في الوقت الذي يسعى فيه رئيس الوزراء العراقي "حيدر العبادي" لإدخال تغييرات على النظام السياسي في البلاد بعدما أكد البعض أن هذا النظام شجع على الفساد وعدم الكفاءة، وذلك على خلفية احتجاجات تفجرت في أغسطس الماضي بشأن الكسب غير المشروع وتدني الخدمات في مجالي المياه والكهرباء، يواجه "العبادي" الكثير من العراقيل التي تمنعه من استكمال مهمته الإصلاحية، وهو الأمر الذي أرجعه "العبادي" إلى "بعض المسئولين الذين تضرروا من هذه الإصلاحات، فحاولوا عرقلتها". اتخذ ائتلاف "دولة القانون" خطوة على طريق عرقلة الإصلاحات التي يقوم بها رئيس الوزراء "حيدر العبادي"، حيث أعلن قبل أيام أنه جمع توقيعات 45 من نوابه لسحب تفويض منحه البرلمان ل"العبادي" في ملف الإصلاح، كما أمهل "العبادي" ثلاثة أيام للإجابة عن أسئلة بشأن إدارة البلاد، ويتهم ائتلاف دولة القانون "العبادي" بالتفرد في اتخاذ القرارات، ومخالفة قراراته وإجراءاته الإصلاحية للدستور والقوانين النافذة، خصوصًا قرار سلم رواتب موظفي الدولة الجديد وإقالة نواب الرئيس ورئيس الوزراء. بناء على خطوة "دولة القانون" وفي مسعى لتقييد "العبادي"، أعلن نواب في مجلس الشعب العراقي التصويت لصالح قرار يحظر على رئيس الوزراء "حيدر العبادي" إجراء أي إصلاحات دون الرجوع إليه، وأضافوا أن المجلس اتخذ هذه الخطوة بعد أن مرر "العبادي" من جانب واحد إصلاحات في أغسطس الماضي يعتبرها البرلمان انتهاكا للدستور، مثل إقالة نواب الرئيس ورئيس الوزراء، وخفض رواتب موظفي الحكومة، حيث قال أحد النواب "ما حذرنا منه في رسالتنا الموجهة إلى العبادي الأسبوع الماضي من موضوع اتخاذه لإصلاحات بصورة منفردة قد وصل إلى النهاية، واستنادًا إلى هذا القرار لن تكون هناك صلاحيات مطلقة لرئيس الوزراء". من جانبه اعتبر رئيس الوزراء العراقي "حيدر العبادي" أن مسئولين متضررين من الإصلاحات يحاولون عرقلتها بعد أن خسروا كثيراً من امتيازاتهم، مجدداً عزمه على المضي فيها قدماً، ومحاربة الفساد والمفسدين رغم التحديات والعقبات. يذكر أن هذا البرلمان العراقي نفسه، كان قد صوت الصيف الماضي بالإجماع على منح رئيس الوزراء "حيدر العبادي" تفويضاً كاملاً لاتخاذ إجراءات لتنفيذ إصلاحات سياسية وإدارية تجاوبًا مع مطالب مظاهرات شعبية واسعة شهدتها العديد من المدن العراقية منذ أغسطس الماضي، وقد شملت هذه الإصلاحات إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية، كما طالت الحزمة الإلغاء الفوري لمناصب نواب رئيس مجلس الوزراء ودمج بعض الوزرارات مع بعضها، وتقليص رواتب المسئولين الكبار، وخفض الأعداد الضخمة لعناصر حماية المسئولين. حالة الهدوء والرضا بين البرلمان و"العبادي" لم تدم طويلًا، ففي مقابل الرضى الشعبي النسبي إزاء خطوات "العبادي" الرامية إلى تقليم أظافر مؤسسات الدولة وسد ثقوب الفساد، أعربت الطبقة السياسية عن تحفظها على بعض قرارات "العبادي" رغم أنها عبرت في بداية الأمر عن دعمها لرئيس الوزراء ووقفت إلى جانبه، حيث يؤكد هؤلاء تأييدهم للإصلاحات شريطة الأخذ بمشورتهم فيها حفاظاً على سلامة العمل الديمقراطي، وعدم تدخل رئيس الوزراء في ما لا يسمح له به الدستور. الخطوة التي أقدم عليها ائتلاف "دولة القانون" وأيدها مجلس النواب العراقي، من شأنها أن تشكل عائقًا إضافيًا أمام تطبيق الإصلاحات التي يقوم بها "العبادي"، والذي عزم على استكمالها رغم التحديات، وهو ما ينبيء بصدام سياسي كبير قد ينتج عنه ضياع الأمال العراقية في تنقيه البلاد من فساد سياسي واقتصادي أرساه الاحتلال الأمريكي ولاتزال تعاني منه البلاد حتى الآن.