أكدت دراسة أجراها باحثون من جامعة لندن أن نسبة المدخنين بين الأشخاص المضطربين نفسيا، مثل المصابين بالخوف بشكل عام أو بالهوس الاكتئابي أو بالخوف من الحياة الاجتماعية، أكبر من نسبة المدخنين في أوساط الأشخاص الأصحاء نفسيا، كما يرتفع عدد السجائر المدخنة واستهلاك النيكوتين، بزيادة شدة الاضطراب النفسي. وأظهرت دراسات طويلة الأمد، أن المدخنين معرضون للإصابة باضطرابات الخوف والاكتئاب، أكثر بمرتين إلى 4 مرات من غير المدخنين. كما يزداد احتمال الإصابة بمثل هذه الاضطرابات النفسية لدى المدخن الشرِه، فبحسب الدراسة فإن العلاقة تبادلية فالمصابون بأمراض نفسية كثيرا ما يكونون مدخنين، كما أن المدخنين كثيرا ما يكونون مصابين بأمراض نفسية. لكن ليس من المعروف حتى الآن إن كان تدخين التبغ يتسبب بالفعل على وجه اليقين في اضطرابات نفسية أو اختلالات عقلية، وذلك لأن معظم الدراسات، التي أجريت حتى الآن لم تأخذ، على الأرجح، في عين الاعتبار بقية العوامل (مثل وزن الجسم والعمر والحالة الاجتماعية والظروف السابقة وغيرها) التي قد ينجم عنها الاضطراب النفسي. ووجد الباحثون كذلك علاقة قوية بين تدخين السجائر والضغط النفسي. ومن المعروف أن النيكتون يصل إلى المخ خلال عشر ثوانٍ فقط حيث يرتبط هناك بمستقبلات الأسيتيل كولين العصبية. ونتيجة لذلك، يتم إفراز الناقلات العصبية بازدياد، وهي مواد كيميائية متعلقة بالأمراض العقلية مثل: الدوبامين (الذي يؤثر على سلوكيات وأحاسيس عديدة مثل الانتباه وتحريك الجسم والتوجيه وكذلك له دور في الشعور بالسعادة والإدمان والمتعة) والسيروتونين (المسمى بهرمون السعادة ويتسبب نقصه بالاكتئاب وله دور هام في تنظيم مزاج الأنسان والرغبة الجنسية) والإندورفين (من أهم مسكنات الألم الطبيعية في الجسم) وغيره مثل المواد الأفيونية الذاتية. ويقول الخبراء إن المصابين بالاكتئاب والخوف يدخنون كي يغيروا من حالتهم المزاجية ويقللوا من حالة الاكتئاب والخوف لديهم، لكن التخفيف من الخوف والاكتئاب لا يحدث إلا لفترة وجيزة، فضلا عن أن هذا الارتياح القصير يتحول مع الزمن إلى العكس وإلى إدمان يجعل الشخص يحتاج دائما إلى النيكوتين، الذي يتسبب في إفراز المزيد من الأدرينالين (هرمون النشاط) الذي يعمل بدوره على ازدياد نبض القلب وانقباض الأوعية الدموية وارتفاع ضغط الدم. وكذلك يؤدي النيكوتين إلى إفراز المزيد من هرمون الكورتيزون المنشط، ويصبح كل من الجسد والروح في حالة طوارئ، مع كل سحبة دخان. وقد يكون هذا هو سبب أن نوبات الخوف الشديدة تكون أشد لدى المدخنين منها لدى غير المدخنين، وربما يزيد التدخين من خطر التفكير في الانتحار لدى المصابين باضطرابات نفسية.