بذمتك، أنا أرضى ذمتك، هل تستطيع- وضميرك مرتاح- أن تقارن البنات اللطيفات بالصبيان؟ البنات الحلوات الصغننات، من عمر سنتين وإنت طالع، بضفيرة على الظهر تتمايل فى غنج ورقة ومشروع أنوثة قادمة، أو بقطتين لذيذتين على جانبى الرأس، تتوجهما الرقة والهشاشة، بالولد الذى لا يكف عن «الزن والتغليس»؟! وتكبر القطط الجميلة، وفى الوقت الذى ترى فيه البنات يتغندرن، ويمشين متعانقات الأيدى، يتهامسن ويتضاحكن ويمارسن الأمومة على أطفال صغار، تجد الصبيان فى نفس السن يتدافعون ويصرخون، يجعجعون ويتحدثون بهستيريا على أشياء تافهة، يركلون الكرة فى وجهك ولا يتوقفون للاعتذار، يضربون بعضهم البعض دون رحمة ثم يصبحون بعدها أصدقاء حميمين. ويمضى العمر، وفيما يتحول الصبيان إلى مراهقين ماركة «يا كابتن»! يقسمون ب«عهد الله» ويمزحون مع بعضهم البعض بشرف أمهاتهم!! وينفخون دخان السجائر فى وجهك، ويتوقحون مع والديهم، ويتسابُّون بأقذع الألفاظ مع أصدقائهم، ويسهرون تحت شرفة بيتك حتى الثالثة صباحاً، يحدثون ضجة توقظ الموتى، وتُرهب الجان والشياطين. إذا حدّثتهم بلطف كلموك بوقاحة، وإذا وبختهم بغضب أوشكوا أن يضربوك، معتبرين سفالتهم رجولة ووقاحتهم جدعنة. فى نفس الوقت تجد البنات- فى نفس العمر- كأسراب الظباء. تمتلئ بهن طرقات مصر: جميلات، بسيطات، رقيقات، صافيات السمرة، واسعات العينين. الصدر خافق بحب، والخصر مرسوم بدقة، محتضنات الحقائب فى أمومة فطرية، النصف الجميل يبحث عن نصفه الآخر، فى مجتمع أعمى لا يملك ترف التذوق، شبابه مترنحون تحت وطأة البطالة والخوف من المجهول، فتُؤد الأنوثة الجميلة والأمومة المتوثبة والحنان السابغ. حظهن قليل، بنات مصر الجميلات قانعات بالفتات، راضيات بالقليل، غافلات عن كنزهن الثمين، واقفات فى طابور البطالة، تفرح إحداهن- وهى الجامعية- بوظيفة تستنزف جهدها رغم الأجر الزهيد، جنيهات معدودة تطبق عليها يدها الصغيرة، وكأنها ملكت كنوز العالم، وغاية أحلامها علبة مكياج أو أصبع روج أو إيشارب زاهى الألوان. تمتلئ بهن الطرقات كل أصيل، قابضات على الجمر، يؤثرن الفقر النظيف على الغنى الملوث، دون أن يشعر ببطولتهن المنسية أحد، ولا حتى هن أنفسهن!! ولو تنازلن قليلاً لأصبح راتب الشهر دخل يوم. لكنهن بالفطرة السليمة، دون شعارات مُنمقة أو مقالات مُدبجة أو أفلام دعائية، يحققن المعنى الحقيقى للدين، ويؤثرن الحلال المغموس بالفقر، وإعداد الإفطار فى السادسة صباحاً، وتدبير الميزانية حتى آخر الشهر، ومفاداة السيارات المسرعة وفى يدها ثلاثة عيال. ولأنهن مخلوقات من طين الرحمة وصلصال المودة، تجد البنت الصغيرة التى طولها شبر تمارس الأمومة على أبيها، وكأنها أمه، رحيمة به. فإذا كبرت وتزوجت وغادرت البيت تضاعف حبها لأبيها، فخورة به. تحية إلى النساء عامة، وإلى بنت بلدى خاصة، الجميلة جداً، التى حيّرت العالم بسمرتها، وبشرتها الممزوجة بخمر، وعينيها الشبيهتين ببحيرة عسل، نفرتيتى التى انشقت عنها جدران المعابد، وكليوباترا التى هزمت إمبراطورية. تحية إلى نساء مصر فى أجمل أعيادهن. نقلاً عن "المصرى اليوم" المزيد من أعمدة أيمن الجندى
