على الرغم من قرار الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" بخفض عدد الجنود الأمريكيين المتواجدين في أفغانستان من 38500 في يناير الماضي إلى 10600 جندي في الوقت الحالي، وانتهاء الجيش الأمريكي من الحرب على العراق، وإقرار المسئولين والمراقبين والخبراء العسكريين بعدم فاعلية ضربات التحالف الدولي لمكافحة "داعش" في العراقوسوريا وعجزها عن تحقيق أي تقدم ملموس، إلا أن مطلب الرئيس " باراك أوباما" بزيادة ميزانية الجيش الأمريكي جاءت لتؤكد على الاستغلال المشبوه لهذه الميزانية. يعتزم الرئيس الأمريكي "باراك اوباما" أن يطلب زيادة في نفقات الجيش في مشروع ميزانية العام 2016 مع طلب ب585 مليار دولار إضافية على التمويل الذي يوافق عليه الكونجرس من أجل ما يسميه "عمليات الطوارئ في الخارج"، ولا سيما الحرب في أفغانستان ومنطقة الشرق الأوسط، ويتضمن مشروع الميزانية زيادة في النفقات على الأسلحة والأبحاث والصيانة، وستسعى حكومة "أوباما" التي كشفت عن ملامح مشروعها الأثنين، إلى الحصول على أساس لميزانية الحرب للسنة المالية 2016 بقيمة 634 مليار دولار مع تخصيص 50.9 مليارات للحروب في أفغانستان وضد تنظيم "داعش" في العراقوسوريا، بحسب مسئول في وزارة الحرب الأمريكية. يتضمن الطلب تخصيص 107.7 مليارات دورات لبرامج الأسلحة وزيادة ب14.1 مليار دولار عن العام الماضي، وتأمين 69.8 مليارات للأبحاث والتطوير بزيادة 6.3 مليارات عن الميزانية السابقة، وسيشكل هذا الطلب تمويلا يتيح شراء 57 مقاتلة "اف-35″ القادرة على الإفلات من الرادار، كما يخصص مشروع الميزانية 209.8 مليارات للعمليات والصيانة والذي كان تعرض لتخفيض كبير في الاقتطاعات التلقائية قبل عامين. موافقة الكونجرس على تعزيز النفقات العسكرية الأمريكية تتطلب أولاً أن يتم التوصل إلى اتفاق لمنع أي اقتطاعات تلقائية إلزامية يمكن أن تحدد سقف 500 مليار دولار لنفقات الوزارة، ويتجاوز مشروع الميزانية الحدود الإلزامية ب35 مليار دولار، ويشكل زيادة ب38 مليارا عن النفقات العسكرية في السنة المالية الحالية، وأي إنفاق عسكري يتجاوز الجديد المنصوص عليه بموجب قانون مراقبة الموازنة يؤدي إلى اقتطاعات تلقائية لا تأخذ الأولويات الإستراتيجية في الاعتبار. من ناحية أخرى أكد محللون في شئون الدفاع أن وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" تستغل ميزانية الحرب المزعومة ضد تنظيم "داعش" الإرهابي من أجل تخفيف الأعباء المتراكمة عليها نتيجة لتقليص الميزانية، حيث كان مجلس الشيوخ الأمريكي وافق في ديسمبر الماضي على تخصيص أموال لشن عمليات ضد تنظيم "داعش" وتدريب مسلحي ما يسمى ب "المعارضة المعتدلة" في سوريا كجزء من ميزانية أوسع للدفاع بقيمة 585 مليار دولار. وقال بعض المحللين إن "مطلب تمويل الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي ما زال مرتفع القيمة، لأن الكونجرس ووزارة الدفاع الأمريكية يستخدمان هذا الحساب لتخفيف تأثير التقليص في الميزانية الذي بدأ عام 2011 الذي يهدف إلى خفض الإنفاق المتوقع على الدفاع بنحو تريليون دولار على مدى عشر سنوات"، وأوضحوا أن ميزانية الدفاع الأمريكية لعام 2016 التي صدرت الأثنين المقبل ستواصل نهجها الحالي بتحويل التمويل من ميزانية البنتاجون الأساسية إلى مطالبها الإضافية بتمويل الحرب، الأمر الذي أثار انتقادات من استخدام التمويل لسد أي عجز في الإنفاق. يأتي مطلب "أوباما" في الوقت الذي تم فيه خفض عدد الجنود الأمريكيين المتواجدين في أفغانستان، وإقرار المراقبين والخبراء العسكريين بفشل الضربات الجوية التي تقودها الولاياتالمتحدة في إطار ما يسمى "التحالف الدولي ضد تنظيم داعش"، حيث لم تتمكن الضربات الجوية ضد المسلحين في سوريا بعد عدة أشهر من القضاء على "داعش"، ومع ذلك تصر الإدارة الأمريكية على استمرار الحملة الجوية في الوقت الذي تقدم فيه كافة أشكال الدعم والتمويل والتدريب للإرهابيين الذين تسميهم "معارضة معتدلة".. ومن هنا يبرز التساؤل الحقيقي هل هذه الزيادة التي تسعى إليها إدارة "أوباما" لأجل مكافحة الإرهاب أم تمويله؟.