه بعد عشرات العقود من العزل العنصري وأكثر من عشرة أعوام من النضال تحت قيادة مارتن لوثر كينج، تم إلغاء قانون التمييز بعد إشتعال ثورات وخروج مسيرات كبيرة للمطالبة بالحقوق المدنية قادها القس الأمريكى، مؤسس المذهب البروتيستاتنى، ليتم أخيرا إقرار قانون المساواة وتجريم التمييز العنصرى عام 1963.
حيث وقع الرئيس ليندون بينز جونسون قانون الحقوق المدنية معتبراً أن التمييزَ على أساس العرق أو اللون أو الدين أو الجنس، أو الأصل القومي، أمر مخالف للقانون.
الستينات وما أدراك ما الستينات
أكدت الوقائع أن الإلغاء الرسمي للتمييز العنصري لم يضع حداً للمشاكل ، حيث صدر قانون تجريم التمييز فى أوائل الستينات. وهى نفس الحقبة الزمنية التى شهدت الكثير من الإحتجاجات وأعمال شغب أدت إلى القتل.
من بينها أحداث واتس في العام 1965، وفي ديترويت في عام1967، ثم في عام 1968، وصولا لإغتيال مارتن لوثر كينغ ،الذى خلف عشرات القتلى وآلاف الاعتقالات. بعد هدوء نسبي في السبعينيات والثمانينات.
رودنى كينج
تجدد الغضب في عام 1992 مع قضية رودني كينج الذي تعرض للضرب من قبل أربعة ضباط شرطة من ذوي البشرة البيضاء أمام كاميرا أحد مصوري الفيديو الهواة، بعد القبض عليه بسبب تجاوز السرعة المقررة، وقد إنتقل الفيديو ومدته عشرين دقيقة في مختلف أنحاء العالم، لكن بعد عام ، تم تبرئة الضباط الأربعة.
باراك أوباما "حلم لم يتم"
فى عام 2008، بعد مرور خمسة وأربعين عاماً على مقولة مارتن لوثر كينج" لدي حلم" ،حدث ما لم يكن متوقعاً، حيث إنتخب الشعب الأمريكى رئيساً أسوداً هو باراك أوباما، هذا الإنتخاب رافقه الكثير من الأحلام والأمال علقها عليه المواطنين السود ،لكن إنتخابَ أوباما، لم يغير الولاياتالمتحدة جذريا.
أوسكار جرانت
تفجرت ثورة جديدة للسود عام 2010 بعد أن قُتل الشاب الأسود أوسكار جرانت، بأيدى أحد رجال الشرطة ، و حكم على الضابط الذي قتل أوسكار بالسجن لمدة عامين فقط، وهم ما أدى لتفاقم غضب العديد من المواطنين، تظاهروا سلمياً إلا أن الشرطة تعاملت معهم بعنف أدى لمزيد من الإصابات.
مارتن ترايفون
فى عام 2012، تم قتل الشاب مارتن ترايفون برصاص الحارس المتطوع من أصول لاتينية،وتحدث الرئيس الأمريكى باراك اوباما- عن تلك الواقعة قائلاً: "إذا كان لى ولد لكان يشبه ترايفون"، موضحاً أن الحادث قد يحمل طابعاً عنصرياً.
مايكل براون
هو أشهر ضحايا عنف وعنصرية الشرطة الأمريكية ،الذى كشفت واقعة مقتله ،الإزدواجية التى تتعامل بها دولة ،طالما تغنت علينا بمبادئ الديموقراطية ،وتشدقت وأشعلت الحروب بزعم حماية حقوق الإنسان؛ لتأتى حادثة براون، وتفضح كل هذه الاكاذيب.
حيث شهدت ولاية ميزورى الأمريكية يوم التاسع من أغسطس 2014 ، واقعة مقتل شاب أمريكى أسود يدعى مايكل براون ،على يد ضابط شرطة أبيض،وبعدها بساعات وصف الرئيس الامريكى أوباما ،هذه الواقعة بالفاجعة، معربا عن قلقه إزاء ممارسات الشرطة الأمريكية.
وتمر الشهور وتصدر محكمة فيرجسون حكمها يوم 24 نوفمبر من نفس العام بتبرئة الضابط "دارين ويلسون"،ويخرج السيد أوباما ليطالب بإحترام قرار هيئة المحلفين.