جاء فوز اليسار بالانتخابات التشريعية اليونانية كالصدمة على الاتحاد الأوروبي، وحدث ما يخشاه المستثمرون والقادة الأوروبيون بعدما فاز حزب سيريزا المعارض الذي تعهد بوقف سياسات التقشف في اليونان بما يمكن أن يؤدي إلى خروج البلاد من منطقة اليورو التي تجمع 19 بلدًا أوروبيا حتى الآن. أظهرت الإحصائيات الرسمية الأولية لنتائج الانتخابات التشريعية في اليونان أن حزب سيريزا اليساري تقدم بفارق كبير، لكنه لن يحصل على ما يكفي من المقاعد لتشكيل حكومة بمفرده، في حين اتصل رئيس الوزراء اليوناني أنتونيوس ساماراس بالزعيم اليساري ألكسيس تسيبراس لتهنئته بالفوز. وقال تسيبراس خلال إعلانه فوز حزبه إن "الشعب اليوناني كتب التاريخ" وإنه "يترك التقشف وراءه"، في إشارة إلى سياسة التقشف التي تنهجها الحكومة الحالية بتنسيق مع دول الاتحاد الأوروبي. ربما يعاقب الناخبون حكومة المحافظ أنتونيس ساماراس لمحاولتها تلبية مطالب ترويكا الدائنين لأثينا (الاتحاد الأوروبي، البنك الأوروبي المركزي وصندوق النقد الدولي) إلى الحد الأقصى، في مقابل حصول اليونان على قرض بقيمة 240 بليون يورو منذ العام 2010، وفي الواقع يعاني الشعب اليوناني في شكل كبير من معدل بطالة بلغ 25 في المئة، ومن خفوضات في الرواتب بنسبة النصف منذ اندلاع الأزمة. ولدى تسيبراس أيضاً النية في تطبيق تدابير فورية، مثل رفع الحد الأدنى للأجور من 580 إلى 751 يورو، محذّراً من «عدم الاكتفاء بالتصدي» للدَين الذي تجاوز 300 بليون يورو ليمثل 175 في المئة من الناتج الداخلي، «من خلال خفض نسبة الفائدة او تمديد فترة التسديد»، بل يريد «خفضاً كبيراً وفعلياً لمجمل هذا الدَين»، وأشار كمثال إلى التنازلات التي قدمت بعد الحرب لألمانيا، التي تدعو اليوم إلى انتهاج سياسة مالية متشددة في أوروبا. وهذا الموقف يثير قلق شركاء اليونان داخل الاتحاد الأوروبي والأسواق المالية حتى لو لم يرغب أحد، حتى تسيبراس، في خروج اليونان من منطقة اليورو، مع ما يحمل ذلك من تبعات لا تعرف طبيعتها، وصوّت تسيبراس في أثينا وسط حشد كبير لوسائل الإعلام من العالم، ما اضطره إلى الوقوف على كرسي للحديث اليها، مؤكداً «اليوم نقرر ما اذا كانت الترويكا ستعود غداً الى اليونان أو أنها (اليونان) ستخوض مفاوضات صعبة لاستعادة الكرامة والتلاحم الاجتماعي».