في عام 2012، صدرت الوثيقة المركزية الصينية رقم 1 حول الشئون الزراعية، والتي تؤكد على دعم الابتكار في التكنولوجيا الزراعية لاستبدال الممارسات الزراعية القديمة التي تعتمد على استهلاك الموارد الطبيعية، الأيدي العاملة الرخيصة إلى أخرى حديثة تحقق الاكتفاء الذاتي وترفع الدخل القومي, بالإضافة إلى مساعدة الدول الفقيرة في تطوير إنتاجها الزراعي. يتناول تقريرنا هذا بعض من النماذج الناجحة للتكنولوجيا الزراعية بالصين في الأرز، السمك، الشاي، الزهور، والفاكهة. أرز الدكتور يوان الدكتور "وان لونج بينج" عالم صيني شهير في الزراعة, كرس حياته وبحوثه للأرز الهجين، في السبعينيات نجح "وان لونج بينج" في تربية سلالة من الأرز الهجين أدت إلى رفع إنتاجية الأرز في الصين بدرجة كبيرة, وبالتالي حل جزء كبير من مشكلة الغذاء لأكثر من مليار صيني, بل وتعدي ذلك إلى استيراد عدد من الدول هذه السلالة المميزة وزراعتها والاستفادة منها أيضا في حل مشكلة الغذاء لشعوبها. في السنوات التالية، عمل الدكتور "وان" وفريقه البحثي على صنف جديد من الأرز أطلق علية اسم الأرز السوبر الذي نجح في إنتاج حوالي 700 كجم للمو (الفدان يساوي 4.7 مو أي ما يقترب من 3.5 طن للفدان). ويجمع الأرز السوبر بين مزايا الأرز البري والأرز الهجين من خلال وفرة الإنتاج وجودته, وفي العام 2004 تمكن فريق البحثي من تحقيق إنتاج مو 847 كيلوجراما, يهدف الفريق للوصول إلي 900 كجم للمو بحلول العام المقبل 2015. وطبقا لمجلة الصين اليوم يؤكد الدكتور "وان" أن الصين قادرة تماما على حل مسألة الغذاء لسكانها، وفي نفس الوقت، يمكنها أن تساعد شعوب العالم على حل مشكلة الغذاء. تبلغ مساحة الأرض المزروعة بالأرز في العالم أكثر من 2.2 مليار مو، نصفها على الأقل يصلح لزراعة الأرز الهجين. إذا زرعنا الأرز الهجين في100 مليون مو، سيزداد حجم إنتاج الأرز في العالم 15 مليار كيلوجرام، وهذا يكفي مائة مليون فرد، بمتوسط 150 كيلوجراما من الأرز للفرد سنويا. 160,000 مزرعة لأسماك الكارب تمتلك الصين تاريخاً طويلا في ممارسة الاستزراع المائي، وعلى الرغم من ذلك لم يبدأ إنتاج الاستزراع المائي على نطاق كبير إلا بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية في عام 1949. من أشهر أنواع الأسماك بالصين أسماك "الكارب" وبالتعاون مع منظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة "الفاو" تم تطوير سلالة "كارب جيان" السمكية عبر تقنية تعتمد علي استخدام الانتقاء الوراثي gynogenesisتكنولوجيا الإنجاب لإنتاج ذرية صِرف من الإناث بتلقي جينات الأم وحدها. واليوم صارت هذه السلالة تؤلف ناتج 160000 مزرعة لإنتاج الأسماك فيما يشكل أكثر من 50% من إنتاج الكارب الشائع في الصين بأسرها. شاي العقاقير يشتهر الشاي الصيني في العالم كله, ويحتل الشاي مكانة مهمة في حياة الصينيين, وتعد الصين أكبر دولة في العالم في إنتاج واستهلاك وتجارة الشاي, ويعمل 80 مليون صيني. وخلال السنوات الأخيرة، ارتفع مستوى الإبداع العلمي والتكنولوجي ومعايير سلامة وجودة الشاي بشكل كبير، حيث أصبحت صناعة الشاي صناعة متفوقة لدعم التنمية الاقتصادية الصينية، خاصة للتنمية الاقتصادية في الأرياف وزيادة دخول المزارعين. وعن طريق التكنولوجيا العلمية الحيوية الحديثة تمكنت احدي المؤسسات العاملة في الشاي بمقاطعة يوننان الصينية من تطوير نوع جديد من الشاي حيث جمعت بين العقاقير الصينية التقليدية وشاي بوآر لتطوير النوع الجديد من الشاي الذي يحقق فوائد صحية كبيرة, وشهد هذا النوع الجديد من الشاي إقبالا تدريجيا من قبل عدد متزايد من المستهلكين الآن، وجلب المزيد من الأرباح مقارنة مع الشاي العام. الدكتور تساى تشيتشانج الذي أشرف علي تطوير النوع الجديد من الشاي قال في البداية، زرعنا الشاي العضوي في الجبل باستغلال تكنولوجيا الأحياء المجهرية، بعد ذلك، فكرنا في الجمع بين العقاقير الصينية التقليدية الثمينة وشاي بوآر، وشهد هذا النوع الجديد من الشاي إقبالا واسعا من قبل المستهلكين، خاصة المسنين. "دوان ران" زهرة الأناناس زهرة الأناناس وهي زهرة حمراء جميلة, تنمو في المناطق الاستوائية وتلقي تقديرا هائلا في الصين, ولكن هناك صعوبة كبيرة في نموها بالصين نظرا لبرودة الطقس في شهر مارس. وعبر الباحثة الصينية "دوان ران" التي كانت أسست شركة للتكنولوجيا البيولوجية ببكين عقب عودتها من دراسة الدكتوراه بهولندا, أمكن أقلمة "زهرة الأناناس" عبر عدد من المعالجات التقنية شملت تعزيز جينة البذور وتحسين تقنية التطعيم واستخدام الأسمدة العضوية, مما مكن الزهرة للتكيف مع ظروف المناخ والبيئة بالصين, مما يلبي احتياجات السوق الصيني ويحقق أرباحا اقتصادية كبيرة. عن التقنية تقول "دوان" إن تحويل لون التويجات عند الإزهار مشكلة كبيرة، وخاصة مع مواسم الأعياد (عيد الربيع الصيني التقليدي)، ومن خلال التقنية التي استخدمناه استطعنا التحكم في نسبة المياه والرطوبة ووقت سطوح الشمس وغيرها, وبالتالي حصلنا على التويجات الحمراء في الوقت المناسب للتسويق. التقنية أيضا استطاعت خفض تكلفة إنتاج المتر المربع من زهور الأناناس إلي ربع تكلفته في هولندا, مع جودة للزهور لدرجة يصعب علي الخبراء الهولنديين التفرقة بين الزهرة المنتجة عندهم وتلك المنتجة بالصين, كما أمكن زراعة أنواع من الفاكهة والخضر في نفس المكان. قوالب الفاكهة من الابتكارات الصينية الجديدة هي طريقة الزراعة علي القوالب، وفيها تقوم بصناعة قوالب بلاستيكية بأشكال مختلفة، وتوضع الفاكهة بداخلها في أولى مراحل نموها حتى تأخذ شكل القالب المحدد. في الممكن أن تحصل علي بطيخ مكعب الشكل, أو تفاح علي شكل صندوق, أو بطاطس على شكل بطة أو طفل إلخ. فكرة الزراعة علي القوالب حققت انتشارا كبيرا حول العالم، وتمكنت الشركة من تصدير كميات من هذه الفاكهة إلى عدد من الدول محققة أرباحاً كبيرة.