بدء فرز الأصوات بانتخابات نادي قضاة مجلس الدولة (صور)    البنك الأوروبي لإعادة الإعمار يقدم 3 ملايين دولار لخط التمويل التجاري مع بنك القدس    زيادة جديدة في أسعار فرسكا بلوك بالأسواق    وزير الاتصالات يبحث مع سفير التشيك تعزيز التعاون بمجالات التحول الرقمي    ضمن الخطة الاستثمارية للأوقاف .. افتتاح مسجدين بقرى محافظة المنيا    استمرار تراجع العملة النيجيرية رغم تدخل البنك المركزي    رئيس الوزراء الإسباني سيعلن الأربعاء موعد اعتراف بلاده بدولة فلسطين    مقتل 4 سائحين وإصابة 4 آخرين في إطلاق نار بأفغانستان    إصابة 7 أشخاص في هجوم بمسيرة على مؤسسة تعليمية بروسيا    أوكرانيا تسعى جاهدة لوقف التوغل الروسي فى عمق جبهة خاركيف الجديدة    الأولمبية ترفع قيمة جائزة الميدالية الذهبية بالأولمبياد ل5 ملايين جنيه    تحرك حافلة الأهلي لخوض المران الختامي استعدادا لمواجهة الترجي (فيديو)    عاشق للبطاقات الحمراء.. نجم يوفنتوس في التسعينيات يقود الفريق فنيًا    بسبب خلافات سابقة، إنهاء حياة شاب في مشاجرة بالمنيا    «السكة الحديد» تعلن إيقاف بعض القطارات بصفة مؤقتة أيام الجمع والعطلات الرسمية    إصابة 4 أشخاص في حريق 7 منازل و4 أحواش ماشية بسوهاج    حريق هائل يلتهم محتويات شقة سكنية في إسنا ب الأقصر    إلهام شاهين تكشف كواليس أول ظهور لها في السينما مع الزعيم عادل إمام    شريهان في عيد ميلاد الزعيم: دمت لنا علم مصري مبدع وعظيم نفتخر به    الصورة الأولى من تجهيزات حفل زفاف شقيقة المخرج محمد سامي    بعد غلق دام عامين.. الحياة تعود من جديد لمتحف كفافيس في الإسكندرية (صور)    طيران الاحتلال يغتال القيادي بحماس في لبنان شرحبيل السيد «أبو عمرو» بقصف مركبة    فيديو.. المفتي: حب الوطن متأصل عن النبي وأمر ثابت في النفس بالفطرة    هل تستطيع مريضة الذبذبة الأذينية الزواج؟ حسام موافي يجيب    حسام موافي يوضح أعراض الإصابة بانسداد الشريان التاجي    4 وحدات للمحطة متوقع تنفيذها في 12 عاما.. انتهاء تركيب المستوى الأول لوعاء الاحتواء الداخلي لمفاعل الوحدة الأولى لمحطة الضبعة النووية    سوليفان يزور السعودية وإسرائيل بعد تعثر مفاوضات الهدنة في غزة    بريطانيا تتهم روسيا بتزويد كوريا الشمالية بالنفط مقابل السلاح    عمر الشناوي حفيد النجم الكبير كمال الشناوي في «واحد من الناس».. الأحد المقبل    عمرو يوسف يحتفل بتحقيق «شقو» 70 مليون جنيه    تاتيانا بوكان: سعيدة بالتجديد.. وسنقاتل في الموسم المقبل للتتويج بكل البطولات    علماء الأزهر والأوقاف: أعلى الإسلام من شأن النفع العام    توخيل يؤكد تمسكه بالرحيل عن بايرن ميونخ    "بموافقة السعودية والإمارات".. فيفا قد يتخذ قرارا بتعليق عضوية إسرائيل    أحمد السقا: أنا هموت قدام الكاميرا.. وابني هيدخل القوات الجوية بسبب «السرب»    دعاء آخر ساعة من يوم الجمعة للرزق.. «اللهم ارزقنا حلالا طيبا»    الوضع الكارثى بكليات الحقوق    محافظ أسيوط ومساعد وزير الصحة يتفقدان موقع إنشاء مستشفى القوصية المركزي    رئيس جهاز دمياط الجديدة يستقبل لجنة تقييم مسابقة أفضل مدينة بالهيئة للعام الحالي    «تقدر في 10 أيام».. موعد مراجعات الثانوية العامة في مطروح    وزارة العمل تعلن عن 2772 فُرصة عمل جديدة فى 45 شركة خاصة فى 9 مُحافظات    مساندة الخطيب تمنح الثقة    إعلام فلسطيني: شهيدان ومصاب في قصف إسرائيلي استهدف مواطنين بحي الزهور    موعد عيد الأضحى المبارك 2024.. بدأ العد التنازلي ل وقفة عرفات    «جمارك القاهرة» تحبط محاولة تهريب 4 آلاف قرص مخدر    بالصور- التحفظ على 337 أسطوانة بوتاجاز لاستخدامها في غير أغراضها    المقاومة الإسلامية في العراق تقصف هدفا إسرائيليا في إيلات بالطيران المسيّر    «المرض» يكتب النهاية في حياة المراسل أحمد نوير.. حزن رياضي وإعلامي    قافلة دعوية مشتركة بين الأوقاف والإفتاء والأزهر الشريف بمساجد شمال سيناء    في اليوم العالمي ل«القاتل الصامت».. من هم الأشخاص الأكثر عُرضة للإصابة به ونصائح للتعامل معه؟    كيف يمكنك حفظ اللحوم بشكل صحي مع اقتراب عيد الأضحى 2024؟    أوقاف دمياط تنظم 41 ندوة علمية فقهية لشرح مناسك الحج    الاتحاد العالمي للمواطن المصري: نحن على مسافة واحدة من الكيانات المصرية بالخارج    سعر جرام الذهب في مصر صباح الجمعة 17 مايو 2024    «الإفتاء» تنصح بقراءة 4 سور في يوم الجمعة.. رددها 7 مرات لتحفظك    أحمد سليمان: "أشعر أن مصر كلها زملكاوية.. وهذا موقف التذاكر"    بعد حادثة سيدة "التجمع".. تعرف على عقوبات محاولة الخطف والاغتصاب والتهديد بالقتل    «الأرصاد»: ارتفاع درجات الحرارة اليوم.. والعظمى في القاهرة 35 مئوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في وداع شاعر إفريقيا والعروبة.. «الفيتوري» غنى للإنسانية وانتصر لها
نشر في البديل يوم 28 - 04 - 2015

محمد الفيتوري، شاعر إفريقيا والعروبة، درس أعماله الشعرية طلبة كليات الآداب قسم اللغة العربية في مصر، في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، ونسمع معًا عددًا من الأغنيات التي قدمها بصوت كبار المطربين في السودان، بلا مبالغة هو أحد أهم أعمدة الحركة الأدبية العربية المعاصرة، وظلت القارة السمراء مسرحًا أساسيًا في نصوص الفيتوري الشعرية، التي شكلت محنة الإنسان الإفريقي وصراعه ضد الرق و الاستعمار ونضاله التحرري.
مؤخرًا تأكد خبر رحيل الفيتوري عن عالمنا، بعد أن توالت في السنوات الأخيرة الماضية أخبار وفاته كذبًا، وفي اللحظات الأولى التي خرج فيها نبأ موته ظل أمر تصديقه من المستحيلات، حتى أكد الخبر الكاتب السوداني المقيم بالمغرب طارق جبريل، إذ أشاع الخبر فور تلقيه اتصال من زوجة الفيتوري.
اختار الفيتوري أن يبقى في المغرب، بعيدًا عن موطنه السودان، وعقب وفاته عبر عدد كبير من الأدباء بمختلف جنسياتهم عن مشاعر حزنهم على الفقيد، وكتب الشاعر المصري زين العابدين فؤاد، على "فيس بوك"، أغنية قديمة للشاعر محمد الفيتوري "أصبح الصبح فلا السجن ولا السجان باق/ وإذا الفجر جناحان يرفان عليك/ وإذا الحسن الذي كحل هاتيك المآقي/ التقى جيل البطولات بجيل التضحيات/ التقى كل شهيد قهر الظلم ومات/ بشهيد لم يزل يبذر في الأرض بذور الذكريات/ أبدا ما هنت يا سوداننا يوما علينا/ بالذي اصبح شمساً في يدينا/ وغناء عاطرا تعدو به الريح، فتختال الهوينى". وفي قصيدة أخرى يقول الراحل: "كل الطغاة دُمىً/ ربما حسب الصنم، الدمية المستبدة/ وهو يعلق أوسمة الموت/ فوق صدور الرجال/ أنه بطلاً ما يزال".
كما عبر الشاعر المصري محمد أبو المجد، عن بالغ حزنه، قائلًا: لي لقاء مع الشاعر الراحل مُحمّد الفيتوري، رحمة الله عليه، زادني هذا اللقاء منعةً من غطرسة الشعراء وأكاذيب تعاليهم، لم استشعر غُربة في دخولي عليه إلى مكتبه بسفارة ليبيا في القاهرة، إذ أذابت حميميةُ استقباله كثيرًا من "دهشة القادم"، رُحتُ أسافر به، ويغامر بي، في موجات من التاريخ والشعر والحداثة والسياسة والمشهد المصري والمستقبل.
واستطرد قائلًا: وكانت كلماته حول "ثقته في قُدراتي الشعرية" وصداقتي التي عرّفتْه عليّ "شاعرًا موهوبًا" مفتاحًا مُهمًّا لبساطةٍ أرعاها، وسقانيها تواضعُه، كان لقاؤه أشبه بلقائي الأول مع نجيب محفوظ، كلاهما عظيم أفتقده، ولمُحمّد الفيتوري حزنٌ خاص قدر محبّته العميقة لي.
اعتبر "أبو المجد" غياب الشاعر السوداني الرائد محمد الفيتوري، فداحة كبرى في خسائر الشعر العربي، بدواوينه التي انتصرت للإنسان في مواجهة العنصرية، ومؤازرة كفاح الزنجي الإفريقي من أجل المساواة والحرية "وبأعماله المسرحية التي سجلت أمجاد العرب، شاعر فذ.. بخسه النقد كثيرا من حقه، والتاريخ منصف واع".
أما الروائي السوداني أمير تاج السر، فجاء نعيه لمواطنه مقتضبًا على شبكة التواصل الاجتماعي، ومعبرًا عن فقدان العديد من الرموز الأدبية، في الفترة الأخيرة، بعد أن غيب الموت الخال عبد الرحمن الأبنودي، إذ قال: تساقط عدد من قمم الكتابة تباعًا، رحم الله محمد الفيتوري.
كذلك بكت الشاعرة المغربية ثريا أحناش، صاحب ديوان «عاشق من إفريقيا»، إذ قالت: فارس آخر من فرسان الشعر العربي يرحل عن هذه الدار الزائلة، الشاعر السوداني المقيم في المغرب محمد الفيتوري، يرحل عنا ويترك القصيدة يتيمة دون فارس، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.
‎السيد العيسوي عبد العزيز،‎مسئول النشاط الثقافي بمتحف أحمد شوقي، قال: رحم الله الشاعر الكبير الذي أدخل مفرداتي إلى قمقم الجنون، وأخرجها إلى نار الحقيقة، وجعلني أعجن ذاتي بمفردات الوجود وعلمني الكثير من أسرار القصيدة في محراب الكهف الإفريقي وعراء الذات الجمعية، بين أدغال الكلمة، وهو يرش سحر القصيدة على الوجود.
وقال الشاعر المغربي إدريس علوش: إفريقيا، كل إفريقيا تودع شاعرها الكبير، الذي انتصر في نصوصه لتحرير إفريقيا من كل الأغلال، وانتصر دومًا لقيم العدل والجمال والحرية، المجد لك والسكينة لروحك، في حين قال الدكتور حمدي الجابري، المعهد العالي للفنون المسرحية: رحل الفيتوري أهم من تغنى بإفريقيا ولها، فكتب "أغاني إفريقيا"و"عاشق من إفريقيا" ومسرحية "أحزان إفريقيا"، وإفريقيا لن تنساه، وستطلب له الرحمة والمغفرة فهو الذي كتب لها أيضًا "اذكريني يا إفريقيا".
سبق الإشارة للكاتب السوداني طارق جبريل، المقيم في المغرب، في السطور الأولى، نعود له، ليحكي لنا قليلًا مما مر به يوم رحيل الفيتوري:
حكاية يوم طويل حزين، الساعة 4 تقريبًا مساء الجمعة الماضية، وقبل الانتهاء من عملي، تلقيت مكالمة من زوجة الراحل، قلبي انقبض قبل أن أرد، لأنه قبلها بيومين كانت حالته الصحية تدهورت، إذ أصبح تقريبًا لا ينام، محتاجًا لعناية مركزة..
- آلو مدام إن شاء الله بخير أنت والأستاذ؟
- خوي طارق أجاركم الله أبوكم و«صاحبكم» الفيتوري في «يد» الله
- لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.. كيف ومتى؟!
- الحمد لله يا طارق على أمر الله، أنا هسي معاه جوة الغرفة، وكلموني الدكاترة هسي
- لا حولة ولا قوة إلا بالله الدوام لله
بعدها مباشرةً اتصل أخي:
- آلو
- يا طارق الدوام لله الفيتوري ذهب إلى ربه الآن
- لا حول ولا قوة إلا بالله.. كلمتني زوجته هسي
- أيوة أنا برضو ضربت لي هسي، أنا وصلت المستشفى حاول تحصلني سريع عشان نعمل الإجراءات ونشوف موضوع الدفن
- حاضر أنا طالع هسي
ركبت القطار من الدار البيضاء للرباط، المسافة ساعة تقريبًا، خلالها تذكرت كيف تعرفنا على بعض، حين أهدى دواوينه لي، وبعدها بأسبوع قابلته في نفس المكان «مقهى باليما»، قال وقتها: اشتهي الأكل السوداني، رديت: أبشر ياخ الحاجة معاي وبكرة السبت تجي تتغدى معاي لأنه أخوي ذاته بيجي مع أولاده يتغدوا معاي من طبيخ الحاجة، تذكرت ونسه مع الحاجة وضحكهم، والكسرة والشطة، تذكرت عندما كنت أمشي إليه في البيت، ويصر: لا تعال أقعد جمبي هنا، ويطلب الشاي أقول له "ياخ أنت الدكتور موش منعك من السكر والخبيز"، يضحك ويقول لي "ياخي حاجة بسيطة، وزوجته «رجات» تشاكله، لأنه "بوظ الرجيم الليلة وعاملني أنا وخوي سبب".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.