الحكومة الجديدة والتزاماتها الدستورية    متلألئ وبراق، اكتشاف عمود غامض في صحراء لاس فيجاس يحيّر الشرطة الأمريكية    فلسطين.. شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي على خيام النازحين غرب رفح    حصاد الجولة الأولى.. أرقام قياسية.. أسرع هدف.. ومفاجأة المجموعة الخامسة    اللحظات الأخيرة لوفاة فرحة الأهلي| كلمات تدمي القلوب لنورهان ونرجس قبل الرحيل    مستشار الشيبي القانوني: قرار كاس هو إيقاف لتنفيذ العقوبة الصادرة بحقه    ملف يلا كورة.. انتصار الأهلي.. جدول مباريات الليجا وبريميرليج.. وفوز تركيا والبرتغال في يورو 2024    وفاة الحالة الثانية عشر من حجاج محافظة الفيوم خلال أداء المناسك    «المصرى اليوم» وزيادة التوعية النفسية المجتمعية    عمليات التجارة البحرية البريطانية تعلن غرق سفينة استهدفها الحوثيون في البحر الأحمر    ارتفاع أسعار النفط مع تزايد المخاطر الجيوسياسية في أوروبا والشرق الأوسط    مصر للطيران تبدأ اليوم جسرها الجوي لعودة الحجاج إلى أرض الوطن    9 نصائح من "حماية المستهلك" عند حفظ اللحوم بالتجميد    عيار 21 الآن بعد آخر ارتفاع.. سعر الذهب اليوم الأربعاء 19 يونيو 2024 (تحديث)    عودة محمد الشيبي.. بيراميدز يحشد القوة الضاربة لمواجهة بلدية المحلة    مبادرة «العيد أحلى بمراكز الشباب» تواصل فعالياتها ثالث أيام عيد الأضحى في بئر العبد    «بايدن» يستنجد ب«المستنجد»!    مصرع سيدة وإصابة 6 آخرين من أسرة واحدة في سقوط سيارة داخل ترعة بقنا    مصرع مسن واصابة اثنين في انقلاب سيارتين بالغربية    إجراء عاجل من السفارة المصرية بالسعودية للبحث عن الحجاج «المفقودين» وتأمين رحلات العودة (فيديو)    الاستعلام عن صحة 7 أشخاص أصيبوا في سقوط مصعد بالبدرشين    في ثالث ايام عيد الاضحى.. مصرع أب غرقًا في نهر النيل لينقذ ابنته    عاطف عبدالعزيز يكتب: «يصافحها الحنين» وتوظيف الدراما فى النص الشعرى    أنغام تتألق فى حفل العيد بالكويت.. صور    إسماعيل فرغلي: أنا من عشاق السادات وكنت جنبه في المنصة وافتكروني مُت (فيديو)    محمد رمضان يعلن رسمياً خروجه من سباق دراما رمضان 2025    لبيك يا رب الحجيج .. شعر: أحمد بيضون    احتفالية العيد ال 11 لتأسيس ايبارشية هولندا    مكتب الصحة بسويسرا: نهاية إتاحة لقاح كورونا مجانا بدءا من يوليو    بعد آخر ارتفاع.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الأربعاء 19 يونيو 2024    المحافظ والقيادات التنفيذية يؤدون العزاء فى سكرتير عام كفر الشيخ    قفزة بسعر السبيكة الذهب اليوم واستقرار عيار 21 الآن الأربعاء 19 يونيو 2024    فيتينيا أفضل لاعب بمباراة البرتغال ضد التشيك فى يورو 2024    غزارة تهديفية بالجولة الأولى تنذر ببطولة قياسية في يورو 2024    نتيجة وملخص أهداف مباراة البرتغال ضد التشيك في كأس أمم أوروبا 2024    حظك اليوم| الاربعاء 19 يونيو لمواليد برج الدلو    ليلى علوي تهنىء أبطال فيلم "ولاد رزق "    حظك اليوم.. توقعات برج العذراء 19 يونيو 2024    أسرة الفيلم وصناعه يتحدثون ل«المصري اليوم»: «أهل الكهف» رحلة سينمائية بين زمنين تجمع 11 بطلًا    ماذا حققت محطة تحيا مصر متعددة الأغراض بعد عام من افتتاحها؟    المراجعة النهائية لمادة اللغة العربية لطلاب الصف الثالث الثانوي.. نحو pdf    بعد نجاح تجارب زراعته.. تعرف على موطن زراعة "الكاسافا" بديل القمح وأبرز مميزاته    علامتان محتملتان للإصابة بالسرطان في يديك لا تتجاهلهما أبدًا (صور)    أسقف نجع حمادي يقدم التهنئة للقيادات التنفيذية بمناسبة عيد الأضحى    بطريرك السريان الكاثوليك يزور بازيليك Notre-Dame de la Garde بمرسيليا    تركوه ينزف.. استشهاد شاب فلسطيني برصاص قوات الاحتلال جنوب بيت لحم    أمجد سمير يكتب: الأضحية والفكر البشري    شهداء وجرحى في استهداف الاحتلال منزلًا بقطاع غزة    الوكالة الأمريكية للتنمية: الوضع الإنساني بغزة صعب جدا    النائب العام يلتقي نظيره الإماراتي على هامش زيارته للعاصمة الروسية موسكو    بعد وفاة العشرات خلال الحج بسببها.. كيف يمكن أن تكون ضربة الشمس قاتلة؟    إحالة مدير مناوب في مستشفى بدمياط إلى التحقيق    بدائل الثانوية الأزهرية| معهد تمريض مستشفى باب الشعرية - الشروط وتفاصيل التقديم    دليلك الكامل ل بطاقة الخدمات المتكاملة 2024.. الاستعلام وشروط التسجيل والأوراق والمزايا    الصحة: ترشيح 8 آلاف و481 عضو مهن طبية للدراسات العليا بالجامعات    هل يؤاخذ الإنسان على الأفكار والهواجس السلبية التي تخطر بباله؟    دعاء الخروج من مكة والتوجه إلى منى.. «اللهم إياك أرجو ولك أدعو»    دار الإفتاء: ترك مخلفات الذبح في الشوارع حرام شرعًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ولدى يا ولدى.. السلطة خدت بلدى
نشر في صدى البلد يوم 01 - 11 - 2014

ما يحدث فى رفح المصرية من تهجير لسكانها وهدم لمنازلها وتبوير لأراضيها الزراعية هو انتهاك لكل حقوق الإنسان وجريمة حقيقية يدفع ثمنها الأبرياء الذين لا ذنب لهم، فنحن لم نسمع عن تشكيل لجنة تحقيق مستقلة فى الحادث الإرهابى الذى وقع عند كمين القوات المسلحة قرب قرية البراهمة بالشيخ زويد يوم الخميس قبل الماضى، لكى نعرف ماذا حدث بالضبط، ومن الذى نفذ الجريمة، ولماذا لم تكن القوات فى حالة استعداد مناسب وقت الحادث؟ كذلك لم نعرف هل توقعت أجهزة المخابرات العامة والمخابرات الحربية، وجهاز الأمن الوطنى أن هناك من يدبر لعملية ضد هذا الكمين؟ ولماذا لم تنجح هذه الأجهزة فى توقع ما حدث؟ وما هو عملها بالضبط إن لم يمكن توقع وتوقى أثار مثل هذا الحادث؟
ثم هل صحيح أن هناك أياد أجنبية فى العملية؟ فإذا كان لدينا هذا الدليل فلماذا لا نعلنه على الملأ؟ كذلك هل تلقت أى أجهزة مصرية تنبيه من إسرائيل أو الولايات المتحدة أو جهاز مخابرات آخر فى العالم عن أن هناك شيئا قد يحدث فى سيناء؟
المؤسف، أنه وبدون أى تحقيق قررت القيادة العامة للقوات المسلحة تهجير سكان الشريط الحدودى من رفح، هكذا هم يدفعون الثمن بدون أن يتضح هل هم المخطئون أم غيرهم، وفوق كل هذا فإن هذا التهجير القسرى يتم فى انتهاك للمادة 63 للدستور المصرى الصادر فى يناير 2014 والذى يحظر أى تهجير قسرى للمصريين من ديارهم وبلادهم. بل ولم تكلف الحكومة أو القوات المسلحة نفسها بأن تجرى استفتاء للشعب حول هذا التهجير أو على الأقل لسكان سيناء ومنطقة القناة لمعرفة هل يؤيدون الرحيل من بلادهم أم لا، على الأقل كانت خطوة من هذا النوع تبين أن الدولة والمجتمع يتعامل مع أبناء سيناء باحترام، بدلا من إبلاغ المواطن أن هذا أمر أمن قومى فإما أن يخضع له وإما ان يتم طرده بالقوة الجبرية ويفقد حقه فى التعويض وتصادر أملاكه، كما يقول المهندس إبراهيم محلب فى قرار رسمى منشور فى الجريدة الرسمية.
هذا التهجير لهؤلاء السكان الأبرياء يتعارض مع كل النظريات التى ظللنا نروجها عن الأمن القومى طوال عشرات السنين، فمنذ احتلال إسرائيل لسيناء فى يونيو 67 والجميع يقول إنه لو كانت سيناء عامرة بالسكان والبيوت والمصانع والمدارس والمستشفيات والمزارع والمدن.. إلخ لما أمكن لإسرائيل ان تحتلها لمجرد مسارعة القوات المسلحة بالانسحاب منها فى أيام نكسة 67، وأخذنا نردد هذا القول طوال الوقت، أى أن حماية سيناء هى فى ملئها بالسكان، الآن فجأة أصبحنا نقول العكس تماما، وأن تأمين سيناء يحتاج إلى تهجير أهلها، فهم العائق دون هذا التأمين، ولهذا يجب ترحيلهم، لاحظ أننا بذلك نهدم بجرة قلم ما ظللنا كدولة وقوات مسلحة وخبراء أمن وشرطة نكرره ونعيده كل يوم طول أكثر من 40 سنة، بل إن خطب رئيس الجمهورية الأسبق حسنى مبارك تمتلىء بهذا المعنى،فهل مجرد إرادة فردية لرئيس الجمهورية أو حتى إرادة لحفنة قليلة من أعضاء المجلس الاعلى للقوات المسلحة تكفى لكى نهدم ما تعارفنا عليه كمجتمع وحصنه الدستور كأساس للأمن القومى فى سيناء؟
دول كثيرة فى العالم شهدت مناطق حدودها توترات شديدة، ورغم ذلك لم تلجأ إلى تهجير وترحيل سكان مناطقها المتوترة، مثلا هناك كشمير الهندية الباكستينية (نشبت حولها وبسببها 4 حروب بين الهند وباكستان)، منطقة الحدود القبلية الباكستانية الأفغانية (لا تكف الولايات المتحدة عن شن غارات على سكان منطقة القبائل دون أن تجرؤ على دعوة الحكومة الأفغانية لتهجير سكان هذه المنطقة)، مناطق الحدود الذى يقيم فيها الاكراد بين العراق وسورريا وتركيا، منطقة الألزاس واللورين بين فرنسا وألمانيا، ثم ماذا نفعل إذا وقعت عملية إرهابية هائلة فى القاهرة أو نيويورك أو لندن أو باريس او برلين، هل نهجر سكان هذه المدن؟
لا يوجد عاقل يفكر فى مثل هذا، ثم إنه وطوال 40 عاما كانت العاصمة الألمانية برلين مقسمة إلى قسمين، شرقى وغربى، وأقيم فيها سور يفصل بين المنطقتين، وتم نشر القوات على إمتداد السور سوفيتية وأمريكية، وكم حدثت توترات هددت بحرب نووية بين الدولتين فى هذه المنطقة، وسقط قتلى على جانبى الجدار، لكن أحدا لم يجرؤ لا فى موسكو ولا فى اشنطن على الدعوة لإخلاء برلين من سكانها رغم إنها كانت منطقة إحتلال سوفيتي أمريكى، بالعكس، لقد بقى السكان فى المدينة وكانوا لاعبا جوهريا فى تحطيم الجدار وإنهاء الحرب الباردة فى نوفمبر 1989.
ما يحدث فى رفح المصرية هو عمل شاذ وغير معهود وأشد ما يعانى منه هم الفقراء والناس العاديين فى رفح، ثم إنه يجعل كل سكان سيناء يشعرون أن المصريين ليسوا أشقائهم، ويعاملونهم معاملة دونية، وهذا خطر شديد، فهو يجعلهم لذلك بيئة خصبة تتمنى سقوط النظام الذى يظلمهم ويحتقرهم.
العجيب أننا فى الوقت الذى نتشدق فيه عن أن مصر تعانى ازمة اقتصادية خانقة، وفى حاجة لتدبير كل قرش من أجل إنعاش الإقتصاد، إذا بها تفتح بابا على نفسها يؤدى إلى تبديد الموارد المحدودة التى تمكنها من تنفيذ خطط التنمية، إذا كانت جادة فى ذلك حقا، فتعويضات سكان رفح عن المبانى التى ستهدم فقط تزيد على 400 مليون جنيه، وعلاوة على ذلك ستدفع لكل مواطن يهدم منزله 900 جنيه أجر شقة فى 3 أشهر، بالرغم من أن السكان يقولون بأنه لا توجد شقة ب 300 جنيه فى هذه المنطقة، وأن رأس الماعز لا يقل ثمنه عن 1500 جنيه، والحمار لا يقل ثمنه عن 10 آلاف جنيه، وبينما نسعى فى مصر من أجل زيادة الرقعة الزراعية مليون أو 4 ملايين فدان، إذا بنا نضحى بآلاف الأفدنة التى تزرع بالخوخ والبرتقال والرمان والنباتات العطرية والشعير منذ مئات السنين، والتى يحتاج تعويضها إلى ملايين الجنيهات للاستصلاح، فضلا عن العمل بها لسنوات طويلة حتى تكون على ذات مستوى الأراضي التى سيتم تبويرها فى رفح.
هل نحن فعلا جادين فى أقوالنا عن التنمية الزراعية أم إننا نقول كلام لا نفهم معناه ولا نعمل به، وأن الكلام بالنسبة لنا "فض مجالس"، إن من يحرص على ملايين الأفدنة تقاس جديته بالحرص على الفدان الواحد.
ثم إننا ننسى أن جمال عبد الناصر عندما هجر أهل منطقة قناة السويس فعل ذلك لأنه لم يكن يستطيع أن يحميهم من قصف المدفعية الإسرائيلية لمدنهم فى السويس والإسماعيلية وبورسعيد، على إثر إنهيار الجيش المصرى فى النكسة، فالتهجير كان حماية للسكان، علاوة على ذلك، لم يلجأ جمال عبد الناصر إلى تهجيرهم فى 24 ساعة، بل دبر لكل واحد منهم فى أى مدينة بالجمهورية شقة ليقيم بها، ومكانا لأبنائه فى المدارس، وإعانة شهرية زيادة على المرتب الذى يتقاضاه كل منهم، ورعاية صحية، وأولوية لهم فى كل الخدمات المتاحة، إلى جانب انهم عند عودتهم بعد نهاية الحرب إلى مدنهم الأصلية أحتفظوا بالشقق الجديدة التى أقاموا بها زمن التهجير وقامت الدولة من جانبها بإصلاح مساكنهم التى تضررت من الحرب فى مدنهم الأصلية، وقدمت لهم قروضا ميسرة ومعونات مختلفة لتأسيسها، هذا ما فعله عبد الناصر الذى يتمسح فيه الكثيرون بالكلام، ولكنهم لا يسيرون على خطواته التى سار عليها فعلا، فيصبح الكلام عن عبد الناصر مجرد "طق حنك".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.