في تونس ما بعد الثورة يجري الحديث عن "فساد صغير" و"فساد كبير"، لكل منهما خصوصيته. موضوع الفساد، الذي كان أحد أسباب قيام ثورة 14 يناير 2011 في تونس، ناقشته الزميلة نجوى قاسم، مع ضيفين مختصين في المجال من تونس. الفساد الصغير في تونس، يقصد به فساد الأفراد والإدارة، ويظهر في المحسوبية والرشوة، أما الفساد الكبير فهو فساد المؤسسات وعالم السياسة والمال. في هذا الإطار، قال الخبير الاقتصادي فتحي النوري، إن الفساد الكبير كان يمثل 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي لتونس قبل الثورة، وهذه نسبة ضاعت على الاقتصاد التونسي، على حد قوله. المتحدث، قال إن الفساد الكبير في المنظومة السابقة كان منح الصفقات العمومية الكبرى، وكان حكرا على العائلة الحاكمة، التي سماها التونسيون بعد الثورة "العائلة الفاسدة"، وكل العائلات الأخرى التي كانت تدور في فلكها. أما الفساد الصغير، حسب فتحي النوري، فهو فساد الإدارة والرشوة، أين ظهرت الرشوة والمحسوبية، بشكل أكبر من عهد ما قبل الثورة. من جهته، قال الأستاذ كمال العبادي رئيس مركز التفكير الاستراتيجي للتنمية الجهوية، إن الانطباع العام لدى عموم التونسيين اليوم بعد 4 سنوات من الثورة، هو أن نسبة الفساد زادت عما كانت عليه من قبل، وحجم هذا الفساد يقاس، حسبه، بحجم إدراك التونسيين للفساد في يومياتهم. وأضاف العبادي، أن الفساد في تونس يقاس استنادا إلى التقارير العالمية، كما هو الشأن مع منظمة الشفافية الدولية، حيث أشار آخر تقرير لها في 2014 إلى تراجع تونس بعشرين نقطة (79)، مقارنة بعام 2010، حيث كانت في المرتبة 59، وهذا دليل على زيادة الفساد حسب المتحدث. وبالنسبة للعبادي، فإن أسباب انتشار الفساد بعد الثورة هو غياب الدولة، وظهرت مشكلة تعدد النفوذ بين كيانات جديدة، هي الأحزاب والنقابات ورجال الأعمال. فقد تفكك نفوذ السلطة الحاكمة بهروب بن علي، ولم يعد هناك نفوذ واحد. ويرى الخبير فتحي النوري من جهته، أن تقرير منظمة الشفافية الدولية، غير دقيق، لأن السلطة التي تولت الحكم بعد الثورة أنشأت كتابة لمحاربة ظاهرة الفساد. أما اجتماعيا، فيقول النوري إن المواطنين الأكثر تضررا من الفساد، هم الذين يتقاضون الأجر القاعدي فقط، وعددهم 600 ألف موظف، وهؤلاء لم يستفيدوا من زيادة الأجور، مضيفاً أن الطبقة الوسطى تكاد تختفي لحساب ثنائية صعبة، وهي طبقة غنية وأخرى فقيرة. نقلا عن العربية.نت