منذ زمن بعيد ارتبط الفن بالأدب، فطالما تقتبس الأعمال الفنية أفكارها من الروايات؛ فتعد الروايات العالمية والعربية مصدر إلهام مخرجي الأفلام السينمائية والدراما التليفزيونية أيضا، وقد يكون الاقتباس بسبب البناء القوي للأدب، فكانت هذه الروايات باب المخرجين لترك بصمة فى تاريخ السينما. الروايات العربية على مر العصور أثبتت أنها قادرة على وضع علامات فارقة فى السينما، فلا تزال أعمال الكُتاب نجيب محفوظ، وإحسان عبد القدوس، ويوسف السباعي، وغيرهم ممن ترك ثروة أدبية كبيرة، حتى اليوم محفورة فى أذهاننا، ومازالت تستنسخ. وشهد السباق الرمضاني هذا العام، عرض أكثر من 35 عملاً درامية، جاءت أغلبها مأخوذه عن أعمال سابقة، فضلاً عن الأعمال المأخوذه عن روايات بعضها لاقى نجاحا كبير وجاءت فى قائمة الأكثر مبيعا، وبعضها لم نسمع عنها من قبل. «أفراح القبة».. مسلسلمأخوذ عن رواية للأديب العالمي نجيب محفوظ، ولم تكن واحدة من الروايات المشهورة له، لكن العمل الدرامي ألقى الضوء عليها؛ وفقاً لدور النشر التى صرحت بأن زاد الإقبال على رواية "أفراح القبة" بالتزامن مع توقيت عرض المسلسل على الشاشات التليفزيون. وجاء المسلسل مبهرا للجميع فى البداية؛ فعبارة عن خلطة سحرية جاذبة من "موسيقى، وملابس، وأداء الممثليين، والديكور، والحبكة الدرامية، والأغاني التراثية التى تم الاستعانة بها".. حالة منفردة استطاع المخرج محمد ياسين، خلقها للمشاهدين وجذبهم إليها يوم بعد آخر. وتدور أحداث المسلسل داخل إحدى الفرق المسرحية خلال حقبة السبعينيات، ويعمل ممثلو الفرقة على المشاركة في مسرحية جديدة تحمل اسم "أفراح القبة"، وفى كواليس المسرح يكتشف الممثلون أن أحداث المسرحية تدور حول شخصياتهم الحقيقية، وأن مؤلف المسرحية يعرض أمامهم أسرارهم المشينة التي حدثت بالماضي. ويسعى الممثلون لإيقاف المسرحية الفاضحة لهم، لكن مالك الفريق يُصر على استكمال العمل، لكي يتطهر من آثام الماضي، ويجد الممثلون أنفسهم مجبرين على الاستمرار في تمثيل أدوارهم الحقيقية، ومن قراءة الرواية، نجد أن هناك اختلافا كبيرا بينها وبين الرواية الأصلية، فى سرد الأحداث والشخصيات فهناك شخصيات فى المسلسل لا توجد فى الرواية، وتغيرات فى النص الدرامي والمعالجة.. كل هذا يفتح الباب أمام سؤالين "هل شوه المسلسل الرواية الأصلية؟ هل تحويل هذه الرواية إلى مسلسل درامي كان قرارا صائبا؟". تقول حنان شومان، الناقدة الفنية، إن الأعمال الفنية المأخوذة عن رواية، عادة تتسم بأنها أعمال قوية لأنها تستوحى أحداثها من أصل أدبي قوي، وتتراوح بين الممتاز والأقل، بناء على العمل الأدبي "العمود الفقري" وكاتب السيناريو، مؤكدة أنه من الطبيعى المقارنة بين الرواية والعمل الفني. وأضاف شومان ل"البديل"، أن نجيب محفوظ، أكثر أديب تحولت رواياته إلى أفلام ومسلسلات، وحينما سأل عن رأيه فى المقارنة بين العمل الأدبي والفني، وهو صاحب العمل الأدبي، كان يقول: لا أستطيع أن أصدر أحكاما على العمل؛ لأنه وسيط مختلف ليس لي علاقة به لأن أدوات الأدب هى الورقة والقلم تختلف تماما عن أدوات السينما من صورة وصوت وموسيقي وأداء وكاميرا، ومن حق مقتبس العمل أن يغير فى النص كما يناسب الوسيط الذي يتعامل به. عن مسلسل "أفراح القبة" تقول إن تصنيف العمل فى قائمة الأسوأ والأفضل لا يتم بناء على الرواية الأصلية، والمشكلة الأساسية تكمن في ضعف النص وارتباكه، أما عن بعده أو قربه من الرواية هذا حق أصيل لكاتب السيناريو. وعن بطء الأحداث فى المسلسل، أكدت الناقدة السينمائية أنه كان يجب على صناع العمل حينما قرروا تحويل رواية "أفراح القبة" إلى 30 حلقة، إعداد سيناريو يصلح لإنتاج الحلقات، مشيدة بأداء الممثلين في المسلسل والموسيقي والإخراج، لكن أسوأ ما في العمل هو النص، مرجعة ذلك إلى عامل الوقت، وأن فريق العمل لم يحصل على وقت الكافي لتقديم رواية بهذا الحجم، كما أن يوجد أكثر من شخص اشتغل على الرواية، وهذا يحدث نوع من الارتباك. واستشهدت شومان بالمسلسلات الناجحة المأخوذة عن روايات، مثل: مسلسل "ذات" للمخرجة مريم نعوم، حيث صفق الجميع فى مصر والوطن العربي لها على حالة "ذات"؛ لأنها قدمت عملا أدبيا مساويا للرواية، مع الأخذ فى الاعتبار أن المسلسل اختلف كثيرا عن الرواية؛ فهناك أحداث كاملة وشخصيات فى المسلسل لم تتواجد فى العمل الأدبي، ولأن العمل كان ممتازا، فلم يهتم أحد بمقارنته مع الرواية.