لم تكن العلاقات العراقية السعودية بحاجة إلى تصريحات السفير السعودي في العراق، ثامر السبهان، لتزداد توترا، فالعلاقات بين الطرفين تشهد توترًا كبيرًا منذ سنوات، ليأتي السفير السعودي ويزيدها تعقيدًا، ويخلق أجواء عدائية جديدة بين دولتين عربيتين جارتين. تصريحات استفزازية جديدة أطلقها السفير السعودي في بغداد، ثامر السبهان، السبت الماضي، ضد قوات الحشد الشعبي، متهمًا إياهم بالانصياع إلى إيران والعمل على تأجيج الطائفية في البلاد، حيث قال السفير السعودي إن الحشد الشعبي يعمل على تأجيج الطائفية في المنطقة كلها، لا في العراق فقط، مضيفًا أن الأمثلة كثيرة، خصوصًا فيما حدث من مجازر بالفلوجة. غضب عراقي حاشد تصريحات السبهان أثارت غضب وحفيظة أعضاء الحكومة العراقية التي طالما تمسكت بمشاركة قوات الحشد في معارك تحرير المدن والقرى العراقية من أيدي تنظيم داعش، وجاء على رأسهم وزير الخارجية، إبراهيم الجعفري، الذي اعتبر تحركات السفير السعودي في العراق، تدخلًا بالشأن الداخلي، وتصريحاته لاعلاقة لها بدوره كسفير، ولا حتى من دور وزير الخارجية، قائلا: نحن لا نميل للتهديد بقطع العلاقات، إنما أبلغنا السفير بشكل رسمي بهذه التفاصيل. سياسيو العراق أيضًا عبروا عن انزعاجهم من تصريحات السفير السعودي، حيث اعتبر زعيم ائتلاف الوطنية في العراق، إياد علاوي, الذي يٌعد من أبرز الجهات التي كانت تطالب الحكومة العراقية بالانفتاح على السعودية، اعتبر أن وجود السفير السعودي في العراق مزعج، مشددًا على وجوب استبداله بعد تصريحاته، قائلا: لا أقبل أي تصريحات من أي كان، واعترضت على اعتبار الفلوجة بأنها حرب طائفية في الإعلام، فهي حرب للخلاص من داعش، ولفت زعيم ائتلاف الوطنية أنه لو كنت رئيسًا للوزراء لطلبت استبداله بسفير آخر، معتبرًا أنه يفترض حتى العراقي لا يتحدث عن السعودية والتدخل بالتصريحات والفعل لا يخدم المنطقة وسلامته. من جانبه، وصف رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، عمار الحكيم، معركة الفلوجة بأنها من أنجح وأنظف العمليات التي شهدها العراق في تحرير الأرض بعد بذل الجهود لتقليل الخسائر البشرية والمادية لأبعد الحدود، وأقر الحكيم بوقوع خروقات معدودة، لكنها ليست ممنهجة وليست مُؤيدة من قبل الحكومة، لافتا إلى اعتقال أصحاب هذه الخروقات، وأحيلوا للتحقيق، وبكل تأكيد فإن العراق حكومة ومسؤولين حريصون على عدم انجرار الحرب في الفلوجة على داعش، وكأنها حرب طائفية وغير نزيهة. لهجة تصعيدية انتقادات السياسيين العراقيين لتصريحات السبهان المعادية لإحدي مكونات المجتمع الدولي، قابله هجوم أيضًا من السفير السعودي، حيث هاجم ثامر السبهان، الأحد، المسؤولين العراقيين بعد موجة من تصريحات التي طالبت بطرده من العراق، مؤكدًا وجود محاولات لاصطياد أي أخطاء على السفارة السعودية. وأضاف السبهان في مقابلة مع صحيفة الرياض السعودية, أن الحملة التي تواجه السفارة السعودية لدى بغداد لا تخفى على أحد، وهناك هجوم وتصريحات تنشر في قنوات عراقية وتحركات كبيرة جدًا مطالبة بإغلاق السفارة وطرد السفير السعودي من العراق ومحاولة اصطياد أي أخطاء على السفارة، متابعا أن هذه الحملات الإعلامية الممنهجة ومحاولة إبعاد المملكة عن الساحة العراقية لن تفلح في أي حال من الأحوال، وأن المملكة مصرة على العمل في العراق ومساعدة العراقيين بجميع طوائفهم وانتماءاتهم، ولا تنظر بهذه العين المقيتة الطائفية التي يحاول بها بعض المغرضين أن يصور المملكة بهذا الشكل. مطالب استبدال السبهان الإزعاج الذي تسبب فيه السفير السعودي في بغداد، والتوترات التي أجهها في العلاقات بين السعودية والعراق منذ توليه منصبه، والجدل السياسي والمشاكل التي أثارها بين مختلف الكتل والجبهات السياسية في العراق، دفع بعض المراقبين إلى عدم استبعاد أن تُقدم بغداد على طلب استبدال السفير السعودي لديها ثامر السبهان، حيث قالت مصادر مقربة من الحكومة العراقية، إنه بناء على الانتقادات التي وُجهت إلى وزارة الخارجية العراقية مؤخرًا من قِبل بعض السياسيين اعتراضًا على التساهل مع السبهان، فإنه من المتوقع أن يُدرج على أعمال جلسة مجلس الوزراء هذا الأسبوع، ملف السفير السعودي وتصريحاته ومواقفه التي أثارت جدلًا واسعًا. مواقف سابقة التصريحات والمواقف المعادية لإحدى مكونات المجتمع العراقي، لم تكن الأولى التي يطلقها السفير السعودي في العراق، حيث يشكل "ثامر السبهان" مصدر قلق وإزعاج للقيادة العراقية منذ تسلمه مهام منصبه، ففي الوقت الذي تنظم في القيادة العراقية قواتها لتخوض المعارك لتحرير القرى والمدن العراقية من سطوة تنظيم داعش، يأتي السبهان ليضع بصمته بوصف المعارك بالطائفية وينتقد بعض المشاركين فيها، فلم يترك السفير السعودي معركة تدخلها القوات العراقية منذ توليه منصبه إلا وانتقدها بسبب حرص الحكومة العراقية على إشراك قوات الحشد الشعبي في المعارك القتالية ضد تنظيم داعش. في 23 يناير الماضي، لم يترك السفير السعودي معركة الأنبار تمر مرور الكرام، حيث وجه انتقاداته لمشاركة الحشد الشعبي في المعركة، وقال حينها في حديث له على إحدى القنوات العراقية، إن رفض الكرد ومحافظة الأنبار دخول قوات الحشد الشعبي إلى مناطقهما يبين عدم مقبوليته من المجتمع العراقي، مضيفا أن قوات الحشد الشعبي يجب أن تترك قتال المتشددين للجيش العراقي وقوات الأمن الرسمية، في إشارة واضحة لضرورة حل الحشد الشعبي، وهي التصريحات التي أججت حينها التوتر بين المملكة وبغداد، وأثارت موجة من ردود الفعل الغاضبة من الحشد الشعبي ونوابه في البرلمان العراقي. حاولت حينها الخارجية العراقية التدخل لتخفيف حدة التوترات بقولها إن حديث السبهان لا يعبر عن الموقف الرسمي للسعودية، وأن وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، رفض تصريحات سفير بلاده في بغداد، إلا أن المملكة نفت تصريحات الخارجية العراقية، مؤكدة أن ما نسب من تصريحات لوزير الخارجية السعودي في البيان الصادر عن الخارجية العراقية، بشأن حديث السفير السعودي في بغداد ثامر السبهان لوسائل إعلام عراقية غير دقيق، الأمر الذي شكل دعمًا سعوديًّا غير مباشر لتصريحات السبهان التي أغضبت الشارع والساسة العراقيين وإحراجًا سعوديًّا للخارجية العراقية.