يحتفل بدو سيناء بحلول شهر رمضان الكريم بطقوس وعادات ذات طابع مميز وخاص يختلف عن مظاهر احتفال معظم المحافظات المصرية الأخرى، حيث يأتي الشهر الكريم بالمودة والكرم والجود بين القبائل والعشائر البدوية، ولكن حرم الأهالي من تلك الطقوس الروحانية خلال العام الماضي والحالي . ومن أجمل العادات والتقاليد لبدو سيناء التي حرمتهم منها الحرب الدائرة بين الأمن والمسلحين، "الإفطار الجماعي" في الدواوين، حيث يجتمع كل أبناء العشيرة من الشباب والرجال والشيوخ ويصطحب كل رجل أبنائه لتعويدهم على تلك التقاليد الموروثة، لتناول طعام الإفطار ويكون للضيف اهتمام خاص لتترك له مائدة للإفطار خاصة به، كما يتناولن النساء والفتيات الإفطار في المنازل، وذلك طوال شهر رمضان الكريم . روحانيات رمضان لا غنى عنها في مصر فهي التي تشعرنا بالشهر الكريم، هناك من يصومون طوال العام أو في شهري رجب وشعبان.. ولكن شهر رمضان له قدسية مميزة، خاصة عند بدو سيناء.. وخلال العامين الماضي والحالي، لم تشهد المحافظة أية مظاهر لقدوم الشهر الكريم خاصة بقرى الشيخ زويد ورفح.. الذين عبروا عن حزنهم قائلين "تاني رمضان للسيسي.. وبرضو مشفناش أمان" . تظهر روح التواصل والتكافل الاجتماعي والوحدة بين أبناء القبيلة في شهر رمضان له قدسية وإجلال لدى أبناء البادية لما تظهر فيه من المحبة والمودة والحرص على نبذ الخلافات جنبًا، والاحتفال بشهر رمضان الكريم بعادات وتقاليد بدوية موروثة من أسلافهم وأجدادهم منذ مئات السنين التي تؤكد على تعلم القيم والسلوكيات الحميدة، وكيفية كرم الضيف، والاحترام المتبادل بين الكبير والصغير . الإفطار الجماعي بالدواوين في العريش الإفطار الجماعي بالدواوين والمقاعد من أروع مشاهد شهر رمضان ليجتمع الرجال حول الموائد للإفطار، ولابد أن يحضر كل أبناء العائلة ولا يسمح بالتخلف أو العذر، إلا في حالات المرض الشديد أو السفر، وذلك خاصة أول يوم للإفطار، ويفطر كل فرد من العائلة في منزلة قبيل المغرب، وبعد صلاة المغرب يبدأ في تناول إفطاره مع أولادة وأسرته ثم يتوزعون على الموائد، وتلك العادة عند البدو لحبهم في تنوع الطعام . ولتناول الطعام عادات وتقاليد خاصة لبدو سيناء يجب أتباعها ويلتزم بها الجميع، فالأكبر سناً يجلس أولًا على المائدة، ثم الأصغر سنًا ليكتمل العدد حول المائدة، حيث لا يقدم للصغار الطعام إلا بعد فراغ الكبار من الطعام، ولا يمد البدوي يده أمام غيره، ولا يأكل بواقي الطعام ويأكل بيده اليمنى فقط، ولا يأكل باليسرى لأي سبب من الأسباب، وأحيانًا توضع اليد اليسرى خلف ظهرهم أثناء تناول الطعام . ويقوم صاحب المنزل أو الديوان بتقطيع اللحم أمام الضيوف، وحثهم على الأكل فلا توضع كمية كبيرة من الطعام بالفم، ولا يقدم طعام "الكراش والرأس والأرجل من الذبائح"، كما لا يتناول البدوي الأسماك، ويكون" المنسف" أشهر طعامهم، و تملئ المائدة من اللحم والأرز والخبز، فلا ينثر البدوي يديه من بواقي الطعام العالق عقب الانتهاء من تناول الإفطار بل يلعق الطعام من على الأصابع، وينادي الضيف على أهل البيت لغسل الأيدي، ويقدم أيضًا بعد الطعام أطباق الحلويات الشرقية من القطايف والكنافة وعصائر الفاكهة على المائدة البدوية . ويتناول الأهالي الحديث عن اليوميات لحين صلاة التراويح، وما إن يؤذن لصلاة العشاء انفضوا من مجلسهم إلى المسجد لأداء الصلاة، ويجتمع البدو بعد صلاة العصر ويتناوبون قراءة القرآن واحدًا تلو الآخر حتى يحين أذان المغرب، وعند صلاة التراويح يقوم الأهالي بالذهاب إلى المسجد، وبعد الانتهاء من الصلاة تبدأ حفلات السمر مرددين الأشعار والأغاني البدوية ويقوم الرجال بالأداء الحركي المصاحب للغناء . الشيخ زويد ورفح.. الإفطار على طلقات الرصاص اختلف الأمر كثيرًا بين مدينة العريش ومدينتي رفح والشيخ زويد، معقل الجماعات التكفيرية بالمحافظة، حيث لم يشعر سكان تلك المدن بقدوم الشهر الكريم، سوى أنهم يتناولون الفطور على دوي طلقات الرصاص . استمرت الحرب الدائرة بمحافظة شمال سيناء بين الأمن والتكفيريين، واشتعلت منذ بداية شهر رمضان الكريم، حيث يعتبره التكفيريين "شهر الجهاد"، ومن جانبها تشن قوات الأمن ضربات استباقية لإحباط أية مخططات لتنظيم "ولاية سيناء" . وفي أول أيام رمضان، فجر مسلحون منزل أمين شرطة، وأصيب على أمين الشرطة و2 مدنيين، بالإضافة لانفجار عبوة ناسفة في سيارة شرطة، مما أسفر عن إصابة كل من "سعد الشحات سعد" 20 سنة، مجند، "محمد إبراهيم سعيد" 20 سنة مجند، بشظايا كتفرقة بالجسم جراء الانفجار، وقد تم نقلهما إلى المستشفى العسكري بالعريش لتلقي العلاج . أهالي الشيخ زويد يتنفسون أخذ أهالي الشيخ زويد نفسًا عميقًا وشعروا بارتياح شديد، عندما سمحت الأجهزة الأمنية بشمال سيناء، لهم لأول مرة منذ ما يقرب العام بالتسوق وفتح المحال التجارية بعد الساعة السابعة، كما سمحت لأداء صلاة التراويح والفجر في المساجد . وامتلأت المساجد بالمصلين في صلاة الفجر والتراويح منذ أول يوم من شهر رمضان المبارك، وسط ارتياح بين الأهالي، الذين استبشروا بهذه الخطوة التي تعد الخطوة الأولى لعودة الحياة إلى طبيعتها . ولكن حرموا من الاعتكاف.. حيث حددت مديرية أوقاف شمال سيناء أسماء المساجد المسموح بالاعتكاف بها في العشر الأواخر من رمضان. وقال الشيخ أمين عبد الواحد أمين، مدير أوقاف شمال سيناء: إن المساجد في مدينة العريش هي "أم القرى، الهادي، المعلمين، السلام، المصطفى، النور، الرحمن بالريسة، الرحمن بالفواخرية، الأزهر، أبو بكر الصديق، النور، أبو زغلة"، وفى مدينة بئر العبد "الفاروق عمر، الصحابة، خالد بن الوليد، الرحمن، الشوحط، الشباب، قاطية" .