لا يكاد يخطو السفير السعودي في العراق خطوة إلا ليثير من خلفها الأزمات والمشكلات، فمن أزمة دبلوماسية خلقها ثامر السبهان، بين العراق والسعودية، إلى أزمة أثارها في الداخل العراقي نفسه بين أعضاء الحكومة، ليجعل بذلك قرار استبداله ضرورة لا مفر منها. أزمة جديدة خلقها السفير السعودي، ثامر السبهان، وصلت إلى أعضاء الحكومة العراقية، حيث قالت مصادر حكومية عراقية إن أطرافًا في ائتلاف دولة القانون طلبت استجواب وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري، إذا لم يطلب رسميًا من الرياض استبدال السفير السعودي، وهو ما اضطر الجعفري إلى تقديم طلب رسمي للرياض باستبدال السبهان، حتى من دون مشاروة رئيس الحكومة حيدر العبادي. وأوضحت المصادر ذاتها أن العبادي، أبدى استياءه من تصرف الجعفري، خلال جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، قائلاً له: كيف يمكن أن أسمع باستبدال السفير من الإعلام؟، وأشارت المصادر نفسها إلى أن الجعفري رد على العبادي بالقول إنه يحق لوزارته تقديم أي طلب، وإن ما دعاه لهذه الخطوة كان الضغط الذي مارسه نواب الائتلاف الذي ينتمي إليه العبادي "دولة القانون". يأتي ذلك بعد أيام من إعلان المتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية، أحمد جمال، أنه سلّم طلبا لوزارة الخارجية السعودية صباح الأحد الماضي، لاستبدال السفير السعودي في العراق بآخر، وقال المتحدث باسم الوزير حينها: ننتظر ردهم ونتمنى أن يتعاملوا مع الطلب بإيجابية إن كانوا حريصين على إدامة العلاقات مع العراق، ونأمل أن لا تدعو هذه الخطوة إلى ردود أفعال سلبية من الجانب السعودي، وأضاف أن طلب الاستبدال جاء بسبب التجاوزات المتكررة التي تضمنتها تصريحات الأخير عن الشأن الداخلي العراقي، مؤكدًا أن الخارجية العراقية اعتبرت مزاعم السبهان، بوجود مخطط لاغتياله من قبل فصائل الحشد الشعبي "فبركة إعلامية"، وتجاوزًا على هيبة الدولة العراقية وقدرتها على حفظ أمن البعثات الدبلوماسية. جاءت الخطوة العراقية الأخيرة بعد أن أثار السفير السعودي في العراق العديد من الأزمات بين مختلف فئات المجتمع العراقي والقادة والسياسيين هناك، حيث دأب على التدخل في الشؤون العراقية سواء السياسية أو الأمنية أو العسكرية، فقد سبق أن هاجم في أكثر من موضع شخصيات عراقية بارزة، وصدرت عنه تعلقيات طائفية ضد القوات الأمنية العراقية في حربها ضد الإرهاب، كما تدخل في الشأن العسكري العراقي، وطالب بإبعاد بعض مكونات الجيش عن ميدان المعارك وعلى رأسها فصائل الحشد الشعبي، وهو ما اعتبرته المؤسسات العراقية وعلى رأسها الحكومة والبرلمان والجيش، مخالفًا للأعراف والقوانين الدبلوماسية، وطالبته مرارًا بالالتزام بحدود الدبلوماسية والأعراف الدولية. لكن السبهان لم يتعظ وجعل من حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" منبرًا للتصعيد في وجه المؤسسات العراقية، الأمر الذي جعل الغضب يمتد إلى الشارع العراقي والبرلمان أيضًا، حيث طالبت العديد من المكونات السياسية في العراق الحكومة بطرد السفير السعودي وغلق السفارة. في الوقت الذي تنتظر فيه الحكومة العراقية رد المسؤولين السعوديين على طلب استبدال السفير المثير للأزمات، أثار الهدوء السعودي قلق القيادات العراقية إلى أن ظهرت بعض الإشارات التي توضح طريقة تعاطي القيادات السعودية مع طلب الاستبدال، وقالت مصادر إعلامية مقربة من الحكومة العراقية، إن السعودية وافقت مبدئيًا على تغيير السبهان واستبداله بسفير آخر، وأكدت المصادر أن تأخر الرد السعودي أمر طبيعي نظرًا للإجراءات المتبعة في مثل هذه القضايا، مضيفة أنه يجري حاليًا اختيار بديل السبهان، نافية ما تردد عن نية السعودية إغلاق سفارتها. في ذات الإطار كشفت وسائل إعلام سعودية، عن تعيين العميد الركن عبد العزيز الشمري، سفيرًا لحكومة الرياض في بغداد، وبديلًا عن السبهان، وأضافت أن الديوان الملكي السعودي أصدر قرارًا يتضمن تعيين العميد الركن عبد العزيز بن خالد الشمروخي الشمري، الملحق العسكري في ألمانيا، وزيرًا مفوضًا برتبة سفير في وزارة الخارجية ليعمل في سفارة الرياض الموجودة في العراق، وأكدت أن الشمري سيتسلم مهامه بديلًا عن السفير السابق.