60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. السبت 18 مايو    أسعار اللحوم والدواجن والخضروات والفواكه اليوم السبت 18 مايو    تشكيل الترجي المتوقع لمواجه الأهلي ذهاب نهائي دوري أبطال أفريقيا    جلسات تحفيزية بفندق الإقامة للاعبي الأهلي قبل مواجهة الترجي    الأرصاد تحذر من طقس اليوم وتوجه نصائح لمواجهة ارتفاع الحرارة    ناقد رياضي: الترجي سيفوز على الأهلي والزمالك سيتوج بالكونفدرالية    اندلاع اشتباكات عنيفة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال في جباليا شمال قطاع غزة    أكثر من 142 ألف طالب يؤدون امتحانات الشهادة الإعدادية بالشرقية اليوم    جوري بكر بعد انفصالها: «صبرت كتير واستحملت اللي مفيش جبل يستحمله»    بعد حفل زفافهما.. من هو محمد المغازي زوج ريم سامي؟    ذوي الهمم| بطاقة الخدمات المتكاملة.. خدماتها «مش كاملة»!    عادل إمام.. تاريخ من التوترات في علاقته بصاحبة الجلالة    نوح ومحمد أكثر أسماء المواليد شيوعا في إنجلترا وويلز    زعيم كوريا الشمالية يشرف على اختبار صاروخ جديد: تعزيز الحرب النووية    ذروة الموجة الحارة ورياح شديدة، الأرصاد تحذر من طقس اليوم وتقدم 3 نصائح عاجلة    عاجل - آخر تحديث لسعر الذهب اليوم في مصر.. عيار 21 يسجل 3150 جنيها    عاجل.. حدث ليلا.. اقتراب استقالة حكومة الحرب الإسرائيلية وظاهرة تشل أمريكا وتوترات بين الدول    زيلينسكي: أوكرانيا ليس لديها سوى ربع الوسائل الدفاعية الجوية التي تحتاجها    لبلبة تهنئ عادل إمام بعيد ميلاده: الدنيا دمها ثقيل من غيرك    كاسترو يعلق على ضياع الفوز أمام الهلال    عاجل - "تعالى شوف وصل كام".. مفاجأة بشأن سعر الريال السعودي أمام الجنيه اليوم في البنوك    خالد أبو بكر: لو طلع قرار "العدل الدولية" ضد إسرائيل مين هينفذه؟    طبيب حالات حرجة: لا مانع من التبرع بالأعضاء مثل القرنية والكلية وفصوص الكبد    تفاصيل قصف إسرائيلي غير عادي على مخيم جنين: شهيد و8 مصابين    رابط مفعل.. خطوات التقديم لمسابقة ال18 ألف معلم الجديدة وآخر موعد للتسجيل    حلاق الإسماعيلية: كاميرات المراقبة جابت لي حقي    إصابة 3 أشخاص في تصادم دراجة بخارية وعربة كارو بقنا    نصائح طارق يحيى للاعبي الزمالك وجوميز قبل مواجهة نهضة بركان    الأول منذ 8 أعوام.. نهائي مصري في بطولة العالم للإسكواش لمنافسات السيدات    فانتازي يلا كورة.. هل تستمر هدايا ديكلان رايس في الجولة الأخيرة؟    ننشر التشكيل الجديد لمجلس إدارة نادي قضاة مجلس الدولة    مفتي الجمهورية: يمكن دفع أموال الزكاة لمشروع حياة كريمة.. وبند الاستحقاق متوفر    حماية المستهلك يشن حملات مكبرة على الأسواق والمحال التجارية والمخابز السياحية    لبنان: غارة إسرائيلية تستهدف بلدة الخيام جنوبي البلاد    سعر العنب والموز والفاكهة بالأسواق في مطلع الأسبوع السبت 18 مايو 2024    بعد عرض الصلح من عصام صاصا.. أزهري يوضح رأي الدين في «الدية» وقيمتها (فيديو)    عمرو أديب عن الزعيم: «مجاش ولا هيجي زي عادل إمام»    موعد إعلان نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 في محافظة البحيرة.. بدء التصحيح    قبل عيد الأضحى 2024.. تعرف على الشروط التي تصح بها الأضحية ووقتها الشرعي    مصطفى الفقي يفتح النار على «تكوين»: «العناصر الموجودة ليس عليها إجماع» (فيديو)    هل مريضة الرفرفة الأذينية تستطيع الزواج؟ حسام موافي يجيب    مؤسس طب الحالات الحرجة: هجرة الأطباء للخارج أمر مقلق (فيديو)    تعرف على موعد اجازة عيد الاضحى المبارك 2024 وكم باقى على اول ايام العيد    طرق التخفيف من آلام الظهر الشديدة أثناء الحمل    البابا تواضروس يلتقي عددًا من طلبة وخريجي الجامعة الألمانية    حظك اليوم برج العقرب السبت 18-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    هاني شاكر يستعد لطرح أغنية "يا ويل حالي"    «البوابة» تكشف قائمة العلماء الفلسطينيين الذين اغتالتهم إسرائيل مؤخرًا    إبراشية إرموبوليس بطنطا تحتفل بعيد القديس جيورجيوس    دار الإفتاء توضح حكم الرقية بالقرأن الكريم    أستاذ علم الاجتماع تطالب بغلق تطبيقات الألعاب المفتوحة    ب الأسماء.. التشكيل الجديد لمجلس إدارة نادي مجلس الدولة بعد إعلان نتيجة الانتخابات    سعر اليورو اليوم مقابل الجنيه المصري في مختلف البنوك    أكثر من 1300 جنيه تراجعا في سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم السبت 18 مايو 2024    دراسة: استخدامك للهاتف أثناء القيادة يُشير إلى أنك قد تكون مريضًا نفسيًا (تفاصيل)    حدث بالفن| طلاق جوري بكر وحفل زفاف ريم سامي وفنانة تتعرض للتحرش    فيديو.. المفتي: حب الوطن متأصل عن النبي وأمر ثابت في النفس بالفطرة    دعاء آخر ساعة من يوم الجمعة للرزق.. «اللهم ارزقنا حلالا طيبا»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منال لاشين تكتب : الذمة السياسية والمالية
نشر في الفجر يوم 02 - 03 - 2014

1 - هل يغلق النائب العام بلاغات قصور مبارك ضد محلب؟

بدأ محلب رحلته الحكومية منذ سنوات كرئيس لشركة المقاولون العرب، ولذلك فهناك أكثر من مدخل للحديث عن رئيس الحكومة الجديد، ولكننى سأبدأ بقصة اختياره وزيرا للإسكان فى حكومة الدكتور الببلاوى.

كان البحث عن وزير الإسكان على قدم وساق حينما طرح اسم إبراهيم محلب، وجرى بالفعل الاتصال به، وكان الرجل فى ذلك الوقت يعمل فى إحدى دول الخليج، وعندما أبلغوه بقرار ترشيحه للحكومة، رد محلب بأن هناك بلاغات مقدمة ضده وأن اسمه ضمن قائمة ترقب الوصول فى المطارات والموانئ، ولكن محدثه طمأنه على العودة، علمت بالقصة فى حينها، ولم أنشرها لأن هوجة تقديم البلاغات ضد أى مسئول وكل مسئول كانت على أشدها بعد ثورة 25 يناير، ومن البديهى أن محلب ليس استثناء من هذه الظاهرة، وكنت أعرف أن البلاغات لم تكن تستهدف المهندس إبراهيم محلب كشخص، ولكنها كانت تستهدف الرئيس المخلوع مبارك وأسرته، ولذلك فقد تقدم بعض المواطنين ببلاغات تتعلق بأعمال قامت بها شركة المقاولون العرب تحت رئاسته لأسرة المخلوع، لكن الكثيرين كانوا على استعداد لإقصاء هذه القصة، وترك فرصة للرجل ليتبث كفاءته فى وزارة الإسكان، والآن تغير الوضع فقد أصبح الرجل رئيسا للحكومة، ومن واجب الإعلام الآن أن يبحث بمنتهى الشفافية فى الذمة السياسية والمالية لرئيس الحكومة، وبالمثل من واجب الجهات المعنية أن تقوم بواجبها فى إظهار الحقيقة أمام الرأى العام، وهذا الواجب لا ينتقص من قدر رئيس الحكومة الجديد من ناحية، وليس اتهاما للرجل من ناحية أخرى، ولكن بعد ثورتين لم يعد من المقبول أن نتجاهل القواعد الأساسية فى أى نظام ديمقراطى، وعلى رأسها ألا تترك أى أسئلة أو علامات استفهام أو اتهامات تتعلق بثانى رجل فى الدولة.

1 - الذمة السياسية

فى ظل هوجة البلاغات كان هناك عدة بلاغات عن قيام شركة المقاولون العرب بأعمال تشييد وبناء لأعمال تتصل بالرئيس المخلوع وأسرته، فمبارك لم يترك لا دنيا ولا آخرة دون أن يستفيد من أدوات وشركات وثروات الدولة، بداية من بناء مقبرة مبارك، مرورا ببناء فيلات أو بالأحرى قصور الأنجال فى شرم الشيخ، انتهاء بترميم القصور الرئاسية، ويوم السبت الماضى وقبل 48 ساعة من اختيار محلب رئيسا للحكومة نشرت اليوم السابع تحقيقا مصورًا عن فيلات أسرة المخلوع فى شرم الشيخ، كان كل أبطال الصور من الماضى إلا إبراهيم محلب، كان كل الأبطال فى عداد الأموات إلا إبراهيم محلب الوزير ثم رئيس الحكومة بعد ثورة 30 يونيو، لم يعد لامبارك ولا أسرته ولا وزير إسكانه محمد إبراهيم سليمان يمثلون رقما مهما فى المعادلة، وحده محلب كان فى الحكومة ووصل إلى قمتها، والصورة فى حد ذاتها ليست اتهاما بالفساد، لكنها صورة مقلقة، صورة تحتاج إلى توضيح وتفسير وتفتح أبوابا للأسئلة تحتاج إلى إجابات سريعة وشافية، لأن الصورة جزء من مستندات بلاغ أمام النائب العام، ولذلك يجب أن يعرف الرأى العام دور رئيس الحكومة فى هذه القضية بشكل محدد وسريع وواضح، ولا يجب أن ننتظر الإجابة من محلب نفسه، ولكننا ننتظر من النيابة العامة أن تصدر بيانا رسميا يتعلق ليس بالصورة فقط، بل بكل البلاغات التى تقدم بها مواطنون، وهى بلاغات تتعلق بدور شركة المقاولون العرب فى بعض قصور وفيلات ومقبرة مبارك وأسرته، ربما تكون النيابة العامة قد حفظت من قبل هذه البلاغات، بل ربما اكتفى أصحابها بإبلاغ الإعلام بدلا من إبلاغ النائب العام، وربما رأت النيابة العامة أنه لا توجد مسئولية قانونية على محلب فتم استبعاده من قائمة الاتهام، ولكن عندما يتعلق الأمر برئيس حكومة مصر فإن الأمر يجب أن يحسم من جهة الاختصاص، وإعلام الرأى العام والشعب بنتائج أو توابع هذه البلاغات يصبح فرض عين، لأن الأمر يتعلق بالذمة السياسية والمالية لرئيس الحكومة، لا يجب ترك الأمر معلقا، لا يجب تركه كغصة فى أحاديث النميمة وحلقات مسلسله فى برامج التوك شو،

ويتصل بالذمة السياسية لرئيس الحكومة الجديد ما أثير حول علاقته بلجنة جمال مبارك وأمانة السياسات، وعلى الرغم من الأقاويل فإن إبراهيم محلب لم يكن يوما من رجال جمال مبارك، محلب مهندس وموظف حكومى نشيط وطموح، وقد بدأ رحلته من تحت السلاح، واستغل الفرصة التى حصل عليها بطلوع الروح، كانت الفرصة عندما تولى إبراهيم محلب رئاسة شركة المقاولون العرب، وكانت الشركة قبل رئاسته فى حالة يرثى لها، فقد دخلت الشركة الرائدة فى حالة بيات محلى، فنهض محلب بها، واستطاع أن يعود بها إلى المنافسة العربية، ونجحت الشركة فى عهده فى الحصول على مناقصات فى الخليج العربى والجزائر، ومع ذلك لم تنفتح أبواب الترقى أمام محلب، وفى كل مرة طرح اسمه كوزير إسكان كان يتم استبعاده، فشلة جمال مبارك من كبار رجال الأعمال فى مجال التشييد كانت تكرهه، فكل مناقصة حصلت عليها المقاولون العرب كانت خسارة لهذه الشركات، عاد بعبع القطاع العام يهدد عروش السادة الكبار، وضاعف من غضبهم أن شركاتهم كانت تحصد وحدها المناقصات فى دول الخليج وبعض الدول العربية.

كانت هناك أسباب أخرى منعت دخول محلب نادى جمال مبارك، فشلة جمال كانت تختار بناءً عن مواصفات خاصة، مواصفات تصلح للسهرات، البدل السيينه وأحذية بآلاف الدولارات، والسهر فى أرقى الملاهى والمطاعم بين نيس وباريس، ولم يكن محلب يمتلك الكثير من هذه المواصفات، فضلا عن أن خطاب محلب كان خطابا شعبويا، ولم يكن جمال يفضل هذا النوع من الخطابات، وفيما بعد فإن هذا الخطاب قد ساهم فى خلق شعبية لمحلب، ولاشك أن هذه الشعبية لعبت دورا فى اختياره كرئيس حكومة.

2 - الذمة المالية

بعد تكليف محلب رسميا برئاسة الحكومة قال إنه تعلم الكثير من الببلاوى، وأرجو ألا تبقى هذه الكلمات مجرد مجاملة سياسية رقيقة من محلب، فأول درس يجب أن يتعلمه وينفذه من الببلاوى يتعلق بالذمة المالية، لقد كان الدكتور حازم الببلاوى أول وزير فى تاريخ مصر يعلن بوضوح كامل عن المرتب الذى يتقاضاه كوزير مالية فى حكومة شرف، وبحسب مذكرات الببلاوى عن هذه الفترة فإن الكثير من زملائه فى مجلس الوزراء لم يروقهم ما فعله، وكان الببلاوى قد وعد بأن يكشف عن راتبه بمجرد أن يتسلم أول مرتب، وبالفعل نشر الببلاوى مرتبه كوزير ونائب رئيس وزراء، وكما حرص الببلاوى كرئيس حكومة أن يعيد نشر إقرار الذمة المالية له، وهى خطوة جريئة فالقانون لا يلزم رئيس الحكومة بنشر الذمة المالية للرأى العام من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن إقرار الببلاوى اشتمل على عقارات وأموال سائلة وودائع بالدولار، ولم يخش الببلاوى من الكشف عن ثروة كونها عبر سنوات طويلة، ولذلك يجب أن يحذو محلب حذو الببلاوى وينشر إقرار الذمة المالية له، فليس من المعقول ولا المقبول أن يتراجع رئيس الحكومة عن خطوة مهمة عن سلفه، إن نشر إقرار الذمة المالية لرئيس الحكومة الجديد ليس إلزاما قانونيا، ولكنه فرض ديمقراطية، فى كل دول العالم من حق كل مواطن أن يعرف دخل رئيس الحكومة والرئيس والوزراء وثرواتهم السابقة على تولى المنصب، حين يفعلها محلب فإنه سيثبت أنه تعلم بالفعل من الببلاوى بعض الدروس المفيدة، ولكن الأهم أنه سيثبت أننا لا نعود لعصر مبارك، وأنه ينتمى بالفعل لا بالقول إلى قيم وتقاليد الثورات المصرية.


2 - أسرار الإطاحة بالرجل العجوز

■ لقاء بين السيسى ومنصور لمدة 90 دقيقة أطاح بالببلاوى

■ رئيس الحكومة تجاهل تقارير المخابرات عن الأزمات المتوقعة

■ لم يطلب مساعدة الجيش فى أزمات كثيرة آخرها إضراب النقل العام

■ رفض زيادة بدل مخاطر الشرطة بحجة ترشيد الإنفاق

«مش عايز أسمع ثلاث حاجات.. أفكار مبتكرة ولا أفكار خارج الصندوق ولا خيال سياسى».هذه الكلمات جاءت على لسان رئيس الحكومة السابق الدكتور حازم الببلاوى، قال الببلاوى هذا التحذير فى آخر لقاء له برؤساء تحرير الصحف، ربما تكثف هذه الكلمات الأخيرة للرجل ما وصل إليه الببلاوى فى آخر شهر من حياته كرئيس حكومة، ربما ترسم صورة نفسية لرجل عجوز يرفض أن يرى الواقع الحقيقى، ومسئول عاجز حتى عن إنقاذ نفسه بالاستماع إلى الآخرين، وأغلب الظن أن الببلاوى اعتمد على بقائه فى الحكومة كحكم من أحكام القدر، كان يماطل فى التعديل الوزارى، و«حاطط فى بطنه بطيخة صيفى» بأنه لن يرحل قبل الانتخابات البرلمانية، بتصلب شريان سياسى لم يلحظ أو يلتقط الببلاوى إشارات الغضب أو بالأحرى اليأس الذى تسرب إلى الجميع منه، الرئيس عدلى منصور المشير عبد الفتاح السيسى، حتى بعض وزرائه، كان الببلاوى يتعامل خاصة فى الأشهر الأخيرة بوصفه رئيس الحكومة الوحيد الذى يجمع بين الفكر السياسى والاقتصادى، ولم تبدأ مشاكل الببلاوى من الأسبوع الماضى عندما اتخذ قرارا بضرورة رحيله، ولكن استمرار طريقته المتصلبة فى مواجهة مشاكل الأسبوع الأخير فى عمر حكومته كانت المسمار الأخير فى نعش حكومته.

باختصار كان الأسبوع الأخير كافيا بإقناع أصحاب القرار أن حالة الرجل وصلت إلى مرحلة النهاية، وأنه لا يوجد دواء ولا حقنة مهما كانت قوتها قادرة على احياء الرجل أو إنهاء مرضه السياسى، وسبق اجتماع الرئيس به اجتماعات أخرى، وكان الاجتماع غير المعلن بين عدلى منصور والسيسى، وقد استغرق هذا اللقاء نحو 90 دقيقة، وخلال هذا الاجتماع كانت ملفات وتقارير عديدة تصل إلى إجابة واحدة، اجابة عن سؤال حول مستقبل الببلاوى كرئيس حكومة، وكانت هذه الإجابة هى رحيل الببلاوى بأقصى سرعة عن رئاسة الحكومة.

ورغم انفجار بركان الغضب عليه، فقد كان يراد له خروجا مشرفا، فالرجل كان له حسنات، فهو الوحيد الذى قبل المهمة الانتحارية بقبول المنصب بعد ثورة 30 يونيو، لم تكن هناك نية لخروجه بشكل مذل، وكان القرار أن يقدم استقالته بنفسه، ولكن الرجل اتصل ببعض الوزراء والسياسيين خلال لحظات ذهوله وحكى بنفسه ما جرى فى الغرف المغلقة، ولم يستطع إخفاء مرارته ولا ذهوله وهو يلقى على الصحافة نعى حكومته وتقديم استقالته، وهى استقالة أو إقالة تأخرت كثيرا لأسباب متعددة، من الممكن بالطبع أن اكتب عن غياب التنسيق بين الوزراء، وتحول ساحة المجلس إلى خلافات فى الرأى دون تدخل رئيس الحكومة، واتخاذه قرارات مهمة بعد محادثة تليفوينه من أحد الوزراء، وهو الأمر الذى أدى إلى قرارات متضاربة، ولكننى لن أعيد ما كتبته وغيرى قبل رحيل الببلاوى، فهناك ملفات أخرى أو بالأحرى خطايا أخرى للرجل لم يدفع هو ثمنها فقط، ولكن دفعت مصر أيضا ثمنا فادحا لها.

1 - ملفات مهملة

دخل الببلاوى الحكومة من قبل كوزير مالية فى حكومة الدكتور عصام شرف، وأظن أنه أخذ من تجربة شرف أسوأ ما فيها، فقد كان شرف يستعين بالجميع إلا بمؤسسات الدولة، وقد كان الببلاوى ينظر إلى أى تقارير من الدولة بعدم اهتمام، وربما ببعض الريبة، ولذلك فإن من أول وأكبر خطايا الببلاوى انه كان يتجاهل بشكل مستمر ومؤسسى التقارير التى ترد من جهات سيادية أو أمنية، كانت ترد للببلاوى تقارير «تقدير موقف»،
وكانت هذه التقارير ترصد الخيوط الأولى لمشكلات فئوية أو اقتصادية،
وكان الغرض من إرسال هذه التقارير لرئيس الحكومة هو تنبيهه للمشكلات قبل انفجارها فى وجههه ووجه المجتمع، ولكن الببلاوى لم يفهم أو لم يتقبل فكرة إرسال هذه التقارير فكان يتجاهلها.

2 - الاستعانة بصديق

من بين مميزات الببلاوى طوال حياته أنه رجل ذو كبرياء ويعتز بكرامته واستقلاله، ولكن هذه المميزات تحولت إلى لعنة تطارد أداء الرجل، فقد حولته إلى رجل متصلب، سياسى عاجز وغير راغب فى الاستعانة بخبرات الآخرين، واعتقد أن الببلاوى كان يرى فى هذه الاستعانة أو طلب المساعدة انتقاصا من صلاحياته واستقلاليته، وتدخلاً من الآخرين فى صميم صلاحياته، فقد كان الببلاوى يرفض أو يتجاهل أو يتعمد ألا يطلب المساعدة من الجهة الوحيدة القادرة على مساعدته، واقصد طلب مساعدة القوات المسلحة لإنهاء بعض الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، فقد أخذوا عليه أنه لم يطلب فى وقت مبكر من وزير الدفاع المشير السيسى مساعدته فى مواجهة إضراب النقل العام، فقد بدأ الإضراب الأخير لسائقى النقل العام وكان على الببلاوى أن يطلب أن تنزل اتوبيسات القوات المسلحة، وذلك لتعويض نقص اتوبيسات النقل العام، وهو ماحدث بالفعل فقد دفعت القوات المسلحة باتوبيسات، ولكن بعد بدء الإضراب بأكثر من 24 ساعة، هذا المثال ليس مجرد نموذج، ولكنه كان أحد الأسباب النهائية لضرورة رحيل الببلاوى، خلافا للببلاوى فقد كان وزير الإسكان السابق محلب أكثر ذكاء، فمحلب كان يبحث عن عناصر القوة لدعم عمله، وكان يطلب أن تقوم القوات المسلحة عبر جهاز الخدمة الوطنية بمشروعات الطرق والبنية الأساسية لتسريع جهود البناء.

ولكن الببلاوى كان شديد الحساسية تجاه ما اعتبره شبح التدخل فى اختصاصاته، ولعل قصة اللجنة الخماسية من أهم أمثلة هذه الحساسية،

واللجنة الخماسية لجنة وزارية مصغرة، بدأت فكرتها بسبب الهجوم الدولى الحاد على مصر بعد فض اعتصامى رابعة والنهضة، وكانت اللجنة برئاسة الببلاوى وعضوية كل من وزير الدفاع المشير السيسى ووزير الخارجية نبيل فهمى ونائب رئيس الحكومة المستقيل زياد بهاء الدين ووزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم، وكانت اللجنة تجتمع قبل أو بعد الاجتماع الأسبوعى لمجلس الوزراء، فى هذا الاجتماع يتم استعراض كل المشاكل المثارة وبحث حلول أو بالأحرى تصفية بعض هذه المشاكل، وكان الببلاوى غير متحمس للجنة وربما كان الببلاوى يرى أنها سحب أو خصم من سلطاته، ولذلك لم يكن الببلاوى يولى نتائج أو توصيات اللجنة اهتماما أو يسعى إلى تنفيذ معظم توصياتها، ويتردد أن وزير الخارجية كان يشكو من عدم اهتمام الببلاوى بمتابعة بعض اقتراحاته فى اللجنة لتحسين صورة مصر.

3 - أزمة الحد والبدل

ولا شك أن كل ما سبق قد خلق بعض الشكوك المشروعة فى مدى تحمس رئيس الحكومة السابق لبعض قرارات حكومته، فقد بدا للبعض التأخر فى الإعداد لتفعيل الحد الأدنى للاجور مرجعه عدم حماس الببلاوى لتطبيق الحد الأدنى على جميع العاملين بالدولة والشركات، وليس مجرد إهمال كلاسيكى من البيروقراطية المصرية.

ومن الحد الأدنى للأجور إلى بدل المخاطر لضباط الشرطة، وهو ملف زاد من توتر العلاقة بين الدكتور الببلاوى وبين وزير داخليته، فبعد تزايد استهداف ضباط الشرطة من قبل الإرهابيين، طلب وزير الداخلية زيادة بدل المخاطر بنسبة 30%، وذلك لرفع الروح المعنوية للضباط، وجاء هذا الطلب بعد استشهاد اللواء محمد السعيد مدير المكتب الفنى للوزير، وقد رفض رئيس الحكومة متعللا بضعف الموازنة مرة، وبالتخوف من استياء الرأى العام مرة أخرى، ولكن وزير الداخلية استطاع أن يحقق ما أراده، وكان من التناقضات فى هذه القصة أن الببلاوى تحمس أو اضطر بعد ذلك إلى تحقيق مطالب مالية لفئات اخرى، ولذلك بدا أن رفضه لزيادة بدل المخاطر للشرطة هو موقف من وزير الداخلية، وداخل الكواليس يتردد أن وزير الداخلية كان دائم التذمر داخل مجلس الوزراء من كثرة الاعتصامات والإضرابات، وكان وزير الداخلية يرى أن ضعف الحكومة وراء هذه المشاكل، وأن هذه الاعتصامات تزيد من صعوبة مواجهة الشرطة للإرهاب، وقد أيدت التقارير التى تلقاها عدلى منصور رأى وزير الداخلية.

ولكن أهم ما جاء فى هذه التقارير الخاصة والسرية لم يكن مجرد غضب المواطنين أو يأسهم، ولكنه كان يأس وزراء كثر من الحكومة من أداء الدكتور الببلاوى، وهم وزراء اختارهم الببلاوى بنفسه، ولكنه لم يستطع اختيار الوقت المناسب للرحيل فقد أجبر على الخروج من المشهد دون انتظار أو قرار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.