المراجل البخارية معطلة و"طنطا للكتان" لا تجد من يسئل عنها
لم تعرف مصر خلال تاريخها فساداً كالذى حدث فى القطاع العام وفى شركاته وفى أراضيه لم يعرف المصريون التشرد وفقدان لقمة العيش والتسول على أبواب محكمة الدولة لإقتناص حقهم إلا بسبب تلك الشركات والمصانع لم يعرف المصريون مد اليد إلى الغرب وذلك بعد كساد تلك الصناعة ولم نعرف أحداً استباح تلك الشركات إلا لجنة سياسات الحزب الوطنى المنحل . فإن ماحدث كارثة بكل المقاييس وما يحدث الأن هو إستمرار للكارثة وإذا كنا الآن نقوم بتنشيط العلاقات الخارجية من أجل الإستثمار فلماذا لم نستفيد من الموارد التى نمتلكها أساساً . القطاع العام حلّم كان يحلم به عبد الناصر ورفقائه عملوا من أجله سهروا الليالى وأصدورا من أجله القوانين واقترضوا من أجله من الإتحاد السوفيتى حتى إستطاعوا إنشاء الشركات والمصانع التى تخصصت فيما بعد ثم ذهبت هباءً وعندما قامت ثورة 25 يناير المجيدة ، إستردد الحكومة بعضها والبعض الآخر لم تسترده وفى الحالتين لم تستفيد منها الدولة . وتفتح "بوابة الفجر" الملف المسكوت عنه ولماذا لم يتم حتى الأن الإستفادة من تلك الشركات وماهى قضايا فسادهم ثم هل هناك خطة لها فى ظل حكومة قنديل وما مصير عمالهم . كانت أولى تلك الشركات هى "النصر للغلايات" أو إذا شئت قل إنها "المراجل البخارية" فخر الصناعة المصرية التى كانت أفضل شركة على مستوى الشرق الأوسط هكذا تكون الريادة . وتم تأسيس شركة النصر للغلايات فى بداية الستينات كجزء من برنامج مصر النووى ، حيث أن الشركة تقوم بإنتاج المواد البترولية والبتركيماويات ومحطات القوى الكهربائية وأوعية الضغط العالى فضلآ عن إنتاجها سواء عسكرى أو مدنى وإستمرت تلك الشركة هكذا حتى بدأت سياسة الخصخصة فى مصر . كانت الشركة تضم 1100 عامل وتحقق أرباحها حتى عام 1991 وكانت تنتج أوعية الضغط من طن واحد الى 12 طن وبسعات تصل إلى1300و تعرضت الشركة بعد ذلك إلى بيع مقابل مبلغ 17 مليون دولار وكان سعر الدولار وقتها يعادل 3 جنيه مع أن الأرض المقام عليها الشركة قد بلغ ثمنها وحدها أكبر من هذا حيث تقع على أرض مساحتها 31 فداناً على النيل وكان جميع من تقدم لشرائها شركات أجنبية حتى بيعت فى النهاية إلى شركة أمريكية هى شركة "بابكو أند ويلكوكس" مع العلم أن من قدر ثمن الشركة قبل ذلك هو بيت الخبرة الامريكى وبعد البيع تم إسناد محطة الكريمات بقيمة 600 مليون دولار إلى الشركة الأمريكية - الكندية المالكة شركة المراجل لرفض هذا الأمر ولم تحدث استجابة لهم . وبعد الثورة تم فتح الملف من جديد وعادت شركة المراجل إلى مصر واعتبرها البعض نصراً كبيراً ولكنا مع ذلك لم نسمع عن الشركة أى شئ بعد ذلك ، فهل لنا أن نسئل هل من الممكن أن تعود المراجل مرة أخرى ؟ . وتتكرر المأساة مع شركة طنطا للكتان ، التى بيعت إلى المستثمر السعودى "عبد الإله الكعكى" بمبلغ 83 مليون جنيه ، فى عهد رئيس الوزراء عاطف صدقى ومختار خطاب وزير قطاع الأعمال ولكن العاملين قاموا بمظاهرات كثيرة من أجل فعل المستثمر السعودى الذى لم يراعى القوانين وطالبوا بعودتها إلى القطاع العام مرة أخرى . وشهدت الشركة أعمال كثيرة من قبل العمال والفصل الجماعى إضافة إلى أن صاحبها فى الأساس صدر ضده حكم عامين وتمت التسوية وقد ذهب العمال إلى دكتور سعد الكتاتنى رئيس مجلس الشعب المنحل من أجل إعادة تدوير الشركة لأن 600 عامل يصرفون من المعاش المبكر الذى اوشك على النفاذ وهو الأمر الذى اتعب الكثيرون وهاهى الشركة بعد حكم الدولة بإستردادها تبقى كما هى على الرغم من أن صناعة الكتان من أهم صناعات مصر فى الوقت الحالى الدكتور أحمد النجار يرى أن تعطيل هذه الشركات إلى الآن هو دليل على سوء الإدارة التى مازالت تمتلكنا حتى الآن مشيراً إلى أن تلك الشركات لو دارت عجلة إنتاجها لتغير كثيراً من مفهوم الإقتصاد المصرى الذى نحن فى أشد حاجة كى يسترد عافيته مرة أخرى . وأضاف النجار أن تلك الشركات كانت فخر للصناعات المصرية واتعجب كيف بعد حُكم الدولة بإسترداها تظل على هذا الحال معلقة بين السماء والأرض . بينما يقول الدكتور حمدى عبد العظيم ، أن تلك الشركات ليست على خريطة الحكومة الجديدة فلم نسمع خبر عنها منذ أن استردتها الدولة وكأن دورها هو الأسترداد فقط وليس تشغيلها وهو الأمر الذى يجعلنا نتسائل هل نحن لسنا بحاجة إليهم أم أننا غير قادرين على إعادة عملها وهو مايجب أن نقف بجانبه حتى يمكن أن نجد متنفساً صناعياً يجعلنا فى صفوف الدول المنتجة حقاً وأكد عبد العظيم إذا كان إسترداد تلك الشركات نصر أكيد فبالتأكيد وقفها على هذا جريمة فى حق الوطن .