سعر جرام الذهب يتراجع 110 جنيهات.. كم بلغت خسائر المعدن الأصفر في شهر؟    حماس: إذا أقدم الاحتلال على الحرب في رفح سندافع عن شعبنا    القاهرة الإخبارية: تعرض رجل أعمال كندي يقيم بالبلاد لحادث إطلاق نار في الإسكندرية    عزت إبراهيم: تصفية الوجود الفلسطيني في الأراضي المحتلة عملية مخطط لها    مفيد شهاب: ما قامت به إسرائيل يخالف اتفاقية السلام وتهديد غير مباشر باستخدام القوة    عودة الروح للملاعب.. شوبير معلقًا على زيادة أعداد الجماهير بالمباريات    عاجل.. أول رد من صالح جمعة على إيقافه 6 أشهر    مكاسب الأهلي من الفوز على الاتحاد السكندري في الدوري المصري    حالة الطقس الأيام المقبلة.. الأرصاد تحذر من ظاهرة جوية على القاهرة وسيناء    ياسمين عبدالعزيز ل«صاحبة السعادة»: لا أفرق في الحب بين أبنائي    توقعات الأبراج حظك اليوم الأربعاء 8 مايو.. «هدايا للثور والحب في طريق السرطان»    حسن الرداد: لو حد ضايقني هضايقه ومش هنام مظلوم    تليجراف: سحب لقاح أسترازينيكا لطرح منتجات محدثة تستهدف السلالات الجديدة    البيضاء تعود للارتفاع.. أسعار الدواجن والبيض اليوم 8 مايو 2024 بالبورصة والأسواق    نائب رئيس المصري: مش هنفرط في بالمشاركة الإفريقية    «إنت مبقتش حاجة كبيرة».. رسالة نارية من مجدي طلبة ل محمد عبد المنعم    الأونروا: مصممون على البقاء في غزة رغم الأوضاع الكارثية    بالمفتاح المصطنع.. محاكمة تشكيل عصابي تخصص في سرقة السيارات    تسلا تنهار.. انخفاض مبيعات سياراتها بنسبة 30% في إبريل    نشرة التوك شو| تغيير نظام قطع الكهرباء.. وتفاصيل قانون التصالح على مخالفات البناء الجديد    واشنطن: القوات المسلحة المصرية محترفة ومسئولة ونثق في تعاملها مع الموقف    إسعاد يونس تقرر عرض فيلم زهايمر ل الزعيم في السينمات المصرية... اعرف السبب    موعد عيد الأضحى 2024.. وإجازة 9 أيام للموظفين    الأردن وأمريكا تبحثان جهود وقف النار بغزة والهجوم الإسرائيلي على رفح    ياسمين عبد العزيز: محنة المرض التي تعرضت لها جعلتني أتقرب لله    شاهد.. ياسمين عبدالعزيز وإسعاد يونس تأكلان «فسيخ وبصل أخضر وحلة محشي»    ندوة "تحديات سوق العمل" تكشف عن انخفاض معدل البطالة منذ عام 2017    ماذا يحدث لجسمك عند تناول الجمبرى؟.. فوائد مذهلة    5 فئات محظورة من تناول البامية رغم فوائدها.. هل انت منهم؟    متحدث الزمالك: هناك مفاجآت كارثية في ملف بوطيب.. ولا يمكننا الصمت على الأخطاء التحكيمية المتكررة    تحت أي مسمى.. «أوقاف الإسكندرية» تحذر من الدعوة لجمع تبرعات على منابر المساجد    «العمل»: تمكين المرأة أهم خطط الوزارة في «الجمهورية الجديدة»    مغامرة مجنونة.. ضياء رشوان: إسرائيل لن تكون حمقاء لإضاعة 46 سنة سلام مع مصر    الداخلية تصدر بيانا بشأن مقتل أجنبي في الإسكندرية    رئيس البورصة السابق: الاستثمار الأجنبي المباشر يتعلق بتنفيذ مشروعات في مصر    قبل مواجهة الزمالك.. نهضة بركان يهزم التطواني بثلاثية في الدوري المغربي    رئيس جامعة الإسكندرية يشهد الندوة التثقيفية عن الأمن القومي    رئيس إنبي: نحن الأحق بالمشاركة في الكونفدرالية من المصري البورسعيدي    معجبة بتفاصيله.. سلمى الشماع تشيد بمسلسل "الحشاشين"    «خيمة رفيدة».. أول مستشفى ميداني في الإسلام    موقع «نيوز لوك» يسلط الضوء على دور إبراهيم العرجاني وأبناء سيناء في دحر الإرهاب    عاجل - "بين استقرار وتراجع" تحديث أسعار الدواجن.. بكم الفراخ والبيض اليوم؟    فوز توجيه الصحافة بقنا بالمركز الرابع جمهورياً في "معرض صحف التربية الخاصة"    بعد تصريح ياسمين عبد العزيز عن أكياس الرحم.. تعرف على أسبابها وأعراضها    انتداب المعمل الجنائي لمعاينة حريق شقة سكنية بالعمرانية    اليوم.. دار الإفتاء تستطلع هلال شهر ذي القعدة لعام 1445 هجرية    أختار أمي ولا زوجي؟.. أسامة الحديدي: المقارنات تفسد العلاقات    ما هي كفارة اليمين الغموس؟.. دار الإفتاء تكشف    دعاء في جوف الليل: اللهم امنحني من سَعة القلب وإشراق الروح وقوة النفس    صدمه قطار.. إصابة شخص ونقله للمستشفى بالدقهلية    دار الإفتاء تستطلع اليوم هلال شهر ذى القعدة لعام 1445 هجريًا    وفد قومي حقوق الإنسان يشارك في الاجتماع السنوي المؤسسات الوطنية بالأمم المتحدة    عزت إبراهيم: الجماعات اليهودية وسعت نفوذها قبل قيام دولة الاحتلال الإسرائيلي    طريقة عمل تشيز كيك البنجر والشوكولاتة في البيت.. خلي أولادك يفرحوا    الابتزاز الإلكتروني.. جريمة منفرة مجتمعيًا وعقوبتها المؤبد .. بعد تهديد دكتورة جامعية لزميلتها بصورة خاصة.. مطالبات بتغليظ العقوبة    إجازة عيد الأضحى| رسائل تهنئة بمناسبة عيد الأضحى المبارك 2024    القيادة المركزية الأمريكية والمارينز ينضمان إلى قوات خليجية في المناورات العسكرية البحرية "الغضب العارم 24"    ضمن مشروعات حياة كريمة.. محافظ قنا يفتتح وحدتى طب الاسرة بالقبيبة والكوم الأحمر بفرشوط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. أحمد يونس يكتب : الإجرام من شدة السمع والطاعة أصبح فى الجينات
نشر في الفجر يوم 10 - 11 - 2013

داخل القفص كان المشهد الفكاهى، لولا أنه أبعد ما يكون عن خفة الدم، الكل من الذين يتميزون بأقصى درجات التلاحة والتناحة والتلامة والرخامة، ولا أنسى التباتة والغتاتة، علامة رابعة الماسونية التى أشاروا بها، لا تختلف إطلاقاً عن: هايل هتلر، التى أداها النازيون فى محاكمات نورنبرج، «أنا الرئيس الشرعى» قالها العياط من داخل القفص 15 مرة خلال عشر دقائق، الراحل محمد عوض كان أكثر صدقاً: عندما أخذ يصرخ، أنا عاطف الأشمونى، مؤلف الجنة البائسة، اقترح على النيابة أن تضيف إلى التهم الموجهة ضده انتحال شخصية الرئيس، كان يتصرف أثناء نقله بالسيارة إلى قاعة المحكمة باعتبار أن هذه الحراسة المشددة التى تصاحبه ليست سوى التشريفة فى موكبه الرئاسى الفخم، وقد سألنى يوماً واحد من أعز الاصدقاء: مرسى، ما الذى يفعله فى سفرياته الخارجية التى لا تنتهي؟ قلت: لا شيء، غاية ما فى الأمر أن طائرة الرئاسة، بكل ما تشتمل عليه من مظاهر الأبهة، خيشت فى نافوخ سيادته.

لو ارتدى أحد المواطنين الزى الرسمى لرجال الشرطة، أياً ما كانت الدوافع أو الأسباب، فإنه يصبح- بالضرورة- خارجاً على القانون، إلا فى حالة واحدة: إذا كان يمثل على خشبة المسرح أو من خلال السينما، أما أن يحدث هذا فى الواقع، فلا يوجد من لا يرى فى الأمر جريمة تستلزم العقاب، فلماذا يستثنى مرسى من القاعدة، خاصة أنه ينتحل شخصية رأس الدولة؟ لكن الأخطر هو عندما يحدث ما شاهدناه صباح 4 فبراير، انتحل البلطجية المأجورون زى الإخوان الذين أخذوا فى الانقراض، لا ليمثلوا على خشبة المسرح أو من خلال السينما، بل ليقذفوا الطوب وزجاجات المولوتوف حتى على عربات التصوير التليفزيونى، مع تحطيم الكاميرات، بل إن السلوك الهمجى امتد إلى الأطفال أو الجدات اللاتى يتفرجن من شرفات المنازل، هنا- بالتحديد- تكمن الجريمة المتواصلة التى يرتكبها الإخوان، العلم يثبت أن ممارسة نفس الوظائف باستمرار- على مدى سنوات طويلة- يجعلها تغدو من الصفات الطبيعية داخل الكائن الحى، إلى درجة أن الإجرام الوحشى من شدة السمع والطاعة يصبح مع مرور الزمن فى الجينات.

كلنا نعلم مدى العلاقة القائمة بين عصابات الإرهاب والبلطجية، مئات الملايين انفقتها الجماعة على هؤلاء، ليعتدوا على القوى الوطنية أو أصحاب الرأى، وعلى المؤرخين أن يذكروا لنا متي- بالضبط- تمت هذه المعاهدة غير المكتوبة بين البلطجية الإخوان والبلطجية حاف؟ متى بالضبط؟ فى عهد مصطفى مشهور أو مأمون الهضيبى أو مهدى عاكف أو محمد بديع؟ كلنا نعلم من هو الطرف الثالث؟ كلنا أصبحنا نعرف من هو اللهو الخفى، أدق التفاصيل التى ظلت غائبة أعواماً حول حريق القاهرة أصبحت أوضح من عين الشمس، بل إن من البديهى أن نتوجه بأصابع الاتهام فى مجزرة بورسعيد إلى الجناة الحقيقيين، أى نعم، هم لا يلتزمون على الدوام بمسألة الزى تلك، وهو ما جرى- على سبيل المثال لا الحصر- عندما اعتلى البعض من الفرقة 95 الأسطح فى موقعة الجمل، ليقتلوا ثوار 25 يناير، لم يدركوا لحظتها أن الدنيا تغيرت، وأن توثيق الجرائم بتصويرها تفصيلياً عن طريق الموبايل أصبح فى متناول البشر جميعاً، كلنا نعلم أن الذين استطاعوا الفرار من السجون- على نحو غير مفهوم إلى الآن- يتجول معظمهم أحراراً فى أنحاء البلد ليرتكبوا المزيد من الجرائم بزى المنقبات.

هل هناك، ليس فى مصر وحدها، بل فى العالم بأسره، من لا يعرف أن حمامات الدم من اختصاص الإخوان، أو الدمامل التى طفحت على جلد الجماعة؟ هل هناك ليس فى مصر وحدها بل فى العالم بأسره، من لا يعرف أن القتلة هم أول من يتباكى على القتلى، وأن المتورطين فى الدم هم من يتسابقون فى اصدار البيانات المستنكرة أو الخروج علينا من خلال قناة الجزيرة ليقدموا لنا التعازي؟

وقد تصادف أحياناً فى عهد المخلوع أو الأخلع أن أقرر الذهاب إلى مكان ما، فإذا بى انطلق- كالسهم- فى الاتجاه المعاكس حتى أبلغ آخره، لعلها الرغبة فى المعارضة، فأنا بحكم الظروف، أو ربما بطبيعة تكوينى، أعيش منذ الصغر فى حالة اعتراض، حالة شبه دائمة، مع مراعاة أن الهدف من كلمة: شبه فى هذا السياق هو موسيقية العبارة، لا دقة المعنى، فضلاً عن أنه من الصعب جداً- فى بلد كهذا- أن يعثر الإنسان على شىء لا يستوجب الاعتراض.

ما حدث فى السنة الأسود من قرن الخروب التى حكم فيها الإخوان هو أننى انسحبت ذات يوم فجأة من نقطة ما تبعد عن قلب القاهرة بكيلومترين على الأكثر، الناس بعشرات الآلاف معتقلون فى الشوارع تحت حراسة مشددة، ما هذا؟ هل هى نهاية العالم التى يتنبأ بها الفلكيون كل أسبوعين أو ثلاثة؟ تتقاذفنى الكتل البشرية التى تنشق عنها الأرض، خيل إلى أننى لن أصل أبداً، تلخصت أحلامى - لحظتها- فى الحصول على الحد الأدنى من الأكسجين، أسأل شخصاً يبدو من هيئته أنه إخوانجي: ما الذى جرى؟ فينظر إلىّ باستنكار كما لو أنه يتهمنى بالعبط، أفهم لا أدرى كيف أن موكب العياط سيمر من هنا، ملحوظة: أشعر بأننى سأحتضر اختناقاً خلال دقيقتين بالعدد، ليس من الفرحة على أى حال، انتهت الملحوظة، رئتاى تنتفضان متشنجتين داخل القفص الصدرى كطائر يحترق، أقول لكبير البلطجية الإخوان إننى لظروف صحية استأذنه فى الانصراف، أقول له همساً إننى سأحرم نفسى هذه المرة من متعة النظر إلى طلعة مرسى البهية، فيجيب كالآلة: مش قبل ما يعدي!

أدركت فى مناسبات من هذا النوع أننا أصبحنا نتعرف على البلطجية من خلال عدة النصب: اللحية والزبيبة، من يومها وأنا أقول فى نفسي: عندما يحكم الإخوان يصبح الموت من أجل الوطن أسهل كثيراً من الحياة فيه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.