الحالة المذرية للمدارس الحكومية في مصر هي مؤشر بالغ الأهمية على مدى فشل طموحات الثورة المصرية لشعبها. رأى مراقبون دوليون أن الانتفاضة الشعبية ضد نظام حسني مبارك باعتبارها نضال من أجل الديمقراطية ضد الديكتاتورية، في حين الجنرالات الذين حكموا مصر مرة أخرى يصوروها على أنها معركة من أجل الليبرالية التي تم اختطافها من قبل الإسلاميين المتطرفين. في الواقع، إنها كانت ثورة من أجل الكرامة الإنسانية، من أجل حياة أفضل للمواطنين العاديين. بدون التعليم الجيد… الأمل ميت، ليس فقط في مصر بل في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وفقا لمنظمة الأممالمتحدة، الصراعات الجارية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تحرم أكثر من 13 مليون طفل من التعليم. ولكن هذا ليس فقط في البلاد التي مزقتها الحرب مثل سوريا واليمن حيث يتم إهمال الشباب بشكل منهجي. أوجه القصور تكثر أيضا في البلدان المستقرة نسبيا مثل مصر والأردن. سوء جودة التعليم تسير جنبا إلى جنب مع أزمة البطالة في المنطقة، وفقا لمنظمة العمل الدولية، الشرق الأوسط لديه أعلى معدلات بطالة بين الشباب في العالم في عام 2014، وفي أحدث تقرير للمنتدى الاقتصادي العالمي حول التنافسية العالمية، احتلت مصر المرتبة ال 139 من أصل 140 بلدا في جودة التعليم الأساسي. هذا المزيج السام من ضعف التعليم ونسبة البطالة المرتفعة بين الشباب يترك الملايين من الشباب عالقين في وضع قاس يتحتم عليهم فيه قضاء أجمل سنوات عمرهم في حالة من الانتظار والركود دون تحقيق خطوات جديدة في حياتهم، سواء على المستوى المهني أو الاجتماعي؛ وهي الحالة التي يصفها أستاذ الجامعة الأمريكية، ديان سينجرمان، بالمراهقة المطولة. للأسف، الحكومات والمؤسسات الدولية تنظر إلى التعليم والبطالة باعتبارها قضايا تنمية، وليست قضايا سياسية أو أمن قومي. الولاياتالمتحدة تمنح مصر 1.3 مليار دولار من المساعدات العسكرية السنوية، وفي حين تقدم فقط 250 مليون دولار للمشاريع والبرامج المدنية. يقول مؤيدو المساعدات العسكرية أن هناك حاجة إلى أنظمة تسليح لمحاربة الجماعات الإرهابية التابعة لتنظيم القاعدة وما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية في سيناء وللحفاظ أيضا على النفوذ الأمريكي مع الجنرالات في مصر. لكن إذا لم يكن الشباب المصري لديه الأمل والفرصة، فإن تقديم المساعدة العسكرية الأمنية لن يكون سوى إسعافات أولية. الأمن طويل المدى يعتمد على استعداد الحكومة لتوفير السلع والخدمات العامة بشكل كاف لمواطنيها. جدير بالذكر أن الحد من الحاجة وتكلفة الدروس الخصوصية من شأنه أن يحدث فرق جوهري في حياة المصريين العاديين. في منشية ناصر، أحد أفقر أحياء القاهرة، الشباب مثل أشرف خليل البالغ من العمر 18 عاما كان يدرس للحصول على الثانوية العامة، التي بنتائجها سيتحدد المركز الاجتماعي في بلد يكاد ينعدم فيها الحراك الاجتماعي. قال خليل، الذي يحاول توفير المال الكافي للدروس الخصوصية: "الأمور في الواقع تزداد سوءا منذ قيام الثورة"، مضيفا "في الواقع، أصبحت الدروس الخصوصية هي نظام التعليم الفعلي في مصر". وفقا لبعض التقديرات، تنفق الأسر المصرية أكثر من مليار دولار على الدروس الخصوصية للتعويض عن ضعف جودة التعليم – وهي التكلفة التي غالبا تصل إلى ما يقرب من ربع دخل الأسرة. قبل بضع سنوات، دشن المستثمر المصري أحمد الألفي موقع "نفهم" التعليمي على الإنترنت لشرح المناهج الدراسية المصرية في محاولة للحد من اعتماد البلاد على الدروس الخصوصية. كما يوفر أيضا المنهج الدراسي السوري لخدمة 50٪ من اللاجئين السوريين في مصر الذين هم خارج المدرسة. السيد الألفي ليس وحده. في أبريل الماضي، أطلق رجل الأعمال الإماراتي عبد العزيز الغرير أكبر صندوق للتعليم في العالم العربي، حيث خصص 1.14 مليار دولار في شكل منح للشباب المحرومين من التعليم في المنطقة. ووفقا لميساء جلبوط، الرئيس التنفيذي لمؤسسة عبدالله الغرير للتعليم ، أن المؤسسة تأمل في تقديم منح دراسية ل15 ألف طالب في الشرق الأوسط على مدى السنوات العشر المقبلة. وابتداء من سبتمبر سوف يحصل الطلاب على منح مالية لحضور أهم أربع جامعات في المنطقة. كما أنه من المخطط تمويل الدراسة في الجامعات العالمية أيضا. ورغم كل ذلك، المبادرات الفردية وحدها لا تكفي، حيث تشرح جلبوط "الجهود يجب أن تكون منهجية ومؤسسية.. لا يوجد مؤسسة واحدة يمكن أن تعالج هذه المشاكل …. نحن نحتاج كل الأيادي". تعليم الشباب في الشرق الأوسط يجب أن ينظر إليه باعتباره قضية استراتيجية ويستحق نفس القدر من الاهتمام بالسياسة الخارجية العالمية تماما مثل الاهتمام بمكافحة الجماعات المتطرفة. المنطقة يجب أن تكون مسلحة بالأقلام، وليس فقط بالسيوف.