أبدت نقابة الأطباء اعتراضها وعدد من منظمات المجتمع المدني، الداعمة لحقوق المريض المصري على حالة اللغط التي تزايدت في الفترة الأخيرة، حول مصير زيادة الضرائب المفروضة على بعض السلع التجارية ومنها "السجائر" وفقًا لقرار رئيس الجمهورية بإصدار قانون رقم 12 لسنة 2015 والمتعلق بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات رقم 11 لسنة 1991، الذي يقضى بزيادة قيمة الضريبة المفروضة على السجائر؛ نتيجة لحالة التخبط التي اتسمت بها قرارت الحكومة المصرية، عن طريق البيانات الصادرة عن وزارة المالية، التي أقرت في البيان الأول أن حصيلة القرار بالقانون الذي أصدره الرئيس عبد الفتاح السيسي بتعديل قيمة الضرائب القطعية المفروضة على السجائر ستتراوح بين 5 و5.5 مليار جنيه سنويًّا، وسيتم توجيه الجزء الأكبر والذي يتراوح بين 1.6 إلى 1.7 مليار جنيه من هذه الحصيلة؛ لتحسين خدمات الرعاية الصحية بجميع أنحاء الجمهورية، ومنها قطاع التأمين الصحي في إطار سياسة الحكومة بربط أي إجراء إصلاحي يطبق ببرامج الُبعد الاجتماعي عبر قرار أصدره وزير المالية "هاني قدري"، حمل رقم 120 لسنة 2015 ثم أصدر قرارًا وزاريًّا آخر بإلغاء القرار القديم. وزير المالية: قرار زيادة الضرائب يتفق مع منظمة الصحة العالمية أصدر هاني قدري، وزير المالية، قرارًا آخر برقم 125 لسنة 2015 ينص على إلغاء القرار رقم 120 وأشار بيان الوزارة إلى أن الوزير حرص على انتظام التدفقات المالية لبرامج الرعاية الصحية المختلفة للمصريين المستفيدين من هذه البرامج؛ خاصة التأمين الصحي، عن طريق هذا القرار الذي ينص على إلغاء قراره السابق، مما يسمح بتغيير آلية حصول برامج الرعاية الصحية المختلفة على المخصصات المالية، بحيث لا ترتبط بحصيلة ضرائب السجائر وإنما تحصل هذه البرامج علي مخصصاتها مباشرة من الموازنة العامة للدولة وطبقًا للتوقيتات المحددة. وأكد البيان أن هذا التعديل في طريقة صرف المخصصات المالية يستهدف ضمان ديمومة الإنفاق على برامج الرعاية الصحية، وعدم تأثرها بأي تذبذب أو انخفاض في حصيلة الضرائب على السجائر، إلى جانب أنه يتماشى مع مبدأ عمومية الإيرادات العامة، وعدم تخصيص الإنفاق بحيث تجمع الموارد كافة معًا دون توجيه إيراد محدد لتمويل برنامج إنفاق عام بعينه، وهذا هو الأصل في إعداد الموازنات العامة. وجاءت هذه الخطوة بإلغاء القرار الأول بعد تصريحات الوزير بأن القرار يتفق أيضًا مع التزامات مصر بالاتفاقية الإطارية مع منظمة الصحة العالمية، التي تنص على أن تُتخذ الحكومات السياسات السعرية والضريبية للحد من أضرار التدخين، دعمًا للموازنة العامة للدولة لتوفير متطلبات الإنفاق على التأمين الصحي والرعاية الصحية للمواطنين. جاء ذلك بعد أن أيد عدد من مراكز ومنظمات المجتمع المدني، الداعمة لحماية حقوق المرضى المصريين هذه الخطوة التي اتخذها الرئيس بقرار قانون زيادة أسعار السجائر، وتوجيه مليار وسبع مائة جنيه من هذا العائد للتأمين الصحي؛ لتحسين الخدمة الصحية وهي خطوه تأخرت سنوات. "المصري للحق في الدواء": نثمن قرار الرئيس لتحسين الخدمة من جانبه قال محمود فؤاد، المدير التنفيذي للمركز المصري لحماية الحق في الدواء: هناك حالة استياء نتيجة لإلغاء القرار الخاصة بتوجيه مقدرات الضرائب المفروضة، بلغت قيمتها مليارًا و600 مليون جنيه، مشيرًا إلى أن الخدمات الصحية في التأمين الصحي كانت تنتظر معجزة لإنعاشها وإعادتها للحياة بهذا القرار توقف ذلك، وهناك آلاف من المرضى ينتظرون فرصة من سنوات للحصول على علاجهم خاصة الدواء. وأضاف أن عشرات الآلاف من مرضى الأورام والتصلب المتعدد والهيموفليا والغسيل الكلوي والالتهابات الكبدية، والمنتظرين جراحات القلب المفتوح والقسطرة والدعامات وتغيير المفاصل، أمامهم طابور طويل للوصول؛ لأن الموارد المالية المقررة ضئيلة وهذا القرار يعيد الأمل إليهم مره أخرى وينهي معاناتهم وآلامهم، ويتيح أيضًا القرار تنفيذ برامج جودة الخدمات ومكافحة العدوى وتطوير المنظومة داخل التأمين، كما يساهم في توفير برامج علاج لفئات محرومة من هذه الميزة؛ مثل الباعة الجائلين والمرأة المعيلة وعمال اليومية. "الأطباء": حقوق المرضى ليست ستارًا لفرض الضرائب من جانبها أثنت الدكتورة منى مينا، الأمين العام لنقابة الأطباء، على القرار الخاص بفرض ضرائب جديدة على السجائر، وتحدث المسؤولون عن الاستحقاقات الدستورية للصحة، وعن ضرورة رفع الإنفاق على الصحة والتأمين الصحي، وكان الكلام عن تخصيص نصف حصيلة الزيادة والتي تقترب من (1.9مليار جنيه) لدعم التأمين الصحي، لكن للأسف بعد أقل من 48 ساعة من القرار الصادر بهذا الخصوص تم إلغاؤه، وسمعنا كلامًا آخر خاص بأن "حصيلة الضرائب ستدخل لميزانية الدولة"، وسيتم بحث ما يمكن تخصيصه للتأمين الصحي وهنا يجب أن أشير لبعض نقاط المهمة بأن العديد من الدول الأوروبية التي تتمتع بنظم تأمين صحي قوي، يتم تخصيص ضرائب تذهب من المنبع لقطاع الصحة ليس بدعة، إذا عانى التأمين الصحي من عجز مالي، وتكون هذه الضرائب دائمًا على الصناعات الضارة بالصحة والملوثة للبيئة؛ مثل السجائر الخمور والأسمنت والسيراميك، وتعتبر هذه الضرائب من المصادر الأساسية لتمويل التأمين الصحي. بالإضافة إلى أن هذه ليست أول مرة يتم فيها الاستيلاء من قبل الدولة على النسبة الأغلب من الضريبة، التي تم فرضها أساسًا لصالح التأمين الصحي و يحرم التأمين من الاستفادة منها فقد حدث هذا في التسعينيات، عندما تم فرض 10 قروش على كل علبة سجائر لصالح التأمين الصحي على أطفال المدارس، مع بداية نظام التأمين على أطفال المدارس، وبالفعل بدأ نظام التأمين الصحي على أطفال المدارس بداية قوية، لكن بعد سنة واحدة قرر وزير المالية الأسبق د. يوسف بطرس غالي ضم هذه الحصيلة لميزانية الدولة وتقليص مخصصات التأمين على أطفال المدارس إلى 10% من قيمة الضريبة المحصلة أصلا لصالح التأمين الصحي. وطالبت "مينا" المسؤولين بضرورة الالتزام بتخصيص القيمة التي تم الإعلان عنها من حصيلة الضرائب على السجائر (1.9 مليار جنيه) للتأمين الصحي؛ لأنه بالفعل يعاني بشدة من ضعف التمويل، بينما تنص المادة 18 من الدستور على ضرورة الرفع التدريجي لنصيب الصحة من التمويل وحق المواطن في التمتع بتأمين صحي شامل، والمفترض أن استحقاقات الصحة وضعت في الدستور حتى يتم الالتزام بها فعلًا لصالح المواطن المصري وليس لتصبح حبرًا على ورق، ليس لها أدنى علاقة بالمعاناة المريرة المستمرة للمرضى بالمستشفيات الحكومية. ولفتت إلى أنه لا يصح أن يكون دور استحقاقات الصحة في الدستور، فرض مزيدا من الضرائب أو الرسوم باسم الصحة، ثم يتم الاستيلاء على هذه الرسوم دون أن يكون هناك توجه حقيقي لدعم الصحة أو زيادة الإنفاق الحكومي عليها ليستمر الواقع البائس البشع للمستشفيات و الصحة في مصر. "الصحة": ليست لدينا معلومات عن الميزانية الجديدة للتأمين الصحي على صعيد آخر نفى الدكتور حسام عبد الغفار، المتحدث الإعلامي باسم وزارة الصحة، أن يكون ورد للوزارة أي معلومات حول هذه الميزانية التي تم تخصيصها للتأمين الصحي أو لميزانية وزارة الصحة؛ لتحسين الخدمة الطبية للمريض المصري، مضيفًا أن كل المعلومات الكافية عن النسبة الزائدة في الضرائب تكمن عند وزارة المالية؛ لاختصاصها بالأمر، إضافة إلى انتظار الانتهاء لصياغة القانون.