فى 28 أغسطس عام 1963 قاد المناضل «مارتن لوثر كينج» مسيرة تضم نحو 250 ألف شخص، مطالبًا بتحقيق المساواة بين المواطنين جميعا فى الحقوق بمن فيهم من ولدوا ببشرة سمراء، وقد أدت مطالباته إلى توقيع الرئيس الراحل «ليندون جونسون» قانون الحقوق المدنية عام 1964، والذى تم بموجبه إنهاء التمييز العنصرى ضد السود، ورغم صدور القانون منذ أكثر من 50 عامًا، إلا أن التمييز العنصرى بحق المواطنين السود لا يزال قائما حتى الآن، والدليل على ذلك حوادث القتل المتعددة التى تعرض لها مواطنون من أصول أفريقية، والتى كان آخرها حادث الشاب الأسود «مايكل براون» الذى قتله ضابط شرطة أبيض فى أغسطس الماضى، مما أدى لاندلاع الاحتجاجات والمظاهرات فى مدينة فيرجسون وغيرها من المدن والولاياتالأمريكية. هذه الاحتجاجات تجددت مؤخرًا، عقب قرار هيئة المحلفين فى المحكمة التى نظرت القضية تبرئة القاتل وعدم ملاحقته، لتزداد الأوضاع اشتعالا، خاصة مع تعامل الشرطة العنيف مع المحتجين، وقد دفع هذا السلوك العنيف للشرطة، لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة إلى إصدار تقرير يؤكد أن الولاياتالمتحدة لم تلتزم التزاما كاملا بالاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب، وأعربت اللجنة عن قلقها إزاء الادعاءات الخاصة باستخدام الشرطة القوة المفرطة تجاه المحتجين. ولم تقتصر الانتقادات على لجنة مناهضة التعذيب، حيث هاجمت الصحف الأمريكية القرار الخاص بتبرئة ضابط الشرطة، فذكرت صحيفة «واشنطن بوست» أن الحكم يعزز شعور التفرقة بين الأمريكيين الأفارقة، بينما رأت صحيفة «نيويورك تايمز» أن الحكم يظهر عدم الثقة فى القانون الأمريكى الذى يمثل خطرا على النسيج المدنى فى الولاياتالمتحدة. ولم يقتصر الحديث فى وسائل الإعلام العالمية على قضية مايكل براون فقط، إذ اهتمت أيضا برصد معاناة المواطنين السود بشكل عام فى الولاياتالمتحدة، حيث ذكر تقرير لموقع «روسيا اليوم» أن إحصائيات صادرة عن مراكز بحثية أمريكية أفادت أن عمليات تفتيش المواطنين من أصول أفريقية ومداهمة بيوتهم تزيد عن مثيلاتها بحق البيض، على الرغم من أنهم يشكلون 13% فقط من المجتمع الأمريكى، يضاف إلى ذلك انتشار الفقر، والبطالة، وتدنى الدخل، والتهميش الاقتصادى والاجتماعى فى أوساطهم، بما يقارب ضعف النسبة فى أوساط البيض. وفى نفس السياق، رصد موقع «ديلى بيست» الأمريكى أشهر حوادث العنف بحق مواطنين سود، والتى أدت لاندلاع احتجاجات شديدة، ففى عام 1991 تعرض «رودنى كينج» وهو مواطن أسود للضرب المبرح على يد أفراد من شرطة مدينة لوس أنجلوس، مما أدى لاندلاع أعمال عنف كبيرة فى المدينة بعد تبرئة أفراد الشرطة الذين اعتدوا عليه، وفى 2006 قتل « شون بيل» على يد شرطة مدينة نيويورك، عقب إطلاق النار عليه قبل زفافه، وفى صيف 2012 قُتل « ترايفون مارتن» - وهو شاب فى السابعة عشر من عمره - من قبل شرطى قال إنه يشتبه فى أن ترايفون كان يحاول القيام بجرم، وقررت المحكمة تبرئته، مما أدى لاندلاع موجة سخط عارمة فى جميع أنحاء الولاياتالمتحدة، وقال الرئيس أوباما حينها أن ترايفون بمثابة ابنه، مضيفا « كان بالإمكان أن تكون حالتى مشابهة مع ترايفون قبل 25 عاما»، ورغم تعاطف أوباما مع الضحية، إلا أن هذا لم يؤد لعودة الحق لترايفون أو غيره.